أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أيوب عثمان - على هامش الاقتتال الفلسطيني قبل الاتفاق المكي وبعده: لا تتمسكوا بحق العودة، فالرحيل بات ضرورة ومطلباً















المزيد.....

على هامش الاقتتال الفلسطيني قبل الاتفاق المكي وبعده: لا تتمسكوا بحق العودة، فالرحيل بات ضرورة ومطلباً


أيوب عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 1918 - 2007 / 5 / 17 - 11:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


هذا هو اليوم الخامس عشر من مايو / آيار...اليوم الذي يكتمل به تسعة وخمسون عاماً مضت على ما أجمعنا جميعنا على وصفه بأنه نكبة... نكبة تهجيرنا من ديارنا عام 1948، ففي الوقت الذي تأتي فيه هذه الذكرى الأليمة والمؤلمة للمرة التاسعة والخمسين، تحتوينا في الوقت نفسه نكبة أشد إيلاماً وأكثر قسوة ومرارة...إنها نكبة من نوع جديد ... إنها نكبة أكبر من النكبة التي اعتدنا، منذ تسعة وخمسين عاماً، على إحياء ذكراها. فمنذ تسعة وخمسين عاماً، اعتدنا على إحياء ذكرى نكبتنا لنؤكد على حقنا في العودة إلى حيث كنا وكان آباؤنا وأجدادنا، وإلى أرضنا وديارنا وتاريخنا. فإذا كنا نحيي ذكرى النكبة في مثل هذا اليوم من كل عام، فإنما نحيي من خلالها حق العودة لنجعله في الذهن العالمي والإسلامي والعربي والفلسطيني حياً لا يموت، غير أننا إذا كنا في ذكرى النكبة التاسعة والخمسين نقتتل في غزة كما نرى اليوم أنفسنا، وكما يرانا العالم بأسره على النحو الذي يخزي، فأي حق عودة، إذن، نناضل نحن من أجل تحقيقه؟!!! وأي حق عودة ننادي من أجل التمسك به وعدم التفريط فيه؟!! ألا ننظر إلى أبناء شعبنا المقيمين خارج بلادنا وهم يدافعون - في المؤتمرات الدولية والندوات والتجمعات والمنتديات - عن حق عودتنا، فينالون بذلك شرف النضال فيما نحن في غزة نقتتل، وبعار الاقتتال نغتسل!!!
فإذا كان تحقيق حق العودة مرهوناً بمدى قوة تمسكنا به، وإصرارنا على عدم التفريط فيه، ودفاعنا عنه، وإذا كان الإنسان الفلسطيني - وهو عماد المرابطة على أرضه وركيزة الدفاع الأساسية عنها وعن حق عودته إليها – لم يعد آمناً على نفسه وعلى حياة أبنائه في بلده وعلى مستقبلهم في وطنهم وعلى أرضهم وبين أبناء جلدتهم، جراء صراعات ما عادت تقف عند حد بين فتح وحماس الذي بات الحوار بينهما حواراً مشيناً وفاضحاً ومعيباً بكل أنواع السلاح الذي تمتلكانه، ودونما رادع لعناصر كل منهما حال انفلاته ضد الناس وضد الحياة وضد الأخلاق والقيم والمستقبل والممتلكات،
وإذا كان الإنسان الفلسطيني قد نذر نفسه من أجل فلسطين، فداءً لها، وحماية لهويته فيها، ودفاعاً عنها ضد سالبيها،
وإذا أصبح الإنسان الفلسطيني ضحية للاقتتال الداخلي، فبات هدفاً رخيصاً لرصاص أعمى ينطلق من فوهات بنادق فتح وحماس المتصارعتين والمتقاتلتين بغير هدف إلا إنهاء الآخر بغية التربع فوق السلطة متفرداً بارتياح وطمأنينة دونما انتقاد أو معارضة.
وإذا كان عطاء الفلسطيني وجهده ونضاله وهدف حياته موجهاً في الأصل للمحافظة على هويته والدفاع عن أرضه لتجسيد بقائه عليها وترسيخ جذور حياته فيها، فيما باتت حياته وحياة أبنائه ومستقبلهم – على كف عفريت – رهناً لحالة التناقض أو التناغم بين فتح وحماس،
فإن الهدف الأساسي لحياة الفلسطيني على أرضه لم يعد قائماً، فبات الرحيل ضرورة، ولم يعد حق العودة مطلباً!!!
