مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 13:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
السلام , والأممية , والإشتراكية الديمقراطية في الإنجيل – أضواء على العهد الجديد - الثالث والأخير .
أتابع .. كشف وإبراز الاّيات الواردة في ( العهد الجديد ) التي تتضمن المبادئ الرئيسية الهامة في حياة الشعوب ... كعنوان تجسيد وتعبير عن قيم العدالة والمساواة والمحبة والسلام , والتي تشكّل دستورا للمجتمعات البشرية وخلاصها . هذه القيم والمبادئ التي ناضل الإنسان في سبيلها منذ اّلاف السنين بطرق ووسائل مختلفة وما يزال ... لأن الطبيعة البشرية بحاجة دوما إلى تقويم وقوانين باستمرار حتى لا تتحوّل إلى غرائز وشرائع حيوانية .
والتقويم يأتي عبرالنضال اليومي في التربية والتعليم والنظم الإقتصادية والسياسية في المجتمعات الديمقراطية الحقيقية الصحيحة . لخدمة الإنسان وتحرره ورقيه وتقدمه . وهذه مهمة وواجب المثقفين والسياسيين الصادقين الذين أخذوا على عاتقهم تغيير المجتمعات المتخلّفة الإستبدادية والرجعية , والرأسمالية المتوحشة . وبناء مجتمعات جديدة يسودها القانون والمؤسسات الدستورية , على مبادئ وقيم الحرية والتقدم .. والمحبة والسلام .
في الأجزاء السابقة رأينا كيف كان ( يسوع المسيح ) .. يعلّم ويعظ وينظّم ويربّي ويداوي المرضى , نفسيا وجسديا وروحيا - ويعلّم تلاميذه كذلك - ويكرز للسلام الداخلي الشخصي والخارجي , للمحبة .. لقبول ومحبة الإنسان الاّخر القريب والبعيد والحوار والتواصل والمشاركة معه في كل شئ . .. ووقف ضد الممنوعات التي فرضتها الشريعة اليهودية , وضد الممارسات والتقاليد الدينية الخاطئة .. أي أن رسالته ليس لها حدودًا ولا زماناً تخترق حدود الزمان والمكان , الجغرافيا والصعوبات والأجناس والأقوام والطبقات والثقافات واللغات , أي جسّد الأممية بكل معانيها وأبعادها ..
علّمهم احترام العمل وعدم عبادة المال و أن لايصبح الإنسان عبدًا له والإبتعاد عن الثرثرة والغرور والكبرياء والمظاهر , والإهتمام بالجوهر , وأن يحترم الإنسان جسده وعدم تلوثه والمتاجرة به , و وحّد الناس ليس بالقوة والعصا والأوامر , بل بالتعليم بالحوار والإقناع ..
ولد يسوع المسيح فقيراً وعاش فقيراّ مضطهداً ... لكنه تحدَى روما وأحبار اليهود بقوة وثقة بالنفس والميادئ التي نادى بها , أمام غطرسة " بيلاطس " ممثل روما في فلسطين التي كانت مهيمنة على العالم القديم كله ...
.... قرأنا في الأجزاء السابقة كيف تألم يسوع كثيرا وحورب واضطهد على يدي شيوخ المعابد ورؤساء الكهنة ومعلّمي الشريعة , لأنه انتقد الشريعة وثار على الظلم والفساد والتخلّف والتعصّب والتزمَت الديني , وقد كلّفه ذلك حياته وصلبه فداء لتعاليمه وثورته الإجتماعية والسياسية ..... فبقرار سياسي من الرومان , وبتحريض وموافقة شيوخ اليهود ومعلمو الشريعة , سلم يسوع للصلب والموت . .... قاعدة المحتل دائما هي هي .. في كل زمان ومكان على مسار التاريخ الإستعماري , التبرؤ من جرائمها كما قال بيلاطس : " أنا برئ من دم هذا الرجل الصالح .....!!؟؟
........
تتوالى الاّيات في ( الإنجيل ) بغزارة حول الحرية والإشتراكية والمساواة والسلام والحق والفرح وحب الحياة وكرامة الإنسان واحترامه , وهنا أجمل ما قرأت في هذا الموضوع :
- " أذكروا المقيّدين كأنكم مقيّدون .... - في طبعات أخرى - أذكروا المسجونين كأنكم مسجونون معهم , واذكروا المرهقين لأنكم أنتم أيضا في جسد " . " . – أما الشيوخ الذين بينكم فأناشدهم , أنا الشيخ مثلهم والشاهد لألاّم المسيح وشريك المجد الذي سيظهر قريبا , أن يرعوا رعية الله التي في عنايتهم ويحرسوها طوعا لا جبرا , كما يريد الله , لا رغبة في مكسب خسيس , بل بحماسة . ولا تتسلّطوا على الذين هم في عنايتكم , بل كونوا قدوة للرعية ..." ( بطرس الأولى – 5 ) .
- درس بليغ في التحرر من العبودية قدّمه بولس الرسول في رسالته إلى فيلمون لقبول العبد ( أونيسموس ) كأخ عند فيلمون مهمة جدًا ورائعة جدا في القيادة القدوة والقول والفعل معا . في التجربة الذاتية الحية للعتق من العبودية والتحرر ؟ في اّية : شفاعة بولس لأونيسمس –
- " أنا رجل حر عند الناس , ولكني جعلت من نفسي عبدًا لجميع الناس حتى أربح أكثرهم ......... وصرت للضعفاء ضعيفاً لأربح الضعفاء . أعمل هذا كله في سبيل البشارة لأشارك في خيراتها ... " ( قورنثوس الأولى 9 : 14 )
- " مكتوب : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله .. "
- " محبة المال أصل لكل الشرور" .. ( تيموثاوس – 1 ) .
- " للذين يخدمون المنزل أن يأكلوا منه... " بولس
- " لا تنسوا فعل الخير والتوزيع . " بولس
- " أطلبوا تجدوا , إقرعوا يفتح لكم " .
- " لا تنسوا ضيافة الغرباء " .. ليضيف بعضكم بعضا بلا دندنة " . أو كونوا مضيفين بعضكم لبعض بلا دمدمة .( رسالة بطرس ) .
- " أرسلني ... لأنادي للمأسورين بالإطلاق .. والعمي بالبصر , وأرسل المنسحقين في الحرية " .
- إنذار الأغنياء - " ابكوا ونوحوا على المصائب التي ستنزل بكم , أموالكم فسدت وثيابكم أكلها العث , ذهبكم وفضتكم يعلوها صدأ ... تحزنون للأيام الأخيرة , والأجور المستحقَة للعمّال الذين حصدوا حقولكم التي سلبتموها يرتفع صياحها , وصراخ الحصّادين وصلت إلى مسامع الرب ... أشبعتم قلوبكم كعجل مسمن ... حكمتم على البرئ وقتلتموه وهو لا يقاومكم " . ( رسالة يعقوب 5 ) .
- " لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأوحيث ينقّب السارقون ويسرقون , بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ " ( متى 6 : 19 ) .
- " من سألك فاعطه , ومن أراد أن يقترض منك فلا تردّه . ومن طلب منك أن تمشي معه ميل فامشي معه ميلين " ( متى 5 : 42 ) .
- " لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى " .
- " الحجر الذي رفضه البنّاؤن صار رأس الزاوية , هذا ما صنعه الرب , فيا للعجب !! " ( مرقص )
- " تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونها , وأن عظماءها يتسلّطون عليها , فلا يكن هذا فيكم , بل من أراد أن يكون عظيماً فيكم فليكن لكم خادمًا . ومن أراد أن يكون الأول فيكم فليكن لجميعكم عبدًا . لأن إبن الإنسان جاء لا ليخدمه الناس , بل ليخدمهم ويفدي بحياته كثيرًا منهم . " ( مرقص ) .
- " المسيح حرّرنا لنكون أحرارا . فاثبتوا , إذن , ولا تعودوا إلى نير العبودية ......... " ( الحرية المسيحية – غلاطية – 5 )
- " كان الناس في عهد الشريعة كالصغار غير الراشدين الذين لا يحق لهم أن يتصرّفوا تصرفا حراً بما يملكون . ولكن لما جاء المسيح جعلهم راشدين ينعمون بحرية الراشدين ........ لقد صاروا أولاد الله فكيف يرغبون في العودة إلى العبودية " . ( 4 : 1 – 11 غلاطية ) ... " بيد أن الحرية لا تعني الإباحية , فلا بد للمسيحيين من أن يحسنوا فهمها ويجيدوا العمل بها سالكين سبيل المحبة والروح . ولذلك حذّر بولس أهل غلاطية من شهوات الجسد ..... " ( 5 : 25 غلاطية ) .
