|
أبعاد الدعوة لتشكيل بلدية القدس الفلسطينية....
يونس العموري
الحوار المتمدن-العدد: 1939 - 2007 / 6 / 7 - 08:43
المحور:
القضية الفلسطينية
دعوة جديدة انطلقت قبل ايام فيما يخص تشكيل (بلدية القدس الفلسطينية) وهي دعوة تثير العديد من الإشكالات والسجالات حولها وحول مواقيتها وطبيعة توجهاتها وخفايا وخبايا منطلقاتها.... الأمر الذي يحمل في طياته الكثير من التساؤلات لعل ابرزها حول فعل هكذا بلدية في ظل الاحتلال... او فيما يخص امكانية فعل بلدية القدس العربية ذاتها في ظل وقائع القدس وتداعيات قضاياها.... حيث انه من المعلوم والمعروف حقيقة الظرف الواقعي المعاش فيها ولا اعتقد ان الاعلان عن بلدية عربية بالشكل النظري من الممكن ان يسهم في خلق وقائع جديدة على الأرض في القدس... هذا من جانب اما من الجانب الأخر فلابد من الإشارة الى ان مسألة البلدية والخدمات البلدية في الفهم القانوني والسياسي والمسألة السيادية هي مسألة خدماتية بإمتياز قد تُمنح من قبل سلطات الاحتلال للأقاليم المُحتلة ولا علاقة بممارسة الفعل والعمل البلدي بمفهوم السيادة ذاته... الأمر الذي يعني ان الخدمات البلدية وتقديمها لسكان المدينة ليس له علاقة بالسيطرة الفعلية على الأرض والانسان بل ان تجربة الاحتلال الإسرائيلي في القدس كانت قد حاولت العمل على خلق اشكال بلدية محلية للإحياء العربية في المدينة وربطها ببلدية الاحتلال على شكل لجان تطوير الأحياء.... واتاحة الفرصة للسكان بإدارة شوؤنهم الحياتية فيما يخص الأمور البلدية... بل ان احدى اهم مرتكزات الرؤى الإسرائيلية للحلول المقترحة للقدس تقوم على اساس خلق شكل من الأشكال البلدية للإحياء العربية في القدس تقوم بإدارة الشان الحياتي اليومي فقط لاغير....
ان الدعوة التي اطلقها التجمع المقدسي للمؤسسات الأهلية، والمسماه "حملة الحياة للقدس" اعتقد انها اخطأت بالتوجه حيث ان الشروع بتأسيس بلدية فلسطينية للقدس العربية، قد اغفلت العديد من القضايا والأساسيات بالمشهد المقدسي الوطني وعلى رأسها الأتي: • اغفال حقيقة أمانة القدس القائمة بالفعل كإطار وطني مقدسي قائم ما قبل الاحتلال ومازال قائما بالشكل الفعلي ويتم التعاطي مع هذا الإطار عربيا ودوليا.... كشكل من اشكال رفض وقائع الاحتلال الجديدة في القدس ما بعد العام 67 حيث كان من الضروري الإبقاء على التشكيلة العربية الوطنية الفلسطينية لبدلية القدس والمتمثلة بإمانة القدس.... • استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والحقوق المشروعة للمواطنين المقدسيين. فكل ما تم ويتم استحداثة بالمناطق المحتلة يعتبر باطلا وعلى هذا الأساس كان من الضروري بمكان ان يتم لحفاظ على إطار امانة القدس لا العمل على خلق جسم جديد في ظل الاحتلال من الممكن ان يخدم توجهات الاحتلال ذاتها... • ان قضية القدس قضية سياسية سيادية بإمتياز . وأن القدس منطقة محتلة تسري عليها اتفاقية جنيف الرابعة، ولا يحق لسلطات الاحتلال بموجبها اتخاذ أية إجراءات تؤدي إلى تغيير وضعها القانوني، أو طبيعتها الجغرافية أو تركيبتها الديمغرافية، ومن حق سكانها النضال في سبيل قضيتهم الوطنية ومن واجبات الاحتلال تنظيم حياتهم المدنية وتسيير أحوالهم المعيشية وفقا لمتطلباتهم الحياتية على الأساس القانوني الدولي. وكونهم جزء لا يتجزء من الفسيفساء الفلسطينية المحتلة فبالتالي يسري عليهم ما يسري على باقي الأقاليم المحتلة وبالتالي فأنهم يخضعون لممثليهم في الإطار السياسي والوطني ... وفي الحالة الفلسطينية فإن سكان القدس يخضعون لمقرارات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده وبالتالي هم جزء من منظومة مؤسسات منظمة التحرير ولا يجوز ابتداع اشكال واطر جديدة لتثميلهم او ادارة شؤونهم الحياتية... على اعتبار ان م.ت.ف ما زالت هي من تنطق بأسم جموع الشعب الفلسطيني ومن ضمنها كما اسلفنا مواطني القدس. • ان مواجهة السيسات الاحتلالية في القدس لايتطلب خلق الجسم البلدي للقدس بل يتطلب الإنخراط في في الإطار الوطني الجامع والفاعل وذلك من خلال برمجة الفعل الوطني المقدسي ذاته وفقا للأجندة الوطنية المقدسية وهذا يتطلب معرفة متطلبات القدس اولا والعمل على خلق برامج قادرة على استيعاب الحالة المقدسية من خلال صناعة السياسات القادرة على مواجهة ومجابهة سلطات الاحتلال وبرامجها التي سعت لتغيير معالم المدينة وتهجير أهلها منها، والاستيلاء على أراضي سكانها وأملاكهم، وتنفيذها لسلسلة مكثفة ومتتالية من الإجراءات العنصرية الهادفة إلى إحداث تغيير نهائي وشامل في وضع المدينة. وهو الأمر الذي يعني ضرورة استنهاض الحركة الوطنية المقدسية من جديد وتفعيل المؤسسات التي اعتقد انها تعاني من ممارسات ومطاردات سلطات الاحتلال ومن إهمال قد يكون مبرمج ممن يمسكون اليوم بدفة العمل السياسي الفلسطيني.
