أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان محمد شناوة - الجريمة في الشخصية العراقية















المزيد.....


الجريمة في الشخصية العراقية


سلمان محمد شناوة

الحوار المتمدن-العدد: 1947 - 2007 / 6 / 15 - 07:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد الزلزال الذي حدث في 9-4- 2003 حدثت تحولت كبيرة في شخصية الإنسان العراقي , فلقد تغيرات خريطة المنطقة ككل , وتغيرت خريطته التركيبة الاجتماعية العراقية , وصارت التقلبات تتم بسرعة حتى نكاد لا نلاحظ الأثر الذي يتركه هذا الانقلاب أو ذاك , إن دراسة نفسية اى إنسان أخر غير العراقي , تحتاج إلى تأني كبير لان التقلبات في خريطة الإنسان الاخر تتم خلال مساحة زمنية كبيرة , ويبقي أثرها إلى زمن أخر بحيث يمكن دراسة ماذا حدث وماذا يتوقع إن يحدث , هذا إن يصدق في شخص كل إنسان معادا العراقي , لان الإحداث المؤثرة إن حدثت تأخذ زمناً طويلا حتى يحدث شي أخر , فطبع الاستقرار متحقق أم مع الإنسان العراقي فان الاستقرار غير متحقق , فخلال فترة زمنية صغيرة نسبياً من عمر العراقي ما بين 1980 لغاية 2007 وقعت خلال سبع وعشرون سنة من الإحداث , إن حدثت في عمر إنسان أخر , فإنها تحدث خلال فترة زمنية تبلغ القرون , فخلال سبع وعشرون سنة وقعت ثلاث حروب كبرى و كان حصارا استمر 13 سنة وحدث تغير في تركيبة المجتمع ككل ودخل فصائل غريبة على نسيج المجتمع العراقي حتى الباحث لا يستطيع أن يتوقف قليلا حتى ينظر إلى هذه الفترة أو أخرى , فالحرب العراقية الإيرانية , تقريبا نسيت من ذاكرة شعب وان بقيت في النسيج النفسي الداخلي ولكن تكاد لا تذكر وحرب الكويت كذلك وفترة الحصار وحرب الأخيرة مع أميركا وألان كل ما يستوعبها العقل العراقي هي معركته اليومية مع الإرهاب والفساد وعدم خبرة الساسة في حياته اليومية البسيطة .
يوميا نسمع الكثير من الإخبار التي لو كنا في مجتمع أخر لتوقف عندها الباحثون والمسئولون, ولكن هنا في العراق أصبحت كأنها فعل عادي أو كأنه تفاصيل صغيرة في يوم عراقي عادي.
عملية التفخيخ المستمرة بشكل يومي , الفعل هذا موجه إلى أبناء الوطن , وليس إلى المحتل , ربما نستطيع أن نفهم الجريمة السياسية , لأنها تكون ردة فعل إجرامي على فعل إجرامي أخر , وهو الاحتلال , وبهذا الحال نجد الفعل موجه ضد أفراد الاحتلال , والتي أقرته كل القوانين والأعراف الدولية .
لكن الفعل بحد ذاته كعمل ميكانيكي لا يختلف بين هذا أو ذاك , فالعملية الذهنية والحركية التي يقوم بها المحتل بقتل شخص يقاوم فعل الاحتلال لا يختلف عن فعل المقاوم الذي يقوم بفعل القتل ضد احد أفراد الاحتلال , العملية الميكانيكية والحركية واحدة لا اختلاف فيها , ولكن الاختلاف بالمضمون الثقافي بين هؤلاء الأفراد وأولئك .
وأننا إذا نستطيع أن نفهم عملية تفخيخ السيارات ضد جيش الاحتلال , إلا إننا لا نستطيع أن نفهم عمليات التفخيخ ضد أفراد الوطن الواحد ,
في مساحة الوطن العراقي اليوم نجد إن جرائم ( الاغتيال – الخطف – السرقة – النصب – الاغتصاب وهتك العرض – اقتحام البنوك – التسليب على الطرق (( قطع الطريق )).
وكذلك جرائم القتل الجماعي أصبح رائجة بشكل كبير في المجتمع بصورة كبيرة.
حين ننتقل من المساحة الأكبر إلى المساحة الأصغر .
منذ حدث زلزال سقوط النظام البائد وخلال فترة زمنية زادت بشكل كبير عملية الاغتيال بين أفراد المجتمع , طالت أفراد في المجتمع العراقي وبعد طول انتظار , تم القبض بمحض الصدفة عن مجموعة من كم كبير من المجموعات التي سببت هذه الموجة من الاغتيالات , تم القبض على بعض الأفراد ولم يتم القبض على الرأس المدبر .
الغريب هو شخصية الجاني , فمعظم من تم القبض عليها هم شخصيات تكاد تكون محترمة بين نسيج المجتمع بعضهم كان يمتهن مهنة (( الرادود )) وهي مهنة لها ثقلها ودورها في النسيج الاجتماعي للمجتمع الشيعي في العراق ,ولها ارتباطها الكبير مع الشريحة العريضة لرجال الدين , فهذه الوظيفة (( الرادود )) ولدت في رحم المؤسسة الدينية الشيعية وتكاد أن تكون وظيفة شيعية صرفة , لا يوجد لها مثيل بالطوائف الاخري , وهي ترتبط ارتباط كبير مع رجال الدين وتأخذ توجهها واتجاهها ومسيرتها من البداية إلى النهاية من رجل الدين , ومعظم تراثها وفكرها من كتب رجال الدين , ورجل الدين شخصية محترمة لأنها ترتبط بالتراث المتصل بشخص الرسول هذا من ناحية , وهي محترمة لأنها تمثل الدين بكل أشكاله الردكالية والمعتدلة . والبعض الاخر كانوا طلابا للحوزة , والبعض الاخر , حين تم البحث عن تاريخهم الاجتماعي , وجد انه يكاد أن يكون نظيفاً , له احترامه بالشارع وله احترامها بالمجتمع .
فماذا حدث بحيث تحول هؤلاء الأشخاص إلى مسيرة الجريمة وماذا حدث بحيث ارتكب هؤلاء فعل الجريمة ؟

