|
التجربة النيابية بين مرحلتين
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 11:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
(1) نظم المنبر التقدمي صباح أمس الأول حلقة حوارية نوعية حول موضوع مهم هو التجربة النيابية في البحرين بين مرحلتين ، والمقصود هنا ، مرحلة التجربة النيابية القصيرة في السبعينات (بين ديسمبر ٣٧٩١ - أغسطس ٥٧٩١)، والتجربة النيابية الحالية التي ابتدأت في العام ٢٠٠٢ ووجدت استمرارية لها في انتخابات ٦٠٠٢ التي أتت بمجلس نيابي آخر، هو الثالث في تاريخ البحرين. تندرج هذه الحلقة الحوارية في سياق برنامج متكامل يعمل عليه المنبر التقدمي في طرح ومناقشة القضايا المهمة في راهن البلد وتاريخها. وفي هذا السياق أقيمت عدة حلقات بينها واحدة حول الأداء الاقتصادي للحكومة وغلاء الأسعار شاركت فيها الجهات المعنية: الدولة وغرفة التجارة والاتحاد العام لنقابات العمال والجمعيات السياسية وأعضاء في مجلسي النواب والشورى وخبراء اقتصاديون، كما أقيمت حلقة أخرى حول إصلاح النظام الانتخابي في البحرين يجري العمل الآن على متابعة توصياتها، كما أقمنا حلقة أخرى حول كتابة تاريخ الحركة الوطنية انطلاقا من استعراض المحطات النضالية في تاريخ احد أهم فصائل هذه الحركة ممثلا في جبهة التحرير الوطني وبمشاركة قادة وكوادر ونشطاء من الجبهة في مراحل مختلفة. ساهم في الحلقة الحوارية حول التجربة النيابية مشاركون في هذه التجربة في مراحلها المختلفة ، فمن مجلس ٣٧- ٥٧٩١ شارك النواب السابقون جاسم مراد عضو كتلة الوسط وعلي ربيعة ومحسن مرهون عضوا كتلة الشعب، ومن مجلس ٢٠٠٢ شارك النائبان السابقان عضوا كتلة النواب الديمقراطيين عبد النبي سلمان ويوسف زينل، ومن مجلس النواب الحالي شارك النائب جلال فيروز عضو كتلة الوفاق. وقدمت في الحلقة الحوارية كذلك مداخلات تعضيدية بينها ورقة عضو اللجنة القانونية في المنبر المحامي فيصل خليفة عن معوقات العمل البرلماني في الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب، فيما قدم الباحث الاقتصادي محمد الصياد رؤية نقدية لمقاربات المجلس الحالي للملفات الاقتصادية، التي لا تنم عن معرفة بخلفياتها وتفاصيلها وأبعادها. بين أمور عدة تكمن أهمية مناقشات الحلقة المذكورة في أمرين رئيسيين، الأول هو المقارنة التي تفرضها بين واقع التجربة النيابية في السبعينات وواقعها الراهن، والثاني هو أهمية تدوين تاريخ التجربة النيابية في البلد. وإذا كانت الأدوات الرقابية لمجلس النواب في دستور ٢٠٠٢ هي في الإجمال، ذات الصلاحيات التي نص عليها دستور ٣٧٩١، إلا انه لا يمكن إلا ملاحظة حجم التراجع في الصلاحيات التشريعية المتاحة للمجلس الحالي لو قيست بتلك التي كانت للبرلمان السبعيني، والتي لم يتردد نواب تلك الفترة في استخدامها ، رغم قصر عمر البرلمان، الذي لم تستطع السلطة التنفيذية تحمل وجوده، وعاجلته بالحل، الذي قال النائب السابق علي ربيعة في مداخلته بالحلقة إن نية الحل كانت قد تبلورت لدى الحكومة في الشهور الأولى من عمر المجلس، مستندا في ذلك على الأرشيف المعلن لوزارة الخارجية البريطانية، التي عكست استياء رسميا وتذمرا في دول الجوار من أداء المجلس الذي قارب الملفات الحيوية في البلاد منذ لحظة انعقاده ، مما جعل منه مصدر إزعاج في الساحة الراكدة يوم ذاك في المنطقة كلها ما عدا الاستثناء الكويتي.
(2)
تشكل التجربة النيابية القصيرة في السبعينات محطة سياسية مهمة في التاريخ المعاصر للبحرين، مليئة بالدروس والتجارب، التي رغم الكثير الذي قيل وكتب عنها، فانه ما زال من المتعين أن تبذل جهود إضافية معمقة لدراستها وتحليلها من أوجهها المختلفة. إن الفكرة الأساسية المتصلة بهذه التجربة تكمن في أن المشاركة الشعبية من خلال تفويض السلطة التشريعية للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية حقا، كانت وما زالت هدفا تسعى القوى السياسية والوطنية لتحقيقه. ولو قدر لهذه التجربة أن تستمر لكانت الأمور قد سارت في البلاد على نحو آخر مختلف جذريا عما سارت عليه، ولكنا وفرنا على بلادنا وشعبنا الكثير من الآلام والأوجاع والتضحيات والسجون والمنافي، ولكنا اليوم أقرب إلى الدولة الحديثة القائمة على مبادئ المواطنة المتساوية، دولة المؤسسات والقانون. ولكن الأمور سارت في اتجاه آخر مناقض تماما حينما قامت السلطة التنفيذية بحل المجلس وإيقاف العمل بالدستور فعليا، مع ما صاحب ذلك من سيادة روح ومنطق وتدابير قانون أمن الدولة ومحكمته، مما أدخل البلد في مأزق سياسي جدي استمر نحو ثلاثة عقود، قبل أن تتمكن البلد من أن تتنفس الصعداء. كانت البحرين قد نالت استقلالها بعد أن وقف الشعب عن بكرة أبيه مع خيار الاستقلال الوطني والانتماء العربي للبحرين، عندما عبرت الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمندوب الأمين العام للأمم المتحدة الذي زار البلاد يومها لاستطلاع الرأي حول رغبات شعبنا وتطلعاته. وعلى اثر ذلك أعلنت البحرين دولة مستقلة في ٤١ أغسطس عام ١٧٩١. في هذه الفترة شددت الحركة العمالية مطالباتها بإطلاق الحريات العامة، وخاصة حرية العمل النقابي، كما تبدى ذلك في التحرك العمالي الواسع الذي جرى في مارس ٢٧٩١، ولا يمكن الحديث عن المجلس الوطني دون الحديث عن المجلس التأسيسي الذي تم افتتاحه في ٦١ ديسمبر ٢٧٩١، والذي كان نصفه منتخبا من الشعب، فيما عينت الحكومة نصف أعضائه الباقين، مما حدا حينها بجبهة التحرير والجبهة الشعبية لمقاطعته احتجاجا، واتفق مع ما ذهب إليه المحامي والنائب السابق محسن مرهون في حديثه في ورشة المنبر التقدمي السبت الماضي من خطأ موقف المقاطعة في حينه، لأن النص الدستوري الذي أسفر عنه عمل المجلس كان جيدا، خاصة وان شخصيات وطنية بارزة شاركت في المجلس، ومن أبرز هذه الشخصيات الأساتذة رسول الجشي وجاسم مراد وقاسم فخرو وعلي سيار، وكان لوجودهم وبقية زملائهم أثر طيب في تطوير مسودة الدستور التي تقدمت بها الحكومة. أنجز المجلس التأسيسي مهمته في المهلة المحددة، وصادق سمو أمير البلاد المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة على الدستور الذي نعرفه اليوم باسم دستور ٣٧٩١. وفي الحادي عشر من يوليو ٣٧٩١ صدر المرسوم الذي حدد أحكام انتخابات المجلس الوطني وجاء في المادة الأولى منه: »يتألف المجلس الوطني من ثلاثين عضوا، ينتخبهم الشعب بطريق الانتخاب العام السري المباشر، ويكون الوزراء أعضاء في المجلس الوطني بحكم مناصبهم«. وفي ٦١أغسطس اصدر رئيس الوزراء قرارا حدد فيه الدوائر الانتخابية.
