|
في ذكرى النكبة كل الجهود للتصدي لمخاطر نكبة أخرى تلوح في الأفق
وليد العوض
الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 14:54
المحور:
القضية الفلسطينية
في ذكرى النكبة كل الجهود للتصدي لمخاطر نكبة أخرى تلوح في الأفق أيام قليلة تفصلنا عن دخول العام الستين للنكبة التي اكتملت فصولها في الخامس عشر من أيار عام 1948، تلك الفصول التي توالت حلقاتها منذ أن بدأت المؤامرة تحاك على فلسطين وشعبها يوم أن دق الصهاينة أول مستوطنه لهم عام 1886 على ارض فلسطين وتواطأت معهم كل دول الاستعمار القديم التي كانت فلسطين خاضعة لسيطرتها حيث بدأت القطارات والسفن تحمل آلاف منهم من دول العالم المختلفة وتلقي بهم فوق ارض فلسطين مستغله طيبة أهلها وبساطتهم إلى أن اتضحت مرامي المشروع الصهيوني القاضي بطرد شعبنا الفلسطيني صاحب الأرض الحقيقي وإحلال آلاف اليهود مكانه فبدأت حينها المقاومة الفلسطينية بكل الإشكال والوسائل المتاحة لمواجهة خطر هذا المشروع وقد تناومت تلك المقاومة وأخذت أشكالا متعددة ارتباطا بما كانت تنكشف له مخاطر ذلك المشروع فقدم خلالها الفلسطينيون نماذج نادرة من البطولة والفداء دفاعا عن أرضه وحقوقه، إلا أن مخاطر المشروع تزايدت ووسائل تحقيقه ازدادت شراسة كما اتسعت دائرة القوى الاستعمارية الداعمة له فوفرت لهه كل عوامل النجاح الأمر الذي ساعد على تحقيقه وتنفيذ ما صبى إليه من سرقة الأرض وتهجير أهلها، وهكذا كان في الخامس عشر من أيار قبل 59عما فقد نجح الصهاينة ليس بسرقة ارض بلا شعب كما يدعون، بل سرقوا الأرض وطردوا أصحابها، بل إنهم سلبوا الأرض وطردوا سكانها في أوسع عملية للتطهير العرقي حدثت في أعقاب الحرب العلمية الثانية لقد اغتصبوا دولة كانت قائمة بالفعل وتخضع للانتداب البريطاني الذي لم يمنحها استقلالها أسوة بالبلدان المجاورة بل الذي تواطأ مع الصهاينة ووفر لمشروعهم كل فرص النجاح فسخر لهم معسكرات التدريب ومدهم بالسلاح والعتاد وفتح لهم أبواب استيعاب الآلاف من اليهود في العالم ومارس كل إشكال البطش ضد أصحاب الأرض الحقيقيين، وبنتيجة ذلك فقد تمكن الصهاينة من سرقة وطن وتهجير شعب عاش فوق أرضه ألاف السنين وتشير مختلف أبحاث الدراسات إلى انه كان يوجد في فلسطين التاريخية عام 1945 ألف وثلاثمائة تجمع فلسطيني ينعم أهلها بالخير والحياة الهانئة بينما كان الصهاينة بتواطئ وتزوير بريطاني قد نجحوا فقط بإقامة 181 مستعمرة لايزيد عدد سكانها الواحدة منها عن العشرات. ولقد تمكن هؤلاء بتواطىء مكشوف من بريطانيا التي ساعدتهم بطرق شتى على استقدام آلاف اليود من شتى أصقاع الأرض وقاموا عصاباتهم المعروفة الارغون وشتيرن والهاغناة و شنوا حرب أباده وتطهير عرقي ضد شعبنا الفلسطيني الاعزل إلى أن تمكنوا عام 1948 من سرقة الوطن الذي كان يضم مؤسسات دوله قائمة بحد ذاتها تسعى لاستقلالها أسوة بجيرانها وفي هذا المجال تبين الدراسات والأبحاث المتعددة التي تناولت أوضاع فلسطين قبل النكبة خاصة تلك التي كشف عنها الباحث الدكتور سلمان أبو ستة أن الصهاينة أقاموا دولتهم على مؤسسات دولة قائمة فقد كان في فلسطين تحت الانتداب1700 منشأة حكومية من نوادي ومباني ومؤسسات للصناعة وغيرها كما كانت فلسطين تعتبر من أكثر الدول المجاورة لها تقدماً في عدة مجالات تجارية وصناعية وزراعية فقد ضمت 500 مؤسسة عاملة في أكثر من مجال، وكان هناك أيضا 3650 مصدراً للمياه وتميزت فلسطين بموقعها الجغرافي المميز الذي كان يربط البلدان المجاورة لها بشبكة من السكك الحديدية حيث كان فيها 41 محطة للقطار 700 كيلو متر من سكك للحديد، إضافة إلى 31 مطاراً و 6000 كيلو متراً من الطرقات المعبدة و37 معسكراً للجيش البريطاني سلمت بمعظمها ومعداتها للصهاينة الذين استخدموها في حربهم لإبادة شعبنا وتهجيره عن وطنه. وفي هذه النكبة أيضا استولت إسرائيل على 2000 معلم تاريخي من المساجد والمقابر والاديره والكهوف ومراكز الآثار، وقد استخدمت العصابات الصهيونية