|
من فنون اللجوء الفلسطيني
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 06:25
المحور:
القضية الفلسطينية
تدخل مآسينا الفلسطينية المتعددة والمتنوعة ضمن الغرائب والعجائب ويدخل بعضها باب الندرة والطرافة أيضا فمن الطرائف الغريبة والنادرة التي لم تحدث إلا في فلسطين أن الفلسطيني الموجود والمولود في أرضه والذي يعيش وسط عائلته، لا يحق له أن يحمل بطاقة هوية ، ولا يستطيع الحصول على جواز سفر من بلده ، لأنه ببساطة (خالف القوانين الإسرائيلية) فقد دخل بتصريح زيارة ، ولم يعد إلى [ الشتات] لذا فإنه قد ارتكب إثما في حق القانون الاحتلالي الذي ترفضه كل الأمم ونهجوه نحن صباح مساء !! والمدهش أن أعداد الفلسطينيين الخارجين عن القانون الاحتلالي يبلغ أكثر من ستين ألف مواطن فلسطيني وما هو أكثر إثارة ودهشة أننا اعتبرنا قضايا الستين ألفا بلا هوية [ قضية إنسانية] تتعلق بحقوق الإنسان ، وأن الستين ألفا هم [مساكين] ! لا يستطيعون مغادرة الوطن ليلتقوا بأهلهم وذويهم المهجرين ، كما أن بعضهم ( يا حرام) لا يستطيعون علاج أبنائهم المرضى ! وهكذا جعلنا القضية [الكبرى] الداخلة في إطار القضايا الفلسطينية الكبرى ، جعلناها مجموعة من المشاكل الصغرى ، تمس فقط بعض المتضررين ! ترى ! ما الفرق بين قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ، والتي نعتبرها اليوم جوهر كل مفاوضاتنا ، وبين قضية الستين ألفا المسجونين داخل وطنهم لأن المحتل يرفض أن يمنحهم [ أرقاما] في كمبيوترات المحتلين وهم فوق أرض اعترف حتى المحتل بأنه تركها إلى الأبد ؟! أليس جديرا بنا أن نجعل هذه القضية [ قضية] فلسطينية رئيسة ، لا تطرح فقط على الجانب الإسرائيلي وتخضع لنظام [ كوبونات] المحتل عندما يحين موعد [ الجزرة] وتحجب المنحة عندما يستعمل الإسرائيليون [ العصا] ! ، بل تُطرح أيضا على كل المحاكم الدولية باعتبارها أبشع جرائم حقوق الإنسان في عصر الألفية الثالثة ، عصر الانفتاح وإلغاء مفارز الحدود وجوازات السفر؟! وأستغرب ادعاءنا بأننا أسسنا خمسا وعشرين وزارة في بلد محاصر محتل ، ونقبل أن يتنقل وزراؤنا ببطاقات خاصة في كل اللحظات ، بينما لا يتمكن طفلٌ صغير ولد فوق أرضه من مغادرة مسقط رأسه لأنه ببساطة لا يملك رقما من أرقام بطاقات الاحتلال ؟ وتزول الغرابة عندما نعلم بأن حالة الستين ألف مواطن الخاضعين للإقامة الجبرية خضعتْ للتقليد الفلسطيني السائد وهو [ الاعتياد] والتعود على السجن والبقاء ، فما داموا يتمتعون بالصحة والعافية ، فنحن بخير ! كما أن تجاربنا السابقة أثبتت للعالم أجمع بأننا سريعو النسيان وغير قادرين على ربط قضايانا ببعضها لنجعلها منظومة واحدة ، وليست [ شظايا] حالات متناثرة ! فقد كانت خطيئتنا الكبرى أننا غضضنا الطرف عن [ جذورنا ] الصامدين في أرضهم منذ عام 1948 ، بل إن بعضنا اعتبرهم محظوظين بالاحتلال ، على الرغم مما يعانونه من [ لجوء] متعدد داخل أرضهم ، ففي كل يوم يُطردون وتُصادر بطاقات هوياتهم ويُنفون من أرضهم وتهدم بيوتهم وتُسلب ممتلكاتهم ، وحين نتحدث عنهم نردد التسمية الإسرائيلية : " عرب 48"!! ولن