فاضل خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 10:42
المحور:
الادب والفن
أن الأسباب في ظهور شخصية المخرج حديثاً كان لضرورة وجود المفكر و القائد والمنظم على رأس المجموعة المسرحية ، و كذلك بسبب ظهور الفهم الحديث لمكونات عناصر الإنتاج المسرحي في عصرنا .ولان المسرح وشكلهُ يتأثران بالتحولات وقوانين التطور الاجتماعية, فهو يتكيف تبعاً لتلك المتغيرات .ونتيجة لذلك تبلورت تدريجياً مهمة المخرج ، فمن تجاربه في عصر النهضة ظهر المسرح المرسوم ، ومن عقلانية طروحاته في القرن الثامن عشر ونظرية الحكمة للقرن التاسع عشر ظهر (مسرح التشبيه) ومن ذاتية ونسبية القرن العشرين ظهر المسرح التعبيري . فكان ظهور المخرج نتيجة لتلك المعادلات من أجل التوحيد (1) ، وعليه يصبح فن الإخراج –تعريفا- هو الفن الذي ينظم العناصر المكونة لتأسيس العرض المسرحي ابتغاء الوصول إلى التكامل الفني في المسرح .
أما من الناحية التاريخية فيعود فن الإخراج إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهو أمر شبه متفق عليه . إلا أنه كان موجوداً قبل هذا التاريخ ومنذ مراحله البدائية ’ لكنا سنتناول بالحديث تلك البدايات تدريجيا حسب قدمها التاريخي 0
في اليونان القديمة ( الإغريق ) مثلا كان (المؤلف) هو الشخص الذي يتولى عملية التنسيق والإعداد والتهيئة والتفسير وغيرها " فالكاتب والشاعر في العصر الإغريقي لم يكن يعلم الرقص للراقصين المنفردين والرقصات الجماعية فحسب ، ولكن كان يفسر موضوع الدراما وكان يتدخل في النواحي الفنية الأخرى كأماكن الوقوف وحركة المجموعة وإيقاعها"(2) ، وتعتبر( هيلين . ك . شينوي) في تقديمها للكاتب (مخرجون في جلسات الإخراج) أن ( أسخيلوس ) من أبرع من قاموا بتجسيد نصوصهم على خشبة المسرح ، والا فكيف نفسر ملاحظاته الدقيقة التي وردت في نصوصهِ ، وهي اقرب ما تكون إلى ملاحظات المخرج والمؤلف الموسيقي معا . وفي أحيان كثيره كان ( قائدا أ لمجموعة ) يقوم مقام المؤلف المسرحي . وقد اعتبر المؤرخ الشهير لتاريخ الإخراج المسرحي ( أد ولف فيندس ) أن تنظيم فعل الجوقة و إعطاء السمات الخاصة لها عند تقديم أ لعروض المنفذة بالرقص والحركة والتي يتولى مسؤولياتها رئيس الجوقة عمل من مهام المخرج لذلك أطلق على رئيس الجوقة تسمية( المخرج) الذي كانت من مهامه إضافة إلى قيادة الأوركسترا وتدريب الإلقاء والغناء أنه كان يقوم أيضا بتدريب الجوقة اليونانية لأن تتكلم بشكل منغم وتتحرك وتمثل ضمن إيقاع محدد . وفي رأي ( فيندس ) كذلك ’ أن رئيس الجوقة في التراجيديات اليونانية كان يحضر كل الأشياء اللازمة لتجهيز العرض المسرحي وكل ما كان ضروريا لأن يظهرعلىالمسرح(3) 0
في المسرح الروماني كان المسرح اكثر تعقيدا من حيث إجراءاته من المسرح الإغريقي’ فقد كانت عروضه تتطلب من العاملين فيه تهيئة الكثير من المستلزمات من: ديكور ، وملابس ، والشعر المستعار ، إلى جانب مجامع القتال والمعارك مما أدى إلى ضرورة انفصال مهمة منظم العرض المسرحي ( المخرج) – كما صار يطلق عليه فيما بعد - عن صلب المجموعة المسرحية . إذن هو من ضروب السذاجة الاعتقاد
في المسرح الروماني كان المسرح اكثر تعقيدا من حيث إجراءاته من المسرح الإغريقي ، فقد كانت
