|
الرومانسية في الشعر الأمازيغي
محمد ارجدال
الحوار المتمدن-العدد: 1922 - 2007 / 5 / 21 - 08:31
المحور:
الادب والفن
الشعر الرومانسي او شعر الطبيعة هو " الشعر الذي يمثل الطبيعة وبعض ما اشتملت عليه في جو طبيعي يزيده جمالا خيال الشاعر وتتمثل فيه نفسه المرهفة وحبه لها واستغراقه بمفاتنها " كما يعني هذا الصنف الشعري " الحب للطبيعة فمنها المواد والألوان والصدق فلا مبالغة ولااحالة والبساطة فلا تكلف ولا تصنع في الألفاظ والمعاني والإيجاز فلا حشو ولا فضول والدقة فلا كلمة نابية ولا أخيلة غير مطابقة وإنما جو محكم يسود الوصف كله "2ومنذ فجر التاريخ لحظة ان فتح الإنسان عينيه على الطبيعة اهتم بجمال رباها وزرقة سمائها واعتبرها صديقة وفية له لما تمنحه من جمال لحسه وهدوء لنفسه ، فيستسلم إليها ويشاطرها المناجاة ويبوح إليها بعواطفه وآلامه ويصورها بقسوتها ورقتها وقد وجد فيها الشاعر مرتعا لخياله ومقيلا لأفكاره فتغنى بجمالها وهدوئها وبغضبها وقوتها . وقد عرف الشعر الامازيغي الرومانسية على الشكل الذي اوحت به بيئة تامزغا فاخذ الشاعر يتأمل الطبيعة يناجيها تارة ويصورها أخرى ، تستهويه الرياض والسهول الخضراء بأزهارها ويقف على شلالاتها وجبالها الشاهقة فتثير شجونه ، فتملك عليه الغزلان والحمام فؤاده . وقد ظهر هذا اللون الشعري بتمازغا لان حاجة الانسان الامازيغي للتعبير عن عواطفه وافكاره ضرورية ، ثم إن الطبيعة بجبالها الشامخة التي تكللها الثلوج البيضاء وغاباتها المتسعة وانهارها الكثيرة وشواطئها البديعة وصحاريها الممتدة ، كل هذا التناغم البيئي يؤثر في النفوس ويعزى بالتغنى بجمالها على النمط الذي مثله الشعر الرعوي ( la poésie bucolique) في البيئة الاوربية . وقد تغنى الشاعر الامازيغي بطبيعة وطنه تمازغا ووصف اوديتها وجبالها وبساتينها ورياضها وازهارها وثمارها وربيعها وشتاءها ووصف بحيراتها وسواقيها وكل ما هناك من مظاهر طبيعية وان بقيت بمجملها جزئية غير منتظمة لمشهد برمته . وبذلك يكون الشاعر الامازيغي قد وصف الطبيعة الحية من غزلان ووعول وحمام ونسور وغيرها كما شمل وصفه الطبيعة الصامتة من سحاب وقمر ومطر وبرق وازهار واشجار وغيرها ... ونورد مجموعة من المقاطع الشعرية التي تغنى فيها الشاعر الامازيغي بطبيعة تمازغا والتي تجمع بين تاثير الجاذبية والاندهاش ، اندهاش بروعة جبالها التي تطل بعنفوان وشموخ على سهول وروابي متحدية الزمن وتعانق هضابا مليئة بالأشجار الوارفة الظلال وشواطئ ملتحمة بالمياه الزرقاء الفيروزية ، هذه المقاطع التي وصفت الطبيعة حبا فيها ، لانها تمنح الشاعر هنيهات من السكينة مقاطعا روما نسية محضة وليس تلك التي استعملت عناصر الطبيعة لغة رمزيةوعبارات استعارية للتعبير عن حقائق معا شة تعجز الكلمة العادية عن ايصال معناها الى ادن السامع وعلى طريقة الحكماء الهنديين القداماء لان "الكلمةفي الشعر اكثر قيمة من تلك التي في نصوص اللغة العامية وليس صعبا ان نلاحظ انه كلما كان النص اكثر اناقة وصقلا كانت الكلمة اكثر قيمة وكانت دلالاتها ارحب واوسع " 3 ومن بين هذه الابيات الشعرية الرومانسية التي وصفت الطبيعة الصامتة هذا المقطع الذي اخبر فيه الشاعر المتلقي المشتاق الى النسيم العليل بهبوب الرياح التي تلطف الجو وتخفف من حرارته فقال : Ighlid rrih izuzwan Awad ighran irrih izuzwan كما تحدث الشاعر مع الطبيعة وناجاها وطلب منها ان تنعم عليه بنسائمها العليلة وتخفف عليه شدة الحرارة والبرودة حتى يصل الى مقصده فقال : Irbbi aygnwan adur takkam iwakal Irafan d ussmmid acku nkka agharas وطلب شاعر اخر من الرياح الشمالية الجافة انةتترك المجال للرياح الغربية المحملة بالامطار فتروي الحقول والمروج عكس الاولى التي تنشر الضباب الكثيف فوق القمم والبرودة والصقيع فقال : Aghen arwas atagut farq utrim Ibu tarsiwin lhm amma kmmin Ibussar katssigut ghir ntafatin وخاطب الشاعر المتلهف بلقاء محبوبته الرياح الجنوبية الشرقية