|
ترفضون الحكم الذاتي والمنطقة الآمنة ، طيب أعطونا البديل ؟
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1948 - 2007 / 6 / 16 - 12:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ان اشتدت وطأة العنف والأرهاب في العراق ، امتدت بعض اذرعها الى الحلقات الضعيفة في المجتمع العراقي وهي الأقليات الدينية العراقية وفي مقدمتهم المسيحيون من كلدانيين وسريان وآشوريين وأرمن ، وبدأ مسلسل العنف باستهداف المسيحيين بقطع أرزاقهم باللجوء الى التهديد وتفجير محلاتهم لبيع المشروبات الكحولية المجازة من قبل الحكومة العراقية ، والميسورين منهم ارتكبت بحقهم عمليات لصوصية باختطاف رب العائلة او احد اعضائها للمساومة عليه باستلاب العائلة كل اموالها ومقتنياتها وتركها ضحية الفقر والتشرد . تطورت هذه الحالة من الأرهاب الى التعرض الى دور العبادة فكان تفجير الكنائس في مناطق عدة من بغداد والموصل . وكان آخر مسلسل الأرهاب هو الأعتداء على المسيحيين في دورهم وإرغامهم على الدخول في الدين الأسلامي أو تأدية الضريبة ( الجزية ) او ترك ما يملك من البيت والآثاث والمقتنيات ، او يكون نصيبه التصفية الجسدية ، ثم تدهورت الحالة فبلغت تخوم القتل المتعمد ، فكان اغتيال رجال الدين وهم خارجين من الكنيسة كما حدث للأب الشهيد رغيد كني ورفاقه الشهداء . إن هذا الظلم الذي يرتكبه المتشددون الأسلاميون قد فاق كل الحدود ، ولا يمكن لبشر أن يتحمله . ولم يكن أمام المسيحيين العراقيين في بعض المدن وبعض مناطق بغداد إلا أن يتركوا بيوتهم ، وينفذوا بأرواحهم والنزوح الى أماكن أكثر أمناً ، وحيث ينتظرهم المصير المجهول . بعد هذا الواقع المتردي ارتفعت اصوات الأحتجاج على الظلم الذي يطال المسيحيين . فطرحت فكرة تحديد منطقة آمنة للمسيحيين ، وفي وقتها جاء الرفض من الحركة الديمقراطية الاشورية ، وأعلنت في وقتها البطريركية الكاثوليكية الكلدانية رفضها لهذه الفكرة . اليوم يظهر من الأستشراف على الآراء المنشورة على بعض المواقع الألكترونية ومنها موقع عنكاوا ، حيث نقرأ مقالات لنخبة من الكتاب من بينهم رجال دين أجلاء توحي زبدة مقالاتهم الى رفضهم الحكم الذاتي وفكرة المنطقة الآمنة للمسيحيين . لا أدري مصدر التخوف من هذه الطروحات . مركبنا تتسرب المياه الى هيكله ، وفي كل يوم يغوص المركب درجة في الماء ، والمحصلة النهائية معروفة لا محالة وهي الغرق في اعماق المحيط ، إن لم يبادر طاقم المركب الى اصلاح الخلل ، او تأتي مساعدة من المراكب المجاورة للمساعدة في إنقاذ المركب وركابه . كردستان تفتح ذراعيها لاستقبال النازحين ، ولدينا في سهل نينوى قرانا ومدننا الكلدانية ، وهي تستطيع ان تستوعب أعداداً كبيرة إذا ساعدت الحكومة العراقية وحكومة أقليم كردستان ، ومنظمات انسانية دولية في بناء مجمعات سكنية أضافة الى التي تبنى بجهود السيد سركيس آغاجان ، الذي يبذل جهوداً خيرة في التخفيف عن معاناة شعبنا وهو في أحلك ظروفه . التخوف من مفهومية المنطقة الآمنة تعكسه بعض الجهات ويشير أليها بعض الكتاب من ابناء شعبنا ، إن كان من رجال الدين او من نخبة الكتاب المعروفين . والتحفظ على مبدأ المنطقة الآمنة قائم أولاً : على الخشية من جمع كل ابناء شعبنا في حيز معلوم يسهل القضاء عليهم . وثانياً : ان الفكرة توحي للآخر باننا نروم الأنفصال من العراق . أقول : لقد كان هناك منطقة آمنة للأكراد ، وحددت هذه المنطقة ( دولياً ) . فكانت منطقة آمنة للأكراد محمية بقرارات وتحرسها قوة دولية . في حالة تحديد هذه المنطقة للمسيحيين ويكون ذلك قراراً دولياً فينبغي أن يكون المحافظة عليها من قبل قوات دولية . إضافة الى أبناء وشباب هذه المنطقة ، هذا أولاً . وثانياً لايشكل ذلك انفصالاً عن الدولة العراقية ، فالمسيحيون موجودن في العراق ومدنه ومتى تعرضوا للتهديد فإن هذه المنطقة تشكل ملاذاً آمناً لهم . فالأكراد كانوا موجودين في مدن العراق وإن تحديد المنطقة الآمنة لهم في كردستان العراق لم يشكل عائق في تنقلهم او سكنهم او مزاولة أعمالهم في بغداد او في مدن العراق الأخرى . إن عودة الظروف الطبيعية الى العراق ، سيكون حافزاً لكل مواطن أن يعود الى مسكنه وعمله ، وهذا الأمر لا يتعلق بالمسيحيين والأقليات الدينية فحسب ، إنما يشمل آلآف العائلات المسلمة السنية والشيعية التي نزحت من مناطقها بسبب عمليات التطهير العرقي التي تسود العراق حيث القتل والتهجير على الهوية . أما مبدأ الحكم الذاتي فإن العصر الراهن وفي ضوء التشريعات التي سنت من أجل حقوق الأنسان ـ والتي يأتي في مقدمتها حقوق الأقليات ـ فإن الرياح تهب بما تشتهي سفن الأقليات من أجل منحها حقوقها وفي المقدمة الحكم الذاتي . ولا أدري على ماذا نستند حينما نرفض مثل هذه العروض . حسناً .. أيها السادة الأفاضل ، إنكم ترفضون الحكم الذاتي والمنطقة الآمنة . أعطونا البديل رجاءً . إن شعبنا على أرض الوطن العراقي في تناقص ديموغرافي رهيب ، وعلينا ان نتحرك بسرعة ، فإن كانت الحلول المطروحة غير مجدية فعلينا ان نعطي بديلاً عنها وإلا نقبل بها . ثمة أطروحة أخرى وهي إن تسمياتنا تفرقنا وهي السبب في تشرذمنا ، والقارئ يستشف وكأن لو كانت تسمياتنا القومية موحدة ، لما اصابنا ما يصيبنا اليوم ، إنه طرح يتسم بالسطحية دون الأعتماد على الواقع الموضوعي ، فتسمياتنا تاريخية ، واكتسب كيانها من واقع الحياة وتحميلها المسؤولية فيما يجري لنا ، لا يستند على الواقع . الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن حقيقة ينبغي الأعتراف بها والعمل على توحيد هذه المكونات ، فالأختلاف لا يعني الخلاف . لدي ثلاثة أولاد وكل منهم يحمل اسمه ويشق طريقه في الحياة كما يراه مناسباً وهم يعيشون في بيت واحد متكاتفين متعاونين كأخوة اولاً وكأصدقاء ثانياً . إنهم ليسوا واحد انهم ثلاثة أولاد ، وهذا الأختلاف في اسمائهم وطموحاتهم لا يعني انهم متشرذمين او على خلاف بل العكس هو الصحيح . حبيب تومي / اوسلو
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يحمي المسيحيين من الذئاب البشرية ؟
-
استشهاد القس رغيد كني والأسلام الأصولي ومحنة الأنسان العراقي
-
المسيحيون والأقليات العراقية .. الحركة خير من البكاء والنحيب
-
الأستاذ هوشيار زيباري تفاؤل مشوب بالحذر
-
أحوال الأقليات الدينية في العراق من سيئ الى أسوأ
-
هل نتوقف عن الكتابة في الشأن القومي الكلداني
-
العراقيون في سورية وخيارات أحلاها أمَرْ من العلقم
-
العراقيون في سوريا .. اين المفر ؟
-
هل يحمل البيشمركة مفاتيح المشكلة الأمنية في بغداد ؟
-
نهاية أسطورة صدام ومأزق الحكومة العراقية
-
رابي يونادم كنا .. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
-
المؤتمر الآشوري في السويد وأوهام في الرؤية السياسية
-
الشئ الذي لم أشبع منه طول عمري !
-
يا عقلاء الأسلام صافحوا هذا الرجل إنه إنسان عظيم
-
حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل
-
لماذا يسكت عقلاء الأسلام على ذبح الأقليات الدينية العراقية ؟
-
الأستاذ مسعود البارزاني واستراتيجية إقامة الدولة الكردية 4
-
يشوع مجيد هداية شهيد الوطن العراقي
-
حتى أنت يا قس عمانوئيل يوخنا!
-
نعم نعم لوحدة شعبنا ولمشروع الحكم الذاتي
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|