محمد أبوعبيد
الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 05:21
المحور:
الادب والفن
كانت فاجعة قوية أن يلقى بعض المراهقين في تونس حتفهم رجاء حضور حفلة يحييها " نجوم " ستار أكاديمي . حوالي ستة ماتوا , وأصيب العشرات بفعل التزاحم الشديد لرؤية من اعتادوا رؤيتهم من خلال الكاميرات المسلطة أربعا وعشرين ساعة على المشتركين تراقب كل صغيرة وكبيرة وتنقلها إلى الملايين .
ما حدث في تونس , إذن , لعله يفضي إلى مراجعة في الكيفية التي تّنتج بها مثل هذه البرامج , وما يلي ذلك من صولات وجولات لإحياء الحفلات بهدف جنى الأرباح .
لا خلاف على أن طريقة انتاج مثل هذه البرامج ليست لها علاقة بفاجعة المراهقين . لكنها صورت المشتركين في نظر من هم في سن المراهقة على أنهم فوق العادة وخارقون , وأنهم نجوم المستقبل القادمون الذين سيغيرون معادلة النجومية . لذا لم يعد من المستغرب أن يُحتفى بنجمة أو نجم ستار أكاديمي , مثلا , بطريقة لم يحلم بها نجم سينمائي أو تلفزيوني عربي أمضى عقدوا في إمتاع المشاهدين بقدرته على تقمص الأدوار , وتشخيصه لمشكلات تلامس الواقع عن قرب , هنا أتحدث عن السينما أو الدراما الهادفة والراقية . من تابع في السنوات القليلة الأخيرة مدى التغطية الأعلامية والحفاوة التي يحظى بها مثل هؤلاء المشتركين , سيخشى أن لا يعود هناك متسع للنجوم الحقيقيين .
المفارقة أن كبار المطربين يغنون في تونس وغيرها من الأصقاع العربية , ونسمع عن تدافع هنا وهناك , وعن حالات إغماء وبكاء ,باعتبار أن للناس في ما يعشقون مذاهب , لكن لم يصل الأمر إلى حد تراجيديا يدفع فيها المراهقون أرواحهم ثمنا لها .
من الدروس المستفادة من فاجعة تونس , أن لا يكون الجشع المادي فوق كل اعتبار . فالقاعة التي كان سيؤدي فيها " النجوم الجدد " لا تتسع لأكثر من عشرة آلاف شخص , أما الأرقام الواردة أفادت أن سبعة عشر ألف شخص كانوا من المفترض أن تغص بهم القاعة , أي سبعين في المئة فوق الطاقة الإستيعابية لها .جشع أنتج مثل هذه الفاجعة . أمر لا يختلف أبدا عن صاحب المركب الذي يسمح لعدد يفوق المرخص به سعيا نحو مضاعفة الربح المادي . وكأن البحر هو الذي يحتج على هذا التصرف فيُغرق المركب لتكون في ذلك عبرة . ولعل القيمين على الصولات الفنية يعتبرون من مجزرة التدافع .
#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