فبعد الأحداث المخجلة والمفجعة التي مرغت الجبين الفلسطيني (العالي!) في أوحال التيه والضمور والصغر والانسحاق والضياع، وفي رذائل التناحر والتقتيل والاقتتال قبل اتفاق مكة وبعده، لم يبق هناك من سبب لمثل هذا الضلال الواضح والتيه الطاغي والإجرام الفاضح للمقتتلين من فتح وحماس إلا جنون السلطة وحرقة السعي الظلامي للتفرد بها.
إن ما حدث في اليومين الماضين من استئناف للاقتتال المخجل والمفجع – الذي ظن الناس أن اتفاق مكة قد أسدل الستار إلى غير رجعة عنه – يوجب علينا القول إن أحداً عاقلاً لا يمكنه أن يسلم بان الاقتتال السابق لاتفاق مكة والاقتتال اللاحق له ينطلقان من احساس المقتتلين بعظم مسؤولية التسابق الشريف على تحرير فلسطين وقدسها وأقصاها، بل ينطلقان من إصرار كل طرف على أن ينهي الآخر ليفوز هو بالسلطة ويتفرد بها، دون أن يسمع أي نقد أو معارضة، ويبقى الشعب إما غائباً أو مغيباً.
ففي سياق ما حدث من فواجع اقتتال وتناحر طويت باتفاق مكة صفحاتها المخجلة، وفي سياق ما يستأنف هذه الأيام من فواجع من شأنها أن تحرف الفعل الفلسطيني المقاوم عن مساره المشرف، فقد غزت قلوبنا خشية طاغية من أن يضيع منا الرجاء وأن يموت فينا الإباء، وأن تتحجر في عروقنا مشاعر الغيرة الوطينة والكبرياء! أيغيب عن المناضلين الفلسطينيين الشرفاء - لحظة تهور واندفاع وطيش ونزق واستنطاع - أننا نقتل في كل يوم معاً ونجلد ونجوع ونهان ونحاصر معاً؟! أينسى الفتحاويون والحمساويون الشرفاء أو يتناسون – وقت كيد أحدهما للآخر – معاناة شعب بأكمله ؟! أينسون أو يتناسون الجثث المتفحمة والمجازر الجماعية التي طالتهم كما طالت كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، دونما اعتبار لعجوز أو لطفل أو لشيخ أو معاق أو إمرأة؟!
لقد جدد الرصاص الفلسطيني في اليومين الأخيرين ما كان اتفاق مكة - على استحياء - قد أوقفه أو أجله...لقد جدد رصاصنا الأعمى رسم السواد ذاته الذي كان جنون كل من فتح وحماس قد رسمه قبل اتفاق مكة...لقد احتوى هذا الجنون الطاغي كل المشهد الفلسطيني إلى حد بات واجباً معه أن نصف ما حدث ويحدث بأنه يتناقض مع الحد الأدنى للأخلاق والقيم، ويتعاكس مع مبادئ الإنسانية والمصلحة العليا للوطن، الأمر الذي بات يحتم على شعبنا الذي عانى وناضل وصبر وصابر ورابط، وظل في تضحية متصلة من أجل قضيته كل عمره، على أرضه وفي كل منافيه ومناطق اغترابه، في ظل سلطة تجاوز عمرها 12 عاماً أن يدرك أموراً كنت قد كتبتها في مقال سابق، ولا أجدني -البتة- محرجاً من إعادة الإشارة إليها، مطالباً بالاهتمام بها والتركيز عليها:
1) أنَّ قلةً تحاول الانقلاب على خَطِّه والخروج عن إرادته وعن قيمه الاجتماعية ومثله ومبادئه وثوابته التي يتصدرها تجريم الاقتتال الداخلي وتحريم الدم الفلسطيني.
2) أنَّ قلة تدمر مشروعه التحرري وتحول الشعب إلى مسلحين يقتتلون، ومرتزقة ، وجوعى يتسولون.
3) أن المقاتل الشريف لا يتحول - البتة - قاتلاً، وأن طالب الحرية لا يصير سجاناً، وأن رفقاء سلاح الشرف والواجب والكرامة لا يتحولون أعداءً لا يقتل بعضهم بعضاً فحسب، بل يقتلون سواهم من بني شعبهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ...إلخ.
