|
المؤتمر الرابع - حزب الشعب الفلسطيني - والديمقراطية اشكالية الأغلبية والأقلية
يوسف زيادة
الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 11:19
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
يمكن تعريف الديمقراطية بأشكال مختلفة وأفضلها المدخل الفلسفي الذي يعرف هذا النظام الاجتماعي على أنه ميثاق اجتماعي تعاقدي بين مخلوقات عقلانية قادرة على تفهم أن مصلحة المجموع تكمن في تنظيم حياتهم بحيث يتم الاعتراف بحق كل فرد في العيش حسب قيمه ومعتقداته بعيدا عن أسلوب العنف والاقصاء الذي بموجبه يحكم صاحب القوة الذي يعيش حياته مدافعا عن مصالحه الخاصة.
ان ميزة الحياة الجماعية على أساس الاتفاق تؤمن امكانية العيش وفق قواعد واضحة تعطي للفرد امكانية التعبير عن ذاته بحرية وتفرض عليه بعض التنازلات للتعايش مع الآخرين بآرائهم ومعتقداتهم المختلفة لبناء حياة مشتركة لأناس ذوي معتقدات مختلفة فصاحب الفلسفة الانسانية هو الذي يؤمن بمركزية الانسان وحقه في العيش كما يشاء، وهو فقط الذي يستطيع التعاقد والمشاركة في هذا الميثاق الاجتماعي حيث أنه مؤسسة تستطيع تأمين الفرص المتكافئة للأفراد دون أن يعتدي أحد على حقوق الآخر، ولكن هذا الميثاق لا يمكن أن يكون فضفاضا وهلامي الشكل بل يجب أن يتضمن وسائل "عقاب" لمن يخالف الاتفاق "لوائح وأنظمة وقوانين" ووسائل لتأمين الحفاظ على المؤسسة الى جانب قائمة حقوقية يتم تأمينها ولا يسمح بالانتقاص منها لكل شريك فيه.
ولمقاربة ما تقدم من مفاهيم لواقع الحياة الحزبية الداخلية نستطيع القول أن حق عضو الحزب في العضوية هو حق مقدس لا يحق المساس به لأي سب مثلما لا يجوز اكراه أحد على قبول العضوية أو الخروج الطوعي منه، ولكن الحق المطلق يصبح حقا مقيدا بالميثاق الجماعي "النظام الداخلي والبرنامج السياسي"، الذي ارتضاه مجموع الأعضاء ويكون التقيد تحت اصطلاح الحقوق والواجبات بغض النظر عن المرتبة أو الموقع الحزبي، وفي نفس الاطار فقط يجوز نقض حق العضوية للأفراد أو الهيئات، وهذا بضرورة لا ينتقص من حقهم في إبراز وجهة نظرهم والدفاع عنها أمام هيئة مسؤولة وذات اختصاص ومستقلة بالمفهوم النسبي بحيث لا يجوز أن يكون لها صلة مباشرة بالحدث أو بدوافعه، وهذا ما يعرف في المجتمعات المدنية بفصل السلطات.
ولحقوق الأعضاء حدود أيضا، إن حرية التعبير هي من الحقوق الأساسية في الديمقراطية، فلا يجوز تحديدها الا لحماية حقوق أخرى لا تقل عنها أهمية، ولهذه الأهمية تعليلاتها الجوهرية أساسها وحدة الارادة الجماعية والانضباط المرتكزة الى:
1- الميثاق الجماعي "النظام الداخلي والبرنامج السياسي" القائم على الاتفاق، فالعملية الديمقراطية لجموع الأعضاء ترتكز على اختيارهم الحر للأهداف المشتركة للحزب عن طريق مناقشة مفتوحة للقضايا القائمة وتبادل الآراء حولها فاذا تجاوز الحوار مفهوم الاتفاق بين مجموع الأعضاء يفقد معناه الحقيقي، وبالمقابل تزداد فرص اتخاذ القرارات التي لا تمثل رغبة المجموع. وفي هذا الاطار يجب التمييز بين الاجماع حول قضية ما ومن الجيد أن تتحقق وبين وجهتي نظر مختلفتين تفضي الى وجود أغلبية وأقلية بعدما يتم استنفاذ كل سبل الحوار الجاد حولها.
2- المعلومات ومدلولاتها - إن المعلومات بحد ذاتها قوة، وفي حال حجبها تتحول الى قوة تحكم تخدم مصلحة الذين يحجبونها، وهذا يصح في كافة أوجه العمل الحزبي باستثناء تلك الحالات التي يتوجب إخفاء المعلومات بها كليا أو جزئيا بما يتعلق بأمن الحزب وسلامة أعضائه.
3- القيادة - يجب أن تمثل كافة رفاق الحزب وترعى حقوقهم فهي قيادة مخلصة للأقلية قبل الأغلبية وإذا لم تفعل تصحب شرعيتها موضع شك. ولكي يتمكن الأعضاء من متابعة أعمالها يجب توفر شرطين أساسيين.