عروضه تتطلب من العاملين فيه تهيئة الكثير من المستلزمات من : ديكور ، وملابس ، والشعر المستعار ، إلى جانب مجامع القتال والمعارك مما أدى إلى ضرورة انفصال مهمة منظم العرض المسرحي ( المخرج) – كما صار يطلق عليه فيما بعد - عن صلب المجموعة المسرحية . إذن هو من ضروب السذاجة الاعتقاد بعدم وجود من يدير تلك الفعاليات ( العروض الدينية ) . بل على العكس فقد كان لها يقودها وينظمها ويفكر بشكل العرض ونوعه وطبيعته وما يتطلب ذلك من جهود لتقديمه . كما أن من ضروب المستحيل كذلك المستحيل أن لا يكون لتلك أ لمواكب الاحتفالية التي تتسم بارتداء الملابس التنكرية من اجل الدعاية للترويج لها من قبل منظميها . ومن المؤكد أن من ينظم كل تلك العمليات هو شخص خبير . إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الجانب النقدي الذي كانت تحمله تلك العروض للكثير من الظواهر والعادات والتقاليد الباليه يتخللها الإثارة و طابع السخرية اللاذعة لتلك المواضيع . أما في فترة القرون الوسطى وما تاخمها من فترات في أوربا ، وعهد تيمور في إنكلترا ، وعهد لويس الرابع عشر في فرنسا : كان الممثل الأول في الفرقة المسرحية هو من يقوم بمهمة التنظيم وتوجيه المجموعة .
شكسبير مخرجا : **** شكسبير : تاريخيا كان {شكسبير} هو من يقوم بدور المخرج في فرقته وعلى كافة عروضه المسرحية فهو الذي كان ينظم ويقود ويوجه الممثلين لتجسيد أدوارهم . ومن الدلالات الموثقة على ذلك ما يرد من حوار يقوله هاملت يوجه به فرقة الممثلين الجوالة التي يستعين بها لتقديم أفكاره في محفل الملك لتوضيح شكوكه في عمه بمقتل أبيه . تلك الملاحظات تدلل على خبرة اخراجيه تميز بها شكسبير من خلال ملاحظاته الدقيقة التي وردت في الحوار عندما يطلب هاملت من الممثلين بملاحظات قليلة داله أن ينطقوا الكلام بوضوح ، وأن يلائموا الحركة للحوار حسب ما يتطلبه الفعل ، وأن يبتعدوا عن الإيماءة العشوائية . أن شكسبير هنا يعطي درسا إخراجيا ولو نستعرض هذا الحوار ( المونولوج ) نلمس ذلك بدقه :
هاملت - ألق القطعة أرجوك ، كما بينت لك ، إلقاء خفيفا من طرف لسانك ، أما إذا نطقت
بها كما ينطق كثير من ممثلينا، فخير لي أن أدع منادي المدينة يلقي أبياتي. وكذلك
ينبغي أن لاتشق الهواء بيديك ، هكذا أكثر مما يجب ، بل قل كل شيء في هدوء ، فأنه
عليك وأنت في خضم انفعالك العاصف كالزوبعة، أن صح هذا التعبير ، أن تبلغ حداً
من الاعتدال يضفي عليه شيئاً من الرقة. أوه لكم يسؤ وني في الصميم أن أصغي إلى ممثل
صخاب ذي شعر مستعار ، يمزق العواطف إلى مزق ، بل إلى مجرد خرق ، ويشق آذان
جمهور الصفوف الخلفية ممن لا يستطيع أغلبهم أن يفهموا غير التمثيل الصامت أو الضجة
الصاخبة … ولاتكن أيضاً أهدأ مما ينبغي ، بل اتبع ما تهديك إليه فطنتك. لائم بين الحركة
والحوار ، والكلمة والحركة ، فإذا راعيت هذا لم تتجاوز اعتدال الحياة ، فأن كل مبالغة
في الأداء تتجاوز الغاية من التمثيل ، الغاية التي كانت وما زالت أن نعكس الحيلة في المرآة
لترى الفضيلة وجهها ، والمهانة صورتها الحقة ، ويرى كيان العصر وجوده ، ووجوده
قوامه وملامحهُ … ولا تدعوا من يقومون منكم بدور المهرجين يزيدوا شيئاً على دورهم
المكتوب ، فأن منهم من يرى من يضحكون هم أنفسهم ليثيروا ضحك طائفة من المشاهدين
التافهين ، في حين أن بهذا الموضع من المسرحية قضية ما هامة ينبغي الالتفات إليها .