.......
وتتوالى أيضا اّيات السلام .. والحق :
- المجدلية .. حاملة بشارة السلام .
- " .. الله ليس إله تشويش بل إله سلام .. ( كورنثوس 16 ). " " ...... ولكن كل تأديب في الحاضر لا يرى أنه للفرح بل للحزن . وأما أخيرا فيعطي الذين يتدرّبون به ثمر بر للسلام .." ( عبرانيين 12 : 6 ) .
- " جعلتك نورًا للأمم , لتحمل الخلاص إلى أقاصي الأرض .... " " ... إذهبوا وعلّموا كل الأمم وعمّدوهم بإسم الاّب و الإبن والروح القدس ...
- هناك الكثير من الاّيات التي تركَز و تعلَم على الصدق والوضوح في تعامل التلاميذ مع بعضهم , ومع المؤمنين , وفي العلاقات الإنسانية الصحيحة , وما الصدق إلا أساس قيام العدل والحق بين الناس فيما بينهم :
- ليكن كلامكم نعم نعم , لا لا , وما زاد فهو من الشرير " ( متى 5 : 37 )
- " طهّروا نفوسكم في طاعة الحق " ( بطرس واحد ) .
- " يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق " ( رسالة يوحنا 7 ) . الحق يحرّركم .. أنا هو الطريق والحق والحياة .. يوحنا 13 .
- إن تألمتم من أجل الحق فطوباكم " .
- " إن الحياة في سبيل الحق هي الأجدر لمن عرف الحق " .
- " كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم أفعلوا هكذا أنتم أيضا بهم .... "
" إن كان عضوا واحدا يتألم فجميع الأعضاء تتألم " . ( كورنثوس واحد ) .
- " ..... والبر هو ثمرة ما يزرعه في سلام صانعو السلام " . – رسالة يعقوب –
- " .. أنار الحياة والخلود بالبشارة التي أقمت لها مبشّرا ورسولاً ومعلما للأمم , فأحتمل المشقات ولا أخجل ... ..... " ( ر ب 2 إلى تيموثاوس 1 و 2 ) -
- " فلنطلب ما فيه السلام والبنيان المشترك . لا تهدم من أجل الطعام ما صنعه الله . كل شئ طاهر ... " ( بولس رومة 14 ) -
- لنقبّل بعضنا بعضا بالمودّة . ولنعط السلام الواحد للاّخر . سلامً بلا رياء , سلاماً خالياً من الخداع .
- أعدّوا الطريق لطريق السلام . " " .. .. لأن الله دعاكم أن تعيشوا بسلام " ( قورنثوس 7 : 15 ) .
- بولس يوصي برسائله من سجن روما ب فيبة , مريم , برسقة , وأقيلا , ويشكر جهودهن , ........ وتحيّات إلى طروفانية , روفس , وعلى أمه , التي هي كأمي . ...... ونيروس وأخته , وجوليا , ....... ليسلم بعضكم على بعض بقبلة مقدّسة , كنائس المسيح كلها تسلم عليكم . " ( 16 : 12 رومة ا) . كل هذه الأسماء النسائية التي يذكرها بولس الرسول في رسالته هذه , كلهن كنَ خادمات ومعاونات ومجاهدات في الكنائس , وحموا المؤمنين الأوائل عندهم أيام الإضطهادات . . وفتحن بيوتهن أيضا ككنائس للمؤمنين ..
- مهما كان سلوككم في المحبة ....... لكن أريدكم أن تنموا ........" مهما كانت درجة حبكم للسلام , المهم أن يبدأ ذهنكم ينمو للسلام , وفي السلام , في القضاء على العداوة والكره والخصام .... " بولس
- " إن كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا , فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضا " .
- هكذا , أحب الله العالم ...."
- أترك كل شئ وهلمّ واتبعني " . - مرقص 10 : 21 -
- لقد دعوت غير شعبي شعبي .
- " ... لسنا كالكثرة التي تتاجر بكلام الله ..."
- الرب هو الروح , وحيث روح الرب تكون الحرية " ( رسالة بولس 2 قورنثوس 3 : 17 ) .
* *
- نزول الروح القدس على غير اليهود ( قمة الأممية والإنسانية ) ..... وأبلغ مثال في هذه الاّية : " ..... فتعجّب أهل الختان الذين رافقوا بطرس حين رأوا أن الله أفاض هبة الروح القدس على غير اليهود أيضا , لأنهم سمعوهم يتكلمون بلغات غير لغتهم ويعظمون الله . فقال بطرس : " هؤلاء الناس نالوا الروح القدس مثلنا نحن , فمن يمكنه أن يمنع عنهم ماء المعمودية ؟ " وأمر بأن يتعمّدوا بإسم يسوع المسيح . فدعوه إلى أن يقيم عندهم بضعة أيام .
- وسمع الرسل والإخوة في اليهودية أن غير اليهود أيضا قبلوا كلام الله . فلما صعد بطرس إلى أورشليم , خاصمه أهل الختان وقالوا له : دخلت إلى قوم غير مختونين وأكلت معهم .....!" ( أعمال 10 – 11 ) - عدد الذين اجتمعوا في علية صهيون بعد صلب وموت يسوع بلغ 120 شخصا ( كورنثوس الأولى 14 ) أي المجتمعين من كل الأقوام والبلدان وبالتالي اللغات . ويعتبر هذا المكان ( العلية ) وهذا الإجتماع هو الكنيسة الأولى للتلاميذ و للمؤمنين بيسوع وفكر وبشارة يسوع الخلاصية - فالله للجميع وليس لشعب واحد معيّن . ففيهم القبطي المصري القيرواني العربي اليوناني الأمازيغي الاّرامي السرياني الروماني المقدوني الكنعاني الفينيقي القبرصي .... الخ إلى جانب الفلسطيني واليهودي لا فرق بين إنسان واّخر .. الله للجميع وليس لشعب معيّن , وبلد معين مطوّب لهم –
- ( وهل عند الله عقارات ليوزع على كل شعب خاص قطعة أرض مطوّبة له , الأرض واسعة وهي لجميع البشر ............!!!؟؟؟؟ )- المطران جورج خضر في أحد برامج الفضائية العربية -
.......
في التضامن .. والحرية .. ورفض سلطة المال .. والسلاطين المستبدين :
- لا تهبوا أنفسكم لملوك وسلاطين . لا تكونوا عبيدا أرقّاء للمال , ما دام ربكم هو الواهب .
- " لا تخافوا الذين يقتلون الجسد ولا يقدرون أن يقتلوا النفس " . - متى -
- إن الظالمين لا يرثون ملكوت الله . " ويل للذين يبرّرون الشرير من أحل الرشوة " " .. ويل للقائلين للشر خيرا , وللخير شرًا " .
- أحملوا بعضكم أحمال بعض . فهكذا تمّموا ناموس الله . بولس –
- فعلينا نحن الاقوياء أن نحمل وهن الضعفاء , ولا نطلب ما يطيب لأنفسنا ( رومية 15 : 1 )
- المعطي المسرور يحبه الله . " لا تنسوا فعل الخير والتوزيع " . بولس
- " كل ما خلقه الله هو لك ولي "
- " .... هذا هوجسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم " ( يوحنا 6 : 47 ) .
- .....
- في احترام العمل -
- جمع التبرعات –
- التحذير من البطالة والخلل –
- " .. ليعطيكم السلام رب السلام نفسه كل حين وفي كل حال .......... "
- فنحن لم نسر بينكم سيرة باطلة ولا أكلنا الخبز من أحد مجّانا , بل عملنا ليل نهار بجد وكد لئلا نثقل على أحد : لأنه لم يكن لنا حق في ذلك , بل لأننا أردنا أن نجعل من أنفسنا قدوة تقتدون بها .