بداية نقول ماهي الجريمة ............

الجريمة هي (( سلوك يحرمه القانون , ويرد عليه بعقوبة جزائية أو تدبير احترازي ))
وهو بذلك يجب أن يتصف 1- التجريم القانوني اى بنص قانوني صريح .
2- وضع عقوبة جزائية أو تدبير احترازي له .

البعض الاخر يعرف الجريمة (( كظاهرة اجتماعية )) .
وبذلك إن التجريم هو حكمي تفرضه الجماعة على بعض تصرفات أفرادها . سواء عاقب عليها القانون أما لا .
ونحن في هذه أمام جهتين (( الدولة – الجماعة )) تختصان بتجريم الفعل وتحويله إلى فعل يعاقب عليه القانون , ونحن هنا أما قانونين وهو قانون الدولة وقانون الجماعة .

فالجريمة يعرفها العالم الألماني (( اهرنج ))(( فعل ينطوي على تعريض شروط حياة الجماعة للخطر , نص عليها المشرع ورتب له العقوبة )) , والعالم ((الايطالي )) (( غرسيني )) يرى فيها (( تعارض قويا للغاية مع متطلبات الجماعة أو مقتضياتها والعالم الأمريكي(( توماس)) ((يعتبرها فعلا مضادا لتضامن الجماعة التي ينتمي لها الفرد)) أما العالم الهولندي (( وليام أدريان بونجير)) يعرف الجريمة بأنها (( فعل يقترف داخل جماعة من الناس , تشكل وحدة اجتماعية , ويضر بمصلحة الجميع ,أو بمصلحة الفئة الحاكمة ويعاقب عليها من قبل هذه الجماعة بعقوبة اشد من رفضها الأخلاقي )) .
أما الفقهاء السوفيت فيفسرون الجريمة بناء على الخطر الاجتماعي والضمير الاشتراكي حيث يكون تعريفهم للجريمة هو كل فعل أو امتناع عن فعل يُكون خطرا اجتماعيا أو يكون مخالفاً للضمير الاشتراكي , والخطر الاجتماعي هي الحالة التي تنشأ عن فعل يعرض نظام الدولة الاقتصادي والسياسي للخطر .

قبل الدولة كانت الجماعات هي التي تمثل النظم الاجتماعية المختلفة للإنسان , ويقول لنا التطور الطبيعي للتاريخ ان الانسان هو الاساس وان الدولة هي صفة لاحقة للانسان ,فمنذ اليوم الذي وقف فيه رجل في وجه رجل اخر , ظهرت الحاجة واضحة لتنظيم العلاقات بينهما , ولقد دل التاريخ على انه سرعان ما نشبت الخصومات بين البشر . فاستلزم الأمر إيجاد تنظيم خارجي وبالتالي فرض نظام حازم , ومن هنا نشأ المجتمع وتكونت الدولة , وحين انتقل الإنسان إلى صورة الدولة ارتضت المجموعات الصغيرة إن تكون ضمن منظومة الدولة بحثا عن الحماية (( وهذا كعقد اجتماعي )) بدائي تنازلت به الجماعة عن الكثير من امتيازاتها مقابل ما توفر لها الدولة من حماية .