كل وسائل الاباده المتاحة من قتل وتدمير واغتصاب وحرق الناس وهم أحياء كما حدث مع أهالي طيرة حيفا لتنفيذ مشروعها بالتطهير العرقي وقد أثبتت الدراسات التي بدأت تصدر مؤخراً حتى عن كتاب اسرائيليين وباحثين استفاقت ضمائرهم وأشاروا إلى أن 90% من القرى الفلسطينية نزح سكانها الذين مثل عددهم آنذاك 52% تحت وطأة التعرض لهجمات عسكرية تمت أثناء وجود الانتداب البريطاني وتحت حمايته ومع حلول شهر أيار عام 948 و الإعلان رسمياً عن قيام إسرائيل تم طرد النسبة المتبقية التي تمثل 42% من السكان وقد استكملت إسرائيل طرد العدد المتبقي الذي يمثل 6% بعد اتفاقات الهدنة التي أعقبت قيامها. كما وتبين تلك الدراسات أن العصابات الصهيونية ارتكبت في حربها ضد شعبنا أبشع المجازر التي عرفتها الإنسانية حيث دوت أكثر من 700قرية ومحله وارتكبت ما بين عامي 1947- 949 فقط 247 حادثة قتل وأباده منها 141 مذبحة تعتبر 700 منها في إطار المذابح الكبرى و 71 في إطار المتوسطة وهكذا وتحت وطأة هذا الإرهاب الغير مسبوق تكون العصابات الصهيونية قد أكملت عام 1948 فصول مؤامراتها القاضية باحتلال فلسطين وطرد أهلها الذين تناثروا إلى شظايا في اتجاهات متعددة إلى كل من لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة والى العديد من دول العالم الأخرى، وعودة إلى بدء فقد وددت القول أن النكبة هذه لها وجه آخر من وجوه المعاناة المتعددة التي عانها شعبنا أنها لغة الأرقام التي تبين أن إسرائيل سرقت دولة قائمة بذاتها وشردت شعباً كان ينعم بخيراته في امن وأمان إلى أن وقعت وقلبت حياة شعبنا رأسا على عقب. وهذه الأيام حيث تداهما الذكرى المؤلمة كل عام نقول انه بالرغم من مضى نصف قرن وعقد من الزمن على وقوعها فإن النجاح الكامل للمشروع الصهيوني لم يكتمل ولم يحقق النجاحات التي يصبوا ليها فما زال يواصل عدوانه على شعبنا الذي لم يركع ولم يستسلم للوقائع التي حققتها إسرائيل وفرضتها نتائج للنكبة المؤلمة فما زال يخوض نضاله الدءوب من اجل عودة لاجئيه الذين شردوا من ديارهم عام 1948 ويستند في ذلك لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 194 القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم، كما انه لم يستسلم لنتائج النكسة التي أدت إلى احتلال إسرائيل للأجزاء المتبقية من فلسطين التاريخية عام 1967 وما زال يخوض نضاله ببسالة حتى تحقيق أهدافه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعلى هذا الطريق قدم الشهداء الأماجد والجرحى البواسل والأسرى الشجعان وقد بلور كيانه المعنوي و السياسي المعمد بهذه التضحيات التي مثلتها انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة و قيام منظمة التحرير الفلسطينية التي شكلت ذروة التحدي الفلسطيني في مواجهة النكبة وعلى هذا الدرب ما زال شعبنا يواصل ا التحدي نحو تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة. ونحن نتحدث عن النكبة لابد لنا من أن نشير إلى أن مخاطر نكبة جديدة تتربص بشعبنا الفلسطيني تتمثل في تصعيد العدوان الإسرائيلي عبر مواصلة أعمال القتل والاغتيال المبرمج واستمرار حملات الدهم والاعتقال علاوة على إقامة جدار الفصل العنصري الذي يلتهم85% من أراضي الضفة الغربية وتقطيع أوصالها إلى معازل يصعب التواصل بينها أضف إلى ذلك إقامة الحواجز الدائمة والمتنقلة التي وصل عددها إلى 500 حاجز ويترافق كل ذلك مع الحصار الظالم المفروض على كافة الأراضي الفلسطينية وعزل قطاع غزة عن العالم الخارجي واستمرار احتجاز عائدات الضرائب التي قاربت المليار دولار وبكل أسف يتم ذلك تحت سمع وبصر العالم اجمع بل وبمشاركة العديد من دوله الكبرى في ذلك وقد انعكس هذا الحصار بشكل مؤلم على شعبنا الذي بات يعاني من أوضاع اقتصادية بالغة التدهور وصلت معها معدلات البطالة إلى أكثر من 64% كما ارتفعت معدلات البطالة لتصل إلى 40%، ولكن بالرغم من هذا العدوان فإن شعبنا الفلسطيني صمد في مواجهة