هذا الحوار يوضح الأسس والقواعد التي على الممثل اتباعها ’ ففيه ما يتوجب عليه عمله على الدور و مع نفسه ومع الآخرين . وفيها الذي يبعده عن الملل كالذي يتركه الممثل النمطي الذي لا يلتزم بالتعليمات ولا يتحكم بإمكاناته الجسمانية والصوتية . وهو ما نوه عنه شكسبير حين شكى من الممثل الصخاب الذي يمزق العواطف ويشقق الآذان .
و كان موليير(1622-1673) في فرنسا يلعب نفس الدور الذي لعبه شكسبير من حيث التفكير والتنظيم وقيادة الفريق المسرحي ويبدو ذلك واضحا " في إحدى صفحات مسرحياته كيف كان يوجه إحدى الممثلات ’ وكيف كان يحلل لها الدور ويشرح بعض النواحي التقنية في التمثيل مثل : نظرة من العين ’ خطوه ’ فإيماءة "(4) . وفي العديد من مسرحياته تناول الكثير من نقد أسلوب التمثيل التراجيدي في عمل ممثلي فرقته {الاوتيل دي بورجوني} لمسرحيات : راسيين و كورنييه . وتعتبر مسرحيته ( نقد مدرسة الزوجات ) من الأعمال الرائدة في نقد الزيف والدعوة إلى الصدق في التأليف ’ وفي أداء الممثل "(5) . أما في مسرحية ( ارتجالية فرساي ) عام 1663 التي هي التكملة لمسرحيته ( نقد مدرسة الزوجات ) ففيها يبين موليير لممثلي فرقته كيف يجب عليهم أن يواجهوا شخصيات
المسرحية :
- ( للممثل دي كروا زييه ) انك ’ أنت ’ تلعب دور الشاعر ’ فعليك أن
تتشبع بهذه الشخصية ’ وأن تبرز طابع الحذلقة الذي يظل سائدا بين
علاقات العالم الراقي ’ ونغمة الصوت القاطعة المتعالية ’ وتلك الدقة في النطق التي تضغط على جميع المقاطع ولا تسقط حرفا واحدا من اعنف الكلمات هجاء . ( ثم إلى الممثل بر يكور ) أما أنت فتمثل الرجل السوي من بين الحاشية ، كما سبق أن فعلت في ( نقد مدرسة الزوجات) ، اعني أن عليك أن تتخذ سمة الرزانة ، ونغمة الصوت الطبيعية ، وأن تقتصد ما أمكن ، في الإرشادات باليدين . ( ثم إلى الممثلة بيجار ) وأنت ستمثلين واحدة من اؤلئك النساء اللائى ما دمن يرتكبن الفاحشة ’ يعتقدن أنه مسموح لهن بكل ما تبقى من اؤلئك النساء يحتمين خلف تعاليهن بكل انفه وينظرن إلى كل من عداهن من أعلى إلى اسفل … الخ "(6)
وعلى الرغم من كل ما تقدم ، لكننا لا نستطيع تحديد التأريخ الثابت لبداية الإخراج ، والى البداية التي من خلالها نستطيع أن نعتبر المخرج عنصرا أساسيا في العملية المسرحية ما بين الأعوام 1750 – 1850. والتي خلالها تأسست أول أكاديمية لتدريس التمثيل في ألمانيا في العام 1753 والتي أسسها ( كونراد أيخوف ) ’ وكان فيها يطلب من الدارسين {الممثلين} إلى دراسة المسرحية دراسة تحليليه . كما كان لإضافات ( جوناثان ولنفغانغ جوته ) في ألمانيا أهميتها في الاعتناء بالأدوار الصغيرة ، وأن يعهد بها إلى ممثلين أكفاء ، كما دعا إلى الواقعية في العرض ، وخاصة فيما يتعلق بالأزياء ، وفي توزيع الممثلين على المسرح .