أكون مبالغا إذا قلت بأننا لا نملك إحصاء بعددهم أو عدد ممتلكاتهم التي تصادر كل يوم ، وكعادتنا نكتفي بما تتفضل علينا به صحيفة اليسار هارتس فقط لا غير ! أما أطرف أنواع اللجوء الفلسطيني الذي يجب أن نسجله بجداره في كتاب [غينس] للأرقام القياسية ، وهو الطرد من مدن الشمال الفلسطينية إلى الجنوب ، كما حدث مع لاجئي كنيسة بيت لحم قبل سنوات فقد فاوضنا الإسرائيليين واتفقنا معهم وفق أغنيتنا الشهيرة :[ حقنا لدماء أبنائنا] !! أن نقبل باقتراح المحتلين الذي ينص على طردهم إلى [منفى] غزة ، ولم نلتفت إلى خطورة ما فعلناه ، لأننا بحسن نية أو بغير ذلك قبلنا أن نشق الوطن إلى نصفين ، الشمال الطاهر الذي يستنشق المحتلون عبيره والذي يرغبون في إبقائه نظيفا طاهرا نقيا ، والجنوب الملوث الذي لا يصلح إلا منفى فقط ! ولكي نهرب من آثار ما فعلناه نردد دائما : لاحول لنا ولا طول فالأمر كله بيد المحتل ، فهو الآمر والناهي ، والسيد المطاع ، ومانح الأنعام ، وجالب الخيرات والنقمات سبحانه ما أعظم شانه ! لقطات طريفة : ما زلنا لا نعرف بالضبط عدد أسرانا في سجون الاحتلال ، لذلك ندعو بطول العمر للصليب الأحمر الذي يزودنا بعدد أبنائنا في السجون الإسرائيلية ! أثاب الله [حركة السلام الآن] وجزاها عنا كل خير فهي الوحيدة التي ما تزال تزودنا بعدد الأراضي التي صادرتها قوات الاحتلال وأقامت عليها المستوطنات ! وأطال الله بقاء صحفيي صحيفة هارتس وعلى رأسهم الصحفية [ عميرة هآس ] وداني روبنشتاين ولطيف دروري الذين يتابعون قضايا المواطنين الفلسطينيين الذين تنتهك قوات الاحتلال حقوقهم صباح مساء ! ورعى الله بعض منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات رعاية الأيتام والجرحى والمعوقين في فلسطين التي ترصد الانتهاكات الإسرائيلية كل يوم وكل ساعة لغرض توثيقها ووضعها في دوسيهات وأرشيفات وإذا أضفنا إليها ملفات [ البروبوزلات] فإنها تكفي لتعبيد كل طرق الوطن ، وإن كانت تلك الملفات مدفوعة الثمن على حساب شعبنا الفلسطيني . هل صدفةً أننا لا نستطيع أرشفة قضايانا في [ إطار] حقوقي قانوني دولي بكل لغات العالم ، ولا نستطيع أن نُسخِّر كل الميزانيات ، لتحويل الحقوق الفلسطينية التي نعتبرها مخطئين حقوقا فردية وشخصية ، إلى حقوق وطنية أساسية نجدولها لتكون أولى من الصراع على الوزارات والمناصب ؟ وأخيرا كم مرة طرحنا قضية المواطنين الفلسطينيين بلا هوية والمشردين والنازحين على جدول مفاوضاتنا مع دول الجوار العربية لنحصل لهم على حق المرور والعودة إلى أرضهم وذلك أضعف الإيمان ؟!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عجائب ثقافية
-
بلاد الفرز ... والحراسات
-
ابتسم .. أنت في غزة
-
وجادلهم ..... بالمتفجرات
-
علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
-
هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
-
هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
-
المرأة بين الحقيقة والخيال
-
المبدعون قرون استشعار
-
إحراق الكتب في فلسطين
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|