4)أن من يسمون أنفسهم، أو من يعتبرهم البعض، قادةً، ليسوا كذلك، في أي حال، لأنهم في غَمْرَةِ اقتتالهم وتناحرهم نَسَوْا واجبهم نحو طفل أراد ببراءته أن يلهو ويلعب ويحيا في أحضان أسرته في أمان، ونَسَوْا واجبهم نحو مريض فقير ربما احتاج كِسْرَة خبز أو حبة دواء، ونَسَوْا واجبهم نحو مريض حِيلَ بينه وبين غسيل كليته ليحيا فمات، ونَسَوْا واجبهم نحو سيارات الإسعاف التي ما مكنها القصف والتراشق الفلسطيني المجنون من الحركة بحرية وأمان.
5) أنه بات محكوماً ليس من سلطة، بل من رموز عنوانها إما جهل أو فشل أو استعلاء أو فساد أو غطرسة أو بطش أو استنطاع، أو خليط من هذا وذاك.
6) أنَّ له سلطةً لا سلطة لديها، وأن له رئيساً لا يرأس أحداً ولا يسمع كلامه أحد، وأنَّ له حكومةً هي بالاسم حكومةٌ لا تخط ولا تَحُطُّ ولا تحكم، وأن له أجهزة أمن هي أول من يخرج على ضوابط الأمن ويمارس الانفلات فيه وفي سواه، وأن له مقاتلين لا يقاتلون في سبيل الوطن والمواطن والواجب، بل هم على السلطة يتقاتلون ويقتتلون، وأن له فصائل وقوى وأحزاباً ينعم قادتها ورموزها باستيزاراتٍٍ أو نياباتٍ وامتيازاتٍ وسياراتٍ وجاهٍ ومرافقين، وأن له - باسم الفصائل والأحزاب والقوى - ناطقين رسميين يتحلق الناس حولهم وهم على الفضائيات فرسان بما يحلو لهم من الكلام يصدحون وبالمعاني والصفات والسمات يتشدقون، ثم يتصافحون، بعد التصايح، ويتعانقون - بعد التراشق والتشاتم والتكاذب - فيطمئنون الشعب المغلوب على أمره لدقائق معدودات ثم يعودون - والعود هذه المرة ليس أحمدُ - ليقلقوا راحته من جديد، وأن له لجنةً اسمُها " لجنة المتابعة العليا "، والتي بات من أهم أوصافها أن تعطينا من الكلام أحلاه وتَنْفَضَّ - بعد أن تسبغ علينا من نعم التطمينات ما قد يستمر لساعات أو نحوها - لتلتئم بعد الانفلات الجديد من جديد لتلقي علينا من بيانات الاتحاد وآيات التَّوحُّدِ ما عاد غير مفيد.
7)أنه لا صدق ولا مصداقية لأي قول أو وصف فلسطيني رسمي طالما أن الفعل الفلسطيني المخزي على الأرض واضحٌ وفي وضوحه فاضحٌ، ذلك أن الأحداث التي تُرى على الفضائيات لا مجال لتجميل قبحها.
8) أن ما جرى في الأيام الأخيرة - تحديداً - من الفلسطيني ضد الفلسطيني من فتح وحماس من شأنه أن يمنع أي أحد من التنديد بالجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. فما فعله الفلسطيني ضد أخيه الفلسطيني من فتح وحماس من شأنه أن يلغي من الذاكرةِ الإنسانيةِ الإجرامَ الإسرائيلي على مدى عقود ستة.
9) أن ما فعله الفلسطيني ضد أخيه الفلسطيني في الأيام الأخيرة - تحديداً - من شأنه أن يدفع أبناء الشعب الفلسطيني إلى المراجعة والتأمل عما إذا كان دفع الشباب إلى القتال ضد إسرائيل، حرصاً على المصلحة العليا للوطن ومقدساته، أم على المصلحة العليا لحزب أو فصيل يريد أن يركب السلطة على جماجم أبناء الشعب وعلى حساب دماء أبنائه؟!
10) أنه لاصدق ولا مصداقية في أي قول فلسطيني رسمي مفاده انتقاد للعرب أو المسلمين أو الشعوب المحبة للتحرر لتقصيرهم في مساندة الشعب الفلسطيني، إذ كيف يطلب قادة شعبنا من الآخرين أن يقفوا مع شعبهم فيما هم أنفسهم عن شعبهم لاهون ومن أجل مصالحهم الشخصية للظفر بالحكم والسلطة يتقاتلون ويتناحرون!
