محمد دلومي
الحوار المتمدن-العدد: 1916 - 2007 / 5 / 15 - 08:21
المحور:
حقوق الانسان
هل الشعوب العربية لها الحق في الأرض التي تعيش وترتزق منها وتموت لأجلها وتدفع دمها ودموعها من أجل أن يبقى اسم الارض عاليا أو هده الجغرافيا لتي تسمى بالدولة والوطن ..؟
أم ترانا مجرد أجراء ( حتى لا أقول عبيد ) لفخامته أو سموه أو قداسته وشركاءه من الشلة أو العائلة.؟
من الناحية النظرية نحن نعيش في دول أو جمهوريات أو ممالك أو إمارات لا تهم التسمية على كل حال . تحكمها قوانين وأعراف .. لكن الواقع يثبت أننا مجرد مجموعات بشرية تعيش في مؤسسة مملوكة لشخص يملك فيها أسهم مع نسب متفاوتة مع شلته أو عائلته .. لا أريد أن أجعل من الأمر كاريكاتوريا لأن الوضع أكبر من يكون بلية مضحكة لأنها بلية عظيمة جدا سرقت منا حتى الدموع , إن كنا نعيش في دول تحفظ كرامة المواطن فأين حقوقنا كمواطنين ..؟ وان كنا نعيش في مؤسسة أو شركة كبيرة اسمها وطن فأين حقوقنا كعمال ؟
أسئلة كبيرة وإشكالات عظيمة تدخلنا في متاهة تعريف ماهية الدولة وما هو الوطن ..
الدولة تبنيها مؤسسات منتخبة ومستقلة سواء كانت قضائية أو تنفيذية أو غيرها من المؤسسات المعروفة والنتيجة أن الدولة بمفهومها العام خلقت من أجل خدمة الشعب , لكن دولنا العربية خلق الشعب لها وسخر لخدمتها وان كانت الدولة بمفهومها العربي مجرد مؤسسة أو شركة ملك لفلان وشلته فالنتيجة الحتمية أن الشعب موجود لخدمة مصالح فلان .. إذا دولنا العربية لم تستقل بعد بل لم تتأسس أصلا, قد يعتبر البعض أن كلامي مبالغا فيه , لكني لا افهم كيف لا يكون الأمر مبالغا فيه حينما تورث جمهورية حتى وان كان الحاكم فيها جاء على ظهر دبابة للابن بعد وفاة الوالد الرئيس , وتجربة النظام السوري ليست بعيدة في ما يخص توريث الجمهورية العربية لبشار الأسد , ولن تشذ جمهورية مصر على هذا النهج كما كاد صدام أن يفعلها لولا أن الحرب كانت أسرع من تنصيب أو توريث العراق لواحد من نجليه . لقد تحولت دولنا العربية لمجرد عقار يتوارثه أشخاص معينين ..؟
رغم البهرجة والأوهام التي نسميها جيش ومؤسسات ووزارات ومصالح إدارية .. إلا أن الواقع يثبت أننا نعيش في شركات تسير عن طريق هذه الهياكل التي هي في آخر الأمر سخرت لخدمة جماعة معينة
إن النظام القبلي الذي كان يسير المجموعات العربية قبل ظهور ما يسمى بالدولة أعظم شأنا وأكثر تنظيما من الشركات التي تسمى أوطانا . وللأسف صرنا نتمنى أن تتحول أنظمتنا إلى نظام القبيلة على أن تتوسع وتصبح شركات استنزاف للمواطن البسيط واستعبداه تحت شعار المصلحة العليا للوطن ولكنها المصلحة العليا لسموه وفخامته مع شلته , وبدلا من أن نفكر في التقدم نحو الأمام وتكوين دولا حقيقية صرنا نحلم بالتراجع إلى الخلف إلى نظام القبيلة الذي يحفظ كرامة الفرد ويفرض القانون حتى وان كان قانون للقبيلة وليس لدولة , لقد وصل الضحك على الذقون لأصحاب الشركات التي تسمى أوطانا من أن يجعلوا نسبة انتخابهم تفوق الأربع تسعات , وأجزم أنه لو بعث الصحابة رضوان الله عليهم من قبورهم لما نالوا هذه النسبة , فمهما كان فسيظل لهم خصوم فهناك منافقين وعلمانيين وشيوعيين وإقطاعيين وأصحاب مصالح ليس من مصلحة هؤلاء جميعا أن يتولى أحد الصحابة رضوان الله عليهم رئاسة الجمهورية أو إدارة المملكة أو الإمارة فكيف يحصل السيد فلان على أربع تسعات .؟ سؤال يبقى بلا جواب ربما لأنها عبقرية عربية صرفة .. حتى ثرواتنا الوطنية لا نعرف عنها شيء , نجهل مداخلينا ونجهل ما تحويه بنوكنا وخزائننا , وكيف تريدون أن تعرفوا كل هذا ونحن مجرد أجراء وعمال وعبيد .. هل من مظاهر الدولة أن يظل مواطنين دون هوية وجنسية رغم أنهم يعيشون في نفس الأرض التي عاش فيها إباؤهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم ..؟
وإطلالة بسيطة على تاريخ بعض هذه الممالك لنعلم أن حكامها مر على تواجدهم في هده الأرض ربما اقل من مائة عام لكنهم يرفضون أن يتجنس أبناء الأرض الذين لو تكلم الحجر في شأنهم لشهد أنهم منه وهم منه
ولا يستحي بعض المثقفين الذين تسير بطونهم أمام أيديهم أن يتكلموا عن الحضارة والرقي وغيرها من الشعارات التي نضحك بها على العبيد .. قبل أن نتكلم عن الحضارة والثقافة والتاريخ علينا أن نبحث عن وجود دولة ولا أعني هنا بالدولة بالرقعة الجغرافية لأن حتى الإنسان البدائي في أدغال إفريقيا وفي أحراش الأمازون له أرض لكن ليست دولة , فالدولة ليست أبراج عالية وشوارع فخمة ومطارات وهياكل صناعية وأشياء للزينة , الدولة شيء آخر فيها الحكومة موظفة لدى الشعب وليس العكس كما هو حاصل في دولنا العربية حيث الشعب موظف وشغال عند المؤسسة التي تسمى الدولة ..
