فتحي عطارد
الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 13:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هدف الحركات و الميليشيات الاسلامية، من مختلف الطوائف، و في مختلف البلدان، هو "تطبيق الشريعة الاسلامية". (طبعا وفق منظورها للشريعة).
و نستطيع تلخيص ما يودون تطبيقه في المجتمع بالتالي :
فرض الحجاب، إن لم يكن النقاب او الشادور، على جميع النساء، مسلمات او غير مسلمات
السماح بتعدد الزوجات، لا بل تشجيعه، و ذلك تيمنًا "بالسلف الصالح"
منع الاختلاط في الاماكن العامة و الخاصة
منع عمل النساء في معظم المهن، بحجج شتة
تطبيق حدود قطع اليد و الرجم و الجلد و الاعدام
فرض رقابة صارمة على وسائل الاعلام التقليدية او الانترنت، بحجة "منع الاباحية" او "الاساءة للاسلام"
جعل السلطة السياسية بيد الكهنة و قمع كل المعارضين، اكانوا اسلاميين او غير ذلك
نظرية العدالة الالاهية المطلقة
لن اناقش هنا بربرية بعض هذه التطبيقات او مدى دقتها في تطبيق العدالة او الحرية.
بل سأبحث عن ما فرضه الله في القرآن، و بين ما تدعو اليه الشريعة الاسلامية و تطبقه على المجتمع.
نبدأ بالحجاب، الذي اصبح مادة دسمة لكل الاسلاميين او غيرهم، و تحول من قطعة قماش الى الرمز الاكبر للحركات السلامية و للسلام بحد ذاته.
هناك العديد من الابحاث التي تؤكد ان الحجاب ليس فرضا واجبا على عامة النساء، فيما تنتشر الآلاف من "الابحاث" المضادة الدينية، التي تتدعي ان الحجاب واجب، لا بل يصل الامر بجعله ركنا من اركان الاسلام !
هنا، استعيد اسطورة الـ"لا اكراه في الدين"، و اضعها امام الحركات الاسلامية و كهنتهم، ممن يريدون فرض الحجاب بالقوة.
في الشريعة الاسلامية، عقوبة المرأة او الرجل، المحصن و الزاني (اي اقام علاقة جنسية خارج القواعد التي وضعتها الشريعة)، هو الرجم.
عند السنة، زواج المتعة يُعتبر زنا، و عند الشيعة فهو يُعتبر زواج شرعي.
هذا الاختلاف، يؤكد من جديد انه لا يوجد شريعة واحدة، بل عدة شرائع.
لننظر الى القرآن الآن، و نرى ما عقوبة الزنا فيه.
الآية 2 من سورة النور :
الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين.
القرآن واضح بـأن عقوبة الزاني و الزانية، هو الجلد 100 جلدة.
الآية 15 من سورة النساء :
واللاتي يأتين الفاحشةَ من نسائكم فاستشهدوا عليهنَّ أربعةً منكم فإن شهدوا فأمسكوهنَّ في البيوت حتى يتوفاهن الموتُ أو يجعل الله لهن سبيلا.
هنا الآية واضحة، بأن عقاب الزانية المحصنة، هو في السجن مدى الحياة في بيت الزوج.
طبعا القرآن لا يضع عقوبة اضافية للرجل المحصن الزاني، على الرغم من ان الرجل يحق له نكاح ما طاب له من الجواري و الاماء.. و لكن هذا موضوع آخر.
نستنتج هنا، بأن الرجم ليس عقوبة قرآنية، و إذن فإن الشريعة الاسلامية تخالف القرآن في هذه المسألة.
لذلك، فإن إيران او السعودية مثلا، هي دول تطبق قوانين بشرية (بما ان عقوبة الرجم ليست في القرآن، و إذن ليست عقوبة الاهية)، و تخالف القرآن.
اي انها دول لا تحكم بما امر الله.
المسألة الثالثة هي تعدد الزوجات.
الآية التي يستند عليها الاسلاميين، لا بل حتى المسلمين الغير متدينين، هي الآية 2 من سورة النساء :
وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا
عبر هذه الآية، يتبين لنا ان جميع المسلمين الذي يمارسون تعدد الزوجات، خافوا من ان يقسطوا في اليتامى، و لذلك نكحوا ما طالب لهم من النساء.
و لكنهم لم يخافوا من ان يعدلوا بين نساءهم !
الآية واضحة في منع تعدد الزوجات إن لم يكن يستطيع الرجل ان يعدل بين نساءه.
و هنا نسافر الى الآية 129 من سورة النساء :
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيم
هنا الله ينهي المسألة بالقول بأن الرجل لن يستطيع ان يعدل بين النساء، و لو حرصوا.
فإذن، شرط التعدد هو العدل، و القرآن واضح في ان الرجل لا يستطيع ان يعدل.
فالاستنتاج العقلي الوحيد هو بأن القرآن حرّم تعدد الزوجات.
في المقابل، الشريعة تحلل تعدد الزوجات و تشجع عليه.
إحدى حجج الحركات الاسلامية، هي في ان الدولة الاسلامية، ستحقق العدالة الالاهية المطلقة : فلن يبقى هناك فقير (حيث ضريبة الزكاة ستطعم كل الفقراء)، و ستختفي الجريمة و سيعيش الناس بعدالة و حرية.
طبعا، ما بين الاحلام الوردية في الكتب و بين التطبيقات، طريق طويل، إن لم يكن مستحيلا.
تطبيقيا، سنأخذ ثلاثة نماذج اسلامية معاصرة : إيران، السعودية، و دويلات القاعدة و مشتقاتها (طالبان مثلا).
رغم تطبيق ضريبة الزكاة، فإن 30 % من سكان السعودية (إحصائات غير رسمية، بما انه لا يوجد ارقام رسمية) و 40 % من سكان ايران (الاحصائات الرسمية الايرانية تتحدث عن 16 %)، يعيشون تحت خط الفقر.
حتى لو اعتمدنا الاحصائات الايرانية، فـ16 % من سكان ايران، يعني حولي 10 ملايين ايران يعيشون تحت خط الفقر ! (رغم ان ايران دولة نفطية و تطبق ايضا ضريبة الزكاة !)
اخبار جرائم الاغتصاب الجماعية في السعودية او جرائم المخدرات في ايران، لا تتوقف عن الازدياد.
فرغم فرض النقاب في السعودية، و فرض تعليم الشريعة في المدارس، عدا عن الحملات الاعلانية الدينية الضخمة، فهناك العديد من الشباب و الرجال السعودية، يختطف فتيات و نساء، و يغتصبهنّ جماعيا.
كل ذلك يجعلنا نصل الى الاستنتاج، بأن :
الشريعة الاسلامية تناقض و تخالف القرآن في العديد من احكامها و تطبيقاتها
تطبيق الشريعة الاسلامية لم يحقق اي من الوعود الوردية المعلنة، على الرغم من تطبيقها في دولتين نفطيتين غنيتين، و تمتلكان ترسانة اسلحة ضخمة (مما يزيل حجة بأن فشل تطبيق الشريعة، مراده الضغوطات الغربية و هجمات "الكفار"، هذا عدا عن ان السعودية حليف امريكا "الكافرة" و ان ايران حليفة روسيا و الصين "الكافرتين")
و اختم بالقول : اذا اراد الله ان يعاقب شعبا، فرض عليه الشريعة.
#فتحي_عطارد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