11) أنه لا مجال لمطالبة الآخرين بفعل شيء لا يفعله من يسمون أنفسهم بأنهم قادتنا، فالتحيز الأمريكي لصالح إسرائيل ضدنا لم يَعُدْ في نظر العالم كما كان في السابق، ذلك أن العالم الذي يرى الاقتتال الفلسطيني الداخلي على الفضائيات لن ينتصر للحالة الفلسطينية ولن يدعم القضية الفلسطينية على النحو الذي كان، على أقل تقدير.
12) أن شعبنا الذي بات يدرك اليوم - أكثر من أي وقت مضى - أن مصيره قد أصبح، أو كاد، في قبضة من يملك مالاً أكثر وسلاحاً أكثر وأخطر، قد بات لزاماً عليه أن يعي جيداً أنه إذا كان المال الأكثر والسلاح الأكثر والأخطر مصدرهما خارجي، فإن من بيده القرار السياسي لا يمكن في أي حال أن يكون مستقلاً، كما لا يمكن أن يكون قراره مستقلاً، بل يظل رهناً للخارج ومرهوناً لصالحه وضد صالح شعبه.
إن ما قاله مسؤولون كبار قبل نحو أسبوع في تصريحاتهم من أن الرئيس محمود عباس قد اتفق مع رئيس الوزراء إسماعيل هنية على الشروع في تنفيذ الخطة الأمنية - التي كان من المفروض أن يشرع في تنفيذها منذ نحو شهر وليس الآن- لفرض النظام وسلطة القانون ووضع حد للانهيار الأمني الشامل، وما كان نائب رئيس الوزراء عزام الأحمد أيضاً قد قاله من أن الرئيس طلب من وزير الداخلية الشروع في تنفيذ الخطة الأمنية، قد جعل أبناء شعبنا ( المغلوبين على أمرهم ) يتفاءلون بأن فرض سلطة القانون قد بات وشيكاً، متناسين أن مثل هذا الأمر ليس ممكناً ولا يمكن أن يكون ممكناً، فالسلاح على مختلف أنواعه وأشكاله لا يمتشقه ولا يحمله ولا يستعمله رجال الأمن أو رجال الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية فحسب، بل كل من هب ودب من ميليشيات عائلية بعضها مع هذا التنظيم المسلح وبعضها مع ذاك، ومن عصابات إجرامية، ومن مجموعات مسلحة يعلن عن تأسيسها وتطلع على الناس في كل يوم بجديد مستبشع ومستغرب ومستشنع، دون حسيب أو رقيب.
لا أعرف كيف يمكن لأي مواطن – مهما كان مستواه – أن يصدق كلام المسؤولين المغرق في التفاؤل غير المحسوب وتصريحاتهم المستبشرة باستتباب الأمن، فيما السلاح يحمله ويستخدمه، كما قلنا، كل من هب ودب بغير قانون وبلا حساب، حيث لا سلطة تفرض القانون ولا قوة تحاسب على انتهاكه، إذ كيف يمكن لأي عاقل أن يستبشر وهو يعلم أن هناك متنفذين ( جهات وأفراداً ) يعملون جاهدين على استمرار مراكمة الخراب والفساد والفوضى وإثارة الخوف والفزع إلى حد يدفع الناس إلى تقبل طروحات كثيرة يذهب بعضها إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة بغية إنهاء الحالة التي أوصلت حركة حماس إلى سدة الحكم، الأمر الذي أوصل الشعب إلى حالة الحصار الخانق عليه، وإلى المآل المرير الذي احتواه!!!
إن الحكومة التي ولدت بعد اتفاق مكة وأعطيت اسم حكومة الوحدة الوطنية لتستعيد الأمن والنظام وسلطة القانون وتنهي المظاهر المسلحة وألوان الفوضى والانهيار المتعددة، والتي قدم وزير داخليتها استقالته التي قبلها رئيس الوزراء بعد أن كان قد رفضها أكثر من مرة، لم تفعل حتى اللحظة شيئاً، بل ها نحن عدنا مرة أخرى إلى مرحلة الحبو التي سبقت الكر والفر أثناء محاولة الاستقرار على اسم من الأسماء الكثيرة التي كانت مرشحة لوزارة الداخلية!!!
