|
تأملات في السلطة الدينية والسلطة السياسة ومعنى العلمنة في عالم الإسلام السني
ياسين الحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1927 - 2007 / 5 / 26 - 11:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تقترح هذه المقالة فرضية مركبة مفتوحة على النقاش: ثمة سلطة دينية في عالم الإسلام السني، لكنها متناثرة بشدة؛ "الإصلاح الديني" الإسلامي المحتمل يتمثل في توحيدها ومركزتها ومأسستها؛ هذا يساعد مجتمعاتنا على التشكل والتوازن ويسهل عملية الدمقرطة، وهو بعدُ "لحظة" في عملية علمنة لا نرى مجالا للقفز فوقها. سنقول إن ضعف السلطة الدينية وتبعثرها، وليس قوتها أو وحدتها، هو العقبة الكؤود دون عقلنة حياتنا الاجتماعية والسياسية والدينية وترتيب العلاقة بين الديني والسياسي في بلداننا على الفصل والاستقلال، أي دون العلمنة. ولعل من المناسب النظر إلى المقالة كتمرين في التخيل الفكري الحر، لا كبحث مستوف لشروطه. تستمد مقاربة "حرة" كهذه شرعيتها من كسر المألوف الفكري وتغيير محتمل لمنظور التفكير قد تسهم في إحداثه، وليس من متانتها العلمية. ولعله يتعذر في أوضاعنا الفكرية الراهنة الجمع بين تحرير التفكير وتحقيق الفرضيات المقترحة. بيد أن هذا الشرط ذاته يلزمنا بالعودة، يوما، إلى الفرضية المطروحة هنا تحقيقا وضبطا أو تعديلا، أو ربما تخليا تاما عنها. التجربة الإسلامية المكونة إن من حيث المسارات التاريخية أو من حيث المآلات الراهنة، قد يرصد المتابع تقابلا عكسيا في علاقات الدين بالسياسة في العالمين الإسلامي الشرقي والمسيحي الغربي. لم تكد تختتم الدعوة النبوية حتى تحول مركز ثقل الإسلام نحو السلطة التي انبنت عليه. كان محمد بن عبد الله نبيا وباني أمة وقائدها. تكوّن الدين والأمة والقيادة معا في أيامه. وقاد النبي ذاته نشاطا خاصا، الحرب، سيتمخض بعد عقود قليلة عن سلطة إمبراطورية مترامية الإبعاد تستمد شرعيتها من الرسالة التي أتى بها، دون أن يكون ثمة مؤسسة خاصة تكون مركزا لسلطة دينية وازنة. وليس إلا أمرا متوقعا أن ترفع الحرب من شأن المحاربين، وترسخ السلطة التي تدير التوسع العسكري الإسلامي. والنجاح الباهر لهذا التوسع سيغدو "برهانا" على صدق الرسالة يعزز إيمان أجيال المسلمين الباكرة بها، ما سيضعف الحاجة إلى مركز خاص لرعاية الإيمان وتفصيل العقيدة. ويمكن القول إنه تكونت للعرب سلطة امبراطورية قبل أن تتميز لديهم دولة واضحة المعالم، ودون أن تتبلور مؤسسة دينية. وحين نتحدث عن الإسلام منذ انتهاء "الفتنة"، أو الحرب الأهلية الإسلامية بانتصار معاوية على علي، فإن تفكيرنا يذهب إلى "الدول" التي قامت باسمه كالدولتين الأموية والعباسية، وما قام في كنف الأخيرة أو بعدها من سلطنات وأمارات ودول[1]. وإذ لم تتبلور مؤسسة دينية في ذلك الوقت الباكر، حين كان عالم الإسلام صلصالا غير متشكل، فإنها لن تتبلور في أي وقت بعد أن تشكل وتصلبت قسماته. ورغم أن الإسلام لن يقتصر على كونه عقيدة مشرعة لسلطة امبراطورية، ثم لسلطات متنوعة (تشترك في أن لها الشوكة وأنها صاحبة المبادرة والكلمة العليا)، فهو قبل كل شيء دين المسلمين وميثاق إيمانهم، إلا أن تحققه المبكر جدا في سلطة حائزة على مجد عسكري لا ينكر، أعاق تشكل مؤسسة دينية ليس في الرسالة ما يمنع تشكلها. وبالنتيجة، لن يتكون مركز ديني موحد، ما أفضى إلى تعدد في الاجتهادات والمذاهب، تعدد قد يُحمَل على التنوع والحرية، لكنه يمكن أن يُحمل على الفوضى والتناثر أيضا؛ كما لن يحوز الدين أبدا سلطة عليا أو سيادية خاصة به. ستحرسه السلطنات والممالك القائمة باسمه دوما. تحرسه بالمعنى الفارسي الأصلي