الدولة في حركتها المستمرة عبر التاريخ قامت بتقنين معظم القوانين الإنسانية المتفق عليها حولتها من أعراف اجتماعية إلى قوانين متفق عليها بين الجماعات المختلفة للدولة .
والجريمة التي يتفق جميع المجتمعات الإنسانية على تجريمها , في كل زمان ومكان , لأنها تتعارض مع المثل الإنسانية العليا وهذا ما يعرف (( بالجريمة الطبيعة )) حسب تحاليل (( غاروفالو )) بتحليل العواطف والتي يثيرها سلوك الفرد عند الجماعة .
هناك الكثير من الأعراف التي اتفقت عليها الجماعات المختلفة وجرمت كل من يعارضها , ومن هذه القيم الاجتماعية (( الحياة الإنسانية )) صبغت عليها الجماعات المختلفة حماية خاصة فكل ما يفعل اى فعل من شانه إزالة الحياة الإنسانية جرمت هذه الجماعات هذا الفعل بعملية القتل , كل الأفراد من مختلف الفئات المختلفة لاي مجتمع اتفقت على جعل هذا الفعل جريمة يعاقب عليها سواء الدولة أو الجماعة مهما صغرت أو كبرت لما لحياة الإنسان من قيمة , تحولت إلى درجة القداسة . وكذلك وجدت هذه الجماعات المختلفة بصورتها البدائية إن المال يمثل قيمة للإنسان لذلك جرمت فعل السرقة .
بكل المجتمعات الإنسانية كان هناك القانون , وكانت كتابة القانون ضرورية حتى يعرف الناس المباح وما الممنوع , ولقد مرت الإنسانية بمسيرة طويلة من تقنين وصياغة القوانين منذ عهد حمو رابي وقانونه الشهير إلى التقنين الحديث للقوانين على عهد نابليون الأول , والتقنين بصورة مبسطة هو تحويل القانون من صورة شفوية عرفية إلى قانون مكتوب , لان في الدولة مجموعة كبيرة من الأعراف بين مختلف فئات المجتمع فالعرف الذي يكون له الأهمية القصوى يتحول إلى قانون مكتوب وهذا ما يعرف بالتقنين .
الدولة حتى تستطيع أن تنفذ القانون يجب أن تكون لديها القوة الكافية لتنفيذ هذا القانون فبعد ما اتفقت الجماعات (( كعقد اجتماعي )) بدائي على التنازل عن عملية تنفيذ القانون للدولة استلزم إن تكون هناك جهة واحدة هي منفذة للقانون , فكانت الدولة . والدولة بهذه الحالة يجب أن يكون لها جهاز يقوم بتنفيذ هذه المهمة فكانت وزارة الداخلية في الدولة هي الجهة المختصة بتنفيذ القانون , ويجب أن يتم تنفيذ القانون بناء على عدالة بين جميع الأفراد فكانت الجهة المختصة بنظر تطابق القانون من عدمه هي السلطة القضائية , وحتى تتم العدالة بين كل الأفراد في تطبيق القانون , يجب أن تكون الجهة القضائية مستقلة عن الجهة التنفيذية , كذلك احتاج المجتمع إلى صياغة قوانين وعملية صياغة القوانين كان من اختصاص جهة ثالثة سميت بالسلطة التشريعية تقوم بتشريع القوانين , وينتهي دورها عند هذه النقطة , ثم يأتي دور السلطة القضائية بالنظر إمكانية تطابق هذا القانون على هذه الحالة أم لا , ثم يأتي دور السلطة التنفيذية بتنفيذ القانون .
في العراق انفرط عقد الدولة , وبهذه الحالة لم يعد لها سلطة تنفيذه قوية تستطيع أن تنفذ قانوناً أقرته السلطة التنفيذية , ثم نظرت السلطة القضائية بمدى تطابق هذا القانون مع هذه الحالة مع تلك .
فكان لابد أن تظهر الجماعات الصغيرة المنتشرة في الدولة هنا وهناك , لأنها تنظر أن قانونها هو الأمثل للتطبيق على الأقل بمحيط الجماعة , فكان ما رأينا من عمليات الإعدام الجماعية ومن عمليات السرقة المنظمة , لان العراق تحول إلى دول داخل دولة , ولكل دولة ومجموعة قانونها الخاص وسلطتها التنفيذية الخاصة , ونفوذها الخاص في محيط منطقة جغرافية معينة , وهذا أدى إلى انقسام العراق إلى ثلاث مناطق جغرافية (( الجنوب )) وتتركز به الشيعة , والوسط ويتركز به السنة , والشمال ويتركز به الأكراد , ولكل جماعة قانونها وسلطتها التنفيذية والقضائية والتشريعية , واحتمال نرى لها علمها الخاص واتصالاتها مع الجهات الأجنبية وهذا ما حدث فعلا .
بالإضافة إلى ذلك نجد أن هذه المناطق الثلاث يوجد بها الجماعات الأصغر , والتي هي كذلك تحاول أن توجد لها مساحة مختزلة من الوطن تمارس به السلطات المختلفة .

