|
دعاء وزهرة ويا باقي النساء... من كانوا بلا خطيئة رجموكن بحجر!!!
راني خوري
الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 03:06
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
"2ثُمَّ حَضَرَ ايْضا الَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ الَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ الَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَاةً امْسِكَتْ فِي زِنا. وَلَمَّا اقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْاةُ امْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ اوْصَانَا انَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ انْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَامَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى الَى اسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِاصْبِعِهِ عَلَى الارْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْالُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلا خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا اوَّلا بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى ايْضا الَى اسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الارْضِ. 9وَامَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِدا فَوَاحِدا مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ الَى الاخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْاةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ احَدا سِوَى الْمَرْاةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَاةُ ايْنَ هُمْ اولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ امَا دَانَكِ احَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لا احَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولا انَا ادِينُكِ. اذْهَبِي وَلا تُخْطِئِي ايْضا»."
هذه القصة أوردها لنا يوحنا بشير "يشوع المسيح" في الإصحاح الثامن من بشارته بالعهد الجديد، وأستذكر بدوري هذه القصة وأنا أقرأ المقالات التي تناولت موضوع رجم الفتاة "دعاء" زهرة السبعة عشر ربيعا، وقتل الفتاة السورية "زهرة" وغيرهما الكثير من الفتيات الأبرياء واللاتي لا نعرف لهن إسما ولا مكانا ولا زمانا، اللاتي ذبحن ورجمن وقتلن وأريقت دماؤهن على محراب الشرف والأخلاق. وسأبدأ أولا بشرح بسيط لرواية البشير يوحنا لأصل إلى ملخص لما أود قوله.
في رواية يوحنا هذه، نجد وصفا دقيقا لحال المجتمع قبل ألفين من الأعوام خلت، ويتضح فيها أطراف المجتمع في ذلك الزمان، محور الخير ومحور الشر ومحور الشعب الذي يقرر أن يقاد من قبل هذا أو ذاك. فبينما كان المعلم والمصلح والواعظ والمرشد في الهيكل يعلم ويصلح ويعطي الأمل لمن حوله من جموع الشعب، كان طيور الظلام من الشرفاء ورجال الدين خارج الهيكل!! يتربصون بضحية تقدم قربانا لفكرهم الفاسد البائت، وتكون برهانا على تقواهم وورعهم وحفظهم للشريعة المقدسة بحرفيتها القاتلة، وتكون وتدا يدك في جسد من دك عروشهم وقوض مصالحهم وأخرجهم من الهيكل الذي حولوه إلى مغارة لصوص، وتبدأ المحاكمة!!
"يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل"، فالجريمة هنا واضحة وضوح الشمس حيث أن صيغة الحديث في كلمة "أمسكت" مبنية للغائب!! فهم لم يقولوا أمسكناها ليثبتوا أنهم من قام بهذا العمل وإنما الفاعل الذي قام بعملية الإمساك غائب!! ولن يسأل أحد عنه لأن الجريمة هنا جريمة شرف وبالتالي سيتوقف عقل الجميع عن العمل، وسيصدر الحكم فورا لأن هرمونات النخوة ستبدأ بالعمل فورا. ولكنهم لم يتوقفوا عند هذه النقطة، فخصمهم بارع، وهم يعلمون جيدا كيف سلب القلوب والعقول، وبالتالي لا بد من توضيح الطريق له، فقد يضل الحاكم الذي قاموا بالاحتكام إليه على الرغم من معاداتهم له، ويصدر حكما لا يأتي حسب هواهم، على الرغم من شهادتهم له عندما نادوه " يا معلم "، فكان لا بد من تضييق الفكر بمزيد من البراهين، وتضييق الخناق عليه بجعله يسير حسب ما يريدون هم، فتابعوا قولهم " وموسى في النَّاموس اوصانا انّ مثْل هذه ترجم." أمام هذا التذكير بالقانون الواضح والصريح المتبع في مثل هذه الحالة، والذي حافظ عليه هؤلاء الأمناء والشرفاء طوال قرون، والذي أتاهم دونا عن باقي البشر من السماء العليا من خالق الإنسان والعالم بكل شيء، فبالتالي فبغض النظر عن الناحية التشريعية فلا يجب إهمال الناحية القدسية في الموضوع.