- ولما كنا عندكم أعطيناكم هذه الوصية مرارًا , وهي أنه إذا كان أحد لا يريد أن يعمل فليس له أن يأكل .........وقد بلغنا أن بينكم قوما يسيرون سيرة باطلة ولا شغل لهم سوى أنهم بكل شئ متشاغلون . فهؤلاء نوصّيهم وننشادهم الرب يسوع المسيح أن يعملوا بهدوء ويأكلوا من خبزهم . "
( بولس الثانية تسالونيكي 3 : 7 – 12 ) . ألم يكن هذا .. مبدأ من مبادئ الإشتراكية العلمية التي طبّقت في عصورنا الحديثة " من لا يعمل لا يأكل " . العمل إجباري , ولا بطالة في النظام العادل والإشتراكي الصحيح .. ؟
**
- ونريد , أيها الإخوة أن نخبركم بما فعله نعمة الله في كنائس مقدونية . فهم مع كثرة المصاعب .... فرحوافرحا عظيما وتحوّل فقرهم الشديد إلى غنى بسخائهم .... . وأشهد أنهم أعطوا على قدر طاقتهم , بل فوق طاقتهم , ومن تلقاء أنفسهم وألحّوا علينا أن نمن عليهم بالإشتراك في إعانة الإخوة القديسين - في فلسطين وغير فلسطين - ........ لا أعني أن تكونوا في ضيق ويكون غيركم في راحة , بل أعني أن تكون بينكم مساواة , فيسد رخاؤكم ما بعوزكم غدا , فتتم المساواة ....." - ( بولس 2 كورنثوس 8 ) .
- تقبّلوا كلامنا برحابة صدر , فإنا لم نظلم أحدا ولم نفقر أحدا ولم نستغل أحدًا " ( بولس 2 قورنثوس 7 : 2 ) .
- " من له ثوبان فليعط من ليس له , ومن له طعام فليفعل هكذا " .
- " من يحب الفضة لا يشبع من الفضّة , ومن يحب الثروة لا يشبع من دخل " . " كل ما خلقه الله هو لك ولي " . " لاتنسوا فعل الخير والتوزيع " " لتكن مسيرتكم خالية من محبة المال " ( بولس ) .
- " ... فأنتم تذكرون , أيها الإخوة , جهدنا وتعبنا , فكنا نبشرّكم بشارة الله ونحن نعمل في الليل والنهار لئلا نثقل على أحد منكم . " ( بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي 2 ) . لقد كان بولس الرسول يعمل في صنع الخيام وكان صانعا ماهرا ومتدرّبا جيداً ..
- " ..... وقال يسوع لتلاميذه : " الحق الحق أقول لكم : يصعب على الغني أن يدخل ملكوت السماوات . بل أقول لكم : مرور الجمل ( والأصح الحبل = gamlo بالسريانية , هذه مني ) في ثقب الإبرة أسهل من دخول الغني ملكوت الله . " ( الرجل الغني أو خطر الغنى - متى فصل 19 ) .
بيتي بيت صلاة لجميع الأمم , وأنتم جعلتموه مغارة لصوص " ( مرقص – يسوع يطرد الباعة من الهيكل ) -
- " ... بل أخبرت أوّلا الذين في دمشق , وفي أورشليم , حتى جميع كورة اليهودية , ثم الأمم " ( أعمال 26 : 20 ) .
هكذا بالتعليم والكرازة والقدوة الذاتية.. كان أو بالأحرى تم نشر الرسالة المسيحية بين الأمم ..
- هذا غيض من فيض ... من الاّيات الإنجيلية التي تعلّم وتكرّس وتدعو إلى السلام والأخوة الإنسانية والمساواة والعدل والحق والمحبة بين البشر .
- تدعو للفرح والمحبة وحب الحياة .. تدعو للتواضع والتضحية وخدمة ومساعدة الاّخرين ماديا ومعنويا وتزرع الوحدة .. والأممية بين الشعوب ..
عالمية البشارة ورسالة السيد المسيح , جسّدها بولس الرسول في الكثير من رسائله كما قرأنا في هذه الدراسة ...... وما زلنا نسجّل المزيد ونضئ عليها :
- " فرحنا يجب أن يفيض ويعدي ويملأ الاّخرين .... ( يوحنا 16 – 24 ) - ... ليكون فرحكم كاملا " ( يوحنا 17 – 13 ) – ليكون له ... ويكون سروري كاملا فيهم .. " " فرح الرب هو قوّتي " . التركيز في الاّيات الكثيرة على الفرح والسرور والرجاء والأمل وحب الحياة دوما . مهما كنت محبطًا أخي القارئ و متألما وحزيناً .. كسّر القيود وغيّر الصورة النمطية الروتينية , والجو المحيط بك و ابتسم , وسترتفع معنوياتك .. أنت الذي تصنع الفرح وليس إنسان اّخر مسؤول عن فرحك الشخصي .. استمتع بيومك واستثمره بالخير والتفاؤل والرجاء ,
خصوصا في هذه الايام التي لم تحمل لنا وللبشرية سوى الماّسي , والأحزان , والإجرام .. ؟
" صابرين في الضيق , فرحين في الرجاء " .
" فقد سمعتم بهذا الرجاء في كلام الحق أي في البشارة التي وصلت إليكم كما وصلت إلى العالم أجمع . " ( 1 : 6 قولوسي ) .
- ...........
- في التجدّد والتغيير.. الكثير من الاّيات وردت ( في الإنجيل ) وهذه أمثلة منها :
- لقد كان يسوع ثورة في التغييَر والتجديد .. دعى السيّد المسيح - تلاميذه إلى التفتح العقلي والفكري والتخلي عن تحجَر التفكير وكره الاّخر وتخطي العادات والممارسات القديمة السيئة وأن يتجاوزوا التقاليد والعادات الدينية الغير منطقية التي يطبقونها كالببغاءات دون محاكمة وتقييم للمكان والزمان , ودعاهم أ لا يجعلوها قيدًا تتحكم بهم ليصبحوا أبناء الله ومتجددين دوماً . " ليشرق من الظلمة نور " .. .. فهو الذي مكننا من خدمة العهد الجديد , عهد الروح لا عهد الحرف , لأن الحرف يميت والروح يحيي " .. ( قورنثوس 2 - 3 و 4 : 6 ) . " .. الحق أقول لكم : " إن كنتم لا تتغيرون وتصيرون مثل الأطفال , فلن تدخلوا ملكوت السماوات من اتضّع وصار مثل هذا الطفل فهو الأعظم في ملكوت السمتوات .. ..." مرقص 9 – 23 –
- " كل الأشياء تحل لي , ولكن لا يتسلّط عليّ شئ " . ( كورنثوس واحد ) .
- " نقّوا منكم الخميرة العتيقة , لكي تكونوا عجيناً جديدًا " .
- " .. كانت الأهواء الأثيمة تعمل في أعضائنا متذرّعة بالشريعة , لكي تثمر للموت , أما الاّن وقد متنا عما كان يعتقلنا , حللنا من الشريعة وأصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد , لا في نظام الحرف القديم ( رومة الأولى 6 : 12 ) .
*
- الكلمة التي جاء بها السيَد المسيح هي لخدمة الفقراء والمساكين والمرضى والمهملين والمحتقرين والأشرار والخاطئين . " لم أرسل للأصحاء بل للمرضى ...؟؟؟ كلمته ابتعدت عن الحرفية والميكانيكية في الناموس والشريعة . قيمة الإنسا ن مقدسة لديه لأنه .. إبن الله , إحترامه للإنسان لأنه إبن الله , إخوة الله , والإنسان قيمة مقدسة . سأله أحد تلاميذه مرة : يا معلّم علمنا أن نصلّي كما علّم يوحنا تلاميذه , فقال يسوع : " متى صليّتم فقولوا ا : أبانا الذي في السموات , ليتقدّس إسمك , الخ ......... " وتسمى ب ( الصلاة الربيّة ) وما زالت هذه الصلاة تتلى في الكنائس قبل تناول القربان في كل قدّاس وصلاة . لأن يسوع رفع الإنسان من مرتبة العبد , إلى مرتبة البنوّة والألوهة . ( لوقا 11 ) .
- كلمة المسيح بعيدة عن التعصَب القومي والطائفي والديني مليئة بحب الحياة فائضة بالمودة والحب داعية لتجديد العقل والفكر .... في الحقيقية أرى أن المسيحية حلّت موضوع فصل الدين عن الدولة ... و أول من تكلم عن هذا الموضوع هو - السيد المسيح – منذ أيام المسيح عبر إعطاء الاّية ( ما لقيصر لقيصر , وما لله لله ) – ولكن رجال الدولة فيما بعد هم الذين تدخلوا في شؤون الدين عندما ترأس الأباطرة الرومان مجامع الكنيسة المسكونية على عهد الأمبراطور قسطنطين عام 325 م ؟
*
- وصايا عامة في الحياة المسيحية . أو السلوك المسيحي . الحياة الجديدة بالمسيح : وعظ ونصح وإرشاد :
- ذاك ما كنتم عليه في ما مضى حين كنتم تحيون في هذه المنكرات . اما الاّن فدعوا عنكم أنتم أيضا كل مافيه غضب وسخط وخبث وشتيمة . لا تنطقوا بقبيح الكلام ولا يكذب بعضكم بعضاً , فقد خلعتم الإنسان القديم وخلعتم معه أعماله , ولبستم الإنسان الجديد ذاك الذي يسير إلى المعرفة الحقيقية في تجدّد على صورة خالقه .