للعبارة حسبما أوضحها محمد عابد الجابري[2]، أي تراقبه وتضبط منازعته لها السلطة أو ما قد تقوم من انتفاضات باسمه، وتحرسه بمعنى ترعاه، وهو المعنى الذي أبرزه الماوردي في كتابه "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" وتستعيده حركات إسلامية معاصرة [3]. نريد من هذا العرض الوجيز حد الإخلال القول إن ما يفضل د. محمد عمارة تسميته "إسلامنا"[4] هو ثمرة التاريخ أكثر من الرسالة. التاريخ مرتبط بصورة وثيقة بالتجربة الإسلامية المكونة كتجربة اندمجت فيها الرسالة بالحرب والدولة، لكن التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي ليس نتاجا محتوما لهذه التجربة. كان يمكن أن تقوم معادلات أخرى لها. ولكانت لو قامت ولدت إسلاما مختلفا عن "إسلامنا"، دون أن يكون أقل منه جدارة باسم "الإسلام". الأمر خلاف ذلك بخصوص المسيحية الغربية. انقضت أكثر من ثلاث قرون قبل أن تقترن المسيحية بالدولة في عهد قسطنطين. كانت ديانة المسيح خلالها تشكلت كمؤسسة قائمة برأسها ترعى إيمان المؤمنين. وبعد سقوط روما على يد البرابرة في القرن الخامس الميلادي لم تقم كثير من الممالك الحائزة على سلطة سيادية أو تتكون مراكز سلطة متماسكة تنافس البابوية. لقد عاشت أوربا الغربية قرونا تقارب ألف سنة من تناثر السلطة السياسية ووحدة السلطة الدينية (الاستثناء الأبرز امبراطورية شارلمان الكارولنجية في القرن التاسع)، تماما عكس العالم الإسلامي حيث التناثر من نصيب السلطة الدينية والوحدة من نصيب السلطة السياسية. وما يقال عن التناثر الإقطاعي الأوربي ونزاعات الأمراء مع المؤسسة البابوية أو تبعيتهم لها، يمكن أن يقال مثله لدينا عن تناثر السلطة الدينية الإسلامية. سلطة دينية إسلامية؟ رب معترض ينكر وجود سلطة دينية في الإسلام. لا نرى لمثل هذا الاعتراض وجها. إذ لا جدال في وجود مراكز شخصية أو اعتبارية تمارس نفوذا باسم الدين على سلوك أفراد وجماعات، من العامة والخاصة، طوال تاريخ الإسلام. أن لا يكون المركز موحدا، أن لا تكون السلطة هذه ممأسسة، أن لا تكون سيادية كذلك، فهذا لا ينفي وجودها. والحال لقد كانت غير ممأسسة وغير سيادية بالفعل كما أسلفنا. وما قلناه عن أن "إسلامنا" المعاصر والقديم نتاج التاريخ ينطبق على المسيحية كذلك. لكن التجربة المكونة هنا مختلفة. فقد نشأت المسيحية في ظل دولة قائمة كما هو معلوم، دولة ظلت تنظر إليها شزرا لبعض الوقت قبل أن تعتنقها. المحافظة على الدين ورعاية جماعة المؤمنين اقتضت تشكل جهاز ديني قائم بذاته، هو ما سيكون في النهاية كنيسة روما. الكنيسة في الغرب الكاثوليكي ليست اسم مكان عبادة فقط، وإنما هي أولاً اسم سلطة تنظم الحياة الدينية للمؤمنين وتقوم على سلامة عقيدتهم. لكن هنا أيضا ليس ثمة حتمية تاريخية. تشهد على ذلك بيزنطة من جهة العالم المسيحي، والإسلام الشيعي من جهة العالم الإسلامي. فلأنه كان ثمة دولة مركزية في بيزنطة طوال أكثر من ألف عام بعد قسطنطين، وفي روسيا الأرثوذكسية بدءا من تنصير روسية في القرن العاشر حتى مطالع القرن العشرين، أخذت السلطة الدينية شكلا أقل سيادية وأكثر تبعية للدولة الزمنية القائمة بصورة تذكر بعالم الإسلام، وإن لم تماثله تماما. بالمقابل، ولأنه عاش مقصى عن السلطة، طوّر الإسلام الشيعي مرجعية دينية حائزة على سلطة ذاتية، ما يكاد يشبه فاتيكانا إسلاميا[5]. أي الإسلامين هو الإسلام، أي المسيحيتين هي المسيحية؟ كلاهما وغيرهما. المسألة تاريخية بالكامل. والمتون العقيدية كان يمكن أن تقبل تشكيلات أخرى للسلطة والعلاقة بين السلطتين، تختلف إلى هذا الحد أو ذاك عما نعرف. الاعتقاد أن تاريخ الإسلام مطوي كبذرة في القرآن أو الدعوة النبوية، وأن تاريخ المسيحية انبساط لنواة موجودة في تعاليم المسيح لا يقره العقل التاريخي. تناثر السلطة الدينية نريد مما تقدم أن نقول إن موقع السلطة الدينية في عالم الإسلام السني من السلطة السياسية هو نظير موقع السلطة السياسية من السلطة الدينية في الغرب الكاثوليكي. وأن نرتب على ذلك أن تديين السياسة هو المشكلة هناك فيما تسييس الدين هو المشكلة لدينا[6]. فوجود مركز ديني كبير مثل البابوية وأرجحيتها على الأمراء والنبلاء الزمنيين ولد على الدوام شرطا ملائما لأن يضفي المركز ذاك على مصالحه وتفضيلاته الدنيوية طابعا دينيا، أو أن يسبغ القداسة على ما هي في الواقع أهواء السلطة البابوية وطموحاتها السياسية. بالعكس، كانت السلطة/ السلطات السياسة هي التي تبادر إلى توظيف الدين لإضفاء الشرعية على نفسها وتسويغ مطامحها الدنيوية لدينا. المبادرة لدينا من السلطة السياسية التي كان لها مركز معلوم صلب القوام، فيما كانت المبادرة في أوربا الكاثوليكية للسلطة الدينية التي حازت على عنوان واضح وقوام متماسك ونفوذ لا يضارع. في بلادنا الإسلامية جرى ويجري التلاعب بالدين لأغراض تنبع من المصالح الدنيوية. وعبارة المتاجرة بالدين الشائعة في العربية تفيد هذا المعنى، وتلقي بعض الضوء على واقع استخدام المقدس، الذي لم يحز قوما ذاتيا متماسكا، لأغراض أهل الدنيا. وإذا صح ذلك، وهو صحيح فيما نرى، يترتب عليه أن إشكالية العلمنة لدينا مختلفة عن إشكالية العلمنة في أوربا ومعاكسة لها. هناك اقتضى الأمر استقلال الدولة أو حمايتها من الدين. وهو ما تحقق بعد حروب وصراعات دموية وانشقاق الكنيسة ذاتها. وتوج في النهاية بمعاهدة وستفاليا 1648 التي دشنت تحول السيادة العليا نحو الدولة، ووضعت مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية بأن قررت أن الناس على دين ملوكهم. لن تتكرس هذه التحولات، وتتمأسس، فتغدو غير قابلة للانعكاس، إلا بعد ما ينوف على قرن أو قرنين في بعض الحالات. لكن لا نظننا نعدو الصواب إن قلنا إن التجربة المكونة للعلمانية الأوربية تتمثل في تحجيم السلطة البابوية والحد من فرص تديين السياسة. الإصلاح الديني الإسلامي.. مؤسسي! في مجالنا السياسي الديني المعول عليه بالعكس، هو استقلال الدين أو حمايته من الدولة، أي الحد من تسييسه والتلاعب به. وكما كان استقلال الدولة اقتضى هناك توحيدها ومأسستها، فإننا لا نرى كيف يمكن أن يستقل الدين لدينا دون توحيد السلطات الدينية ومأسستها، أي انضباطها بقواعد مستقرة، إن من حيث نظامها الداخلي، أو من حيث علاقتها بالسلطة السياسية، أو من حيث علاقتها بجمهور المؤمنين، أو أخيرا من حيث علاقتها بجمهور مسلم متفاوت مراتب الإيمان وصولا إلى مرتبة عدم الإيمان (مما هو قائم ومعلوم في مجتمعاتنا جميعا). ونرى أن عمليات التوحيد والمركزة والمأسسة هي مضمون الإصلاح الديني الإسلامي المحتمل والمرغوب. ما يرتب مقاربة مختلفة لمسألة الإصلاح هذه، يتقدم فيها البعد المؤسسي والتنظيمي على البعد المتعلق بالمضمون، هذا الذي ينشغل بتقريب الاعتقاد الإسلامي من العصر معرفا كعصر للعلم والعقلانية. المقاربة المضمونية هذه لا تنطوي على تعسف فقط، بل هي ليست مرغوبة ولا تقدم خدمة للإيمان والعقيدة الإسلامية، بل إنها تستتبع الدين (كمبدأ إيماني مطلق) للمعرفة العلمية، وهذه بطبيعتها جزئية ومتغيرة ونسبية وإلا لا تستحق اسمها. فالمقاربة هذه، إذن، وقد دشنتها شروح لمحمد عبده، تعكس شعورا بالنقص تجاه الحداثة من جهة، وتتلاعب بالدين كما تتلاعب به، من جهة أخرى، السياسة الدنيوية. على أن المقاربة المؤسسية