أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد نبيل - مقدسات ألمانية














المزيد.....

مقدسات ألمانية


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 11:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تستعد ألمانيا لاستضافة قمة كبرى الدول الصناعية الثماني وذلك من السادس إلى الثامن من يونيو ـ حزيران المقبل. وستعقد هذه القمة في منتجع "هايليغيندام" بولاية ميكلينبورغ فوربومارن الشرقية. لكن قبل عقد اجتماع زعماء دول مجموعة الثماني ،وقعت العديد من الأحداث المثيرة و التي تكشف عن وجود موجة من الغضب والرفض المعبر عنها من طرف مناهضي العولمة في ألمانيا . فمنذ أكثر من أسبوعين قامت الشرطة الألمانية بحملات تفتيشية للعديد من الأماكن التي يعتقد أنها تأوي معارضي قمة الثمانية والعولمة للاشتباه بنية بعضهم التخطيط للقيام بأعمال إرهابية أثناء انعقاد القمة .وقد أدى هذا الوضع بوزير الداخلية الألماني وولفغانغ شويبلي إلى التهديد باعتقال كل من يزعج مسار القمة والزج به في السجن لمدة 14 يوما على الأقل للحيلولة دون زعزعة الأوضاع الأمنية . تحذيرات الوزير الألماني تلاها إصدار شرطة مدينة روستوك القريبة من منتجع "هايليغيندام" لقرار بمنع التظاهر بالقرب من السور الذي يحيط بمقر القمة مما اثار الكثير من الردود الرافضة بألمانيا، حيث شهدت عدة مدن مظاهرات حاشدة للتعبير عن الاحتجاج ضد قرارات الحكومة الألمانية بخصوص مسألة التظاهر ضد قمة دول مجموعة الثماني.

مسلسل الاحتجاج الألماني لم يقف عند هذا الحد، بل قامت المنظمات المدنية و الفعاليات التي تنوي التظاهر بالقرب من مكان عقد القمة،برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضد قرار المنع. المحكمة المعنية أصدرت قرارها بالترخيص بالتظاهر شريطة أن يتم ذلك على بعد 200 متر من السور الذي يحيط بالمقر الذي سيحتضن القمة.

قرار المحكمة الإدارية يضعنا أمام قضية أساسية، ويتعلق الأمر بالعلاقة التي تربط المواطن بالدولة. فالقضاء الألماني مستقل ، و يحق لأي مواطن أو منظمة متابعة أي طرف في حالة إحساسه بالضرر ،ولو كان رئيس الدولة هورست كولر . والسبب بسيط جدا، يتجسد في وجود مقدسات ألمانية لا ينبغي المساس بها ،و على رأسها الدستور الألماني الذي يؤكد في مادته الأولى على كرامة الإنسان والتزام سلطة الدولة بالحقوق الأساسية كما يقرُّ في مادته الثالثة على كون كل البشر سواسية أمام القانون ، الرجال و النساء متساوون في الحقوق ، و الدولة تشجع التطبيق الحقيقي للمساواة بين الرجال و النساء وتسعى جادة لإزالة أي غبن قائم في هذا المجال . فحسب دستور ألمانيا لا يجوز التمييز أو إلحاق الغبن بأحد،بسبب جنسه عرقه،لغته،وطنه،أصله،عقيدته ، رؤيته الدينية أو السياسية أو بسبب إعاقة فيه .


من المعلوم، أن الخطوط الحمراء موجودة كل بقاع العالم، لكن في بلد الفلاسفة فقد سمحت هذه الخطوط للمنظمات المدنية بكسب المعركة و انتزاع قرار المحكمة الإدارية الذي أكد على حق التظاهر وفق المقاييس الأمنية و القانونية. فقرار المحكمة دفع بالمستشارة ميركل إلى الترحيب بمشاركة الكثيرين في أنشطة و احتجاجات تبين تأييدهم لعولمة عادلة وإنسانية و القول بأن العنف ليس وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية. أما وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبله فقد تراجع عن بعض مواقفه ، وأبدى تعاطفه مع المظاهرات المعارضة لقمة الثمانية في مدينة "هايليغيندام" الألمانية ، إذ قال في حديث مع صحيفة "بيلد أم زونتاج" الشعبية : "إذا أراد الناس أن يلفتوا الأنظار إلى أن الأمور لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل فيما يخص أفريقيا أو السياسة المتعلقة بالمناخ فلا يسعني إلا أن أرحب بذلك".

ما يمكن استخلاصه من هذا المسلسل الألماني الذي تدور أطواره حول مناهضة العولمة و قمة دول مجموعة الثماني ،هو أن الخطوط الحمراء الألمانية تكشف بوضوح على أن القانون يعلو و لا يعلى عليه ، و أن المواطنين سواسية أمام القانون. فالدستور مقدس لأن مؤسسه هو الشعب الألماني الذي له سلطة التشريع و التنفيذ وفق مؤسسات تسهر على ذلك. المقدسات الألمانية تحترم الحق و تؤكد على الواجب .

لقد علمنا الفيلسوف و العالم الفيزيائي ألبرت اينشتاين أن كل الأمور نسبية بما فيها العلم الدقيق، و بالتالي فالديموقراطية الألمانية ناقصة و هنا تكمن قوتها . إنها تطورية تبحث عن كمالها بشكل يومي . فالمجتمع الألماني له الحق في المساءلة و الشك و المناقشة العمومية من أجل بناء متواصل لدستور يحفظ الكرامة الإنسانية. فالخطوط الحمراء الألمانية تطورية ، خادمة للمواطن بل تسمح بالمراجعة و تطوير أداء المؤسسات . وبفضل المساءلة وروح البناء قامت ألمانيا من رمادها بعد الحرب العالمية الثانية كطائر الفينيق ،و أضحت قوة اقتصادية ثالثة عالميا و شريك سياسي لا يمكن التخلي عنه .



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ما زال التغيير ممكنا في المغرب ؟
- سيدي علي وحكاية زواج الرجال بالمغرب
- مأزق الجاليات الإسلامية بألمانيا
- الراب و الحجاب وأشياء أخرى
- في حوار مع نائب رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد عزام
- كيف يدفن الموتى العرب بالمقابر الألمانية ؟
- اللاجئات العربيات بألمانيا و حكاية الخوف من المجهول
- علي الضاحك
- عندما تحب كلاوديا
- حلاق للكلاب فقط
- حفار القبور
- لماذا يعتنق الألمان الدين الإسلامي؟
- كيف حضر المغرب في مهرجان برلين السينمائي؟
- من أفلام مهرجان برلين السينمائي : العام الذي ذهب فيه والداي ...
- كيف عاد شي غيفارا إلى أمريكا اللاتينية ؟
- إديث بياف تعود من جديد إلى ألمانيا
- النازيون الجدد أو عودة الإرهاب السياسي الى ألمانيا
- يقع بالعالم العربي الإسلامي : أمهات عازبات و أطفال بدون هوية
- ممنوع الضحك في مغرب اليوم!
- عندما تنطق شوارع ألمانيا!


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد نبيل - مقدسات ألمانية