أ- أن يعلم مجموع أعضاء الحزب بأعمال القيادة ونشاطاتها وفق آلية رسمية متفق عليها.
ب- أن يتمكنوا من انتقادها وفق مقاييس وشروط حرية التعبير بوصفها أداة للتطور.
إن القيادة مسؤولة، والمسؤولية تقتضي الحفاظ على وحدة الحزب وصون برنامجه السياسي ونظامه الداخلي "الميثاق الجماعي" وعدم حرفه عن الأهداف التي ارتضاها مجموع أعضائه، ان جدلية العلاقة بين هذه العناصر الأساسية تتجلى بما يلي:
أ- حجب المعلومات معناه قوة تحكم غير مشروع بيد القيادة واعتداء على حق المساواة في الواجبات والحقوق لمجموع الأعضاء.
ب- مصادرة أو كبت حرية التعبير تعمق الشعور بالمرارة وتقضي الى مقاومة القيادة بطرق بديلة تكون أشد خطرا على وحدة الحزب، كما أنها تفقد القيادة الوسيلة لمعرفة المزاج العام لمجموع الأعضاء مما يضعف تحكمها بمقاليد الأمور اضافة لتولد حالة من الاغتراب وعدم الثقة بين القاعدة والقيادة.
ج- يمكن اعتبار حرية التعبير متنفسا للضغوط وسوء الفهم ومانعا للقيام بأعمال غير مرغوبة، ولكنها عندما تتجاوز حدود الميثاق تتحول الى أداة هدم وتشرذم ووسيلة لتعميم الاحباط والتردد.
ح- الطاعة وحدودها – ان شرعية الأنظمة والقوانين تخضع لمعايير وقواعد معينة تحدد مدى قانونيتها وقوة المثال في اطاعة الأنظمة والقوانين والأهداف تعتمد أساسا على عمق التزام القيادة بها، وهنا يكمن جوهر قوة المثال لدى المجموع، فاذا أقدمت القيادة على اتخاذ قرارات بطبيعة وبشكل استبدادي وبدون شرعية من الأغلبية الحزبية وليس القيادية يشكل ذلك اعتداء على مبدء المساواة وحقوق مجموع الأعضاء، والشرعية تصبح في موضع شك.
إن تجربتنا الذاتية وتاريخنا المعاصر زودنا بنماذج صارخة على كيفية أن تكون قرارات الأغلبية القيادية تشكل أقلية في صفوف الحزب في مواضيع مفصلية، هذا ما زكته تجربة الأحزاب سوفياتية النمط.
لكن لا يجوز أن يقودنا هذا الاستنتاج بعدم ضرورة اطاعة القيادة وقرارات الأغلبية، إن الالتزام الواعي بالطاعة ضرورة يكمن جوهرها في الحفاظ على الوحدة وتناسق وتائر العمل السياسي النضالي لكون تنفيذ القرارات مسالة غاية في الأهمية لاحداث التطور، إلا أن المكان الذي تنتهي فيه شرعية عدم الطاعة هو حينما تخرج عن قواعد المحافظة الصارمة على قواعد العملية الديمقراطية، وهذه القواعد تفرض أيضا واجبات على الأقلية بل وعلى الأغلبية أيضا.
فاذا كان واجب الأقلية ليس اطاعة قرارات الأغلبية فقط بل وعدم عرقلتها والمساهمة الجادة في تنفيذها، فان على الأغلبية أيضا عدم استغلالها لقوتها لكي تحرم الأقلية من الفرص المنصفة والدستورية في تعميم أفكارها والتحول الى أغلبية إذا استطاعت ذلك.
إن قرائتي الأولية لما يجري في الحياة الحزبية تثير القلق بسبب حالة التموضع على أسس فردية مناطقية أو قبلية، على الأقل هذه رؤيتي الشخصية.. وأرجو أن أكون غير مصيب في ذلك.
إن المطلوب اليوم هي عملية اسطفاف واعي ومختلف على أساس ديمقراطي، وهذا حق للجميع إذا ما تم على قاعدة فكرية وفلسفية لحسم موضوع الهوية الفكرية والطبقية ولرؤية السياسة للحزب.
والأهم من ذلك هو حالة الاستعداد الذاتي للتعامل والقبول المسبق المبدئي مع نتائج المؤتمر لأنها وفق تقديري الخاص لن تكون نتاج لحالة إجماع بل الاتجاه العام يشير الى الأغلبية والأقلية، وعلى الجميع منذ اللحظة أن يبدي استعداداً صادقا للالتزام بقواعد العملية الديمقراطية.
يوسف زيادة/ بيرزيت
حزب الشعب الفلسطيني
#يوسف_زيادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزب الذي نريد - حزب الشعب الفلسطيني
المزيد.....
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
-
عقار -الجنود السوفييت الخارقين-.. آخر ضحاياه نجم تشلسي
-
الاجرام يتواصل في حق عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك
المزيد.....
-
محاضرة عن الحزب الماركسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|