- فلم يبق هناك يوناني أو يهودي , ولا ختان أو قلف , ولا أعجمي أو سكوتي , ولا عبد أو حر , بل المسيح الذي هو كل شئ وفي كل شئ . ...." .
- (رسالة القديس بولس إلى كنيسة كولوسي - 3 ) .
- " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هو ذا الكل قد صار جديدَا " .
- كونوا قديسين كما أنا قدّوس . " كونوا كاملين كما أن أبوكم الذي في السماوات هو كامل " ..
- ما أروع هذا الكلام الذي يجعل من الأنسان المخلوق على صورة الله ومثاله .. هو إبن لله مقدّسا وكاملا ..! يطلب من الإنسان أن يسمو إلى مصاف الله ...به شاء أن يصالح كل موجود سواء في الأرض وفي السماوات فهو الذي حقق السلام بدمه على الصليب " ( ق 1 : 15 ) .
- " حينئذ , فتح ذهنهم ليفهموا الكتب " ( لوقا 24 : 45 ) .
- " إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون , فهذا فضل عند الله " . " أكرموا الجميع , أحبوا الإخوة , خافوا الله " .
** ...... عملية الإقتلاع , إقتلاع القديم ولبس الجديد , هذه لدى الكثيرين عملية صعبة وشاقّة . أي إقتلاع العادات السية , الأعشاب الضارة من حديقة تفكيرنا التي نمت تحت سلطات دينية وغير دينية رجعية ومتعصَبة , يلزمها صبر وطول أناة وهدوء , ومعرفة ماذا سنزرع بدلاَ منها نحن , ونعمل باستمرار عملية زرع جديدة باستمرار.. إقتلاع وزرع , فلا يكفي أن تزرع البذار بل أن تقتلع دوما الأعشاب الضارة لتبقى أفكارنا صحيحة ومتجددة وعصرية , عليكم التخلي عنها لأنها لم تعد تصلح اليوم أوغدا . وويل لمن يبقى يعيش في الماضي البعيد ولا يرضى التقدّم شبرًا واحدا أو خطوة في عقلية وساحة الحاضر الجديد .......!!؟؟ والويل الأكبر.. أو الظلمة والظلم الأكبر من يأخذ شعباً بكامله يجرّه من رقبته أو يقيّد أقدامه ليبقى معه في الظلام والماوراء ..
كما تفعل الديكتاتوريات في عصرنا ... ؟؟
.......
التواضع .. خدمة الاّخرين .. التضحية .. تجاوز الماضي المعيق للتحرر والتقدم :
جاء يسوع يطلب ويخلص ما قد هلك - ... لأني ما جئت لأدين العالم بل لأخلَص العالم
لم يأت ليخدَم , بل ليخدم ويبذل نفسه .
لم يأت ليدع أبرارا , بل خطاة
لم يأت للأصحّاء , بل للمرضى
السيد المسيح صار فقيرا ليجعلنا أغنياء .
" ليكن أكبركم خادما لكم , فمن يرفع نفسه ينخفض , ومن يخفض نفسه يرتفع " . ( متى ) .
معظم الذين تقبّلوا الإنجيل كانوا من العبيد والعامة والوثنيين ..
- " .... فإذا كان الإنسان الظاهر فينا سائرا إلى الفناء , فالإنسان الباطن يتجدّد يوماً بعد يوم " ( 4 : 16 ) .
......
- لقد تواضع يسوع ( المعلّم ) وغسل أرجل التلاميذ . وفي هذه أمثولة لهم ودرس رمزي هام للجميع :
- ( يسوع يغسل أرجل التلاميذ يوحنا 13) " .... أنت الاّن لا تفهم ما أنا أعمل , ولكنك ستفهمه فيما بعد ...... وإذا كنت أنا السيد والمعلم غسلت أرجلكم , فيجب عليكم أنتم أيضا أن يغسل بعضكم أرجل بعض . وأنا أعطيتكم ما تقتدون به , فتعلّموا ما عملته لكم ........ " . – أتى نهار الخميس " خميس الأسرار " قبل يوم من إعتقال يسوع وصلبه نهار ( الجمعة العظيمة ) . يتراءى لي .. بأن السيد المسيح , أراد في هذا العمل أو الدرس أو " الطقس الديني" الجديد البليغ في التواضع , إعطاء تلاميذه الكثير من الدروس والمعاني الكبيرة والبعيدة ..... أولا- لكي ينمو تلاميذه في خدمة الاّخرين بنكران ذات و دون كبرياء وتعالي وغرور ومنفخة أ وإحتقار الصغير والفقير , أو عبادة الزعيم المتعالي فوق شعبه . ثانيا - ليدلهم أيضاً على طرق وأساليب جديدة لم يسيروا فيها أو عليها من قبل , وكأنه يقول لهم في سرَه - عليكم أن تنظفوا أقدامكم من الطريق القديمة التي كنتم تتعثّرون فيها بالصخور والأشواك والعقبات , وتتركوا الإنسان القديم فيكم وتبدأوا خطًا جديدًا .. ويتركوا معتقداتهم وسلبياتهم وأخطائهم وتقاليدهم القديمة البالية التي لم تعد تتلاءم والعصر والوعي الجديد والحياة الجديدة , الشرائع اللاإنسانية المتزمتة ( الصنمية ) الكارهة الاّخر , الحاملة رواسب الماضي . أن ينظفوا أقدامهم وأرجلهم بكل ما علق بها من رواسب وغباروأوساخ الطريق القديمة ويبدأوا من جديد بنظافة الأقدام والعقول . " إذا خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله , ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه ..." لعمري هذا الكلام والوعظ هو قمة الديالكتيك والتطوّر رغم طوباوينه .... إنزعوا عنكم الإنسان العتيق , وأفكاره العشائرية والصنمية والسطحية الأقليمية الضيقة , وافتحوا عقولكم للتجدَد والمعرفة وتغيير الحياة نحو الأفضل . لأن الإنسان عندما يعيش في الأخطاء والخطايا لا يعيش بالسعادة والفرح , بل بالوساخة والألم والحزن والتشاؤم والتزمَت والخوف والترهيب والعبودية , فالنظافة هي الحرية والجمال والطهارة .. هي الجديد دوما في تألق الروح والنفس والفرح ... والمتعة والراحة . الماضي ذهب .. ولم يعد يرجع نحن نعيش الحاضر ونبني للمستقبل فأنا إبن هذا اليوم الجديد والعصر الجديد أبناء الحياة فعلي واجب إضافة ما تعلمته من تجربتي لخدمة حاضري ...
.........
- دعوة إلى العيش في الحاضر وبناء المستقبل .. الماضي ولىّ مضى لا تأسروا عقولكم فيه .. عيشوا يومكم عيشوا الحاضر وابنوا المستقبل .. هذه لعمري منتهى التقدّم والفكر النظيف الديناميكي الحي .. الديالكتيكي .
- والاّيات كثيرة في هذا المعنى تركز كلها على تجدد الفكر والعمل والأسلوب , وبالتالي الحياة كما في الأمثلة التالية :
- ما من أحد يرقّع ثوبا عتيقا برقعة من ثوب جديدة لئلا تنتزع الرقعة الجديدة شيئا من الثوب العتيق فيتسع الخرق "
- قال يسوع : " ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله " ( لوقا – 9 – 12 ) .
- أنسى ما هو وراء , وتقدّم إلى ما هو أمام . إنني اليوم غير ما كنت عليه من قبل .
- إخلعوا الإنسان العتيق مع أعماله " ( كورنثوس ) .
- " ما من أحد يضع خمرًا جديدة في أوعية من جلد عتيقة , لئلا تشق الخمر الجديدة الأوعية , فتتلف الخمر والأوعية معا . ولكن للخمر الجديدة أوعية جديدة ". ( متى ) -
- هكذا الأفكار الجديدة الصحيحة تولد وتنمو وسط الممارسة والعمل والعيش وسط الميدان بتماس الناس والحركة اليومية المتجددة , وليس الإقصاء والتهميش والإبعاد والعيش بالماضي المؤبَد الذي لا يولد سوى قحط المجتمعات والفرد معا والشلل والموات وفقدان الحيوية والتفاعل والنهوض ..
..........