في ضوء كل ما تقدم وحالات أخرى تم تثبيتها في الممارسات الإخراجية في عمل العديد من رجالات المسرح كماحصل في إنجلترا فقد كان ( كامبيل ) و ( وليم مكر يدي ) يدعوان إلى الضبط والنظام واحترام مواعيد التمارين التي تسبق العرض . وأخذا يعملان على إيجاد التناسق بين المناظر والاناره والمجامع . لكن الثابت هو أن الأول من آبار ( مايو ) تاريخا لبداية الإخراج في العالم منطلقين من محاولة ( الدوق ساكس مايننغتن ) وفرقته الالمانيه في( برلين) ’ والذي من خلال تلك التجربة حاول خلق التوافق بين الممثل والمنظر إضافة ألي إعطاءه النص ، الصورة التشكيلية ، وكان نتيجة لتلك التجربة أن اتبع الكثير من المبدعين ما حدده مايننغتن في فن الإخراج المسرحي 0
ولم تكن مهمة المخرج تحتل ذات الاهميه التي كانت تحتلها شخصية المؤلف أو شخصية الممثل ، كما احتلته في السنوات ألا خيره من القرن التاسع عشر وما تلاه ، بعد أن تبلورت وأخذت موقعها اللائق وبرزت أسماء كبيره ورائده في حركة الإخراج العالمي أمثال : ستانسلافسكي ، أندريه أنطوان ، لينيه بو ، جور دون كريح ، أد ولف آبيا . الذين أكدوا أهمية الدور الذي يلعبه المخرج في العملية ألا بداعيه في التكامل الفني للعرض المسرحي . وهكذا توالت الأسماء المهمة في الإخراج من أمثال : جان كوبو، ماكس راينهاردت ، فيسفولد مايرخولد ، تايروف ، أخلبكوف ، فاختانكوف ، فيلا ند فاجنر ، جان فيلا … وغيرهم في مختلف أنحاء العالم 0
إذن ففكرة ( المخرج ) كانت وليدة التطور الذي نشأ في القرن العشرين . وكذلك نتيجة للحاجه الناشئة من سلبيات النظام القديم الذي كان يتطلب من الممثل أن يتأكد من اكتمال حفظ دوره في غضون عشرة أيام ولا صعب المسرحيات ، أما الشغل الحركي فكان في معظمه تقليديا متوارثا ، القديم عن الأقدم ..وهكذا . ويورد فرانك.م.هوا يتنج هذا النظام – الذي كان بمثابة القاعدة – في تقديم العروض المسرحية في عموم القرن العشرين وفي المسرح الأمريكي بالآتي :
1- كانت فترة التدريبات , قصيرة تصل إلى بضع ساعات في الأعمال الدورية ’ ونادرا ما تتعدى الأسبوع للأعمال الجديدة .