"فماذا تقول أنت؟؟"، هل فعلا جن هؤلاء القوم؟ إنما بقولهم هذا، إما يساوون من يرفضونه بموسى!! أو يساوون كلامه وحكمه بكلام وحكم الله المقدس؟! ولكن هذه الناحية لم تخطر على بالهم أبدا، فهم واثقون كل الثقة بأن هذا الواقف في الهيكل وأمام الجموع الغفيرة، وهو الحكم الذي نصبوه بعد أن كبلوه بتذكيرهم له بالشريعة - لا لأن المعلم نساها، ولكن لكي تسمع الجماهير وتكون مهيئة للحكم الذي سيصدر – لن ينطق عن الهوى وما سيتفوه به هو ما قد علموه منذ آلاف السنين!! ولكنه لا يرد، لا شك بأن هذه كانت لحظات فرح لهم عندما رأوه لا ينطق ولا يفتح فاه، وتلك الزانية ترتجف بين أياديهم، فمصيرها معروف وما هي إلا لحظات ويسفكون دماءها. ولكنها تملك بصيصا من النور، بكلمة واحدة تصدر من ذلك الرجل الذي يعظ، تارة بالسلام وتارة بالمحبة وتارة بالمغفرة وتارة بالمساواة وتارة بالمباركة.
لكنه لا يرد، لابد من الإلحاح عليه لأنه في مأزق وقد وقع في الفخ، فهو الذي يدعي بأنه كائن قبل إبراهيم وإسحق، وهو القائل بأنه أعطي أن يتكلم بسلطان الشريعة، فكيف يخرج عن الشريعة؟!
انتصب واقفا ثم قال لهم "منْ كَانَ منْكُمْ بِلا خَطِيَّة فَلْيَرْمِهَا اوَّلا بِحَجَرٍ"، ؟! ما هذا الذي يسمعونه؟! هل في حلم هم؟! لقد أطلق حكمه ورفعت الجلسة!! لم يخش على نفسه ولم يتمسك بحرفيتهم، كان أمام عينيه حياة امرأة، نعم أمسكت في فعل الزنا، ولم يطلب الشهود! بل اكتفى بشهادتهم "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر". لقد خرجوا واحدا تلو الآخر مبتدئين بالشيوخ!! أترى لأن ذنوب هؤلاء الشيوخ كانت عظيمة جدا فسبقوا الآخرين الصغار بالخروج!؟ ربما أحسوا بأنه كان يعرف خطاياهم بل كان يكتبها أمامهم على الرمل!؟
ولكن الرواية لا تنتهي هنا، فيشوع بحسب ما يعلم الجموع بلا خطيئة!! فليرمها هو إذا بحجر، ولكنه لم يأتي ليهلك بل أتى لينقذ، أتي ليعطي سلاما حسب ما قال ووعظ، لم يأتي ليسلب وينهب ويقتسم الأرباح والغنائم، بل أتى ليكون للإنسان حياة ويكون لهم أفضل. إذا فيتركها تذهب وحيدة، ما هكذا تكون حياتها أفضل.
" يا امْرَاةُ" لقد ناداها بنفس الكلمات التي نادى بها أمه مرة في عرس قانا الجليل، والتي أخذها عليه من لا يؤمنون برسالته ولا يفقهون كلامه بأنها طريقة بعيدة كل البعد عن اللياقة. يا إمرأة؟؟! أليست زانية؟ أليست عاهرة؟ ذلك في نظركم أيها الممتلئون شرفا، أما في نظره فهي امرأة بكل ما في هذه الكلمة من وقار واحترام لشخص المرأة، " ايْنَ هُمْ اولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ امَا دَانَكِ احَدٌ؟" ألا يعلم يشوع مل فعل بهم؟ بل يعلم، ولكنه يريد للجموع أن ينادوها باسمها الذي تستحق، إمرأة، على الرغم من ارتكابها لفعل هو عار عندهم، وليعلمهم أنه وهو الذي يدعونه معلما وصالحا يحترم ويتعامل مع مرتكبي الإثم، فكلامه واضح لا مجال للشك فيه: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب". ويأتينا ردها موضحا طبيعتها " لا أحد يا سيد" إنها تعرف كيف تحترم الآخرين، فالآخر فرض احترامه وبين أن السيادة تكون بوهب الحياة لا بإهدارها. ويختم ما يريد بتوصيته الأكثر حدة من السيف " ولا انَا ادِينُكِ. اذْهَبِي وَلا تُخْطِئِي ايْضا"، فمن غير الله يمتلك القدرة على المسامحة أو الإدانة حسب إيمانهم؟؟ فيمكنه إذا أن يدينها ولكنه لا يفعل بل يوصيها بأن لا تخطيء، ويترك لها حريتها.
هذه القصة في العهد الجديد، كلما قرأتها أو تذكرتها يعتصر قلبي ألما. دعاء، زهرة، أيتها النساء المظلومات والمقهورات عبر تاريخ بشريتنا التعيس، ذنبكن أن المسيح لم يكن حاضرا في المكان والزمان المناسبين لا بشخصه ولا بكلمته، لقد قرر الأنذال أن شرفهم لا يسلم ما لم يسال على جوانبه الدم، ونسوا كل خطاياهم ولياليهم السوداء التي لو تذكروها لانسحبوا من أمامكم مثل أولئك الجرذان الذين سبقوهم قبل ألفي عام، ولكن ما غسل عقولهم هو الشريعة التي يسعون جاهدين لجعلها مصدرا أساسيا في دستورهم. وهي التي تتيح لهم نكاحكن ليل نهار دون أن يحسوا بأي عار. وما أن تعبرن عما يختلج في صدوركن من مشاعر، إلا وتنهال المسبات والشتائم عليكن وعلى اللاتي كن من قبلكن، فما أنتن إلا متاع لدنياهم ولآخرتهم ولكن أيضا... دون أن ننسى، وفق رغبتهم هم لا رغباتكن.
ربما لم يكن المسيح موجودا بجسده وكلمته، ولكنه كان موجودا بروحه ليستقبل أرواحكم الطاهرة، ليمنحكم حياة أبدية وراحة سرمدية، لأنه هكذا أحبكم الله حتى افتداكم بابنه الروحاني الوحيد، وخوفا من أن يستقبل أرواحكم آخر في السماء فيصيح بأن أكثر أهل جهنم من النساء.
في النهاية، لا نجد تعزية لقلوبنا وضمائرنا إلا معرفتنا المسبقة لأخلاق هذه الأمة التي صدق فيها القول: إنها أمة تقتل البلابل..... وتطأ بأقدامها الياسمين والسنابل.
#راني_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا..و أحداث الحادي عشر من أكتوبر.!!
-
الكتابة .... للعقلاء!!
-
إلغاء عقوبة الإعدام ...والنوم في العسل.
-
ابتعدوا عن الحيطان..وغنوا لها!!
-
تفسير جديد للقرآن بالانكليزية!!
-
نيسان عاد..فتحية لرجال السياسة والدين.
-
يا أهل العراق، يا أهل الشقاق يا أهل النفاق!!.
-
وفاء سلطان...والحيوانات!!!
-
بن لادن...سنة حلوة يا جميل
-
بيكاسو ....والزرقاوي!!!
-
بيكاسو...والزرقاوي!!!.
-
مشكلة عقل وليست مسألة حجاب
-
قبر يسوع ، سفينة المال الغارقة الجديدة!!
-
عبدالكريم نبيل سليمان...الكتابة في الدين والسياسة خط أحمر!!.
-
وفاء سلطان والمتخلفين عقليا!!
المزيد.....
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|