فوجدنا أن الجماعات بدات تتشكل عمليا كقوة داخل القوة , وكل الذي يحدث بين هذه الجماعة وهذه الجماعة من اقتتال , هو محاولة لوضع الحدود بين هذه الكيانات التي باتت شبه مستقلة , وتشكيل منطقة نفوذ لكل جماعة , على حساب ألجماعه الأخرى , هذا يذكرنا بالذي حدث في الأندلس حين تشكلت مدن الطوائف ووجدنا أن لكل مدينة ملكها ووزيرها ورعيتها وجيشها وضرائبها المستقلة .

نعود إلى نظرية من أكثر النظريات في علم الإجرام شهرة , وهي نظرية (( الاختلاط التفاضلي )) للعالم الأمريكي (( أدوين سذرلاند )) , حيث بنيت هذه النظرية على تحليل (( نفسي – واجتماعي )) لطبيعة بيئة الجماعة وأثرها على سلوك الأفراد .
حيث يفرق سذرلاند بين التفسير الميكانيكي والتفسير التكويني (( التاريخي)) , ويجعل التفسير التكويني أساس منهجيا لنظريته . فالتفسير الميكانيكي يعتمد على لحظة حدوث الجريمة , بهذه الحالة لا يوجد فرق بالعملية الميكانيكية بين الفعل الذي يقوم به مجرد قتل شرطيا في سبيل القيام بجريمته , عن الشرطي الذي يقتل مجرما للمحافظة على امن وسلامة الناس , ولا فرق بين ألحرامي الذي يسرق حتى يحصل على المال عن الشخص الذي يدافع عن أمواله والمحافظة عليها .
من خلال نظرية سذرلاند أن (( الجريمة متأصلة في التنظيم الاجتماعي )) وهي تعبير عنه . فسلوك أفراد أي جماعة يتوزع بين ثلاث أنماط (( نمط إجرامي – نمط معادي للإجرام ومطيع للقوانين – نمط حيادي )) يقف أصحابه على الحياد بصورة أساسية , دون أن يورطوا أنفسهم في الجريمة أو يقفوا منها موقفا عدائيا .
وتقوم النظرية على هذا الأساس (( نظرية الاختلاط التفاضلي )) على صورة تفسير تتبعي للعملية التي تؤدي بشخص معين إلى السلوك الإجرامي , ويحصر هذه العملية في تسعة قضايا يبنيها هرمياً بحيث تعتد كل قضية على سابقتها , كأساس تستند إليه وتبدأ من :
- السلوك الإجرامي يكتسب بالتعليم
- عملية تعلم السلوك الإجرامي تتم من خلال الاتصال الاجتماعي .
- يحدث الجزء الأساسي من تعلم السلوك الإجرامي في نطاق الجماعات التي تقوم بين أعضائها علاقات ودية متينة .
- تتضمن عملية التعليم السلوك الإجرامي
- 1- فن ارتكاب الجريمة (( التحضير والتخطيط لها وطرق ارتكابها ووسائل إخفائها ))
- 2- الاتجاهات الخاصة التي تدفع الشخص للجريمة
- تتم عملية تعلم الاتجاه الخاص للدوافع والميول للأشخاص الذين يحيطون بالفرد , ونظرتهم إلى النصوص القانونية باعتبارها مناسبة أو غير مناسبة .
- ينحرف الفرد حين ترجح لديه كفة الآراء التي تحبذ مخالفة القانون على كفة الآراء التي تحبذ مراعاة قواعده .
- تعمل العلاقة بالسلوك الإجرامي أو بالسلوك المعادي للإجرام تفاضليا تختلف باختلاف أربع عمليات (( التكرار – الاستمرار – الأسبقية – العمق ))
- تعلم السلوك الإجرامي عن طريق الاختلاط بالأنماط الإجرامية
- يعبر السلوك الإجرامي عن حاجات وقيم عامة .
ونحن إذا نريد أن نحلل الشخصية العراقية يجب إلا ننسى الصفات القريبة من هذه الشخصية والتي شكلت تراثه وأسلوبه بالحياة بحيث جعلته متفردا عن غيره.
1. طبيعة الجو ودرجة الحرارة والتي تجعل نفسية العراقي سريعة الانفعال والتأثر .
2. التركيبة السكانية العشائرية والتي تجعل الإنسان منقاد لشيخ العشيرة.