**
الفنّان المبدع هو الذي يخلق بلوحاته الفرح للمشاهد . ونحن أيضا نكتب للفرح ... لأن الكلمة فرح وغبطة وسرور ... نساهم في ثقافة الحياة .. ثقافة الأمل والتفاؤل . لأن التغيير لا يحصل بالموت والفناء والحروب والأجواء الحزينة المؤلمة . التغيير يقوم بحب الحياة والتغني بها عن الجمال عن الروعة عن الإنسانية عن الجماعة التي هي العطاءوالديناميكية , وتمثل الحركة والتطور و بالتالي السعادة .
ألم تكن معجزة الخمر في عرس قانا الجليل ( الفينيقية - الكنعانية ) أول أعجوبة للمسيح يصنعها خارج فلسطين لها مغزى كبير ومتعدَد الأهداف للفرح وأكسير الفرح ..؟ أوَلا – تكريمه للعائلة والحب – ثانيا – أهمية الفرح في حياة الإنسان ومشاركة الجميع فيه من أقرباء وأصدقاء وجيران وووو الخ ثالثا 3 – الفرح يعاش مع الاّخرين , بعكس الحزن رابعا – الفرح يفيض البركة والبهجة كما في المثل : " كل شئ يؤكل منه أو يوزّع منه الله بيبارك فيه " . وهذا يدل على الكرم والعطاء ومحبة الناس لبعضها ..
ألم تكن السعادة والفرح هي أمل وهدف كل مناضل بأن يقدّم الفرح والسلام لشعبه ليبعد الألم والحزن والمجاعة والموت والأمراض والتلوث والفقر والفساد والحروب والسموم وأمراض العصر القاتلة ....؟؟؟
لنرى العهذ الجديد ماذا غيَر وقدم في هذا المجال وما هو العمق الذي اخترقه فكر المسيح في الوسط الشعبي وبين جماعته وإلى أي مدى ذهب في دك أسافين الثقافة القديمة المعمَرة بالظلم والتفرقة والعبودية ؟ وما هو الثمن الذي قدمه هو شخصيا وتلاميذه من بعده والمؤمنين به .. ؟؟ دائما علمنا التاريخ أن كل تغيير وكل ثورة في العقل والفكر وعلى الأرض أيضا , لها ثمن باهظ , أعتقد أننا ما زلنا نعيش فصول تغيير من نوع جديد اليوم نشاهد في منطقتنا فصوله الأكثر دموية واجتياحا ورعبا ودماء بفضل وسيلة القوة التي استعملت في التغيير القسري للأنظمة الإستبدادية , والهادف إلى غايات تخدم إجندات أجنبية إمبريالية وبعضها لها ثأر تاريخي قديم مع الأسف !!؟؟
- ............
- الفرح ... وحب الحياة ........ والإجتماع الدائم مع الناس .... والتواصل ..... والحوارات , ركّز عليها السيد المسيح في كل تعاليمه وعظاته لتلاميذه والجموع التي التقت به ومشت معه . دعاهم للتمتع بالحياة , وجمال الحياة , وهم من يصنع هذا التغيير في المجتمع ونقله من حالة إلى أخرى بتغيير عقولهم وأذهانهم وسلوكهم الإنساني معهم – أي سلوك التلاميذ مع الناس - واللقاء وخدمة الاّخر فرح ومتعة . علّمهم ألا يتقوقعوا ويتزمّتوا , وعدم الخوف أو الكره من الاّخر المختلف في الدين واللغة والرأي والثقافة, بل بالعكس , ولذلك وجدنا ه مرّة في بيت مرتا ومريم ولعازاريتناول معهم الطعام , ومرة يحضر ويشترك ويبارك الخمر - في عرس ( قانا الجليل ) بنور المحبة والفرح تطفح أجران الخمر رقصا ونشوة .. وبيد ( الأم المباركة ) مريم .. يزداد الطعام .. وتتبارك من روحها المائدة . لأن الأم بركة , أي أم , لأن روحها جزء من روح الله روح المحبة - ربما كان العرس هذالأحد أقرباء مريم أم يسوع .. ربما ؟؟ يمشي ويجتمع مع تلاميذه , مع الجموع في البراري وسفوح الجبال وسواحل البحار وضفاف البحيرات وأودية الأنهار , في بيوت سرية , في الهيكل ووووو الخ .... كانت المسيحية ورشة عمل وحركة نشاط وامتداد .. في كل منطقة زارها وعلّم فيها المعلم يسوع ...
- ..
- كلمتكم بهذا ليكون فرحي فيكم ويتم فرحكم " . يوحنا .
- " أما أنا فجئت لتكون لهم حياة ... بل ملء الحياة " ( يوحنا 10 : 11 ) .
- " ما كان الله إله أموات بل إله أحياء " . " نحن أحرار , وليس مسيّرين " .
- " فإن كان من عزاء في المسيح , ومن هناء في المحبة , ومن مشاركة في الروح , ومن حنان ورأفة , فتمّموا فرحي بان تكونوا على رأي واحد ومحبة واحدة وقلب واحد وفكر واحد , منزّهين عن التحزب والتباهي , متواضعين في تفضيل الاّخرين على أنفسكم , ناظرين لا إلى منفعتكم , بل إلى منفعة غيركم , فكونوا على فكر المسيح يسوع ..." ( فيلبّي 2 ) .
- " أنا هو نور العالم , من يتبعني , فلا يمشي في الظلمة , بل يكون له نور الحياة " ( يوحنا ) .
- أضيئوا في العالم – أعملوا كل شئ من غير تذمّر ولا خصام ... تضيئون فيه كالكواكب في الكون , متمسّكين بكلمة الحياة , فأفتخر في يوم المسيح بأني ما سعيت ولا تعبت عبثا . فلو سفكت دمي قرباناً على ذبيحة إيمانكم وخدمته , لفرحت وابتهجت معكم جميعا , فافرحوا أنتم أيضا وابتهجوا معي . " ........وبعد , يا إخوتي , فافرحوا في الرب , لا تزعجني الكتابة إليكم بالأشياء نفسها , ففي تكرارها سلامة لكم. احترسوا من الكلاب , احترسوا من عمّال السوء , احترسوا من أولئك الذين يشوّهون الجسد .. " ( رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 2 – 3 - ) " إفرحوا في كل حين , وأقول لكم أيضا إفرحوا ...." القدّيس بولس وهو في سجن روما - بين المجاري , وهو يجلس في غرفته المنفردة وفي قمة ألمه , يطلب من رفاقه وإخوته والمؤمنين كافة الفرح والفرح ثم الفرح - هذه الروح الممتلئة فرحا ونعمة وشجاعة وأملا وإيمانا بانتصار الحق والكلمة الصادقة وهو في هذه الظروف وسط الضيق والعذاب ... . كم هو رائع هذا القدّيس ..!؟؟ كل موقف له ثمن الناس الصادقون يتألمون دائما – وكل إنسان صادق و صاحب قضية إنسانية سيتألم بدون شك , وهكذا كان كل تلاميذ المسيح ورسله وماتوا شهداء الموقف والإيما ن والكلمة الحرَة ...
* *
- عزّوا بعضكم بعضا وابنوا أحدكم الاّخر . " كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير " . " غاية الوصية هي المحبة , من قلب طاهر , وضمير صالح , وإيمان بلا رياء " - تيطس -
- الرب ينمّيكم ويزيدكم في المحبة بعضكم لبعض وللجميع . تسالونيكي 1 – 3 : 12 . من لا يحب لا يعرف الله , لأن الله محبة , ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه . ( يوحنا الأولى 4 و 5 ) .
- يوحنا الأولى 3 – " أنظروا كم أحبكم الاّب حتى ندعى أبناء الله , ونحن بالحقيقة أبناؤه ..." .
- " أيها الأحباء لنحب بعضنا لأن المحبة هي من الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله . ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة " ( يوحنا 4 : 7 و 8 ) .
- أحبوا بعضكم بعضا .. .. " يوحنا 3 – 4 .. " كونوا حذرين كالحيّات , وودعاء كالحمام " - متى -
- لقد جاء المسيح لكي يعطي كلامنا الملح الضروري لكي نحيا ونحب الحياة . " كلامي روح وحياة " .
- لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه , بل كل واحد إلى ما هو لاّخرين أيضا . " - فيليبي 2 .
-
- الدين أخلاق .. الأديان أتت للسعادة للحياة , سعادة الإنسان أليس كذلك ؟ فالدين محبة وإخاء وخدمة وتضحية وفداء وليس الدين هو لتعليم الناس ثقافة الكراهية وحب الأنانية والموت .. ( حيث يكون كنزك يكون قلبك ) . ( من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني ) .
- " من لا يحب أخاه الذي أبصره , كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره ؟ " بولس .