للإصلاح، أعني اعتبار الإصلاح الإسلامي إصلاحا لوضع الدين وأجهزته وسلطاته باتجاه التوحيد والمركزة والتنميط، أي بالفعل العقلنة (تمييزا عن مقاربة تعصرن المعاني أو المضامين الدينية)، لا تنفي الحاجة إلى إصلاح التفكير والفهم الديني الإسلامي. لكننا نحدس أن البعد الأخير للإصلاح بات مرهونا بتحقيق البعد الأول، المؤسسي[7]. فمن شأن سلطة دينية مكتملة الشخصية وواثقة من نفسها أن تكون أجسر على اتخاذ قرارات فكرية وفلسفية تسهم في إعادة هيكلة الإيمان الإسلامي حول حرية الاعتقاد وأولوية الإيمان الشخصي. بل إن هذا قد يكون المدخل الأنسب لتجنب تعسفين: يخضع أولهما الإسلام للحداثة ولو لوى عنقه وشوه وجهه وافقده اتساقه الذاتي، ويثابر ثانيهما على إنكار وجود مشكلات وتناقضات كبيرة في الإسلام المعاصر تضع المسلمين المعاصرين في فصام بين مرغوبين: دينهم والعصر الذي يعيشون فيه. والأهم أن إصلاحا مؤسسيا كبيرا للإسلام المعاصر هو شرط لا مفر منه من أجل العلمنة، أي فصل الدين عن الدولة، أو بالأصح ضمان استقلال الدين عن الدولة. بل إن العلمنة ستغدو مطلبا للمؤسسة الدينية بقدر ما إن ما ستتمتع به هذه من وزن ذاتي سيجعلها أحرص على استقلال مجالها ومناهجها وميدان فاعليتها. إن سلطات دينية مبعثرة وغير واثقة من نفسها ستشعر أن الانفصال عن الدولة تهديد وجودي لها. فيما من شأن قيام مؤسسة دينية قوية واثقة من ذاتها، وتحوز ركائز ذاتية صلبة، أن تبادر هي إلى الاستقلال عن الدولة والحرص على عدم الارتباط بها. وإذا كان الإسلام المعاصر لا يطالب باستقلاله ولا يعمل من أجله، فربما لأنه يخاف من حريته ويخشى أن لا يستطيع القيام بأمر نفسه. في شروطنا الراهنة ثمة حائل بنيوي دون العلمانية، حتى لو اقتنع جميع الإسلاميين والمسلمين بمحاسن انفصال الدين عن الدولة، أعني به تبعثر الحياة الدينية وتناثرها، أو "تعدد مراكز التعامل بالدين" بتعبير برهان غليون، وذلك إن على مستوى المعاني أو المرجعيات أو مراكز السلطة. وهذا العائق الذي لا يرى عادة هو في تقديرنا الأكبر في وجه العلمنة. فستبقى هذه متعذرة إن لم تتكون هيكلية دينية موحدة، أي دون عقلنة التدين الإسلامي. ومن شأن استقلال الدين أن يكون عامل توازن في المجتمعات الإسلامية التي يكاد معظمها يكون مجتمعات قطب واحد، قطب السلطة السياسية. وهذه تجنح نحو الاستبداد والطغيان حين لا سلطات وازنة أخرى في المجتمع تحد من توسعها ووطأتها الباهظة. وهي فوق ذلك تحتل موقع مانعا لتشكل مراكز سلطة مستقلة وموازنة لها. فمجتمع فيه مركزا سلطة كبيرين هو بالتأكيد أكثر توازنا وأوسع حرية من مجتمع قطب واحد، لا يرد مركز السلطة الوحيد فيه عن "الفرعنة" أحد. وهذا يعني أن فرص الديمقراطية بالذات تتحسن كثيرا إذا نهضت لدينا سلطة دينية ممأسسة ومستقلة. بهذا يمكن للعلمانية أن تكون إشكالية تكون مجتمعات متوازنة أو التوازن الاجتماعي الذي يصون فرص الحرية[8]. وإنما لأن مجتمعاتنا غير متوازنة فإنها معرضة للسقوط دوما حين تتحرك، وهي تسقط فعلا حين لسبب ما يختل نظام قطبها الوحيد، السلطة السياسية. تسقط، فتنفرط، فلا يبقى منها إلا التبعثر الأهلي والديني. والحال، إن ما نحن شهود له من تبعثر نقاط سلطة دينية في المجتمعات العربية، أشبه بالإقطاعيات الأوربية، والعدد الوفير من الأمراء الدينيين الذين يشبهون بدورهم أمراء أوربا الوسيطة، والذين يحوز كل منهم سلطة مطلقة، إن هذا يسوغ وحده ضرورة مركزة السلطة الدينية ومأسستها ضمانا للاستقرار ووحدة السلطة والتشريع في البلاد. نريد أن حماية الدين من الدولة بات يستلزم اليوم أكثر من أي وقت مضى حماية الدين من تبعثر السلطة الدينية. وإذا