أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حكمت الحاج - حوار مع الباحث اليمني د. عبد الباقي شمسان- العرب يجهلون فنون صناعة الآخر















المزيد.....

حوار مع الباحث اليمني د. عبد الباقي شمسان- العرب يجهلون فنون صناعة الآخر


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1931 - 2007 / 5 / 30 - 11:42
المحور: مقابلات و حوارات
    


إضافة الى أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من الجامعة التونسية والتي كانت تحت اشراف د. الطاهر لبيب، بعنوان "الحزب والقبيلة في اليمن من الاستقلال الى الآن"، يعكف الكاتب والباحث اليمني عبد الباقي شمسان على إعداد مسودة كتابه الجديد الذي يحمل عنوان "صناعة الآخر" منطلقا هذه المرة من "انتفاضة" الشعب الفلسطيني وتداعياتها على المستويين العربي والعالمي ليخوض في ثنائية "نحن والآخر" كما تتجسد على أرض الواقع اليوم. وبرأي الباحث فإننا يجب ألا ننتظر كثيرا كي نتطرق الى مواضيع من هذا النوع أقل ما يقال فيها انها مصيرية، بحجة ان البحث العلمي قد يتطلب بعض الأناة والكثير من الموضوعية، فأمام ما يفعله العدو بنا على أرضنا المغتصبة، تتطلب منا المرحلة أن نتحرك بالسرعة الفكرية المطلوبة.

فكيف يتم صنع الآخر؟ وكيف يصنعنا "الآخر" كطرف غير كفء ولكن جدُّ ضروري؟ وكيف يساهم علم الاجتماع المعاصر في صنع القرار السياسي عند الغرب وإسرائيل؟ وهل له نفس الدور عند العرب؟ هل هناك علاقة عضوية بين الرأسمالية المعاصرة وبين الفكر الديني الميتافيزيقي الخرافي عند الغربيين؟ وكيف نرى ذلك يتجلى في مبدأ الدفاع الدولي وإشعال الحروب الكبرى ؟ ثم، ما هي السيناريوهات المحتملة لإدخال المنطقة في دوامة جديدة طرفيها ضرب العراق عسكريا وتأسيس "دويلة" فلسطينية حسب المقاس الأمريكي؟

عبر هذه التساؤلات وغيرها، ولمزيد الحديث وإلقاء الضوء على توجهات كتابه المذكور، التقينا الباحث عبد الباقي شمسان، الذي بادر إلى الإجابة قائلا:

إن علم الاجتماع المعاصر هو ممارسة هامة جدا في الحياة الحاضرة. فهو مبثوث في الثنايا، انطلاقا من استهلاكك للشامبو المتلفز وانتهاء بالدولة. هذا العلم تكتسب أهميته من خلال أدواته المنهجية المتنوعة التي تتعامل مع المخيال والذاكرة الجماعية ومع معطيات الواقع مكتشفا آليات اشتغال الظواهر. فهو يساعد صانعي القرار في اتخاذه على كافة المستويات ويساعد أصحاب المؤسسات التجارية على التسويق وتغير السلوك الاستهلاكي .

هذه العلاقة بين البحث والهدف جعلت عالم الاجتماع الفرنسي "بيير بورديو" يفرق بين العالم الاجتماعي والتقني الاجتماعي الذي يتعامل مع البحث مثل المهندس حسب الطلب. علم الاجتماع موجود في صيرورة كل القرارات في الغرب فهم يدركون مكانته وأهميته. وهو يتطلب فضاء حضاريا يتسم بالحرية والديمقراطية لأنه علم مقلق فهو يعمل على تعرية المغطى أو المستور من خلال كشف آليات الاشتغال ومن هنا نلاحظ غيابه في بلدان العالم الثالث ومنها العالم العربي الذي حصره وكظم أنفاسه.