الجوع ولم يستسلم ولكنه بات يئن بكل أسف تحت وطأة تردي وسوء الأوضاع الداخلية وتجدد موجات الاقتتال الداخلي من حين لآخر وقد وصلت في مرحلة من المراحل الى تخوم الحرب الأهلية التي كادت أن تعصف به و وتفتح الطريق إلى نكبة أخرى غير تلك التي صنعها الأعداء عام 1948 ولكن بأيدينا وبين ظهرانينا حيث تسود الفوضى وتستشري حالة الفلتات الأمني وتغيب سيادة القانون وفي ظل ذلك تنعدم القيم والعادات الكفاحية المجيدة لشبعنا الذي بات يشعر بكل أسف بان كل انجازاته وتضحياته في مهب الريح وهو ينظر اليوم بعين القلق والريبة لما يجري على الأرض من مخاطر تتصاعد في هذا الاتجاه لذلك فقد رحب بقوة باتفاق مكة الذي أنهى قتال الإخوة وأسفر عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تبدو حتى الآن عرجاء وعاجزة عن القيام بما ينتظره الشعب منها فما زالت ذات أدوات الفوضى ذاتها تتحكم بمصير الوطن والمواطن بل وتعبث بأمنه ومستقبله دون رادع وما زالت التجاذبات السياسية وحالة عدم الثقة بين حركتي فتح وحماس وسيدة الموقف ويترجم ذلك مع الأسف من حين لآخر في اندلاع صراعات ميدانية بل وفي بروز تيارات واتجاهات تستغل وجود هذه الأجواء من عدم التفاهم فتنشر فوضاها التي يدفع ثمنها عامة الشعب من أمنهم وقوت أطفالهم الأمر الذي يتطلب تظافر كل الجهود المخلصة لمواجهة هذه المخاطر تجنبا لنكبة أخرى تلوح في الأفق. إن ذلك يتطلب أولا إدراك المخاطر التي تحيق بشعبنا وقضيته الوطنية وضرورة الإقلاع عن حالة عدم الثقة السائدة بين قطبي الصراع على الساحة والتوجه الجاد نحو استكمال تنفيذ ما ورد في اتفاق مكة خاصة فيما يتعلق بملف منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في الوطن والمنافي والبدء فورا بتنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة في آذار 2005 بهذا الصدد، علاوة على ضرورة بحث ملف الشراكة السياسية بين مختلف الفصائل الفلسطينية والابتعاد عن نهج المحاصصة السائد في كل شيء بين الحركتين اللتين باتتا تتقاسمان وتتقاتلان على كل شيء باستثناء هموم الوطن والمواطن الذي ترك وحيدا يجابه الأخطار، هذه الإخطار التي تتطلب جهد ومشاركة الجميع لمواجهتها الأمر الذي يتطلب العمل بنوايا صادقة لتعزيز الوحدة الوطنية بعيدا عن تكريس نهج المحاصصة والاقتسام والسعي نحو توطيد دعائم حكومة الوحدة والبدء فوراً في تنفيذ الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة لإنهاء حالة الفلتان الأمني والعمل على تعزيز الأمن والأمان للمواطن والاهتمام بقضايا الناس الاقتصادية والاجتماعية ووضع حلول مقبولة للوضع الاقتصادي الذي شارف على الانهيار أن ذلك وحده يمكن أن يعزز صمود شعبنا و يمكننا جميعاً من مواجهة العدوان والتصدي لأهدافه التي مازالت قائمة على مبدأ بن غوريون القائل أن تدمير فلسطين الكامل شرط لقيام إسرائيل وبقائها. 11/5/2004 وليد العوض عضو المجلس الوطني الفلسطيني عضو المكتب السياسي لحزب الشعب
#وليد_العوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب الشعب الفلسطيني والكتلة العمالية التقدمية خلال مسيرة بمن
...
-
ليكن الأول من أيار يوما للنضال من اجل الوحدة والتحرر والعدال
...
-
في الذكرى(58) للنكبة والله وراجعلك يا دار
-
على مائدة الحوار الوطني الفلسطيني
-
لا للاستقطاب الثنائي على الساحة الفلسطينية، لالسلطة المليشيا
...
-
حوار وطني فلسطيني على الهواء
-
لا للفتنة العمياء نعم للحوار الوطني المسئول
-
لماذا التخلي عن قرارات الشرعية الدوليةوالقرار 194
-
لجنة اللاجئين في المجلس التشريعي خطوة للوراء
-
سليمان النجاب باق في قلوبنا في الذكرى الرابعة لرحيله
-
ملاحظات حول مشروع إنشاء هياكل مدينة للاجئين الفلسطينيين في ا
...
-
سبعة وخمسين عاما على النكبة
-
النكبة 57
-
يوم الاسير الفلسطيني
-
يوم الارض
-
اعلان القاهرة
-
على طريق المؤتمر الرابع للحزب
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|