ان ما ورد ببيان التجمع انما يشير وبوضوح الى الحالة المقدسية الراهنة وقد أصاب هذا البيان بهكذا وقائع وتوصيف... ولكني اعتقد ان المهمات المقدسية لا يمكن ان يضطلع بها الجسم البلدي المُشار اليه.. وحتى نسمي الأشياء بمسمياتها وحقيقة امورها فلابد من القول ان هذه المهمات لابد من ان تضطلع بها الحركة الوطنية جمعاء من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، وفي هذا السياق فلا اعتقد ان بمقدور الجسم البلدي العربي الفلسطيني العتيد التصدي للمهام الوطنية برمتها في القدس.
بذات السياق يطلع علينا كل يوم من يحدثنا عن القدس وعن توصيف حالة القدس وتداعيات القضايا المقدسية خاصة في ظل ذكرى مرور اربعون عاما على الاحتلال... والأدهى من ذلك كله ان صُناع القرار الوطني الفلسطيني الرسمي قد تحولوا الى باحثين اكاديمين يجيدون الحديث عن وقائع القدس في الإطار النظري ويقدمون الإقتراحات والخطط التنظيرية وكفى المؤمنين شر القتال.... فمن مسؤول الى زعيم يشارك في مؤتمر هنا او بمقالة هناك يجتهد بتوصيف حالة القدس فيها وحتى يتمظمهر بمظهر الشفاف يصرخ بالعجز والتقصير الممارس بحق القدس وقضاياها وهو بلا شك ركنا من اركان العجز والتقصير والإهمال....
مرة اخرى اعتقد ان المطلوب للقدس اليوم يتعدى الدعوات النظرية الشكل ومن الضروري الإنتقال الى الشكل العملاني الفعلي للقدس وذلك عبر تنفيذ البرامج القادرة على استيعاب المرحلة بكل انعكاساتها وتداعياتها على القدس وقضاياها وهذا يتطلب: اولا: لم شمل الحركة الوطنية الفلسطينية في القدس. ثانيا: عقد المؤتمر الوطني الشعبي للقدس. وترسيخ مفاهيم القدس العربية العاصمة الوحيدة والأبدية للفلسطينين. ثالثا: تحييد القدس من كل اشكال الصراعات السلطوية في المشهد الفلسطيني. رابعا: المباشرة بخلق وقائع جديدة على الآرض وذلك عبر برمجة فرض الأمر الواقع فلسطينيا في القدس. خامسا: اعادة الإعتبار لوثيقة العهد والشرف للقدس لتكون وثيقة فلسطينية عربية قادرة على خلق الحالة الإستقطابية الشعبية والرسمية العربية والإنسانية من حولها.
#يونس_العموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سياسة الفوضى الخلاقة تضرب من جديد في لبنان
-
قراءة سياسية اقليمية لخبايا وخفايا المواجهات الدامية في مخيم
...
-
هل نملك جرأة تسمية الأشياء بمسمياتها...؟
-
وثيقة اختبارت التنفيذ الأمريكية والأمن الأقليمي المفقود
-
لماذا لا يعترفون بنصر حزب الله..؟؟
-
في وقائع اطروحة الدكتور عزمي بشاره وفبركة الملفات الأمنية...
-
اولمرت والكلام السياسي وازماته الداخلية....
-
صراع المفاهيم وحرب المدركات والواقعيون العرب الجدد....
-
في تصريحات بولتون ودلالاتها
-
قراءة في الدبلوماسية الاسرائيلية هذه الأيام ....
-
رأي في موقف الجبهة الشعبية اتجاه حكومة الوحدة الوطنية...
-
ألمشهد السياسي الفلسطيني في زمن البلطجة
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|