وضعنا في بالنا أن السلطات الدينية الإسلامية تجمع بين صفتين لا يتوقع المرء اجتماعهما عادة، التناثر والإطلاق، تجسمت لدينا الخشية من أننا نعيش في مجتمعات مفخخة، معرضة للانفجار والتمزق ما إن تضعف السلطة السياسية لسبب من الأسباب كما حصل في العراق إثر الاحتلال الأميركي عام 2003. إن الأمراء الدينيين يحوزون سلطة مطلقة، تشمل الحياة والموت، لا على أتباعهم فقط وإنما كذلك على من قد يقررون أنهم كفار أو ضالون أو مبتدعة. وهم لا يتوقعون أقل من سمع وطاعة تامين من جمهرة المؤمنين المفترضة. وإذ هم يجعلون من أنفسهم مصدرا لكل قانون، يمتنعون هم أنفسهم عن الالتزام بأي قانون، بل يجدون في توحيد سلطات التشريع والتنفيذ والقضاء في أيديهم ما يحلهم من الانضباط بأية قاعدة مطردة؛ هذا بينما لا يجد المرء نهجا متسقا لديهم لاشتقاق الأحكام الشرعية. وهذا أمر مخيف ونذير بتفجرات وكوارث قد لا يكون ما شهدته الجزائر في تسعينات القرن الماضي وما يشهده العراق اليوم إلا تمخضات أولى لها. وهو على أية حال يعزز من شرعية المقارنة التي أجريناها بين وضعي السلطة الدينية في بلادنا اليوم والسلطة السياسية في بلاد الغرب قبل مطالع العصر الحديث. فمعلوم أن حروب الدين والسياسة اختلطت هناك، في القرنين السادس عشر والسابع عشر على وجه الخصوص، وتمخضت في النهاية عن قيام دول الحكم المطلق السيدة وعن تحجيم السلطة الكنسية. الصفة المطلقة للسلطات الدينية المتناثرة هي أيضا ما يخيف في الدعوة إلى تطبيق الشريعة. فالسؤال الذي لا يجد له المرء إجابة مقنعة وسط الإسلاميين بكل أصنافهم هو: ما هي الشريعة التي تضبط مطبقي الشريعة؟ ما الذي يضمن أن لا يفصل هؤلاء حكم الشريعة على قياسهم؟ إلى من يشتكى عليهم إن فعلوا؟ إلى من نحتكم ضد أهل الحاكمية الإلهية، وهو بشر مثلنا؟ ما هي السلطة التي تنتصب أمامهم وتضمن للمجتمع شيئا من التوازن والحرية حين تجتمع لديهم سلطة الدولة، وقد كانت دوما جسيمة، وسلطة الدين؟ والقول إنهم لن يتجاوزوا حدودهم، أو مطالبتهم لأنفسهم بنيل الثقة دون ضمانات بشرية على شكل سلطات مستقلة موازنة، أمر مخالف لطبائع الأشياء، وقبل كل شيء للطبيعة البشرية ذاتها. فلأن الإنسان ليس خيرا بطبيعته، ولا يمكن الثقة به بناء على عقيدته أو تاريخه أو نسبه أو وعوده، فإن الثقة السياسية لا تبنى إلا على ضوابط وتوازنات صنعية بين الناس، ابتكرها العقل والتجربة[9]. ليس من حق أحد، حزبا أو فردا أو دينا، أن يقول للناس: ثقوا بي! الإسلاميون من دعاة الحاكمية وتطبيق الشريعة في ذلك مثل غيرهم. إن الثقة تقتضي القدرة على حجب الثقة، أي الحرية. دون ذلك هي استسلام للطغيان. وهذا يعيدنا إلى الإصلاح الديني الإسلامي في وصفه عملية مأسسة، بما تعنيه هذه من انضباط الأجهزة الدينية بقواعد عمل ثابتة. وهو ما يعني في الواقع دسترة الإسلام أو نشوء إسلام دستوري متميز عن الإسلام المطلق الحالي. طور جديد من التناثر! نعود إلى القول إن الدولة المركزية تكونت في الغرب نتيجة إلحاق الهزيمة بالأمارات الإقطاعية، وإذا خرجت من أمد ألفي من القزامة والنقص وحازت ثقة متجددة بالنفس لم تلبث أن انتزعت استقلالها من السلطة البابوية التي كان أضعفها الانقسام البروتستانتي. وهكذا مرت العلمنة بلحظتين: تكون الدولة كمركز وحيد وحصري للسيادة، ثم انفصال هذا الكائن الجديد عن المركز الديني؛ وهو ما يتكثف في تحول سند السيادة إلى الشعب أو الأمة بعد أن كانت مسنودة لله بتوسط البابا. فهل يمكن القول إن مركزة الدين الإسلامي لدينا سيمر حتما بالتغلب على تفتت السلطة الدينية وتكون مؤسسة دينية واحدة تنظم السلوك الديني؟ وهل تكون هذه هي اللحظة الأولى في عملية علمنة، ستكون لحظتها الثانية استقلال المؤسسة الدينية عن السلطات السياسية، وربما توحيدها كمرجعية إسلامية عليا لكل العالم الإسلامي السني؟ لنعد قليلا إلى الوراء هنا. ليس هرطقة القول إن الإسلام "دين علماني"، وأن الإصلاحيين المسلمين في أواخر القرن التاسع عشر رأوا في العلمنة الأوربية اقترابا من الإسلام الذي قضى على السلطة الدينية حسب محمد عبده. هذا صحيح أو كان صحيحا حين كان "الإسلام" في مصر هو الأزهر وفي تركيا هو شيخ الإسلام، وقبالهما جمهرة مؤمنين تكاد تكون مستوية لا شعث فيها. لكنه لم يعد صحيحا منذ بدايات حركة الإحياء الإسلامية التالية لزوال الخلافة العثمانية وتكون جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ولا بالطبع بالخصوص بعد التفجر الإسلامي، حركات وأمراء ومنظمات...، في سبعينات القرن العشرين في مصر وغيرها، ولا بعد موجة التفجر الجديدة التي سلطت عليها الأضواء بعد 11 أيلول 2001، وأسهمت سياسة "مكافحة الإرهاب" الأميركية بعدها بتفعيل مسلسل انفجاري أوسع كأنه كان كامنا في انتظار صاعق مناسب. وكانت الحرب الأهلية الجزائرية طوال أكثر من عشر سنوات مجلى لهذا التفجر، ومثل ذلك نراه اليوم بعد احتلال العراق[10]. هنا صار الوجه الفوضوي لغياب المركز الديني أبرز من الوجه التعددي، الذي رآه وانحاز إليه الأستاذ غليون. والواقع أننا لا نجد اليوم مركزا إسلاميا من أي نوع، ولو بمعنى نسبي للكلمة. فـ"الإسلام الرسمي"، وهو تنويعة إسلامية مستأنسة تلبي حاجة الدول القائمة إلى القيام بوظيفة "حراسة الدين" وما تدره عليها رعايته من فضل شرعية وما تدرأه عنها مراقبته من مخاطر محتملة؛ الإسلام هذا ليس مركزا توجيهيا معترفا به. ولا هو مركز ثقل الإسلام المعاصر. ثم قربه، وربما ضده الإسلام الإخواني. ثم الإسلام السلفي الجهادي، بتنويعات أقل أو أكثر تكفيرا. وهذه التنويعات هي عنصر التفجير الأخطر. أما الإسلام الصوفي فهو الأكثر مسالمة وقدما، وإن يكن كذلك القرب إلى الإسلام الرسمي. هذا التناثر جديد نسبيا. عمر طوره الحالي أقل من قرن[11]. ودلالته الأكيدة أننا نعيش في حالة فوضى دينية مقلقة، إن من وجهة نظر استقرار وتطور مجتمعاتنا، أو من وجهة نظر الإيمان الإسلامي نفسه الذي نفترض أن قيم العدل والرحمة مركزية فيه. وهو ما ينذر بعقود من حروب الدين والطوائف وعدم الاستقرار. هو أيضا ما يسوغ الاعتقاد بأن فرص العلمنة، والديمقراطية، في بلادنا وثيقة الصلة بلم التبعثر الديني وقيام مؤسسة دينية قوية ووازنة موازنة للسلطة السياسية. أية علمنة إسلامية؟ ما نحسب أن من المشروع استخلاصه مما تقدم هو أن فرص العلمنة في بلادنا قد تكون أوثق صلة بتقوية السلطة الدينية لا بإضعافها خلافا للانطباع السائد، المتولد عن تعميم ميكانيكي لخلاصات التاريخ الأوربي. غير أنه يتعين فهم التقوية هذه كتوحيد للمركز، وتاليا للنمط والاجتهاد والتشريع من جهة، ولكن كذلك كحد على الإطلاق المتعسف الذي يسم سلوك الأمارات الدينية القائمة والمحتملة من جهة ثانية. في راهننا اليوم تنزع السلطات الدينية المشتتة، الكثيرة والصغيرة، أحيانا إلى الإطلاق لأنها ضعيفة ومشتتة وفاقدة للثقة بنفسها. وتفضل السلطات السياسية التي لا تحمل مشروعا للعقلنة الاجتماعية والوطنية إدارة التناثر الديني لأن التناثر هو شرط إمكان تسييس الدين، تماما كما كان التناثر الإقطاعي هو شرط إمكان تديين السياسة في أوربا الكاثوليكية. وكما كان فلاحو أوربا أقنانا تحت إمرة الأمراء والنبلاء الإقطاعيين الذين كانوا يوازنون نقصهم السياسي أمام السلطة الدينية الممركزة بما يقارب استعباد