ولكن، ما هو مفهوم "صناعة الآخر"؟

يجيب الدكتور عبد الباقي شمسان قائلا: المدخل السابق يقودنا باتجاه الإجابة على السؤال. وسوف أجيب منطلقا من صلب اهتمامي في هذه الفترة والمتمثل في ورقة عمل حول صناعة الآخر داخل الاستراتيجية. الدراسة لم تكتمل بعد. كنت قد كتبتها حول أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، وسوف أشرح ذلك من خلال المشهد العربي الحالي.

إذا تأملت إلى كيفية التعامل مع الأحداث في فلسطين أو العراق. ليبيا، السودان... فأنك تجد:

أولا/ على المستوى الرسمي افتقارا للقدرة على اتخاذ أي إمكانية قرار هناك تحرك وقتي انفعالي أحادي أو ثنائي أو ثلاثي.

ثانيا/ على المستوى الشعبي مظـاهرات لا تستطيع التأثير وجبر الأنظمة على اتخاذ قرارات ملائمة ومناسبة. لقد تحركت الجمـاهير بشكل تلقائي وليس مؤسسي، وذلك يعني غياب مؤسسات مجتمع مدني فاعله ومستقلة. خرجت المظاهرات في بعض البلدان بمبادرة من الأنظمة السياسية لأسباب سياسية داخلية.

السؤال لماذا هذا العجز الرسمي والشعبي؟ الجواب هو أن تحركنا الرسمي والشعبي ما هو إلا رد فعل تلقائي ووقتي ضد فعل في إطار استراتيجية مرسومة من أمد بعيد وهي استراتيجية مبهمة بالنسبة لنا . وبالتالي يكون رد الفعل وقتيا وعاجزا وفاقدا للفعالية .

وسألت باحثنا الشاب عن دقة مقصوده بكلمة "استراتيجية"، فأفاد قائلا:

الاستراتيجية المرسومة في ظل الثنائية القطبية تقوم على تحالفات تكتيكية فرضتها الثنائية الناتجة عن مرحلة تاريخية معينة. فسقوط الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، أسقط "الآخر" بالنسبة للغرب الرأسمالي. ومن هنا كان لا بدّ من "آخر" بديل، "آخر" وهمي أو حقيقي، لا يهم، المهم وجود "الآخر"، والمصلحة الآن تتطلب أن يكون "الإسلام" هو "الآخر" من وجهة نظر الغرب. ولا تنس إن الإسلام كان في مرحلة الثنائية القطبية أحد العناصر الهامة في الاستراتيجية الرأسمالية الغربية في مواجهة "الآخر" الاشتراكي. وهنا لو سمحت لي بأن أفتح قوسين للتأكيد على أهمية وجود "الآخر" سواء للأفراد أو للمجتمعات أو للجماعات التي تستبطن "آخَرَهَا" في البنية الذهنية او الذاكرة الجماعية. والآخر متعدد ومتنوع ومتراتب تفاضليا. أقفل القوسين وأعود الى الإشكال فأقول ان وعي المخططين الاستراتيجيين الأمريكان بضرورة وجود "الآخر"، جعلهم يمهدون لتسويق أفكار عبر مؤلفات ذات طابع أكاديمي علمي مثل - صراع الحضارات، نهاية التاريخ - أو عبر إغراق إعلامي مكثف حول "العولمة" و"انتصار العالم الحُرّ وقيمه". طبعا أنا عندما أقول الأمريكان إنما أقصد كذلك اللوبي الصهيوني المؤثر والقوي. واللوبي يعمل وفقا لدراسات اجتماعية سياسية، اقتصادية ، إعلامية دقيقة يستطيع على ضوئها، السيطرة والمشاركة في صيرورة كل القرارات الأمريكية من خلال استراتيجية توحد الاهداف.

