|
غزة والتحرير..!؟
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1949 - 2007 / 6 / 17 - 12:54
المحور:
القضية الفلسطينية
الدولة الحديثة؛ الرايات الخضراء ، ترفع فوق بنايات السلطة؛ شبان " حماس" يتصافحون و يتعانقون ، وثمة تحت اقدامهم جثث أخرى لفلسطينيين آخرين...
مذيع التلفزيون من غزة يعلن بفرح غامر: لقد أنجزنا التحرير، وها هي "غزة" العصماء، تحرر ثانية بأيادينا.. "لا مستوطنون ولا عملاء"... ووسط التهليل والتكبير يسقط من يسقط...
في مؤتمر صحفي يطل السيد هنية رئيس الوزراء ، ليعلن تمسكه بكل التزامات الحكومة .. ويرجو الأخوة من أبناء المقاومة الإسلامية "حماس" أن يعلنوا "العفو" عن أسراهم من فتح وووويدعو الى الحوار... ثم يقوم بجولة في شوارع غزة "المحررة"، تحف به مجموعات المسلحين من حماس، مهللين مباركين...
جميع مؤسسات السلطة في غزة ، "سقطت" وهي تحت سيطرة قوات حماس الآن ، ومن جانبها الرئاسة الفلسطينية ومنظمة التحرير ، تعلن إقالة الحكومة برئاسة السيد هنية، وإعلان حالة الطواري، وتشكيل حكومة إنقاذ للطواريء...
كنت لأيام خلت وفي مقالة قصيرة،* متوجساّ خيفة من أن تنتهي الأمور الى ما أنتهت اليه اليوم، وفي هذه الصورة التراجيدية، التي إن عبرت عن شيء ، فإنما تعبر عن عمق الهوة بين المسارات المتعددة والمفاهيم المتعارضة والنوايا المتقاطعة، التي تقود مجمل العملية السياسية في فلسطين المحتلة..!
فالحسم العسكري الذي أقدمت عليه المقاومة الإسلامية حماس في قاطع غزة ، والذي كان ثمنه سقوط ما يزيد على مائة شهيد من الفلسطينيين مع مئات الجرحى والمصابين، لا يشكل في رأي كل من يحرص على قضية الشعب الفلسطيني، ويهمه نجاحها، غير نكبة جديدة ، وهذا ما أشرت اليه فيما سبق، وعشرات الخطى الى الوراء، وقد أهدى فرصاّ مجانية الى غلاة المتعصبين والمتطرفين من القادة الإسرائيليين، في تحقيق ما ظلوا يطمحون اليه طيلة مسيرة الشعب الفلسطيني المكافح، في تمزيق وحدته ، وتجزئة أراضيه، وإحتراب أبناءه؛ والأنكى من كل ذلك، تلك الإحتفالية بما سمي "بالنصر وتحرير غزة " ..!؟ وها هو الشعب الفلسطيني اليوم ، يجد نفسه الآن في ظل حكومتين ، محاصر في كانتوين، تحكمه سياستان وتوجهان، وتقرر مصيره إرادتان..!!؟
وإلا، فماذا كان يعني القسم بالإلتزام بميثاق مكة المقدسة، والتمسك بحرمة الدم الفلسطيني "الخط الأحمر" ، والتعهد بالحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية..؟! هل كان الأمر مجرد ذر الرماد في العيون، وكسب الوقت، وتأجيل ساعة الحسم، أم هي لعبة محاصصة بين متناحرين، بدأت لتنتهي تحت ركام من فساد السياسة، ودوافع التشبث بالسلطة...؟!
