أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - مصر ليست أحادية الإنتماء















المزيد.....

مصر ليست أحادية الإنتماء


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 1947 - 2007 / 6 / 15 - 06:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


من يتابع كتابات المهتمين بشأن الإنتماء المصري، يلاحظ صراع بين إتجاهات عدة، و هذا الصراع مرجعه في حقيقة الأمر هي تلك النظرة الأحادية التي يتمسك بها كل فريق، و يحارب بها الأطراف الأخرى.
فهناك العروبيين، من الناصريين، الذين يقفون مع نظرية مصر العربية فقط، متهمين كل من خالفهم، إما بالتطرف، لو كان من أعضاء مدرسة الإنتماء الإسلامي، أو بالتفرنج و الإرتماء على أقدام الغرب، لو كان من أصحاب الإنتماء البحر المتوسطي، أما إذا كان من أنصار الشرق الأوسط الكبير، فهو لديهم من العملاء بلا ريب.
و الحال، في شأن الإتهامات لا يختلف مع أصحاب مذهب الإنتماء الإسلامي فقط، فالمخالفين لهم إما عملاء للخارج، أو قومجيين خاسرين.
أما أبناء الإنتماء المتوسطي، فالمخالفين لديهم، هم بالجملة، و دون تفصيل إتهام لكل مدرسة مخالفة، من المتخلفين، الذين لازالوا يعيشون في الماضي، على نظريات أكل عليها الدهر و شرب.
أعتقد أن أحد أسباب التطرف، و التخلف، لدينا، هو ذلك النهج الذي يجعل الأمور خيار واحد فقط، و لا يعرف التداخل و التركيب، فإما معنا، و إلا فأنت علينا، فإما أنت تؤمن بمصر عربية فقط، أو لا تؤمن، كذلك أن تؤمن بأن إنتماء مصر إسلامي، أو لا تؤمن، لا أفكار وسطية، أو تركيبية، تقول بأن الإنتماء يمكن أن يكون متعدد، خاصة إن حديثنا عن دولة و شعب، و ليس أفراد، فإذا كان بإمكان الفرد أن ينظر لنفسه على إنه متعدد الإنتماءات، فهو مسلم، مثلاً، و يتحدث العربية، و يؤمن بأنه شرق أوسطي، و بحر متوسطي، خاصة إذا كان ممن يقيمون في مدينة ساحلية متوسطية.
إذاً أليس بإمكان دولة و شعب، بحجم مصر و شعبها، أن تكون متعددة الإنتماءات، أليس بإمكاننا أن نكون مصريين، و أفارقة، و متوسطيين، و شرق أوسطيين، و مسلمين، و مسيحيين شرقيين؟؟؟
هل بإمكان أحد أن ينكر إنتماء مصر الأفريقي، جغرافياً، و جينياً، و ثقافياً، و نيلياً، بإعتبار النيل، منبع الحياة لمصر، قادم من دول حوض النيل، في أعماق أفريقيا؟
هل بإمكان أي مصري عاقل أن يدير ظهر مصر لأفريقيا، تاركاً الأخرين يعبثون بشريان حياتها؟
هل بإمكاننا أن نتجاهل إمكانات التعاون مع دول القارة الأفريقية، حيث المواد الخام الثمينة، من معادن و خلافه، و الأسواق الكبيرة، التي يمكن أن تستوعب إنتاجنا، بعد أن تنجلي غمة عهد الإستبداد و الفساد، الذي نرزح تحت وطأته؟؟؟
الصين بحجمها الضخم، و إقتصادها الواعد، و أسواقها التي إنفتحت في كل مكان، في أوروبا، و الولايات المتحدة، و الشرق الأوسط، لم تتجاهل أفريقيا، فهل سوف نتجاهلها نحن، بإقتصادنا المهلهل الحالي؟