وهنا سألت الاستاذ شمسان ان كان يلمح في كلامه أعلاه إلى علاقة بين مفاهيم الاستراتيجية الدولية والفكر الديني في العالم الغربي، فأوضح قائلا:

ان هذه العلاقة ليست فقط معقولة أو مُفَكَّر فيها، بل هي أحد العناصر الفاعلة في تحقيق الهدف الصهيوني ووضع هذه العنصر العقائدي محل الصدارة والاهتمام إضافة إلى وجود عناصر أخرى مالية وإعلامية... الخ، فقد عملت الصهيونية العالمية على نشر المذهب البروتستانتي أو الأصح الحركة الدينية السياسية المسيحية الصهيونية في المجتمع الأمريكي عبر سنوات عديدة وساعدت على استقطاب الرموز السياسية والفكرية والفنية الفاعلة. وهنا لا بد أن أشير، والكلام لعبد الباقي شمسان، إلى أن هناك طرح يقول أن العنصر الديني غير مؤثر تماما في الاستراتيجية الأمريكية لأن المصلحة هي المحددة. اسمح لي في هذا الصدد أن أقول إن هذا الزعم غير صحيح إلى حد ما. وسوف أؤيد وجهة نظري كالتالي:

أ) حوالي 28% من الأصوات المصوتة للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، هي من اليمين المسيحي. كما ان الرئيس بوش نفسه ينتمي الى اليمين المسيحي. وحتى اذا كانت المصلحة هي المحددة احيانا يبقى الإنحياز والتعاطف واضحا.

ب) هناك اليوم ما يقارب 70 مليون مؤيد لإسرائيل وجلّهم ينتمون إلى التيار اليميني المسيحي. لاحظ هنا إن عدد اليهود في أمريكا خمسة ملايين، هذه الحركة عدلت من النصوص وحرفت وهي تروج لإسرائيل قوية لتحقيق وعد الرب وتمهد بذلك لعودة المسيح... سوف أتركك والقارئ كذلك لاستنتاج كيفية رسم الاستراتيجية وخلق تلاقي الأهداف.

ويمضي عبد الباقي شمسان في رصده لبعض مظاهر تعامل العدو مع معطيات العلوم المعاصرة وخاصة السوسيولوجيا ليلاحظ في هذا السياق ان تلك الاستراتيجية التي نوّه إليها في معرض حديثه عن اللوبي الصهيوني هي استراتيجية دقيقة ومدروسة للسيطرة على كافة المفاصل والصيرورات حيث توجد، كما يخبرنا باحثنا الشاب، مراكز تأثير عدة أهمها " AIPAC " وهذا المركز يقوم بالدراسات المتنوعة على كافة الأعداء الحقيقيين والمحتملين لإسرائيل ويقدم البرامج والخطط الواجب إتباعها وتنفيذها. ويضيف منبها: انك اذا دخلت موقع " AIPAC" في الأنترنيت وأطلعت على الأهداف والبرامج الآنية والمستقبلية لإكتشفت أنك امام جهاز دولة يخطط وينفذ ويعيد صياغة كل شيء. وسوف أستشهد هنا أيضا بمقولة لأحد العناصر الفاعلة في المركز نشرته مجلة المشاهد السياسي الصادرة في لندن في العدد 321 ايار 2002 يقول " أيباك " لم تترك شاردة او واردة تتعلق باسرائل دون متابعة أو تعليق او تقصي الحقائق بشأن خلفياتها والأشخاص والجهات ذات العلاقة". ويكمل قائلا: لن أتحدث هنا عن امور آخرى كبيرة أرجو ان تعودوا الى موقع AIPAC على الأنترنيت. ولكن سوف أضرب لك مثالا بسيطا. ففي أثناء حصار "كنيسة المهد" في "بيت لحم" كان لا بد من تحرك لبعض المرجعيات الكنائسية، وأيضا الرأي العام الغربي الواقع تحت تعتيم محكم ومدروس من قبل اللوبي الصهيوني فقد تمت السيطرة عليه عبر التلفزيون والصحافة والاذاعة والانترنيت.. أثناء ذلك، قام اللوبي الصهيوني بإيقاظ عنصر يساعده في تمرير سياسته ويساعد كذلك موقفه التفاوضي. وتمثل ذلك العنصر بإثارة قضية الشذوذ الجنسي في الكنيسة الكـاثوليكية الأمريكية مما جعل الكنيسة في موقف الدفاع عن نفسها ولا شيء أكثر من ذلك. وكلنا يعلم ان هذه القضية لهـا سنـوات عديدة ولكن المصلحة تقتضي أيقاظها الآن. كذلك أذكر هنا بممثل الأمين العام للأمم المتحدة "لارسن" وحكايته مع جائزة "بيريز"، فقد تم نفض الغبار عن تلك الحكاية بعد تصريحه حول مجازر مخيم "جنين".. هناك إذن استراتيجية تقوم على السيطرة عبر فترات طويلة على كل المراكز والمنافذ والمفاصل ويتم ايقاض واستدعاء كل الممكنات لخدمة الموقف التفاوضي في كل المراحل السائرة نحو الأهداف الاستراتيجية.