إن أي فئة وطنية مهما كانت عقيدتها الإيمانية، وقاعدتها الشرعية السياسية، ومهما كانت تطلعاتها وأهدافها الغائية، لا يمكنها في ظل ظروف بلد يرزح تحت ظل الإحتلال، ويعيش أبناءه في عالم من القهر والحرمان، والحصار الإقتصادي، أن تمنح نفسها الحق في فرض أولوياتها السياسية، وقناعاتها الفكرية، على جميع مكونات شعب هذا البلد ، وتسمح لنفسها أن تقوده بالإتجاه الذي تريد، إذا لم تتوفر أمامها مقومات الإجماع والتراضي من قبل جميع تلك المكونات. بل إن ظرفاّ مثل هذا، يحتم عليها العمل بإتجاه توحيد الصف، وقطع الطريق على مناورات غلاة الإحتلال، وفضح أجندات المتدخلين، وإعاقة ما يصبون اليه من أهداف..!!؟ فهل يا ترى حققت حرب الأخوة الأعداء للأيام السبعة، ما كان يصبو اليه الشعب الفلسطيني، من أهداف وطموحات، أم أن الكل منفردين وراء أجنداتهم الخاصة وأهدافهم غير المعلنة..؟؟!
وهل أن مجرد إكتساب الشرعية الإنتخابية، يعطي الضوء الأخضر،لأي فئة مهما كانت، أن تنفذ أجندتها الخاصة، بعيداّ عن إرادة الشعب، وعلى حساب تلك الأهداف والطموحات..؟؟!
وهل أن الحسم العسكري الذي قادته وحققته حماس، كان بتفويض من قبل أرادة الناخبين، أو تم الإستفتاء عليه من قبل الجماهير..؟؟! أم أن في الجعبة ما يخفى على المراقب، من الهواجس والتوقعات..؟! ولكن أهل البيت أولى بالحدس والتصويب..!!؟
لست بصدد البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة، بقدر ما أريد القول: بأن ظاهر الأمور ، فيه من الكفاية ما ينبأ عن بواطنها، وفي سير الأحداث في المنطقة، وتشابك خيوطها، ما يغني عن فك طلاسمها، وقادم الأيام ما يفضح دوافعها، ويعري من يقف وراءها..!؟
ولكن شيئاّ واحداّ في كل هذه المعمة المدروسة، والملحمة المحبوكة، هو ذلك الخاسر الوحيد من تداعياتها، والوحيد من يقرأ بداياتها ومنتهاها، ويفضح مراميها؛ الوحيد الذي إكتوى بنارها، وذاق طعم مرارتها، وعاش المأساة بكل معانيها..!؟
إنه الشعب الفلسطيني الأبي، المجروح في كبرياءه، المطعون في ظهره، المسلوبة إرادته، المراق دم أبناءه، في غمرة الصراع، وأختلاط المقاصد والنوايا، وتربص الإحتلال والطامعين من وراء الحدود..!!؟؟ هو وحده القادر على فك طلاسم الأحداث، وكشف المستور، وتوحيد الصف، والتمسك بالثوابت الوطنية..!
_____________________________________________ * http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=99615
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق : مقومات مسلسل الجريمة..!!
-
فلسطين: هل سيتوقف نزيف الدم..؟؟!
-
تركيا : اللعبة القديمة...!؟
-
المحكمة الدولية الخاصة للبنان: لماذا..؟
-
اللقاء الأمريكي- الإيراني : الصحوة العربية..!!
-
الجريمة النكراء..!!
-
آفاق مستقبل الحكومة العراقية..!؟2-2
-
الشيوعيون العراقيون..تحية إكبار وإعتزاز..!
-
العراق :المسؤولية الحكومية وحقوق المواطن...!؟
-
على عتبة اللقاء الأمريكي - الإيراني...!!(*)
-
من الذي يرتهن العراق...؟؟ (2-2)
-
القتل غسلا للعار...!!؟
-
على ابواب شرم الشيخ..!
-
إشكالية خطاب المقاومة: ملاحظات أولية...!؟
-
النفط مصدر ثراء أم لعنة للعراق..؟
-
المثلث الساخن والصراع الخفي...!!
-
ألأعلام ألألكتروني: حرية النشر..؟
-
من يزرع الريح يحصد العاصفة..!!
-
مطلب الإنسحاب من العراق وآفاق تطبيق خطة بيكر..!
-
المثقف المبدع في الزمان والمكان..!
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|