الدولة عندنا أصبحت كعكة النصيب لنا فيها فتاة يتساقط من فم السيد فلان وشركاءه ,رغم أننا رعايا لنا كامل الحقوق في أوطاننا باسم الدين والأعراف وحتى باسم الدستور الذي خاطه الملاك , ليس الوطن شعار والرئيس أو الملك أو الأمير ليس ربا يعبد , الأرض جعلها الله للإنسان وجعل فيها خليفة له أو خلفاء لا ليستعبدوا البشر وإنما ليبثوا العدل بين الناس وإحقاق الحق .. وكمواطن مهضوم الحقوق كلها حتى حرية الكلام التي لم يمنعها الله على إبليس ,أريد أن أعرف
بأي حق وبأي سلطة وبأي قانون تملكون كل شيء وتنفردون بكل شيء في ثرواتنا وأرضنا ..؟
أي أب وأي جد خلف لكم هذه الأرض وتركها لكم ..؟
وأين عقد ملكيتكم لأرضنا .. إن كانت هذه الأرض لكم ..؟
وأخيرا هل نحن عبيدا لكم أم شعبا في دولة هي في كافة الأحوال لن تقوم لها قائمة إلا بنا نحن الذين نسمى شعب ..؟
أعرف أن الشعارات تتكلم على شعب ودولة , وعن أمة وتاريخ .. لكن واقع الحال أن ثمة عبيد في ارض هي مجرد مؤسسة أو شركة .
النرويج دولة نفطية وبترولية ويعتبر دخل المواطن فيها أعلى دخل في العالم .. ورغم أننا دول كما يزعمون نفطية وتتصدر العالم في تصدير النفط لازالت بعض الدول البترولية العربية أو غالبيتها يعيش فيها المواطن تحت خط الفقر لكن ابن فلان وشركاء فلان في الدولة لهم كلاب تنال من الوجبات المتوازنة أكثر مما يناله أطفال العراق والصومال ..وسؤال بريء أطرحه أبناء من هؤلاء الأطفال ..؟
أحيانا لا ألوم الأنظمة ففي الأخير هي وجدت ملكا مشاعا فأخذته لا يهم كيف أخذته , لكن اللوم كل اللوم في هذه الشعوب التي لازالت تؤمن بالانتخابات وبالكذب .. لازالت تصفق وتفرح كلما لوح لها فلان بيده , العيب في شعوب لا تعرف كيف تأخذ المبادرة وتعزف عن الحياة لتنال الحياة
ربما يعتقد أحدهم أني أدعوا إلى ممارسة العنف و القوة أو الخروج على الحاكم .. لست من أنصار هذه النظرية لأني أدرك جيدا أن الخاسر الأول في حرب مثل هذه هم البؤساء والإنسان العادي , لكني أدعوا إلى شيء من الوعي والإلمام بالحقوق أو بالأحرى ابسط الحقوق التي يتوجب على أي إنسان يعتقد أنه يعيش في وطن وليس في شركة أن يكون على دراية تامة بها .. نحن لا نعيش في محميات بل أوطان لذا على الإنسان في هذه الأمة مهما صغر شأنه أن يدرك حجم مسئوليته وواجبه , هناك طرق سلمية عديدة تجعلنا نعبر أننا غير راضين على أن نكون عبيدا , يكفي أن نقاطع استقبال الذين يغيرون الحقائق على الرؤساء والملوك .. يكفي أن لا نصوت بل ونقاطع حتى التصويت على الحاشية والبطانة الفاسدة , فالملوك والرؤساء تصلهم التقارير مغلوطة على أن الأمة راضية وكل شيء تمام لذا وجب تغير الأمر ليس بالفوضى ولكن بتعبير اقل ما يقال عنه هو رفضنا للحاجز الذي يفصل بين شعب وحاكمه ورئيسه رفضنا لأن تصل أخبار الرعية للحاكم عن طريق مرتزقة المال وتجار الدم والمغتنين من بؤس الشعب , يكفي أن نعزف عن أمور كثيرة حتى يدرك الذي يحكم أن ثمة خلل يتوجب معالجته .. وإن لم يعجب هذا الأمر الأسياد في البلاد التي تحولت إلى شركات تصدير واستيراد فما عليهم إلا أن يبيعوا شعوبهم في المزادات العالمية فثمة دول مثل استراليا وكندا ونيوزلندا وبعض الجزر في حاجة إلى شعوب كاملة لتبني وطنا للجميع وليس شركة لفلان وشركاءه ..
#محمد_دلومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