أقنانهم، تجنح الجمهرة المؤمنة في ظل أمارات الدين المرشحة للتكاثر إلى احتلال وضعية عبيد، لا كلمة لهم ولا رأي. وخلافا لانطباع سائد أيضا فإن "الروح" هي الضعيفة في عالمنا الإسلامي وليس الجسد. لدينا في الواقع سلطات كلها عضلات وكلها "قوة غضبية"، لكنها بلا روح. أو أن ذبالات الروح المنتشرة في هذا الجسد المترامي لا تفي بالحاجة الملحة إلى أنسنته، بل و"سياسته". ونجنح إلى تخيل أن إعادة الاعتبار للروح، بل في الواقع اكتشافها وتدعيمها، هو ما يمكن أن يكون محور نهضة العالم الإسلامي الشرقي، والعالم العربي في قلبه. إن سلطة دينية تجد "عمقها الاستراتيجي" في قلوب وضمائر المؤمنين بها، لن تنظر إلى تلهفها الراهن على "قلب السلطة" السياسية (بمعنيي التعبير: فؤادها، والانقلاب عليها) إلا كعصر جاهليتها الخاص. على النقيض منا، كانت نهضة الغرب مرتبطة بإعادة الاعتبار إلى الجسد أو اكتشافه، وتقوية السلطة السياسية على حساب سلطة دينية كانت طاغية. وكما كان تحرر السلطة السياسية في الغرب من النقص قفزة في مسار النهضة، فإن تحرر السلطة الدينية لدينا من نقصها المعمر هو ما يمكن أن يدرج اختلاجاتنا الروحية والسياسية منذ قرنين في أفق نهضة حية ومتجددة.
[1] كان يقصد بكلمة دولة في الأزمنة الإسلامية الباكرة شيئا يقارب كلمة الدور أو النوبة. وتطل كلمة الدولة على تداول الأيام وتبدلها مسنودا إلى الدهور أو إلى الله. انظر محمد عابد الجابري: الدين والدولة وتطبيق الشريعة، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1996، ص 21. وكان مبدأ السيادة والشرعية والنظام في الثقافة العربية، ما يعادل المصطلح الأوربي state هو الدين. انظر أبو الأعلى المودودي، المصطلحات الأربعة في القرآن، تعريب محمد كاظم سباق، الطبعة السادسة، درا القلم، الكويت، 1977. ص 116-120. [2] العقل الأخلاقي العربي، دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001.. يقول الجابري إن العبارة التي وردت أصلا في "عهد أردشير"، المؤسس الفعلي للأسرة الساسانية (توفي 240 ميلادية)، قصد منها رعاية الدين ومراقبته في آن، أي"مراقبة رجاله والحذر منهم"، أو بالفعل وضع الدين في الإقامة الجبرية كيلا ينقلب على الدولة. انظر ص 155-156، و235-236. [3] مثلا، المشروع السياسي لسورية المستقبل الذي أصدره الإخوان المسلمون السورين في مطلع عام 2005. ينفي المشروع أن تكون الدولة الإسلامية دولة دينية، لكنه ينيط بها "حراسة الدين". ص29. يخطر بالبال سؤالان هنا: ألا تكفي لحراسة الدين قلوب المؤمنين به؟ وهل الدولة التي تحرس دين المؤمنين ستحرس حريات المواطنين أيضا، بما في هذه حرية الاعتقاد التي لا معنى لها دون حرية عدم الاعتقاد وحرية تغيير الاعتقاد؟ [4] الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، الطبعة الأولى، دار الشرق، القاهرة، 2003. ينسب عمارة العلمانية إلى الاستعمار، ويعزو لها هدفا هو "احتلال عقلنا"، الذي يفترضه معطى ثابتا ونهائيا لا يتغير، ويطابق "الإسلام" (ص 23). ويحصر تدبير الله ورعايته بتطبيق الشريعة كأنما هذه دستور لله، لا دستور محتمل للمسلمين، وكأن تدبير الله ورعايته يتعطلان دون "تطبيق الشريعة" (ص 34-35). [5] المرجعية الشيعية "تلزم أتباع المذهب إلزاما مطلقا بما تقرره نظرا وعملا"، حسب فهمي جدعان الذي ينسب لوجود المرجعية تلك فضلا في تجانس وتماسك المذهب الشيعي لم يتيسر مثلهما لمذهب أهل السنة بسبب غياب المرجعية. جدعان: في الخلاص النهائي، مقال في وعد الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين، الطبعة الأولى، دار الشروق، رام الله، ص 68-69. [6] قارن