|
الدوامة السياسية .. ضررها وأخطارها
خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 1911 - 2007 / 5 / 10 - 11:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دردشة على فنجان قهوة نيرون لا يمكن أن يكون بعيداً عن ذهن المتتبع السياسي لما يجري في العراق اليوم، وأنهار الدماء تجري فيه هذا اليوم والغد القادم . نيرون وقف على تل مرتفع يحتسي الخمر الأحمر وقنانيه تغطي الموائد المحملة بالفواكه والطعام ، وقف بعد أن أمر بحرق روما كاملة وكلما زاد أوار الحريق في روما وزاد لهيب النار ، إزداد نيرون نشوة وأكثر من احتساء المزيد من هذا النبيذ الدموي الأحمر . أما المجموعة الحالية في العراق أشبهها أنا بالنيرونية الجديدة من معممين ، فانهم يسبحون كذباً ويسجدون رياءً ونفاقاً ، عندي ليس هناك فرق في لون العمامة ولا في حجمها ، بل للأسف إن بعض هذه العمائم مصر على ابقاء الحريق في بغداد وابقاء جريان الدماء الزكية ، ومصر على تمكين الاحتلال من البقاء أطول مدة ، ليس كل العمائم ولكن بعضهم تمادى في استغلال شعائر الدين ولم يرحموا أهل العراق ولا أهل العراق ، والمفروض أن العراق وطن الجميع سواء أكانو بعمائم أو بغير عمائم ، وأن قلوب هؤلاء هي قلوب عراقية تغار على من يسكن هذا البلد ، إذ إننا جميعا نكون هذا الشعب . الدوامة معناها ( الفرران في نقطة واحدة وبؤرة خاصة ) وهذه الدوامة هي أنواع ، هناك الدوامة الفكرية ، وهي التي تطرح نظريات غير واقعية تجعل من يعتقد بها في غيبوبة فكرية ودوامة لا خروج منها .. الا بالاعتداء أو الانتحار أو الموت الجماعي ، والتاريخ ليس بالعراق فقط حتى في أمريكا عندما دعت فئة تملك القدرة على جعل الغير يؤمن بهذه الدوامة الى الانتحار الجماعي ، كما طلب منها المنظّر الأكبر الأب الروحي المقدس معتبراً أن هذا الانتحار هو جزء من عقوبة جماعية للخلاص من دوامة فكرية مركبة على اعتقاد ديني جديد ، استطاع بقدرته الفائقة على تجميع أناس في بؤرة فكرتها وحلقتها الموجودة فيهم الكثير من المجانين ، وهناك أمثلة كثيرة في دول أوربية ، هناك جماعات تدخل في دوامة وفي سبات هذه الدوامة ، ثم تستيقظ على دعوة من رئيسها لعمل أشياء غير مألوفة وغير منطقية وغير مقبولة . الدوامة الثانية هي الدوامة المذهبية والطائفية ، وهي أقوى الدوامات في التاريخ الحديث ، وقد تبنتها دول لها أطماع بترولية في دول أخرى ، صممت على بثها ونشرها وتطبيقها في كل بقعة من أي بلد يريدون له العبودية والاحتلال ، انهم قادرون على نشر هذه الأفكار التي لا تخدم أحد ، استطاعوا بذرها كما تذر بذور الحنطة في منطقة مطر ديمية ، فوجدوا أن هناك من يتقبل هذه البذرة ويساعد على نمائها سيما وأنها تسقى بالمال الوفير والدولا الكثير الرواج ، وهم يطلبون السلطة والمال. أما الدوامة الثالثة ، وهي دوامة الصراع على السلطة أولاً والصراع على الكراسي السيادية ( الوزارات ) ثانياً ، والداخلية خط أحمر بالنسبة لقائمة الائتلاف لا ترضى باشغالها بمن لا توافق عليه ، والخارجية هي حصر للأكراد وهي اذن خط أحمر تلوح به الى قائمة الائتلاف ، أما الدفاع وهو يملك القوة الضاربة فيبى بيد الاحتلال ليحمي المصالح النفطية ، التي هي أساس مجيء الاحتلال ودخوله العراق ، وبناء قواعد عسكرية لا تضاهيها قواعد في العالم ، وهكذا تتشابك الخطوط الحمراء ولكن نبقى نحن المهتمين بالشان العراقي ، ويبقى الشعب ( المقرود ) مع جميع الحركات السياسية في دوامة ليس لها قرار أو نهاية ، إن الدوامة إن هي الا كرة ثلج تبدأ بصراع بين الطائفتين وحول موضوع معين ، وهذه الكرة تبدأ في التوسع كلما مر وقت على هذا الصراع ، وتأخر القرار الواجب طرحه بشأ هذه الدوامة ، وللأسف أن انحرت مسارات هذه الدوامات ومثال ذلك في الشمال ، فللأكراد دوامة يتغنون بها ويعملون لأجلها وهي كركوك وكيف يستطيعون الاستيلاء عليها وعلى نفطها ، فتارة يتمسكون بتطبيق الدستور في مادته 58 ، ومرة أخرى بطلب تسريع عملية التطبيع الديمغرافي لاحتساب عدد السكان المتواجدين ونسبة السكان الأكراد في المدينة ، وكانوا يحثون سكرتير الحزب الشيوعي العراقي باكمال هذه العملية ، متألمين من الدكتور ابراهيم الجعفري لأنه يتباطأ في تنفيذ هذا الاتفاق ، فنرى الأكراد على الساحة العراقية يساومون على هذه القضية الجوهرية ، وينثرون الوعود لقوائم أخرى مثل قائمة الائتلاف في فسح المجال لهم بإنشاء فدرالية الجنوب تطبيقاً لنظرية ( حك ظهري وأحكلك ظهرك ) ، أيتصور أي انسان في العالم أن هناك ابتعاد عن مصلحة العراق العليا وتقسيمه بفدراليات مثل هذا العمل الذي يقدمون عليه ، ولكن من يستطيع أن يلوم لاعبي السياسة إن استغلوا وجود الاحتلال ووجدوا تتطابقاً بين أفكارهم وطموحاتهم السياسية وبين ما هو مكتوب في السجل الخفي للاحتلال الأمريكي ، إنهم كرداً وإئتلافاً يقايضون العراق جزءًا بجزء وكأنهم بائع ومشتري ، ومصلحة الشعب شيء آخر . هل يستطيع التاريخ أن يهضم مثل هذه التجاوزات على المصلحة ، وهل يستطيع الخلف من الأجيال أن يغفر لهؤلاء إن قسموا العراق غدراً ، إنها لعبة الدوامات وهي مستمرة على أنغام لعلعة أسلحة الاحتلال ، وهدير زنجيراته ودباباته في شوارع العاصمة ، لا ولكنهم هم والاحتلال وقوته لا شيء أمام إرادة الشعب ، صحيح قد يستمرون في اللعب الى حين وصحيح أن تستمر هذه اللعبة بين سنة أو سنين ، ولكن التاريخ صادق بما يكتب . إن من المحال دوام الحال .. وسيكون هناك شروقاً للحرية في العراق ، وشروقاً لوحدة التراب والطوائف والأهداف والسياسة ، وسيبقى العراق يحمل راية عالية السارية ، وإن كانت مخضبة بالدماء وستذهب وستتلاشى جميع الدوامات والى الأبد .
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكل سؤال جواب
-
لعبة الجوازات المتنوعة.!!!!الاحتلال يتفنن في تعذيب ضحيته كما
...
-
عمال العراق وحقوقهم في عيد العمال العالمي
-
نيران الحرب الاهلية تحيط بكل بقعة من الوطن والكل سادرون عنها
...
-
هل الامريكون مصممون على...تقسيم العراق طائفياً
-
هل الامريكون مصممون على... تقسيم العراق طائفياً
-
يااهل العراق..نحن الاحتلال ... جئنا ..ولا نرحل.. إلا .. مع .
...
-
جالية تعادل ثلث سكان الاردن .. تناشد الملك عبدالله الثاني ..
...
-
صبر العراق .. قنبلة موقوتة ..فحذاري يارئيس وزرائنا من انفجار
...
-
أريد صيداً .. أفجره معي..!!
-
أيعقل ان الاحتلال ينصف العراقيين في حقوقهم النفطية!!!
-
اغتيال الشيخ غازي حنش جريمة سياسية باركها الاحتلال
-
الاحتلال يطلب شيئاً...!والمقاومة الوطنية تطلب أشياء..! والحك
...
-
جماهيرنا تسأل ....! كيف يحجم التدخل الايراني السوري ؟؟ وعلى
...
-
الغلاة في التعامل يشكلون خطرا حقيقيا على تشيعهم لأي فئة
-
مستشاروا محاموا بلا حدود يجب ان لا يبخلوا بخبرتهم القانونية
...
-
بانوراما عراقية
-
متى يرفع الطائفيون يدهم عن مصير العراق ومُقدراته...!!
-
دولة الرئيس فك ياخه عن الشعب
-
تاه اليهودي في سيناء بالامس البعي دوتاه دولة الرئيس المالكي
...
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|