(3)
انفرز المجلس الوطني السبعيني إلى ثلاث كتل رئيسية أولها: »كتلة الشعب« المدعومة من جبهة التحرير الوطني، وكان بعض أعضاء الكتلة أعضاء في الجبهة مثل محسن مرهون والدكتور عبدالهادي خلف والمرحوم خالد الذوادي ومحمد جابر الصباح، كما ضمت الكتلة شخصيات وطنية وقومية مستقلة مثل علي ربيعة والمرحوم عبدالله المعاودة وعيسى الذوادي والمحامي محمد سلمان حماد. نقصت الكتلة عضوا واحدا حين حكمت محكمة الاستئناف العليا ببطلان عضوية الدكتور عبد الهادي خلف في المجلس اثر دعوى تقدم بها أحد منافسيه في دائرته الانتخابية بزعم أن عمره يوم الانتخاب لم يكمل ثلاثين عاما كما ينص على ذلك قانون الانتخاب، وحل محله المرشح الذي أتى في المرتبة الثالثة في عدد الأصوات، وهو المرحوم حسن عيسى الخياط، حيث إن الأستاذ حسن جواد الجشي كان قد أصبح عضوا في المجلس عن الدائرة نفسها بعد أن حل ثانيا بعد الدكتور خلف، لأنه كان لهذه الدائرة نائبان حسب النظام الانتخابي المعمول به يوم ذاك، وهو أفضل في كثير من أوجهه من النظام الانتخابي الحالي كما شرحنا ذلك منذ فترة. مواقف النائب الشيخ إبراهيم آل خليفة نائب منطقة الرفاع، رغم انه لم يكن عضوا في كتلة الشعب، كانت قريبة من مواقفها، وكان يضم صوته دائما إليها عند التصويت على أي اقتراح أو موقف تتبناه، للدرجة التي جعلت الصحافة اللبنانية التي كانت تغطي ما يدور في البحرين يومها، خاصة صحيفة »النهار« ومجلتا »الصياد« و»الحوادث« تطلق عليه وصف »الشيخ الأحمر«، ومثلها فعلت الصحافة الكويتية، خاصة صحيفة »السياسة« كناية عن قربه من مواقف الكتلة اليسارية في المجلس. يذكر أن النائب الشيخ إبراهيم الخليفة اعتقل من قبل الشرطة أثناء تواجده في مصنع »البا« الواقع في دائرته الانتخابية متضامنا مع عمال المصنع المضربين عن العمل، وبقي في السجن لعدة أسابيع. المحامي محسن مرهون قال في الحلقة الحوارية للمنبر التقدمي إن كتلة الشعب كانت ميزتها أنها التجمع السياسي الوحيد الذي أعلن عن نفسه باعتباره تكتلا سياسيا قبل الانتخابات يهدف إلى الوصول لقبة البرلمان، وانه التجمع السياسي الوحيد الذي تقدم ببرنامج انتخابي موحد، وكانت نتيجة ذلك انه استطاع الفوز بحوالي ثلثي مرشحيه، ملاحظا أن جميع مرشحي الكتلة في المنامة والمحرق قد فازوا، فيما أخفق مرشحوه في القرى. فيما قال النائب السابق علي ربيعة إن الضابط البريطاني ايان هندرسون حين سئل عن توقعاته قبل الانتخابات، أجاب بأنه في أحسن الأحوال لن يفوز أكثر من اثنين من مرشحي كتلة الشعب هما عبد الهادي خلف وعلي ربيعة. في حديثه في الحلقة قال محسن مرهون: »كنا نمثل الطبقة العاملة لأنها كانت القاعدة الشعبية الحقيقية، وكانت مطالباتنا تتركز على السماح بتشكيل النقابات والأحزاب والمؤسسات الأهلية«. بالإضافة إلى كتلة الشعب كانت هناك كتلة »الوسط« و»الكتلة الدينية«.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ما ينقص البحرين الدعاة؟
-
الفئات الوسطى
-
إصلاح النظام الانتخابي.. لماذا؟
-
ما يعطى بيد يؤخذ بأخرى!
...
-
شكراً للسادة النواب !!
-
نساء من سنوات الجمر
-
أبعد من نقص الشفافية!
-
مصير القوى الصغيرة والمتوسطة
-
الرياح الساخنة للطائفية
-
إعدام صدام
-
بعيدا عن الأوهام
-
مرشحو البديل الديمقراطي
-
المجلس السابق المجلس القادم
-
كلمة الدكتور حسن مدن الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي
...
-
إضراب »ألبا«
-
خطورة أن يكون المجلس القادم من
...
-
المقابلة التي أجرتها جريدة الوسط مع الأمين العام للمنبر الدي
...
-
كلمة الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي الدكتور حسن مدن
...
-
يوجد بديل: الخيار الوطني!
...
-
لكن ماذا عن التقرير؟
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|