وجدان عبدالعزيز
الحوار المتمدن-العدد: 1938 - 2007 / 6 / 6 - 10:37
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
ليس كالمساءات المارة ، هاهو مساء عبد الحميد يتعثّر ويجرجر أذياله تاركاً وراءه خطوطاً متقاطعة أو متوازية في حين تتواصل أشياؤه ملتفّة وحزم الزمن التي ما أشدّ سيرها الوئيد في أوردته الناتئة ، لكن يظل هو الآخر متعثّراً بأقدام تعبت كثيراً من الترحال ومن ذاكرة امتلأت على مدار الزمن الماضي بجملة معارف تولّدت منها أفكار خاصة رغم ارتهانها بما كانت تجول به خواطره عن عالم الكتب والقصص ، تساوره الشكوك والمخاوف حول استقرارها على رفوف مكتبية تمازحها أتربة تزكم الأنوف أو تركب في رحلة أخرى تحت رحمة الجرذان التي ما انفكّت تلتذّ في تشتيت الأوراق والأسطر، ولم يساوره الشك على أن الأفكار ستبقى سابحة في فضاءات واسعة وهي تقطع فيافي الروح وتدخله أحياناً لتتركه مثل طير بلّله القطر ، ينفض عن جسده غبار أشياء أخرى .. ويحس بنشوة لذيذة سرعان ما تغادره مثلما هي عربات العمر السائرة نحو أرصفة الوداع الأخير .. وكان كلّما آبَ نحو رجوعاته المتكررة أصابه الدوار وهو يداعب صنوه الدائم بشيء من الهمس : ـ ( خذ قسطاً من الراحة ودع أوراقك تتلفّع طيّاتك هذه التي أنهكها تعاور الأصابع وأنت أدرى بحالي وضعف بصري ألهمني ما بداخلك أعطيك ما بداخلي ) ثم يداعب شعيراته الثّلجيّة وهو يعلن عن مساءات أخر قادمة وقوافل سفر تسع لآخرين ضاقت بهم خيوط الظلام متلجلجاً بعض الشيء في لم أطراف ما انثالت به ذاكرته من أمور لا يقوى عليها هذه المرّة حتّى أنها ظهرت كعلامات استفهام وتعجّب وهي تهتز على نبرتها التساؤلية ( أيحقُّ لي الحلم وأنا أتكفّل هذه السنوات الطوال ولكن أسايَ صديقي الذي يمثل أكسير الحياة لي وأنا أدفع بعربة العمر إلى رفوف هرمة شبعت منها الأرضة والديدان الأخرى ) ولسوف يذهب هذا المساء ويجيء الليل ولابد أنه راحل كي يدفع العربة تلك أو تندفع لتدخل هذه أو تلك المداخل ويظل الرجل يسبح بثراء ما في أشياء الذاكرة ، ويحفل بالذي يلتحف وإياه في أسرار كثيرة ، يبحثان بهمة في طيّات علل ما هم فيه ..
#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