2- الأزياء والماكياج ’ كانا يتركان في الأغلب للممثل واجتهاده ’ وكان هذا سببا في غياب الوحدة الاسلوبيه للعرض ’ بل والى فوضى الأساليب في العرض الواحد .
3- الديكور ’ كان من النوع التقليدي ’ عدى بعض التعديلات الطفيفة التي قد تدخل عليه , لملائمة احتياجات العرض .
4- الأدوار الصغيرة ’ ومشاهد المجامع ’ غالبا ما كانت تهمل , أو , يعهد بها إلى أشخاص غير ممثلين تفرضهم الصدفة .
هذه الفوضى دعت إلى البحث عمن يعمل على توحيد تلك الأجزاء ، وعلى تنظيمها ويكون قادرا على قيادة المجموعة . فكان ظهور {فن الإخراج} و{المخرج} ، كصيغه مستقلة كما نعرفها اليوم ، التي تكونت بشكلها النهائي في نهائيات القرن الثامن عشر في ألمانيا في الفترة الواقعة بين الأعوام 1826-1914 ( دوقية ساكس مايننغتن ) على يد الدوق جورج الثاني الذي احب المسرح وقاد فرقته الناشئة ومنذ العام 1874 ، وقام معها بجولات في عموم ألمانيا , ليعرض معها أول مسرحية ضمن ما عرف بمسرح المخرج في الأول من أيار (مايو) كما أسلفنا . تميز مسرح مايننغتن بما يلي:
1- الشدة بالتزام النظام , لذلك كانت فترة التمرينات فيه طويلة ودقيقه . .
2- امتازت الفرقة بعدم احتوائها على النجوم ، لذلك كانت فيها كل الأدوار تعامل بنفس الاهميه وكذلك الفنانين .
3- كانت المجامع بأهمية أدوار البطولة .
4-الإضاءة ، الملابس ، الديكور ، الماكياج ، تخضع للتخطيط الدقيق .
ويقال بأن (جوته) هو أول من استخدم مصطلح (المخرج) ، والبعض يذهب إلى أن ( ليون دي سوميه) , الذي عمل مرشدا في (قصر ألما نتوان) كان أول من مهد لظهور المخرج . ومن أفكاره قوله " إن من الضروري أن نحصل على ممثلين جيدين ، بدلا من الحصول على عرض مسرحي جيد " ، وهذا دليل على مناداته بالاهتمام بالممثل في العرض للحصول على عروض مسرحيه جيده . كما طالب بالدقة التاريخية في الأزياء ، وأكد على الاعتناء بالأجواء النفسية بواسطة الضوء . وهو الذي طالب الممثلين باتباع قواعد المحاكاة الارسطيه .
وفي ألمانيا كان نوعين من المخرجين :
1- الذين توجهوا تماما إلى عقل الممثل ، وطالبوه بالتحليل التفصيلي والدقيق للدور
2- الذين وقفوا على قمة الوجدان الإبداعي للممثل ، ورأوا بأن مهمة المخرج الأساسية تنحصر في إيقاظ الحس الإبداعي عند الممثل .