3. حيث وجدنا أفعالا تعتبر في مفهوم الدولة والإنسان العادي جرائم وهي بتفسير القبيلة والعشيرة افعالأ مباحة لأن عقلية البدوي لازالت مسيطرة بمحيط القبيلة والعشيرة , فنجد الفرد يرتكب الفعل وهو يفاخر بين أنداده بما فعل . فنجد فعل السرقة لدى البدوي فعل مباح , ويفسره على أساس الغزو , ونجد أن القتل في حالات معينة مباح في منظومة الأخذ بالثار والدفاع عن القبيلة .
4. التركيبة الدينية للمجتمع العراقي والتي تجعل العراقي منقاد لرجل الدين .
5. التركيبة الثقافية للمجتمع العراقي مابين مثقفين جدا وبسيطي الثقافة .
6. وحالة انعدام العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع .
7. وحالة الفقر وما يسببه هذا الفقر في انقياد العراقي إلى طريق الجريمة.
8. حالة الازدواجية للعراقي بحيث جعلته يمثل أكثر من شخصية في أن واحد.
بعد انهيار الدولة في العراق وظهور الجماعات في مختلف البقع الجغرافية هنا وهناك ومحاولة الكل إيجاد لنفسها مساحة جغرافية للتمدد بها أفقيا , وكذلك إيجاد هيكل تنظيمي للجماعات للتمدد بها عموديا , نشئت لدينا في البداية جرائم فردية وكان ما رأينا من سلب ونهب وسرقة واغتصاب واقتحام المصارف والبنوك , ثم انتقلت الجريمة حتى تصبح أكثر تنظيما فتحولت الجريمة إلى مؤسسة قائمة بذاتها في العراق , وأكثر من ذلك بدأت ما يشبه التنافس والتعاون بين مختلف أفراد هذه المؤسسة , فظهر لدينا هنا حالة هي أشبه بالتخصص , حيث تخصص البعض بالسرقة , وآخرون بالخطف والاغتصاب , وآخرون بالاغتيالات وآخرون بالمعلومات حيث شكلوا ما يشبه الغرفة المنظمة لبيع المعلومة حول المكان أو الأشخاص المراد اغتيالهم أو خطفهم , وظهرت لدينا أكثر من ذلك مستويات منظمة للجريمة , فنجد إن هناك من الشخصيات المحترمة سواء كانت سياسية أو دينية , لا يكون لديها ادني إحراج في الاتصال بهذه الجهات للوصول إلى هدف أو مصلحة معينة .
في هذا الجو كله يتساءل المرء هل ننظر للجريمة على أساس أنها مجردة من كل الوضع الراهن في العراق فنقول أن جريمة القتل هي جريمة قتل سواء كانت في العراق أو مصر أو أمريكا أو روسيا , أو نقول أن جريمة السرقة والخطف هي مجرد جريمة , صدرت من شخص معين , فقط و أم نبحث في كل الظروف الاجتماعية لشخص المجرم .
المشكلة هنا أن المجرم لم يعد مجرما. ولم يعد شخص مستقل بذاته , إنما هو شخص يمثل مجموعه لها مصالحها وأهدافها وقيمها الاجتماعية , وهي تحاول ألان أن تستميت للمحافظ على هذه المصالح , حتى بالقتل آو السرقة أو غيرها من الجرائم والتي بنظرها لم تكن جريمة , كنا دوما نقول أن المجرم يصاب بتأنيب ضمير ولكن اليوم نجده يمارس فعله حين نسميها نحن جريمة يسميها هو آو جماعته بأنها محافظة على الذات أو النوع , في جو متقلب معادي .
هل في هذه الحالة تحولت الجريمة إلى قيمة اجتماعية معتبرة , هل تحولت الجريمة إلى حالة استشهادية بحيث يقدم الفرد روحه ونفسه للمجموعة , هل بات القتل والاغتيال و قتل الاخر أو اغتيال الاخر هو أشبه بالعمليات الفدائية التي كان الصحابة يقيمون بها فيأتون فرحين مستبشرين إلى الرسول أو الخليفة , فكان القتل هنا فعل ايجابي يتم عن طريقه المحافظة على الجماعة .