-
- ولذلك نستطيع أن نقول بأن التعاليم والثقافة التي أراد يسوع نشرها وتعميقها هي ثقافة المحبة والتسامح , ثقافة وفكر الحياة وليس الموت والحروب والقتل والعنف والجريمة والخيانة والجنس والجاسوسية والسطو وعبادة المال واحتقار المرأة والإنسان عامة .... وووو إلى ما هنالك في قاموس العهد القديم . .. ؟؟
-
- تتفرّد المسيحية بفرادتها .. بمخلّصها ... بكتابها , بأنها ليس لها شرائع ومذاهب ملزمة وإجبارية ومكرهة في الصلاة والعبادة والصوم والطعام ممنوع مسموح لا تأكل كذا ولا كذا وووو الخ ... بل أعطى الفرد منتهى الحرية والقناعة في اختياراته . لا صنمية في الحرف بل تجدد في الكنيسة لتواكب العصر ومقتضياته .. العلمية والحضارية دون التخلي عن القيم والمثل الإنسانية التي هي جوهر ومحور - العهد الجديد –
- هذه المبادئ والرسالة والبشارة , هذا الإنفتاح والحب والسلام والتسامح والإشتراكية هيّج أعداء هذ االخطاب قديما وحديثا وما زال حتى اللحظة يحارب المسيحي وكل ما يتعلق بثقافة المسيحية مادياَ ومعنويَا في فلسطين ومنطقتنا العربية كلها والعالم أجمع بشتى الوسائل والتنظيمات والمليشيات المشبوهة المعلنة والسرية ......... وما زال حتى اليوم العدو هو هو للمسيحيين القدامى والجدد " أقتله أقتله .. أصلبه أصلبه .... هجّره إقلعه .. شرّده .. شتته ... .... !!!؟؟؟؟؟؟؟
...........
* *
- متى سمي تلاميذ ورسل وكنيسة المؤمنين بيسوع مسيحيين ؟
- كنيسة أنطاكية - " ..... وفي أنطاكية – عاصمة سورية قديما - تسمّى التلاميذ أوّل مرّة بالمسيحيين " . – أعمال 11 – وسورية كلمة سريانية وكلمة السرياني أتت من سوريا والعكس سوريا من السرياني
- ما زالت مدينة أنطاكية - حتى يومنا هذا رغم إغتصابها مع لواء اسكندرون كله -- من قبل تركيا الدولة العثمانية – لها الصفة والمركز الديني المسيحي الهام .
- * *
- الممنوعات والمحظورات والتمسّك الأعمى بالتقاليد .. كيف عالجها وكيف علّم تلاميذه وتخطّيها دون صدام مباشر ودموي
- مثال : بواسطة التعليم وصنع العجائب والشفاء والتداوي نهار السبت .... لم يمنع عنهم مأكولات معينة " كل ما يدخل الفم فهو غير نجس , كل ما يدخل إلى الجسم يطهر " ..... لأن اللعاب وجهاز الكبد " المعمل الكيميائي " في الجهاز الهضمي للإنسان ومناعة الجسم كفيلة يقتل كل الجراثيم . ... .لم يمنع شرب الخمر , شرب القليل من الخمر ومباركته وتوزيعه في ( الأعراس والأفراح ) وحفلات الوداع - العشاء الأخير السرّي ؟؟؟؟
- ... وغيرها وغيرها ... وقد أشرت إليها بالأمثلة في الأقسام السابقة .. وكذلك هنا المزيد ...
-
- " تعرفون أن اليهودي لا يحل له أن يخالط أجنبيا أو يدخل بيته لكن الله أراني أن لا أحسب أحدا من الناس نجسا أو دنسا ...." أعمال الرسل 10 : 13 -
- فقال له الصوت ثانية ما أمره الله لا يدنسه إنسان أو ما طهره الله لا تعتبره أنت ... نجسا " - حديث بطرس وكورنيلوس
- .عظة بطرس - فقال بطرس : " أرى أن الله في الحقيقة لا يفضل أحدا على أحد . . 10 : 34 .
- فلا يحكمن عليكم أحد في المأكول والمشروب أو في الأعياد والأهلّة والسبوت , فما هذه كلها إلا ظل الأمور المستقبلة " ( ق 2 : 16 ) .
- " إصغوا إليّ كلكم وافهموا : " ما من شئ يدخل الإنسان من الخارج ينجّسه , ولكن ما يخرج من الإنسان هو الذي ينجّس الإنسان . من كان له أذنان تسمعان فليسمع ! " ( مرقص ) .
- " من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة : الفسق والسرقة والقتل والزنى والطمع والخبث والغش والفجور والحسد والنميمة والكبرياء والجهل . هذه المفاسد كلها تخرج من داخل الإنسان فتنجسّه " . ( مرقص ) .
...............
كان السيّد المسيح ينتقي قصصه بكل دقة . وكان لكل قصة أعماق بعيدة المدى . وكانت القصة التي حكاها عن المرأة المظلومة وقاضي الظلم , تحوي معاني قيّمة . فإن المرأة لم تكن تطلب إلا حقها الشرعي . وقد احتقرها القاضي , ولم يكترث لها . ألحّت عليه , وكرّرت الإلحاح , وواصلت في طاب حقها دون صمت حتى أعطاها حقها . ويذكر السيد المسيح أن القاضي , كان ظالما , لم يعطها حقها , إقرارا للعدالة إلا بعد إلحاحها المتكرّر . وامتدح المسيح الإلحاح في سبيل الحصول على الحق . وكان للمرأة دوراّ هاماّ ورئيسيأ في سرعة تقبل البشارة والدعوة لها كما تخبرنا الاّية التالية:
" إن عدد النساء اللواتي أصبحن مسيحيات كان وافرا " ( قورنثوس 8 : 12 )
- من خلال تعاليم ( السيد المسيح ) وتصرفاته , يمكننا أن نكتشف القيم والمبادئ التالية التي أراد أن يرسيها :
- أوّلا – المرأة إنسان –
- لم يحاول المسيح , أن يقلّل شيئا من قيمتها و حريتها , أو يعيق من عملها , كما أنه لم يحاول أن يقلل من إنسانيتها , أو من قيمة أنوثتها .
- ولعل موقف السيد المسيح مع المرأة السامرية عند البئر , كان مثيرًا . فقد دهش التلاميذ عندما رأوه يتكلم مع امرأة ( يوحنا 4 : 27 ) فالإعتراض الرئيسي كان لمجرد حديثه إلى امرأة كإنسان عادي في المجتمع , مما كان غير متعارف عليه . وبل إن حديث رجل إلى إمرأة كان يقلّل من شأن الرجل . ولم يكن السيد المسيح يكترث لرأي الناس في هذا الشأن . أشفق المسيح على المرأة , وتجاوب معها . أشفق على أرملة نايين وأقام إبنها , شفى حماة بطرس , شفى امرأة داخل الهيكل ( لوقا 13 : 10 – 17 ) عامل المرأة كما عامل الرجل بمساواة كاملة دون تمييز . إنه الذي وضع مبدأ " كل ماتريدون أن يفعل الناس بكم إفعلوا هكذا أنتم ايضا بهم " ( متى 7 : 12 ) كان لا بد أن يمارس هذا المبدأ في علاقة الرجل والمرأة .
- وعندما تحدّث المسيح على أن دعوته لملكوت السماوات تثير الأم ضد حماتها . كان يتحث عن أن أولئك النسوة اللواتي – بسبب الإيمان بالمسيح – يدخلن في خلاف مع أقرب الناس إليهن . ولعله كان يقصد من وراء ذلك أن المرأة المسيحية , ذاتية مستقلة تعبّر عن رأيها , في شجاعة , دون الخضوع لسلطان اّخر عليها .
- ثانيا – حرّر المرأة من سلطان الرجل الظالم , والمجتمع وشرائعه .
- كان اليهود – في عهد المسيح – يصرّحون بالطلاق لأتفه الأسباب . فإن هليل ( معلم يهودي ) كان يسمح بالطلاق إن أفسدت المرأة الطعام . وشمعي ( معلم يهودي أيضا ) سمح به في حالة حدوث شئ مخل , وهناك من سمح به في حالة رؤية الرجل لأمرأة أخرى يستحسنها .
- نادى المسيح بعدم السماح للرجل أن يطلّق امرأته إلا لعلة واحدة وهي الزنى . وبذلك حرّر المسيح المرأة من سلطان الرجل الذي كان يطلقها لأتفه الأسباب . وكان قرار المسيح بعدم الطلاق حماية للمرأة من عبث الرجل , واستقرارا للأسرة ( متى 5 : 32 ) لذلك قال : ( ما جمعه الله لايفرقه إنسان ) .