ويجمل الباحث حديثه في هذه النقطة قائلا انه فيما يخص الغرب واستراتيجيته الحالية فقد تم تحديد "الآخر" حصراً في "العروبة" و"الإسلام" كوجهين لعملة واحدة يتم صنعها وتداولها وفقا لمواصفات معينة ومن ثمة ترسيخها في الذاكرة الجماعية ومن خلال تشكيل البنى الذهنية للأفراد والمجتمعات عبر الصحف، السينما، التلفزة، الاذاعة، الانترنيت، وصولا إلى ألعاب الأطفال والدمى... الخ ودعني أذكرك هنا بما سُمِّيَ حينها بـ "زلة لسان الرئيس بوش" حول الحرب الصليبية.. فعندما نقول "حرب صليبية" فإننا إنما نستحضر من الذاكرة الجماعية والحضارية وعلى الفور ذلك "الأخر" المتمثل بالإسلام، مع انه ثمة طرف غائب ومغيب لا يشار إليه، وهو المستفيد الأول، ألا وهو الصهيونية اليهودية.

قاطعت محدثي بعد أن استمحته العذر بأن نتحول الى ربط المتغيرات الدولية هذه مع بعضها البعض، كما تذهب إلى ذلك أطروحته هو نفسه، ولتكن نقطة انطلاقنا هي أحداث 11 سبتمبر، فقال:

هنالك فصل من الكتاب هو في الأصل مقالة كتبتها مباشرة عقب احداث 11 سبتمبر أبين فيه من خلال استقراء استراتيجي وبعض ما سربته وسائل الإعلام الأمريكية المقربة من الإدارة الأمريكية،أن المخابرات الأمريكية كانت على علم بوجود عمليات سوف تنفذ من قبل جماعات دينية. وأقصد بأن المخابرات كانت على علم إن هناك عناصر متنفذة كانت تعلم بذلك، وبالتنسيق مع اللوبي الصهيوني. وسوف يثبت ذلك بعد شهور، وليس من المخجل ان أذكر بهذه المناسبة استهجان الكثيرين لطرحي الذي أسموه حينها بـ "الخيالي". بل بالعكس، فلقد تغير رأيهم بعدما جاءهم الخبر اليقين من تصريحات نائب رئيس المخابرات المركزية الأمريكية خلال شهر مايو أيار المنصرم، وكذلك تصريحات بعض المسؤولين الأمريكين سابقا طبعا بشكل تصريحات ضمنية. وفي عدد يوم الثلاثاء الرابع عشر من مايو أيار 2002 طالعت في الصفحة العبرية لجريدة "القدس" مقالة " نتان غوتمان " مترجمة عن صحيفة "هآرتس" الصادرة قبل يوم من ذلك التاريخ، تؤكد وجهة نظري كما تقدم تفسيرا للسؤال المحير المتعلق بغياب اليهود ذلك اليوم عن الحضور مكان الانفجار، ويمكن العودة لمن يريد الى تلك المقالة. وأستطيع القول انه اذا لم تقم تلك الجماعات بتنتفيذ الانفجار لكانت المخابرات الأمريكية والجماعات ذات المصلحة بالتنفيذ لتدشين أول الخطوات المشهدية للمخطط الاستراتيجي. فأمريكا الآن هي القوة الوحيدة وسوف تبقى كذلك عشرين سنة أو أكثر، وهي تريد تحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح والمكاسب، واللوبي الصهيوني يريد الاستفادة من هذه الفترة. وكما تعلم فان من أهم أهداف هذه المرحلة السيطرة المطلقة على منابع النفط ووجود إسرائيل قوية وآمنة وهذا يتطلب إعادة تشكيل المنطقة سياسيا وجغرافيا، بمعنى تصفية كل مخلفات الحرب الباردة تماما.