القوية وطلب منها ان تحمل تحياته واشواقه الحارة الى النبع الذي تسقي منه محبوبته فقال : Awiming abu timzaywigin awi slam Ar iggi làin issuggan bayyi ini yas… وفي ليلة حالكة الظلام سرى احد الشعراء الامازيغ في الصحراء ولم يجد ما يؤئنسه ويرشده الى وجهته غير نجمة لامعة فمدحها ورفع من مكانتها فاعتبرها مصدر الانوار التي لا تنضب وقارنها بالقمر فقال : Allap izd ayyur kaghllan iznzarn Mqqar izbub itri ganak tifawt Aras itziyyan rbbi taghzutns كما انه لم ينس ازهار البراري المزركشة الالوان والفواحة عطرا وطيبا والتي يملؤ اريجها فضاء الروابي والوهاد فقال : Ayabssas abu tgmut Ijja bdda umalu gh tllit وتتبع نمو الازهار وكيفية استفادتها من الماء العذب والتربة الجيدة لتتفتح براعمها فقال : Ad ukan yafi ujddig aman Yafi akal iàdln irrudu bapra وخاطب شاعر آخر نوعا من نبات البراري التي لا تنبت الا في شقوق الصخور العالية فسألها لماذا رفضت السهل رغم انحباس المطر ونذرة المياه فقال : Ah ataylulut tugit luta tilit ghwafa ujarif ighab unzar ilih aman كما تحدث عن كثرة ازهار الورد ونبات السنبل على جانب الطريق فقال : Iga snbl agussif ghugharas Ula talwrdin asbah lxir كما شبه الشاعر نفسه بنبات الصبر الدائم الاخضرار بالوادي فقال : Inna hnna ghigh alili wassif Urat isswa yan rbbins iàawnt ukan وتوسل آخر باشجار الحناء ان تنبت بجنبات وادي " ايداكوكمار " حيث تعيش الحسناوات فقال : Wassir alhnna mun dwassif ndaggagmar atzt zzin فهذه الازهار المختلفة والاشجار جميعها تشكل لوحة طبيعية جميلة يعتلي عرش جمالها شجر الاركان الذي ينفرد به المغرب دون سائر البلدان والذي قالت فيه شاعرة امازيغية : nga targinin duglnin ghussawn Urak nhsad abnadm tanwwact وقال آخر : Aqqa wwargan agh rgln issafarn Atn ukan issu umadun ar sawaln اما الابيات الشعرية التي تناولت موضوع الطبيعة الحية فكثيرة كما هو الامر بالنسبة لهذا المقطع الشعري الذي بحث فيه الشاعر عن سخاء الالوان لاستكشاف غرائبها واكتشف سهول تمازغا العذراء بسحر الوانها وفتنة طبيعتها ونسائم ازهارها وانين نحلها وصهيل خيلها فقال : Rwahtak an nag azaghar Issa sul gis tlalan ijdaàn Dis ibssa ujddig lli gis illan Ighibssa tizzwa ad issawal كما خاطب الظباء التي تركت السهول واختارت أعلى القمم مرتعا لها لتقتات بافضل الاعشاب فقال : Udad ighlin ar ijarifn Icca simins tuga lli ran وطلب شاعر آخر من صديقه الصياد أن ينتبه جيدا ويستمتع بضوء القمر ليتربص بقطعان الغزلان فقال : Ayyur ighlid rzm dagh titnk Ayaniran ayduf jjlb iznkad mani kkan كما تساءل شاعر آخر وباندهاش كبير : هل يستطيع أحد ان يمتطي ظهر الاسد ويروده؟ فقال : Mayzdarn ayizm adak ig tarikt Igak algamu nuzzal ismmerkn
من خلال هذه الابيات الشعرية يتضح ان الانسان الامازيغي احب الطبيعة فسرح ببصره في جمال النجوم والبحر والريح وكان من اثر حبه اياها ان علقت بها افكاره ، فرغب في فهمها ادق ، ثم تغنى بها لان " الحكمة الحقيقية هي ان نتحدث ونعمل بالإنصات الى الطبيعة " 4
المراجع:
1- جودت الركابي ، في الأدب الأندلسي ، دار المعارف ، مصر ، ط 3 2- سيد نوفل ، شعر الطبيعة في الادب العربي ، القاهرة مصر ، 1945 ، ص 28 3- يوري لوتمان ، تحليل النص الشعري ، ترجمة محمد فتوح احمد ، ص 126 4-هيراقليطس ، الشذرة 126، موسوعة اونيفرساليس
#محمد_ارجدال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصحراء المغربية:الأمازيغ والتاريخ
-
المقاومة النسائية من خلال الشعر الامازيغي
-
المرأة الامازيغية بين الأمس واليوم
-
الهوية الأمازيغية للصحراء المغربية من خلال الطوبونميا والأعل
...
-
تمدرس الفتاة القروية ودورها في التنمية البشرية
-
التواصل الثقافي الأمازيغي الحساني
المزيد.....
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|