ممدوح رزق
الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 10:02
المحور:
الادب والفن
المتشرد الذي يسكن منذ سنوات
إحدى خيمات الحديقة العامة
يرسم الوجوه
مقابل ساندويتش
أو قطعة ملابس زائدة عن الحاجة
أو علبة سجائر ..
ما يرسمه كان جميلا
رغم أن الوجوه لم تكن في لوحاته
كما تبدو عليه في الحقيقة
لكن الناس أحبوا أنفسهم
بعد مشاهدتهم للرسم
فأحبوا المتشرد
وأصبح من العادي جدا
أن يطلب منه أحدهم أن يرسمه أكثر من مرة
وفي أيام مختلفة
أو أن يجيئه بشخص آخر يهمه
فمثلا يحضر الزوج زوجته
وأحيانا أطفاله
والشاب يحضر صديقه
والبنت تحضر أمها
وهكذا
كي يرسمهم المتشرد
الذي كان فرحا بالطبع
لكونه سببا في بهجة كهذه
لكنه في أعماق نفسه
كان خائفا
خائفا بحق
من مرور الوقت
بهذه السرعة المفزعة
التي تجعل الموت قريبا أكثر وأكثر
حيث سيضطر ساعتها
رغما عنه
إلى ترك الحديقة والخيمة وأدوات الرسم
وفراق ذكرياته الجميلة
التي كانت تجعله يبكي أحيانا
بينما يستعيدها في وحدته ..
وأيضا فراق الناس
الذين لن يتوقفوا عن زيارة الحديقة
رغم أنها ستصبح بدونه بالنسبة لهم
سببا للحزن
والخوف ..
سيضطر للتوقف عن تخيل نفسه مكان الله
كلما وقف أمام اللوحة ليرسم وجها
لكن بفارق بسيط
أن يحاول ـ بقدر ما يستطيع ـ
إنتاج ملامح
لا تريد أن تصرخ .
#ممدوح_رزق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