ويضيف الأستاذ شمسان وهو يعود الى تأكيد وجهة النظر التي تقول ان أحداث 11 سبتمبر ما هي الا ذريعة لتنفيذ المخطط الاستراتيجي الرهيب، مبينا ما يلي: 1 - اذا تابعت الكتاب الذي أحدث ضجت في فرنسا وترجم الى لغات عديدة والذي يقول " أن الانفجار على البنتاجون لم يكن بواسطة طائرة. علينا أن نسأل أنفسنا، لماذا هذا الحديث في هذا الوقت بالذات؟ 2 - قبل يومين سمعت تصريحا لأحد الصحافيين الباكستانيين على قناة "الجزيرة" معلقا على مكافحة الحكومة لما يسمى الإرهاب قائلا " ان الحكومة تريد إغلاق المدارس الدينية والقاء القبض على بعض الزعامات الدينية وإنها تنتظر أول هفوة او غلطة واذا لم تأت هذه الغلطة سوف تتكفل الحكومة بالقيام بها..". وطبعا الكل يعلم بالتنسيق المشترك بين المخابرات الأمريكية والباكستانية. 3 - دراسة أعدها مفكر صهيوني متطرف قدمها لشارون تهدف الى تهجير الفلسطينين الى البلدان المجاورة تبدأ الخطة بانفجار كبير تقوم به احدى الجماعات الفلسطينية على اثرها يتم الاكتساح عبر مخطط دقيق ويمكنكم العودة الى الصحف للاطلاع على هذا المخطط، الذي شاع وأصبح حديثا شعبيا تقريبا.

وماذا عن العرب، والاستراتيجية العربية؟

يجيب الأستاذ عبد الباقي شمسان قائلا: لا توجد استراتيجية عربية أو حتى دراسات حقيقية تدرس الغرب على كافة المستويات. واذا ما توفرت بعض الدراسات الجزئية، فإنه لا توجد شبكة إعلامية فاعلة. لو كانت لدينا مراكز أبحاث ودراسات ووسائل إعلامية متنوعة موجهة الى الغرب تقدم له بواسطة أبنائه وبنفس اللكنة وطريقة التفكير كان يمكن عندها ان نشكل رأي عام دولي واستحضار وسائل ضغط تساعدنا في المواقف التفاوضية العربية أقصد بوسائل الضغط تلك الموجهة ضد الأفراد أو المؤسسات وتعتمد على المادي والفضائحي الإعلامي. العرب فقدوا سلاح النفط، لقد استخدموه مرة وحدة ولم يضعوا استراتيجية لاستخدامه مرة أخرى أو كلما اقتضي الأمر. نحن داخل هذا الفضاء المنعدم الوزن نتحدث عن خيار السلام ولا يمكن الحديث عن خيار الا اذا كان هناك مجموعة خيارات. أنظر إلى الطرف الإسرائيلي اخترق السلطة الوطنية الى الداخل وقسم فلسطين الى مناطق أ، ب و ج، وأصبحت القضية تسمى بصراع الشرق الأوسط، والآن هو يصفي السلطة الوطنية وفقا لأهداف واضحة تتناسب ومتطلبات مرحلية تخدم الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية. شارون ليس متهورا كما نصوره نحن. ان توقيت الأحداث في فلسطين كان وفق خطة معدة سلفا ومدروسة على المستوى الفني والزمني والسياسي الخ... هذا بينما العرب ليس لهم أي خيار أو استراتيجية.

