|
عولمة المجتمعات...وفوضى الاقتصاد الجديد
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1929 - 2007 / 5 / 28 - 11:06
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هناك نظريه شائعه في علم السياسه التنمويه مفادها ان هناك دولا تلعب الأموال المقدمه لها دورا سلبيا في عملية التنميه الاقتصاديه لديها لان الحصول على الاموال بدون جهد يذكر يقلل من العزيمه والاندفاع عند القائمين على مسيرة التنميه فيها طالما ان مصدر الاموال ثابت وموجود في اغلب الاحيان خاصة ان كانت هذه الدول لا تنقصها الموارد والاموال كما هو الحال عليه في المثل العراقي..ففي مطلع حزيران القادم تنعقد قمة الثمانيه للدول الصناعيه الكبرى في منتجع هالينغن دام القريب من مدينه روستوك في شمال المانيا ورغم التحضيرات الكبيره التي اعدت للقمه التي عادة ما تعتبر نتائجها غير ملزمه للاطراف الا ان هناك الكثير من منظمات المجتمع المدني واحزاب اليسار قد اعدت نفسها جيدا للتعبير عن رفضهم لما يرسم للعالم وشعوبه في كل قمه من هذه القمم,وللتذكير فان معظم الخطوات الاقتصاديه الكبرى وطرق استعباد الشعوب وجرها الى حافة الحرب والجوع والفقر يتم في هذه القمم بالتحديد... المستشاره الالمانيه انجيلا ميركل تقول انها لا تعترض على مظاهرات تطالب بعولمه(عادله وانسانيه)رغم القلق الذي ينتابها من مظاهرات من هذا النوع,في السابق كانت الانظمه الاشتراكيه وخطورة صعودها الاقتصادي يتصدر مواضيع المناقشه اما اليوم فأن واحدا من ابرز المواضيع في هذه القمه سيكون موضوع المساعدات المقدمه الى افريقيا!! وربما يثير ذلك استغراب البعض لان افريقيا اصبحت فجأةا من المواضيع المهمه على طاوله الكبار بعد ان عانت تهميش واهمال طوال القرن الماضي..بلا ادنى شك ان وقوعها تحت نفوذ الصين هو العامل الاول الذي دفع بها الى دائرة الضوء وكذلك موضوع الهجره الغير شرعيه الذي اصبح يهدد الخارطه الديموغرافيه للسكان في اوربا واصبحت عملية ايجاد حلول جاده لها في غاية الاهميه..ان المساعدات المقدمه الى افريقيا ستزداد عام 2010 لتصل الى 25 مليار وهو مبلغ كبير لكنه لم يأت اعتباطا بقدر ما كان مدروسا ويهدف بأتجاه جذب افريقيا الى العالم الغربي بدلا من تركها عرضه لنفوذ الاقتصاد الصيني وربما الهندي والامريكي اللاتيني مستقبلا,وكذلك النظر الى موضوعها بمزيد من الواقعيه ومحاوله تأسيس مناخ اقتصادي مستقر ومناسب لاستثمارات واسعه اساسها اوربي وامريكي على المدى البعيد ومحاوله سحب البساط من تحت اقدام تلك الدول التي بدأت بالتغلغل في الاقتصاد الافريقي دون ان تلفت الانظار لها طوال العقود الماضيه ومن بين هذه الدول ايضا اسرائيل..والمواضيع الاخرى الحساسه التي سيتم التطرق اليها هي صعود الصين والهند كقوتين بارزتين بعد تحقيقهما معدلات كبيره في التنميه وتتقدم باطراد لتحجز لها مكانا بين الكبار رغم معارضه المانيا توسيع الرقم في جميع الاحوال وكذلك مناقشة موضوع تأثير نشر الصواريخ الامريكيه وانظمة الرادار في كل من بولونيا وتشيكيا على العلاقه بين الغرب وروسيا وفي نفس الوقت تأثيرات ذلك على الجانب الاقتصادي من التجاره بين هذه البلدان..