- لقد أراد السيد المسيح أن يثبت قيم الأسرة وعلاقة العهد التي تربط الإثنين معا . أي رجل واحد وامرأة واحدة متساويان في المكانة , متعاونان في الرسالة والعمل , يحرصان على حياتهما الزوجية كل رحلة العمر . بل ان الموقف الصارخ الرائع للسيد المسيح كان موقفه من الزانية ,
- التي اجتمع حولها رجال من اليهود يريدون رجمها . فصاح فيهم : " من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أوّلا بحجر " .
- كان المسيح يريد تحقيق العدالة من هذه الحادثة ويعطيهم درسا في الأخلاق المسيحية . لماذا ترجم الزانية ولماذا لا يرجم الزاني ؟ أليس الزنى خطية متشابهة ومتساوية مع كافة الخطايا الأخرى ؟ ولما كتب المسيح على الأرض خطايا الرجال الذين حملوا الأحجار للرجم ؟ اثار أكبر تحد , دافع فيه عن المرأة ثم قال لها دون أن ينظر إليها - : أما دانك أحد ؟ فقالت له وقد شاهدت الرجال قد انصرفوا : لا أحد يا سيّد , فقال لها : " ولا أنا أدينك , إمض بسلام ( يوحنا 8 : 3 – 11 ) .
- بل أن حديث المسيح عن " الشهوة " , كان توجيه اللوم للناظر . فمن نظر إلى إمرأة ليشتهيها , فقد زنى بها في قلبه . فقد كان المجتمع اليهودي يتجه دائما إلى المرأة , أما المسيح فقد إتجه باللوم إلى الرجل ( متى 5 : 27 ) . ولم يقبل المسيح التطبيق على المرأة , وإخفاءها , لتفادي شهوة الرجل . فإن الرجل ملتزم بالإنضباط قدر إلتزام المرأة . لذلك وجّه السيد المسيح تهمة " الشهوة " للرجل , بنفس القدر الذي توجه بها للمرأة .
هكذا كان موقف يسوع من المرأة الإنسانة أنصفها بالعدل والمساواة مع أخيها الرجل في كل شئ ..... ولا بد ان يتدحرج الحجر عن الصدور والعقول وينتفي الظلم والعبودية وتتحرر المرأة ... لا بد من قيامة الإنسان .. لتنتصر ثقافة الحياة والمساواة .. والقيامة ....وليست ثقافة الموت والفناء ....
* *
- اّلاّيتين في إنجيل متى : ....( يسوع يشفي كسيحا - متى 9 – و يسوع يطعم أربعة اّلاف رجل - متى 15 )
- - إن عجيبة أربعة أرغفة وبضع سمكات صغيرة – بعيدا عن تفسيرها الديني – بماذا نفسّرها نحن على ضوء واقعنا أي دون التقيد الحرفي ؟ أي أن السيد المسيح .. دل من ورائها في هذا الإجتماع الجماهيري الحاشد معه في فضاء الطبيعة وحقولها , عندما تتوزّع الحاجات المتواجدة في أي مجتمع بشرى بالتساوي والعدل , أي كل شئ مشترك للجميع – أي عندما يأخذ كل واحد ( حصّته ) بالتساوي مهما كانت صغيرة أم كبيرة ستكفي الجميع ويزيد , سيشبع الجميع ويفرحوا ويشكروا .. وهكذا كان قد بارك الخبز والسمك ووزّع وشبع الجميع وزاد ... فالخمر هو رمز الفرح .. والمسرَة .. والسمك هو رمز البركة . هذه هي منتهى وقمة الإشتراكية والعدل وحقوق الإنسان . بعكس الموارد الكثيرة والغنى لدولة من الدول بتعشش الفساد والسرقة والظلم فيها فسيبقى الفقر والجوع والبطالة والإستغلال ... وعدم الشبع ..؟
**
كذلك في هذه الاّية :
" إياكم وخمير الفريسيين والصدوقيين ..." ( متى 6 : 5 ) - وكان يعني السيد المسيح في هذا القول أن يتجنبوا تعاليم الفريسيين والصدوقيين , لا خمير الخبز ..؟
* *
كذلك في اَّّية - شفاء أعميين في أريحا , أو يسوع يشفي أعميين ( متى 20 ) . - ( الأعمى ) هو الإنسان الذي لا يرى الحقائق والمتغيرات ويستمر بوضع الحجاب على عينيه حتى لا يراها عن قرب ويغيرها يبدلها يشفي يجدد رؤيته للأشياء أمامه – كل هذه الاّيات عبارة عن دروس بشكل أمثال وحكايات وعجائب , ليطرد الوهم والتعصب والخرافات والتقوقع وضد التمسّك الأعمى بالتقاليد . " العين " .. العين هي سراج الجسد وهي محركة وبوابة أو نافذة العقل والروح والنفس فلنزيل عن أعيننا طبقات التخلّف والرجعية بماء الكلمة الجديدة للإنسان الجديد كما يقول شاعرنا :
العلم يجلي العمى عن قلب صاحبه .. كما يجلي سواد الظلمة القمر .
هنا لا بد لي .. من التوسّع والشرح قليلا وإعطاء بعض الملاحظات حول " حاسة النظر " وأهميتها للإنسان في الحياة ..
أهمية التركيز على العين في الإنجيل والاّيات لها مدلولات عميقة ورمزية أبعد بكثير من مجرد عضو في الرأس عضو بارز وأمامي .. العين تعني أن قوّة الملاحظة يجب أن تكون عالية لدى المرء ليرى الأشياء جيدا بالنظر قبل التفكير والتحليل أو هي الباب أو النافذة الأولى للدخول إلى التفكير والتفسير ..
الإنجيل ركّز على " العين " حاسة النظر والتحليل والمقارنة , أي هي بالتالي جزء من جهاز العقل الذي يقارن الصورة ويفحصها و هذه الناحية أولاها أهمية في الكثير من الاّيات . العين هي مصباح الجسد . أو " سراج الجسد هو العين " وفي اّية أخرى . .. " إذا عرّضتك عينك للخطيئة فاقلعها والقها عنك "..... ماذا يقول الإنجيل : " أما أنتم فهنيئا لكم لأن عيونكم تبصر , واّذانكم تسمع " . " إذا كانت عينك سليمة , كا جسدك منيرا , وإن كانت عينك مريضة , كان جسدك كله مظلما , فإذا كان النور الذي فيك ظلاما فيا له من ظلام . " ( متى ) .
" ترى القشّة في عيني أخيك , ولا ترى الخشبة في عينيك " .
العين هي الرادار ... هي أداة العقل في التحليل والمعرفة. هي المكبّر الذي يظهريرسم الجراثيم البشرية حول الإنسان وداخله وكيفية التعامل معها . كذلك .. تشترك العين مع الذاكرة العقل – لتثبيت أ وتحليل الصورة والمشهد أمام الإنسان . أي هي التي تشترك في التحليل النفسي للإنسان من خلال مشاهدة الأشياء و قسمات الوجه وحركات الجسد باختصار هي " اَلة تصوير " صادقة .. و مراّة الحقيقة ..
* *
شفى يسوع المرضى .. بالإبتسامة والنظرة والحكمة وشحن الطاقة الداخلية لدى الإنسان وإعطاء المحبة والثقة بالنفس وقوة الإحتمال والرعاية والإهتمام بهم , النزول إلى صفوفهم وزيارتهم والتحدّث معهم وبعث فيهم الإيمان والطاقة النفسية والفكرية .... " قم وامش " .. " أبصر , إيمانك خلّصك " .. .. " يا امرأة , إيمانك شفاك " ... " ......... " أنزل سريعا يا زكّا لأني سأقيم اليوم في بيتك , فنزل مسرعا واستقبله بفرح " ( يسوع وزكا – لوقا 19 ) وكيف تغير زكَا بعد هذه الحادثة .............. " " فكان ينظر في الأرض ويكتب , من منكم بلا خطيئة فليرجم هذه المرأة " ...... كلمات قليلة لكنها معبّرة لم يدنها بل غفر لها ونهاها " فالنساء وجدن بالسيّد المسيح المعلم والصديق ورجل الخير والرحمة ........ الله لم يعطنا روح الفشل والخوف بل روح المحبة والنصح والقوة والبصيرة " ...........كلمات تعطي الثقة للإنسان ويتخطى الضعف فيه و تدفعه لكي يتقدّم يتحرروينسى كل الماضي الأسود السئ الخاطئ وراءه ويبني حياة وفكرا جديدين .. إن الشريعة هي لخدمة الإنسان وليست العكس " . " ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه " .... الكلمة الأخيرة هي للقائم من بين الأموات للمسيح .. هي للحياة .. وليس للموت والفناء ... بل للخلود .