ومنذ ذلك الوقت تركز عمل المخرج في أنه : المفكر ، القائد ، المنظم ، للمجموعة المسرحية والمؤلف الأول للعرض المسرحي . الذي بدونه تصعب الحياة على المسرح . في ضوء هذا التعريف برزت أسماء مهمة وكبيرة في الإخراج المسرحي سنتناول أهمها من التي أثرت وكان لها دورها البارز في المسرح العالمي 0
****) أدولف آبيا ( ADOLPHE APPIA )
---------------
(1/9/1862-29/2/1928)
" انتهت مرحلة الخبره في مهنة الإخراج المسرحي . ولم تعد المهنة تتطلب الذوق أو المزاج فقط . بل دخلت في طور التعريف والتحديد ."()
هو , من اصل سويسري , كان مهتما بالمنظر المسرحي , منظر , درس في فرنسا . عمل مع فاجنر ,وجاك كوبو , اهتم بالموسيقى . يعتبر مهنة الإخراج مهنة البحث الدائم في الحياة من اجل بث الروح في حروف النص الساكنة . والذي ينظم زمان تلك الحياة ومكانها ويخلق لها مبررات كونها الفني هو المؤلف . أما الذي يبعث النبض فيها ويحرك أجزائها فهو الممثل . هذه باختصار معادلة العرض المسرحي عند ابيا , الذي دعى إلى التزاوج بين فنون المسرح كافه . وقد حددها المعالم الداعية إلى ضرورة امتزاج المناظر والاضاءه والتمثيل والموسيقى وبقية العناصر في وحدة عضويه 0
****) إدوارد جور دون كريج EDWARD GORDON GRAIG
------------------
( 16/1/1872- 29/9/1966 )
مخرج ومهندس ديكور وممثل إنجليزي . ابن الممثلة الانجليزيه ايلين أليس تيري (27/2/1847-21/7/1928 ) . أبوه كان ممثلا أيضا مثل وهو في الثانية عشرة من عمره , واستمر يمثل حتى تخصص في تمثيل أدوار المسرحيات الشكسبيريه . أهم الأدوار التي مثلها كانت : هاملت , ما كبث , مالكو لم , روميو , عطيل … وغيرها . في عمله الإخراجي اعتمد كريج على التخطيط المسبق لعروضه المسرحية أملا في الوصول إلى بناء الشكل الفني المتفرد . هو مؤسس –المسرح الرمزي النسبي-. وابتدع في الإخراج مفهوم الفن الشامل . ومن وجهة نظره المخرج هو الشاعر الذي ينظم المشاعر على المسرح بصيغة الأشكال التي يقترحها . أما الممثل فهو أداة المخرج التي من خلالها ينفذ أفكاره ألا بداعيه , لها حق تنفيذ ألاوامر وليس لها حق المبادرة . لقد حرك الممثل على المسرح كما تحرك الدمية ( السوبر ماريوت ) وهي كانت فكرته التي تقوم على شخصية خيالية تجمع بين الدمية المتطورة والإنسان . الدمية التي تؤدي مختلف الأفعال والانفعالات والمشاعر دون أن تعكس ذاتها وهمومها كما يفعل الممثل الحي . لقد طبق نظرية –المخرج الديكتاتور- بسبب عدم إيمانه بنوع التمثيل آنذاك و لم تكن ترق له أساليب التمثيل التي كانت تمارس في المسرح الإنجليزي وحتى نفسه في التمثيل لم تكن ترق له هي الأخرى الأمر الذي دفعه إلى ترك التمثيل رغم تدخلات أمه و ضغوطاتها وحتى وساطات برناردشو-الذي كان من أهم أصدقاء أمه وعائلته- لم تجد نفعا وهوما دفعه إلى أن يهجر إنجلترا أيضا , ليستقر في ألمانيا ليعمل مخرجا في مسرح ( أوتو براهم ) . ومن ثم في موسكو التي ذهب أليها بدعوة من ستانسلافسكي ليقدم على ( مسرح موسكو الفني ) مسرحية (هاملت) رافقه فيها (فاختانكوف) و( مايير خولد) مساعدان للإخراج . ومن ثم في الدانمارك – كوبنهاجن في العام 1926 ليقدم واحده من أواخر اعمله إحدى درا مات (أبسن) . إن بيان كريج (الممثل والدمى