كما سيتم مناقشه صعود اليسار الى الحكم في معظم بلدان امريكا اللاتينيه والوسطى وتاثيرات ذلك على الاقتصاد في الدول الغربيه والولايات المتحده الامريكيه وكلما تقدم الزمن تتعقد المواضيع الطروحه للنقاش على طاوله الدول الصناعيه الثمان الكبرى.. ان ازمة الرأسماليه في معظم البلدان أخذت تتعاظم رغم انها تدخل في بعض الاحيان اطارا اقليميا او قاريا لكنها في الحقيقه هي ازمة عالميه مستفحله منذ منصف السبعينات اي منذ تأسيس اول قمه لهذه الدول عام 1975 ,لقد اصبحت الفوضى من سمات العصر الاقتصادي الحالي وتطرق لينين لهذه المرحله التي وصفها مرحله تكالب الشركات الاحتكاريه الكبرى فيما بينها وابتلاع احداها الاخرى في محاوله الظفر بالاسواق العالميه في مؤلفه الامبرياليه اعلى مراحل الرأسماليه رغم ادعاء ساسة واقتصاديي الغرب بأن الراسماليه فرضت على العالم نوعا من علاقات الانتاج تقوم على استدامه جعل حالة الطلب اكبر من العرض باستمرار كي تضمن تفوقها وكذلك يتحججوا بانهم اوصلوا الاقتصاد العالمي الى مرحله لم يتطرق اليها ماركس ولينين ..وهي في الحقيقه حجج واهيه لا تقوم على الحقائق رغم تسميتهم لهذه المرحله بالاقتصاد الجديد او العولمه..ان خلق الظروف الدوليه الملائمه لتوسيع سيطره الشركات الاحتكاريه لن يمر في اغلب الاحيان دون افتعال حروب اقليميه ومناطق توتر تقود الى تدخل هذه الشركات في البلدان المنكوبه بحجه المساعدات وتقديم الخدمات ليتطور فيما بعد ويصبح سيطره بالمعنى الاقتصادي للكلمه وهي الحاله الدائمه التي عاشتها معظم البلدان التي وقعت تحت رحمة الاحتكار وشركاته.. ان معظم المنظمات التي تعارض العولمه لا تولي اهتماما للجوانب الاقتصاديه وتاثيراتها في الموضوع بقدر ما تنحدر نحو مطالب اخرى تساهم في تشتت حاله المعارضه لهذه العمليه فاحزاب البيئه (ألخضر)لا يهمهم في الموضوع غير البيئه وتداعيات هذا الموضوع بالتحديد وكذلك هناك بعض المنظمات الاجتماعيه الاوربيه تريد ان تعبر عن نفسها ووجودها في مثل هذه الاحداث وتخرج في التظاهره وهي غير مدركه على سبيل المثال تاثيرات القرارات التي تتخذها هذه القمم على الانسان وحياته في العالم الذي نعيش فيه..وتبقى الحركه التي يشكلها اليسار هي الاقوى في مناهضة العولمه لادراك المنضوين تحت رايته للمخاطر الاقتصاديه والاجتماعيه والبيئيه على شعوب العالم باسره كأتساع الهوه بين الفقراء والاغنياء وانعدام فرص العمل في البلدان المتقدمه نتيجه الازمه الراسماليه وكذلك نتيجه الهجره واستقدام ايدي عامله رخيصه تساهم في خلق الهوه بين العمال انفسهم وتأجيج الصراع بينهم على الرغم من انهم يحملوا هموما مشتركه وهذا ما يسهم في صعود التيارات الفاشيه والنازيه والعنصريه الاخرى في اوربا والتي تستفيد منها الطبقه الراسماليه وترعاها بشكل لا يؤثر على مصالحها كي تحدث تباعدا متعمدا في قضيتهم المشتركه.. لذلك تبقى الماركسيه ونظامها الاقتصادي صاحبة الحل الانساني الفريد الذي من شأنه القضاء على حالات العداء التي تسطرها الراسماليه للطبقه العاملة في كل بقاع العالم لتلعب على وتر تباعدها وتجعل جهدها ممزقا قدر الامكان..ورغم صعود الاسلام السياسي على الساحه الدوليه الا ان العدو الاول للرأسماليه تبقى الحركات الماركسيه بشكل عام لانها الوحيدة التي تمتلك حلا متكاملا ينقذ الشعوب من الجوع والفقر والتخلف الاقتصادي رغم ادعاء الراسماليه عكس ذلك..ربما ستكون هذه القمه الاكثر جرأة وصراحه في الاعلان عن المخاطر التي تتهدد الانسان والبيئة معا وربما ايضا تكون جاده في الاعلان عن استمرار نهجها المعادي لتلك الفئات التي تناضل من اجل تحقيق العداله في ادارة الاقتصاد العالمي وتوزيع مراكزه على البلدان بطريقه تحد من انتشار الفقر بشكل واسع كما كان يحدث في السابق الا ان الاكيد انها لا تعطي حلولا جذريه لاي موضوع طالما ان اي حل سيساهم في تقويض مصالحها مهما كان صغيرا..ان تعميم مبدأ الفوضى في الاقتصاد العالمي يمثل اليوم بالنسبه للرأسماليه سلاحا ذو حدين لا سيما بعد انتقال كل من كوريا والهند الى مرحله التصنيع المتكامل الاقل كلفه والذي من شأنه اغراق الاسواق العالميه مع الصين طبعا بالبضائع الرخيصه التي تأخذ العالم الى حافة الانهيار الاقتصادي الكلي والذي ستدفع الشعوب الفقيره على الارجح ثمنه ان سحبت الاموال والاستثمارات منها حتى ولو كان ذلك لفتره قصيره لكن ماهو الاهم في المعادله هو ان تأخذ الاحزاب اليساريه دورها حتى لا تنهار اقتصاديات دولها دون ان تكون مستعده للقيام بواجبها ونقل المجتمع الى شاطئ الامان المتمثل باحلال علاقات الانتاج الاشتراكيه كبديل بدلا من ترك البلاد عرضه للمجاعه والانهيار..ان المطالبه بعدم خصخصة قطاعات واسعه من مؤسسات الدوله ربما سيجعل تاثير اي انهيار اقتصادي قليله للغايه وغير مؤثره لكن هذه المطالبه اصبحت في هذا العصر امرا مخجلا في ظل ترك الساحه لللبراليين الذين يبشروا بعالم قائم على اقتصاد السوق الذي لا يشكل الخلاص للشعوب من ازماتها لان الدوره الاقتصاديه في المجتمعات الراسماليه تاخذ دائما شكلا هرميا يبدا بالصعود حتى تحقيق التفوق وياخذ تدريجيا بالهبوط حتى الوصول للانهيار التام ليخلف مضاعفات اجتماعيه واقتصاديه خطيره لا يمكن للمجتمع علاجها الا بعد مرور عقود من الزمن..ان التجربه التي اقدمت عليها الولايات المتحده في العراق تعطي المثل الساطع في فشل الاموال في احداث تغيير وتقدم في اقتصاديات البلدان لان العامل البشري يشكل اساسا مؤثرا في نجاح العمليه بأسرها فذهبت الاموال التي اقتطعتها الولايات المتحده من ارصدة العراق النفطيه الى جيوب طبقه منتفعه عادت ادراجها دون ان تفكر بنجاح المشروع من عدمه واثبتت ان نظام السوق الحر لن يشهد النجاح في العراق ليس لان العراقيين غير مؤهلين لاداره اقتصادهم او الالمام بجوانب نجاح التجربه بل لان المشروع من اساسه قائم على اساس نهب ثروات العراق وهذا ما يدفع العراقيين الى رفض المشروع الامريكي حتى وان كان فيه بعض الجوانب الايجابيه ان وجدت اصلا...
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراع ثنائي الارهاب على الساحه العراقيه...
-
مجتمع مدني علماني..ضمانه لعراق مستقر
-
أحباب في العالم الاخر 1
-
الاطفال ...وطرق التربيه الحديثه
-
العلمانيه..والتحرر من الطائفيه
-
الاسلام السياسي...وذراع الارهاب
-
المرأه المعاصره.والاذاعه الالمانيه القسم العربي
-
المرأه..والحريه..والمصير المجهول
-
المرأه..والاداء الاجتماعي الضعيف
-
كركوك..بين فكي القوميه والارهاب
-
الايزيديه..والعوده الى العصر الحجري
-
العمل النقابي..ودوره في مجتمعاتنا 2
-
تساؤلات..الى امير الايزيديه
-
المرأه..وقيود الظلام
-
العلمانيه..والعقب الحديديه
-
سيف الدوله العنصريه...
-
مجزره مروعه في بعشيقه...
-
العلمانيه...والهويه الوطنيه
-
الهولوكوست ..العراقي
-
عقوبة الاعدام...والطريق للتخلص منها
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|