أن حالات الاغتيال التي قام بها أشخاص من بيننا كانوا حتى الأمس القريب يمثلون قطاعات محترمة جدا بالمجتمع لها ثقلها واحترامها مسالمون موادعون , يبحثون عن الأمان في حياتهم بكل شي , نجدهم اليوم وقد تحولوا إلى أداة قتل , فكيف تحولوا هكذا فجأة , ربما نجد في تفسير الأمريكي سذرلاند نوع من الإجابة , حيث يقول أن السلوك الإجرامي يأتي بالتعليم وهو يأتي بالاختلاط من أشخاص لهم علاقة وثيقة متينة بالقاتل , وان هذا القاتل لم يتحول إلى قاتل هكذا بين يوم أو ليلة , إنما عبر مسافة بين الاعتقاد والفعل , وان هذه الجريمة لا تتم إلا باللحظة التي أظهرت فيه الجريمة عن سلوك اجتماعي يعبر عن حاجات وقيم عامة ,ويرتكب الفرد جريمته حين ترجح لديه كفة الاراء التي تحبذ مخالفة القانون على كفة الآراء التي تحبذ مراعاة قواعده .
لقد افرز لنا الواقع الاجتماعي العراقي أصناف وطرق جديدة في الجريمة فمن :-
- عمليات السرقة المنظمة .
- وعمليات الخطف في سبيل طلب الفدية.
- أو عمليات الخطف لبيع المخطوف إلى جهة أخرى.
- عمليات الاغتيال الجماعية.
- عمليات التفخيخ والقتل الجماعي .
- عملية استهداف فئة معينة من المجتمع كطائفة أو مهنة , مثل ما حدث من القتل الجماعي وبصورة منظمة جدا (( للحلاقين )) .
- وهناك ايضا الجرائم الاقتصادية التي ظهرت لنا بصورة كبيرة
- جريمة سرقة البنوك واقتحام المصارف بعملية وفي وضح النهار وهذا ما حدث لكثير من مصارف العراق ومن ضمنها البنك المركزي .
- الفساد بكل أنواعه وأمثالها :-
- الرشوة والتي صار لها مساحة كبيرة بحيث لا يخلو اى مشروع حكومي أو شبه حكومي منه .
- تهريب النفط والمنتجات الحكومية إلى الدول المجاورة .
تحولت الجريمة هنا إلى أسلوب سياسي واجتماعي لفرض شروط هذه الفئة أو تلك على الطائفة أو الجماعة الأخرى. وتحول هنا الاعتقاد والثقافة كقنبلة مؤقتة أو لغم لا ندرى متى وأين ينفجر .
فلم تصبح الجريمة جريمة هنا , إنما أصبحت كحق مشروع في نظر هذه الجماعة لإثبات أو فرض وجودها باتجاه الاخر .
فانتقلت الجريمة بنا إلى مستوى أخر من ثقافة إلى ثقافة ومن مفهوم إلى أخر .
وللكلام بقية ,,,



#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اموال الخمس والزكاة .......... اين هي ؟
- نحن والسلطة المستبدة
- دين بلا رجال دين
- المتنبي ينعى نفسه
- جند السماء
- شيعة .... وسنة
- ابن جبرين ..يجب ان تعتذر
- وحدها ...ماجدة الرومي بقيت
- الوزير ربما ... ربما يجد حلا !!!!!
- الا تستحق لبنان انعقاد قمة عربية
- الوزير المبتسم ..وصواريخ المقاومة
- مغامرة حزب الله ...بين العقل والجنون
- المرأة خذلت المرأة .............. كويتياً
- العلمانية .....والتعايش
- الرق وبقايا الثقافة الاسلامية
- الرئيس المؤمن
- هند حناوي
- السقيفة ... و ؤد الديمقراطية
- القمة العربية ..تحتاج لوجوه جديدة
- الى ...كاتبة من وطني


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان محمد شناوة - الجريمة في الشخصية العراقية