ويرى الباحث ان إسرائيل تدرك الاستراتيجية الدولية وتتحرك وتربط أهدافها بهذه الاستراتيجية وتعلم تماما أنه يتوجب السيطرة على منابع النفط، وهذا يقتضي حل المسألة الفلسطينية حتى تستقر المنطقة وتحافظ أمريكا على حلفائها، ولهذا تحركت إسرائيل نحو تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية وتقويض كل ممكنات الدولة لتقدم حلا أشبه بإدارة مدنية.. طبعا سوف يطرحون المراحل الانتقالية طويلة المدى، وخلالها تتغير المعطيات على أرض الواقع وتلاحظ أنهم يريدون قيادات حسب متطلبات المرحلة الحالية مهمتها التوقيع، وبعدها يخرجون "مانديللا الفلسطيني" أقصد مروان البرغوثي أو أية شخصية أخرى لكن ليس حسب الأنموذج الجنوب أفريقي.

ويختتم الباحث اليمني عبد الباقي شمسان حديثه المتشعب هذا، بملاحظة أو اثنتين تنتميان إلى ما يمكن تسميته بـ "استشراف المصير العربي"، فيقول:

إن الأنظمة العربية كما هو معروف، تفتقد إلى الشرعية، والأحداث الأخيرة وسعت الفجوة بين هذه الأنظمة ومجتمعاتها، فلم تعد تلك تلبي تطلعات واحتياجات الجماهير على المستوى الوطني والقومي. إذن، لا بد من "عقد اجتماعي" جديد، فالمرحلة القادمة تتطلب من المثقفين والمفكرين دورا هاما يجمع بين الفكر والممارسة النضالية الميدانية تماما كالنضال ضد الاستعمار، وإلا.. فالكارثة تنتظرنا. والمرحلة القادمة تحمل في داخلها احتمالات كلها تقود إلى التغيير. وبين صراع الوجود، من جهة، ومتطلبات العولمة، تلك التي تقودنا نحو كارثة اقتصادية واجتماعية وسياسية، من جهة ثانية، نجد أنفسنا نفتقر في الحالتين إلى استراتيجية موحدة عربية واضحة. المرحلة تتطلب التكتل ونحن نتفتت بفعل العوامل الداخلية والخارجية. والمجتمع المدني العربي مغيب من خلال قمع منهجي متواصل وشرس من قبل الأنظمة العربية مما أفقده دوره في المقاومة والتغيير.







#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائة عام من السينما التونسية: مسيرة ونجاحات
- -الطريق الثالث-: اليسار الجديد والتنظير للدفاع عن سياسات الغ ...
- حاطب ليل ضجر
- حوار مع الروائي المصري وحيد الطويلة
- تَذكارٌ لبحرٍ غيرِ أبيضٍ
- شكسبير
- موت كلمة تكلم
- لا يمكن تطوير المجتمعات وتحديثها بامثلة تسلطية تقصي الانسان ...
- إِفْرِضْ مَثَلاً
- تأملات في الديمقراطية وحقوق الإنسان
- القسم الثاني والأخير من الصلة بين الشعر والسحر 2-2
- الصلة بين الشعر والسحر 1-2
- حكمت الحاج.........ما معنى أن أكون موجودا، ولماذا علي أن أمو ...
- قراءة في أصل التفاوت بين الناس ل جان جاك روسو منقولا الى الع ...
- د. رجاء بن سلامة: الحجاب مهما تجدّد شكله واستعماله يتناقض مع ...
- قراءة فلسفية في مجموعة شعرية/ بقلم الناقد التونسي الزاهي بلع ...
- النِّسْرُ وَالصَّيَاْدُ
- حجر الجنون للشاعر فرناندو ارابال
- الفيلسوف التونسي د. فتحي التريكي في حوار مع حكمت الحاج حول ا ...
- ذلكَ -الْجَازْمَانْ- المُذْهل المُتَحَكّم في الصمتْ


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حكمت الحاج - حوار مع الباحث اليمني د. عبد الباقي شمسان- العرب يجهلون فنون صناعة الآخر