بالمثل لا يمكن أن نتجاهل عروبة لساننا، و تاريخنا المشترك مع الشعوب المتحدثة بالعربية، بحلوه و مره، مثلما لا نستطيع أن ندير ظهورنا للإرث الثقافي المكتوب بالعربية، و التفاعل الثقافي الحالي مع كافة المتحدثين بالعربية، خاصة إنها لغتنا اليوم، و لا ننوي تغييرها، إذا لدينا إنتماء عربي أيضاً.
و الحال نفس الشيء لإنتماء مصر الإسلامي، فهو دين الأغلبية المصرية، و بالتالي يشكل رابطة روحية قوية تربطنا بالأخرين ممن يشاركونا الإعتقاد بنفس الدين، دون أن نتجاهل إرتباط مصر بالمسيحية المشرقية، التي كان لها، و لازال، دورها الهام، سواء في الجانب الروحي، لقطاع لا يستهان به من الشعب المصري، أو من الجانب التاريخي، أي دون أن أن نغفل دور المسيحية المصرية في الحفاظ على شخصية مصر، أمام الضغوط الخارجية، سواء في العصر الروماني – البيزنطي، أو أمام الهجمات الصليبية في العصور الوسطى، أو أبان محاولة الكنائس الغربية إبتلاع المسيحية المصرية، و سائر الكنائس المشرقية، في القرن التاسع عشر، و النصف الأول من القرن العشرين.
أما البحر المتوسط، نافذة مصر الشمالية، فهو لم يكن يوماً عائقا، أو جداراً فاصلاً، بين شعوبه القاطنة على ضفافه، فقد إنتقلت فوق صفحته، حروف الهجاء، و المعتقدات، و المنتجات مع الآداب، لقد كان بحق بحر الحضارة العريق، و مركز العالم المتحضر، لقرون طويلة، و تطبعت بطابع معينة شعوبه القاطنة حوله مياهه الدافئة، فطبعت قاطن المتوسط بخصائص ثقافية و سلوكية تميزه، خاصة في مدنه الساحلية، في الأسكندرية، و دمياط، و في بيروت، و صيدا، و طرابلس الغرب، و الجزائر، و وهران، و برشلونة، و مرسيليا، و جنوة، و فينيسيا، و أثينا، و أزمير، و اللاذقية.
فهل ننكر ذلك التاريخ، و هذه الخصائص المشتركة، لأن هناك من ينكرها؟
و مثلما تفاعلت مصر، منذ قديم الزمان مع شعوب البحر المتوسط، من الفينيقيين، و الكريتيين، و الإغريق، و الرومان، و غيرهم، و شعوب البحر المتوسط الحديثة، من أهل الشام، و شمال أفريقيا، و أسيا الصغرى، و اليونان و إيطاليا، و فرنسا، و غيرهم، فقد تفاعلت مصر كذلك مع شعوب الشرق الأوسط، مثل الأكراد، و الأرمن، و الأتراك، و الفرس، و الأفغان، و شعوب القوقاز، إذا لنا أيضا إرتباط شرق أوسطي، مثلما لنا إرتباطات أفريقية، و عربية، و إسلامية، و مسيحية مشرقية، و بحر متوسطية.
إن الإنتماء المتعدد ليس أعجوبة مبتكرة، فأكثر دول العالم ذات إرتباطات متنوعة، فتجد دولة عضوة في الإتحاد الأوروبي، و في نفس الوقت عضو في إتفاقية إقتصادية مع دول في شرق أوروبا، من غير الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، و دولة أخرى في الإتحاد الأوروبي تتطلع لإنشاء إتحاد متوسطي دون أن تتنصل من عضويتها في الإتحاد الأوروبي و تقول: أنا أوروبية فقط، و دول الخليج عضو في الجامعة العربية، و مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن إرتباطات بعضها بروابط إقتصادية مع دول في شرق أفريقيا، و شبه القارة الهندية، و دول عدة في شمال أفريقيا بجانب عضويتها في جامعة الدول العربية، تتطلع عبر المتوسط لعلاقات أوثق مع دول ضفته الشمالية.
إن من ينكر مبدأ الروابط المتعددة لأي بلد، لصالح إنتماء واحد فقط، إنما هو، و بلا شك، شخص ضيق الأفق، لا يميز الألوان المختلفة، التي تشكل إنتماءات بلاده، و روابطها المتعددة.