مع الفصل المكرس للعلمانية في كتاب برهان غليون "نقد السياسة: الدين والدولة"، ص 288 بالخصوص. ينكر غليون وجود سلطة دينية في الإسلام، ص 289، وهذا أمر يفتقر إلى الإقناع فيما نرى. ثم إنه يرى التعدد المثري في غياب مرجعية دينية موحدة لدينا ويغفل جانب الفوضى في ذلك. على أنه يصح اعتبار صفحات هذا المقال تفاعلا مع الفصل المعنون "عودة التاريخ: العلمانية ونقد الدين" (ص 274- 350)، موافقة واعتراضا. الطبعة الأولى للكتاب صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1991. [7] لا نضمن أية نيات تحريفية أو نوعا من الشطارة والتذاكي يحتجب وراءه ميل إلى طرد الدين من الحياة العامة أو طرد العقيدة الإسلامية من حياتنا الروحية. نميل إلى الاعتقاد بالأحرى أن الإسلام يقبل صيغا مختلفة جدا للعلاقة مع المجتمع والروح والسياسة، وأنه يمكن أن يكون أكثر حرية وغنى وقوة إذا جرى إصلاحه مؤسسيا واستقل عن الدولة. [8] نتعرف على العلمانية كإشكالية قيام مجتمعات متوازنة أو كـ"توزيع للسلطات" عند برهان غليون، المصدر نفسه، ص 330 و331. [9] يقيم د. محمد عمارة تقابلا بين العلمانية القائمة على عقل الإنسان وتجربته وبين "العلم الإلهي الكلي والمطلق والمحيط"، منتصرا بالطبع للثاني (المصدر نفسه، ص 14). يفوته أن العلم المطلق إيماني بالضرورة، أي مقصور على المؤمنين لا يتعداهم إلى غيرهم، فيما المعرفة القائمة على العقل والتجربة نسبية بالفعل، لكنها شاملة للبشر أجمعين. هذا يصح أيضا على قواعد الحياة العملية، السياسية والأخلاقية والاقتصادية... فما هو مقرر دينيا، هو أمر يعني جمهرة المؤمنين وحدها، ولا يعم جمهور المواطنين جميعا إلا ما يتولد عن خبرة بشرية يمكن لهم جميعا تبينها وإعادة النظر فيها ونسخها. [10] انظر تحقيقا بعنوان "القاعدة تعتبر دولتها في العراق أولى من الدولة الفلسطينية" في جريدة "الحياة" 18/2/2007 عن أمراء الجهاد وتنظيماته في "الدولة الإسلامية العراقية" التي أقامتها القاعدة. [11] الطور الأول تعطي فكرة عنه كتب الفرق، وحديث الملة الناجية هو محاولة للتعايش مع شرط التناثر ومنحه بعدا خلاصيا. بداياته تعود إلى الفتنة في القرن الأول الهجري. الطور الجديد مرتبط بأزمة ارتطام عالم الإسلام مع الحداثة الغربية بوجوهها السياسية والمعرفية والاقتصادية والمؤسسية والعسكرية التي لم نتوصل بعد إلى ضبط علاقتنا معها.
#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بحثا عن معنى ثقافي لتحولات سياسية عجماء
-
ضمائر الحداثة المنفصلة والمتصلة و...المعاقة
-
ملحوظات أولية في شأن اللغة والطائفية
-
في العلاقة بين الأوليغارشية والطائفية
-
أقليات وأكثريات: هويات ثقافية، علاقات اجتماعية، أم عمليات اج
...
-
أطوار متعددة في حرب لبنانية واحدة
-
نمذجة تاريخية مقترحة للنظم السياسية المشرقية
-
-ميدل- إيستولوجية-: في شأن المعرفة والسلطة و.. العدالة!
-
انتخابات نيابية في سورية أم موسم لصناعة العصبيات؟
-
شاذ، استثنائي، وغير شرعي: المعرفة والمعارضة في سورية
-
ديمقراطية، علمانية، أم عقلنة الدولة؟
-
في أصول التطرف معرفيا وسياسيا، عربيا وكرديا
-
اعتزال الحرب الباردة الجديدة
-
عوالم المعتقلين السياسيين السابقين في سوريا
-
الثقافة الوطنية والدستور كوجهين للشرعية السياسية
-
عناصر أولية لمقاربة أزمة الدولة الوطنية في سوريا
-
تأملات في أحوال الهوية الوطنية السورية وتحولاتها
-
من الاتهام بالطائفية والتبرؤ منها إلى نقدها ومقاومتها
-
في أصل -اللاتناسب- الإسرائيلي و-الإرهاب- العربي
-
مقام الصداقة
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|