ولذلك كان يسوع ثورة على العادات والتقاليد الإجتماعية السائدة في عصره .. ثورة إجتماعية طبقية صارخة .. ضد التمييز العنصري والقومي والمذهبي والديني .. وبالتالي بين المرأة والرجل .. وفرد الإنجيل مساحة واسعة وكبيرة للمرأة كما شرحتها في دراسات سابقة ... وقد حازت تأييدا وتشجيعا واسعين من القرّاء الكرام .... مع كل الإحترام والشكر , ولكل من كتب نقدا أيضاً – وهذه هي متعة الحرية .. أليس كذلك ..؟
.........
وكما بدأنا .. وكما لاحظنا في السرد والوثائق المكتوبة في بحثنا هذا .. بأن الإنجيل يعني الخبر المفرح السار . أبشرّكم وأحمل إليكم الفرح .
إن السيد المسيح تضامن مع كل الناس .. حتى يرفع كل الناس إليه . ويرفع العالم معه .. بالحب والسلام والفداء . وقد سلّم الذين معه أغمار الفرح والنور هذه .. ليبنوا علاقاتهم وثقافتهم منها وعليها ويوزَعوها للبشرية جمعاء ..
موضوع هذا البحث واسع وكبير ومتعدد الوجوه بحاجة إلى الكثير من التحليل والشرح والإضاءة .. وقد قمت بقسط صغير جدا جدا في هذا المجال , وفتحت نافذة في التقييم والتحليل نأمل إغناء هذا البحث كل من له حب ودراية خدمة للثقافة والعلم والتربية والأجيال الجديدة .. وأنا مدينة لا شك في هذه الدراسة , للخلفية الإيمانية عندي , والخلفية الفكرية الماركسية , التي دفعتني منذ عشرات السنين أن أدونها وأغنيها , وأنشرها عبر الإنترنت اليوم بموقع - الحوار المتمدن - الذي كان باكورة حلم المثقفين اليساريين والتقدميين والأحرار في العالم ... وأخيرًا ... أتقبل كل نقد حول هذا الموضوع سواء سلبا أم إيجابا .. وهذا من حق القارئ وأحترم رأيه بكل رحابة صدر . والذي قمت به هو من ضمن قناعاتي ... وملاحظاتي . ولا يمكن لنا نحن المثقفين الملتزمين بالصدق مع أنفسنا ومع شعبنا من أن نغفل ونتجاوز كل ما وصل لنا ماضيا وحاضرا - من عادات وشرائع وديانات وتقاليد وأمثال وتاريخ وأحداث وظواهر سلبية وإيجابية , نضعها في قاموس تحليلاتنا وانتقادنا كل من وجهة نظره .. تبعا لقاعدة وقانون حرية الرأي والرأي الاّخر المقدس ...
......
توضيحات لا بد منها :
الفريسيين – الصدوقيين – السامريين - أبناء الجليل – جليل الأمم ..
( جليل الأمم ) .. منطقة تقع شمال فلسطين وجنوب لبنان وسورية . أكثر حركة وتنقلات السيد المسيح , كانت فيها وحولها حيث التجمّعات البشرية ( العمّالية والتجارية ) والفقراء , القريبة من الموانئ المفتوحة على البحر المتوسط .
( سمعان القيرواني ) الذي ساعد يسوع على حمل الصليب الثقيل حين وقع يسوع على الأرض وهو على طريق الجلجلة , يعطينا مثل بليغ وقوي على تجمع شعوب المتوسط هناك ...
فلسطين وبلاد الشام الكنعانية والأفريقية كانت منطقة استراتيجية وهامة – كما اليوم – نظرا لقربها من مركز الإمبراطورية الرومانية أنذاك روما زعيمة العالم القديم - .كما ( أميركا وإسرائيل اليوم رئيسة العالم الإمبريالي وقاعدته . فلسطين كانت تخضع للولاة والحكّام الرومان عسكريا وسياسيا – وتجار اليهود والسلطة الدينية اليهودية كانت أداة لخدمة الأمبراطورية الرومانية , بتأمين الضرائب ودفع الضرائب , وقمع أي حركة تمرّد ضدها .
وما دعوة السيّد المسيح للسلام والأممية والحرية .... سوى ردًا سلمياً و نضالاً ضد حروب روما وظلم روما للشعوب المحتلة .
وما دعوة المسيح للأممية والمساواة .. إلا ردا على السلطة الدينية اليهودية العنصرية المستبدّة ..
الرومان تبرأوا من دم السيد المسيح كما يفعل الأمريكان .. والأنظمة الإستبدادية عندما يقتلون ضحاياهم يقولون : فلانا قتله , مثال : الشهيد رفيق الحريري أو الشيخ الخزنوي .. أو , أو أو أو الخ قوافل الشهداء ... ... وما أكثر الضحايا البريئة التي تذهب دفاعا عن كرامة الأنسان والحرية .. وقد قرأنا كيف تصرّف " بيلاطس البنطي " الوالي الروماني وشيوخ اليهود , مع يسوع كما نتصرّف الإمبريالية مع الوطنيين , يغسلون أيديهم من الجرائم ويعلّقوها بغيرهم ( أذنابهم ) ..!؟
ألم يكن الرومان هم المحتلّون .. والأقوى ؟
ورؤساء اليهود هم الأضعف .. والمحكومون ؟
قال بيلاطس : " أنا برئ من دم هذا الرجل الصالح ! دبّروا أنتم أمره . "
فأجابه الشعب : دمه علينا وعلى أولادنا ؟ ( الحكم على يسوع بالموت متى 27 : 24 26 )
خاتمة ...
في نهاية هذا البحث .. إسمحوا لي أن أقترح .. لمن يهمّه الأمر وهذه الفكرة وينتمي للكلمة .. والإعلام الحر بكل وسائله .. الذي يدرك دوره وأهميته في حياة الشعوب .. بإقامة تمثالا ( للقديس بولس الرسول ) ... لأول إعلامي وصحفي عالمي , لأول شهيد الكلمة ومبشر في الكلمة بعيدا عن التعصَب والشوفينية ... ..
صرخة إعلامية ................ لمحبّي الكلمة :
القدّيس بولس الرسول ....... السجين والشهيد الأوّل ...... بعد السيّد المسيح ....... للبشارة والكرازة والتعليم بالإنجيل
رسائل القديس بولس ......... صحافة .......... عابرة المدن ......... والقارات
القديس بولس .................. مؤسّس الصحافة .... المكتوبة .............الأولى ....... منذ 2000 عام
أقترح ... إقامة تمثال ......... .للإعلامي ...........والصحافي ...........الأول ..........بولس الرسول
شهيد الإيمان ................... والكلمة
هناك أيضا وأيضا .... ألكثير الكثير عن الكلمة - وأهمية الكلمة في العهد الجديد .. والكثير الكثير عن الحرية والحق والفرح وووووو ....... بحاجة إلى أضواء جديدة وأكتفي هنا بما نقلت وشرحت من عناوين هامة وكبيرة .. اّمل أن أكون قد وفقت في ذلك , واّمل أن يكون البحث ناجحا بهذه الإضاءة على الاّيات المعبّرة ( العناوين الرئيسية ) .. هذاغيض من فيض ونموذج و جزء بسيط جدا مما يحتويه ( العهد الجديد ) من كلام جوهري وكنوز المعرفة الإنسانية التقدمية والمبادئ والقيم الضرورية للتربية واحترام الإنسان الذي جعله ( السيد المسيح ) إبناً له ومشتركاً في ألوهيته .. . هذه هي لعمري بذور حقوق الإنسان التي وضعتها الأمم المتحدة في قوانينها العصرية بعد استعباد الإنسان وإذلاله لاّلاف السنين ....
" أنا لا أدعوكم عبيدا بعد الاّن ,
لأن العبد لا يعرف ما يعمل سيَده ,
بل أدعوكم أحبَائي ,
لأني أخبرتكم بكل ما سمعته من أبي .
ما اخترتموني أنتم , بل أنا أخترتكم
وأقمتكم
لتذهبوا وتثمروا ويدوم ثمركم ,
فيعطيكم الاّب كل ما تطلبونه بإسمي .
وهذا ما أوصيَكم به :
أن يحب بعضكم بعضا " ( يوحنا 15 ) .
المهم أن لا نجيب على كل الأسئلة ... بل أن نثير الأسئلة ..... ؟؟؟؟
/ لاهاي / 19 / 5 /2007
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