العليا) عام 1907 أحدث هزة في الأوساط الفنية حتى إن ( الكسندر تاييروف) اتهمه بتفضيل الدمية على الممثل وكان في هذا الرأي شئ من الصحة . إلا انه استمر في عمله مخرجا ومؤلفا حيث بدأهما منذ العام 1896. إن نظرية – المخرج الديكتاتور – ابتدعها كريج واول من طبقها في المسرح انطلاقا من أيمانه من أن المخرج هو الخالق الوحيد- وا لمبدع الأهم في العرض المسرحي مما جعل بقية العناصر تشعر بالحيف وفقدان حقوقها في العمل معه . ومنهم الممثلين الذين كانوا غير سعداء بطريقته هذه وغير راغبين بالعمل معه , فتعاملوا معه كما تعامل هو معهم فكانوا غير مطيعين له وغير منفذين لأوامره فاستعاض عنهم بالدمى ( العرايس ) . ولعل تجربته في إخراج (هاملت) على الورق الدليل الأكيد إلى ما ذهبنا إليه( يمكن الرجوع إلى الموضوع " هاملت بين كريج وبيكاسو "- تجربة الإخراج بالرسوم على الورق لكل من بيكاسو وكريج- ترجمة الباحث ) كما أنه " كتب العديد من الدراسات في مجلته التي أصدرها (القناع) . وله العديد من المؤلفات في المسرح منها (فن المسرح- 1905) و (في فن المسرح) و (نحو مسرح جديد-1912)"() (معجم المسرح –ص89) 0
****) أندريه أنطوان : ANDRE ANTOINE
----------
( 31/1/1858 – 19/10/1943 )
ممثل ومخرج ومدير مسرح ، وواحد من أهم المبدعين في فرنسا، ينتمي إلى أسرة من طبقة العمال . بدأ العمل في فرق الهواة . اعتبره المعنيون مصلحا للأساليب المسرحية القديمة في فرنسا نهاية القرن التاسع عشر . أسس ( المسرح الحر Theatre libber ) في الثلاثين من مارس عام 1887 على غرار المسارح التي أنشأت في كل من ألمانيا وإنجلترا التي استمر عملها حتى عام 1896 . كمالم يتقيد بأساليب المسرح البائدة و السائدة آنذاك وانما ارتبط بتعاليم المذهب الطبيعي عند ( أميل زولا Emil Zola ) . لقد تعرف انطوان على أساليب مسرح الإصلاح وخاصة تقنية تشكيل مشاهد المجامع , واعتبره المؤرخون : واضع أسس مدرسة جديده في المسرح ,تبحث عن الصدق وتؤمن بأن العمق يكمن في بساطة العمل الفني لا في تعقيده ، هذه المدرسة كانت تتجنب كل ما يدعو إلى التصنع والمبالغة . قدم المسرحية الواقعية ، وأخرج للمؤلفين : هاوبتمان ، سترندبرج ، تولستوي . حاول أن يقرب المسرح من الحياة كحقيقة معاشة ، ولم يمنعه ذلك من استخدام الرمزية والشمولية في المنظر المسرحي ، والاهتمام بالطرازية والمشاهد الجماعية في المسرح .
أسس مسرحه الخاص (مسرح أنطوان Theatre Antoine)في عام 1897، وعاد بعدها ليؤسس مسرح ( ألأوديون ) .كما أخرج عددا من الأفلام أهمها : عمال البحر المهرة –1917
**** ماكس راينهاردت :MAX RAINHARDT
-------------
(9/9/1873-31/10/1943)
مخرج وممثل مسرحي نمساوي , ولد في فيينا . يعتبر واحد من أهم المخرجين في العالم , عمل إلى جانب المخرج أوتو براهم في برلين . رغم انه كان متناقضا معه في آراءه , وقد استفاد من تجربة مايننجن الألمانية في الإخراج المسرحي كثيرا . هو أول من ابتكر مهرجانات المسرح المكشوفة الصيفية عام 1920 . ابتكر الكثير من الفضاءات المسرحية التجريبية منها تقديمه لمسرحية (أوديب) داخل علبة سيرك . هرب إلى أمريكا هربا من بطش النازية , ومات هناك في هوليود .
#فاضل_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