لقد كنا دوماً، ومنذ سنين، وقبل اتفاق مكة تحديداً نتساءل: إذا لم تكن الوحدة الوطنية الآن، فمتى يا ترى ستكون؟! أما اليوم، فإننا نتساءل: إذا كانت لدينا اليوم حكومة صفقنا لها وأسميناها حكومة وحدة وطنية، وإذا كانت هذه الحكومة قد حقق مجرد الإعلان عنها حلماً طالما راود شعبنا واحتواه سنين طويلة، وإذا كانت هذه الحكومة قد جيء بها بعد اتفاق أبرمه (الأخوان اللدودان!) برعاية مكية، فمتى تتحقق يا ترى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية؟! وما الذي ينتظره من يسمون أنفسهم بأنهم قادة العمل الوطني والإسلامي؟! وما الذي تنتظره السلطة والرئاسة والحكومة بعد كل ما وصلنا إليه من مآل مرير صرنا جميعنا بفتحنا وحماسنا وباقي فصائلنا وقوانا وقضنا وقضيضنا أسرى حبائله؟! إن ما يدهشنا أن كلاً من الفصيلين الكبيرين المتصارعين والمقتتلين يعلن عن إيمانه اليقيني أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الأمل والملاذ، وهي الصخرة الراسخة التي تتحطم عليها كل الأزمات والدسائس و المؤامرات. فإذا كانت كل من فتح وحماس تتحدث بلغة الوحدة والتوحد لمواجهة العدو الواحد، فهل هما، إذن، صادقتان فيما تقولان، أم أنهما يا ترى تتكاذبان؟!
الخلاف بين فتح وحماس على أسلوب عمل يترجم نبض الشارع المرهق والمنهك، وعلى استمرار الفعل المقاوم – على قاعدة التوجه الوطني الفلسطيني الشامل نحو التحرير والاستقلال – هو خلاف مشروع، أما الاقتتال فحرام ومحرم ومجرم وممنوع. إنه لا عيب – البتة – أن نختلف، لكن العيب الذي يصل حد التحريم والتجريم هو ألا نتفق حتى على كيفية الاختلاف فنقتتل! شرف لنا أن نختلف على وسائل تحقيق أهدافنا الوطنية العليا في سياق نهج ومنهج ورؤية وتدبر وروية، أما الاختلاف ليلغي الواحد منا أخاه أو رفيق درب نضاله أو لمجرد أن يسجل ضده موقفاً يحقق من خلاله ظهوراً فارغاً ونجومية مؤقتة، فعار وجريمة.
وآخر الكلام، فبعد أن تجددت في اليومين الأخيرين أحداث مأساوية مفجعة حسبنا أن اتفاق مكة قد دفنها أو طوى إلى الأبد صفحاتها القاتمة، وبعد أن ضاق شعبنا ذرعاً من كل ما سمع وشاهد إلى الحد الذي بات معه غير قادر على احتمال أكبر وانتظار أكثر، فإن شعبنا الذي ظل طوال السنوات الماضية يتطلع إلى وحدة وطنية حقيقية يقول اليوم – وبملء فيه – للسلطة وللرئاسة وللحكومة وللفصيلين المقتتلين : إن ادعاء أي منكم بالحرية في انتهاج ما يراه من أساليب لتحقيق كسب سياسي، دون ربط ذلك بالسياق الوطني الشامل، هو ادعاء بعيد عن العقل والمنطق والأخلاق والدين والوطنية بقدر قربه من الأثرة وحب الذات وحب الظهور وحب التفرد والنجومية، كما أن اعتبار أي منكم نفسه وكأنه صار على الشعب الفلسطيني قدراً محتوماً هو أمر يصل بكم حد الجهل والتجاهل والمغامرة. فإذا كانت سلطتنا لا سلطة لديها، وإذا كان رئيسنا لا يرأس أحداً ولا يسمع كلامه أحد، وإذا كانت حكومتنا هي بالاسم حكومة " لا تهش ولا تنش "، وإذا كان كل من الفصيلين المتصارعين والمقتتلين يسعى إلى إنهاء الآخر بغية تحقيق التفرد في الحكم لنفسه، فإن علينا إما أن نعمل على حل سلطتنا التي لا سلطة لديها، مع نبذنا لكلًٍ من فتح وحماس باعتبارهما فصيلين مستنطعين يسلكان دروباً وعرة لا وطنية ولا أخلاقية ولا دينية ولا إنسانية فيها، وإما أن يختار شعبنا الرحيل الذي كان إصرار فتح وحماس على الاقتتال قد جعله ضرورة تهزم فينا حق العودة وتغتال المقاومة وتقتل في قلوبنا اسم فلسطين.




#أيوب_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الصراع على السلطة بين فتح وحماس: القتال شرف وكرامة ...


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أيوب عثمان - على هامش الاقتتال الفلسطيني قبل الاتفاق المكي وبعده: لا تتمسكوا بحق العودة، فالرحيل بات ضرورة ومطلباً