إن تبني مبدأ الإنتماء الواحد لمصر، أياً كان هذا الإنتماء، يعد فكراً خطير على مصالح الشعب المصري، تماماً، كما تجاهل مبارك الأب، كافة الإنتماءات المتعددة لمصر، و ركز على علاقات محدودة ببضع دول فقط، فتدهورت بذلك مكانة مصر و مصالحها، عربياً، و إسلامياً، و بحر متوسطياً، و شرق أوسطياً، بتدهور متانة روابطنا مع دول و شعوب تلك المحيطات التي تحيط بمصر، مما ضيع على الشعب المصري، فرص كثيرة لتحسين ظروفه، و تلافي أخطار في المتسقبل، حين يصبح الماء شحيحاً، و الأسواق مشبعة بالسلع المنافسة، و الشعوب الأخرى كلها تسبقنا بأشواط واسعة في ميدان التكنولوجيا.
العصر الحالي، كما في عصور تاريخية ذهبية أخرى، هو عصر الإنفتاح على العالم، عصر الألوان المتعددة، لهذا لا يضر بمصريتي، و وطنيتي، أن أقول: نعم أنا مصري، و لي كمصري روابط أفريقية، و شرق أوسطية، و عربية، و بحر متوسطية، و إسلامية، و أقر بإرتباطات مصر مع المسيحية المشرقية.
لا ضير لدي، كمصري وطني، في أن أرى مصر عضو فعال و نشط، في الإتحاد الأفريقي، بدلاً من حالة الخمول و التجاهل الحالية، مثلما أتمنى أن أراها عضو فعال و نشط في جامعة الدول العربية، و أن تكون عضو فعال و نشط كذلك في منظمة المؤتمر الإسلامي، و إتحاد كنائس الشرق الأوسط، و الإتحاد المزمع إنشاءه لدول البحر المتوسط، و في إتحاد يجمع شعوب الشرق الأوسط، بشرط حل المشكلة الفلسطينية، حلاً يرضي الشعب الفلسطيني، و ليس فصيل معين، أو سلطة، و ذلك عبر إستفتاء حر، لبيان موافقة الشعب الفلسطيني.
لتكون لنا كمصريين مصلحة مصر أولاً، و لنتقبل حقيقة أن لمصر إنتماءات متعددة، و روابط وثيقة فعالة مع أكثر من دولة و منطقة في العالم، فمصر لم تكن يوماً أحادية الإنتماء، أو جزيرة منعزلة عما حولها، المطلوب فقط ألا يطغى إي إنتماء على الإنتماءات الأخرى، فالمسألة مسألة توازن، و مصلحة مصر يجب ان تظل لدينا هي العليا، و هي فقط الحاكمة لكافة العلاقات الأخرى، دون عواطف و تشنجات.



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنقلاب العسكري المصري القادم، أسبابه و مبرراته
- حمر عيناك، تأخذ حقوقك
- حد السرقة في الفقه السعودي
- السيد أحمد فؤاد و السيد سيمون
- ضجة رضاع الكبير فرصة لإحياء الإسلام
- مواطنون لا غزاة
- معالم النهاية تتضح
- الإنتظار لن يأتي بخير
- للأجنة الحق في أن تحيا أيضاً
- إتحاد المتوسط، حلم يكمن أن نبدأ فيه
- مؤتمر شرم شيخ المنصر، و الضحك على الذقون
- العدالة ليست فقط للأكثر عدداً أو الأعز نفراً
- عودة الوعي الباكستاني، هل بداية لإنحسار الوهابية؟
- الخلافة السعودية
- حتى لا يكون هناك زيورخ 2007، إنسوا إنكم أقليات
- شم النسيم و عيد المائدة، من وجهة نظر إسلامية
- مع حماية الملكية الخاصة بشرط
- مفهوم الإستقلال بين الماضي و الحاضر
- وداعاً سيادة المستشار المحافظ
- الإقطاعيون الجدد


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - مصر ليست أحادية الإنتماء