حكومة المالكي في مواجهة التحديات

مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 1941 - 2007 / 6 / 9 - 11:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

ان اي تقييم للوضع الحالي في العراق لايستطيع الفكاك من الحقبة السوداء التي عاشتها البلاد تحت حكم دكتاتوري متخلف لثلاثين عاما عجافا اوصلت العراق الى مفازات الخراب وصحراء الجدب.
فالصورة الخارجية للنظام السابق كانت صورة وهمية ، تلفزيونية ، تمتاز بالحيلة والخديعة ، خديعة العالم والشعوب العربية ، اذ كانت الصور الملونة ، والمقابلات التلفزيونية ، والمهرجانات الباذخة ، مثل مهرجان بابل والمربد والقادسية والشباب وغير ذلك من حملات اعلامية بائسة ، تهدف الى اعطاء المشاهد العربي خاصة ، مشهدا مغايرا للواقع المتردي الذي يعرفه العراقي حق المعرفة .
وكان تماهي الاعلام العربي والنخبة الثقافية والعلمية العربية مع الدكتاتور ، قمة انهيار القيم الاخلاقية في دنيا الادب والمعرفة والعلم ، مما ساعد النظام المتخلف على الاستمرار في احكام قبضته على رقبة العراقيين لثلاثة عقود كاملة ، لم يستطع الشعب العراقي وقواه الوطنية المعارضة للنظام الخلاص منه الا بمساعدة الغرب وبالذات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، اللتان ساعدتا العراقيين على تعليق النظام على ارجوحة العدالة.
لذلك فان الارث الذي يواجهه المالكي او اي حكومة اخرى ، سيلقي بضلاله على اداء رئيس الوزراء ، ويحد من انظلاقه في تحقيق اهدافه رغم كونها اهدافا نبيلة . واول ما يتمثل امامنا من امثلة هذا الارث ، الفساد الاداري الذي كان يضرب اطنابه في ثنايا النظام السابق ، واستمر ينخر في الادارات الحالية ، ولان هذا الفساد ابن شرعي للنظام السابق ، رضع ونما وكبر خلال عقود ثلاثة حتى اصبح غولا حقيقيا ، تحتاج الادارة الجديدة الى سنوات قاسية كي تنظف اروقة الاجهزة الادارية منه ، ومن ثم مكافحته في جميع اوساط المجتمع ، من احزاب ومدارس وجمعيات وهيئات علمية وجامعية واعلامية وسياسية .... الخ
ومن امثلة الارث الصعب الذي ورثته الحكومة الحالية ، هو الجهل والامية ، فان النظام السابق عمل على تجهيل الاجيال المتتالية خلال سنوات حكمه الثقيلة ، فاصبحت الخرافة لاتعشعش في رؤوس الناس فقط وانما في رؤوس المسؤولين ايضا ، وهم الذين لايعرفون اليوم غير حديث الخرافة والترهات التي لاتسمن من جوع ولاتغني من فقر .
واذا اردنا تعداد الامثلة فستكون القائمة مفزعة لطولها ، ولذلك سنترك الامر للقارئ الكريم كي يمعن الفكر في استقصاء ذلك الارث الثقيل واستنباط الوسائل الكفيلة بمعالجته.
وبالنتيجة ان جميع تلك المثالب المتوارثة ستكون تحت منظار النقد ، نواقص وسلبيات في الادارة الحالية ، سواء أكان زيد في دست الحكم أم عمر ،ولكن الذي يفتح كوة من الضوء في اداء حكومة نوري المالكي التي مضى عليها عام كامل ، هو تصميم الرجل على الانتقال بالعراق الى مناخ مختلف ومسار جديد يحاول فيه ارساء اسس الديمقراطية في التعامل مع الاخر ، وفسح المجال في تشكيل حكومة تضم مختلف التيارات السياسية ، وان تعمل بصفتها حكومة عراقية لجميع العراقيين ، وهو لاشك لن يقوى على التغلب على جميع المعوقات اذا لم يقف الى جانبه الجميع ، احزابا وقوميات وطوائف ومذاهب ، ولايعفينا من ان نقول نحن نعارض الحكومة في الوقت الذي نشترك فيها ، ونظهر غير ما نبطن ، ونعمل عكس ما نقول .
ان جميع الاحزاب السياسية مسؤولة ، وتعود جميع انجازات المالكي الى جميع الكتل المشاركة في الحكومة ، ويتحمل السلبيات جميع من يشارك في الحكم ، وارى ان اهم انجازات المالكي هو تحقيق خطوات جادة في طريق المشاركة في الحكم وفتح قنوات للمصالحة مع الجميع رغم ذنوبهم الكبيرة واثمهم العظيم ، ذنب مشاركة النظام السابق في جرائمه ، واثم عدم التوبة النصوحة الى الشعب العراقي من تلك الذنوب .

#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات