|
الإرهاب يضرب من جديد
موحى حدا
الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 11:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
شهدت مدينة الدار البيضاء يومي 11 مارس و 10 ابريل من هذه السنة أعمال إجرامية أقدم فيها شباب مغاربة على تفجير أنفسهم في مشاهد مقززة لا تقبلها أية شريعة سماوية أو بشربة وضعية كانت. كيف أصبح الشباب المغربي سهل الاستقطاب من طرف مروجي إيديولوجية الموت مما جعل منهم قنبلة بشرية قابل للانفجار في أية لحضه؟ وهل من سبيل للقضاء على هذه الظاهرة الخطير أو تطويقها على الأقل للحد من انتشارها؟
إن ما وقع في الدار البيضاء انطلاقا من أحداث 16 مايو المشؤمة ومرورا بالأحداث الأخيرة هو نتاج لمجموعة من الأسباب والظروف التي جعلت من الشباب المغربي لقمة سائغة في أحضان إيديولوجية الموت. ومن بين هذه الأسباب ما تلقاه الشباب المغربي في حياته الدراسية من ثقافة الكره وازدراء للأخر، واعتبار أن المسلم هو أفضل خلق الله و الأمة الإسلامية هي خير امة أخرجت للناس، كما أن هدا الشباب تربى على حب قضايا الأخر والنضال والتضحية من اجلها بينما يعتبر القضايا الوطنية خارج اهتماماته. كما تم إقناعه بأن كل ما يعيشه الغرب من تقدم علمي كان مصدره المسلمين، وان الغرب الكافر قد سرق تلك العلوم من المسلمين خاصة العرب منهم الذين يعتبرون أنفسهم السابقون إلى كل شي جديد يقع في هذا العالم. كل هذه الأفكار وغيرها ربت في الشباب المغربي كراهية الأخر التي تحولت مع بروز أيديولوجية الموت إلى كره الأخ في الوطن.
إلى جانب التعليم الملغوم الذي تلقاه الشباب في حياته الدراسية يجد نفسه بعد التخرج في فراغ مزمن جراء البطالة. هذه الآفة التي تعاني منها نسبة كبيرة من الشباب رغم التصريحات الكاذبة للدولة التي تحصر نسبتها في 8 بالمائة. ومما يزيد الطين بلة غياب أية مرافق يمكن من خلالها للشباب أن يفجر مواهبه وطاقاته المكبوتة، إذ أنه في معظم المناطق المغربية لا توجد فيها دورا للشباب، وإن وجدت فهي تكون قليلة الإمكانيات أو تنعدم فيها كليا، كما يكون فيها التأطير ضعيفا، إضافة إلى أن مجموعة من هذه الدور يسيطر عليها الفكر الإسلاموى الذي ينفث سمومه في عقول الشباب المغلوب على أمره في غياب أي دور فعال للدولة المغربية. و لا ننسى الفقر الذي يعيشه معظم الشعب المغربي في الوقت الذي تنعم فيه قلة فاسية موريسكية بخيرات هذا البلاد.
إضافة إلى الأسباب المذكورة سالفا هناك سبب أخر ألا وهو نوعية الخطاب السياسي الذي تروج له الدولة والأحزاب ومعظم مكونات المجتمع المدني. هذا الخطاب الذي يرتكز على الإيديولوجية العروبية الشوفينية التي أصبحت عالة على العالم كله فما بالك بوطننا العزيز. إنها الأيديولوجية الوحيد في العالم المبنية على تقديس الذات وتحقير الأخر. كما أنها إيديولوجية اقتنع معتنقيها أن كل ما يجري في العالم هو مؤامرة ضدها وجب التصدي لها بكل الوسائل ومنها الإرهاب. حيث نجد سياسيينا ومثقفينا تماشيا مع عروبيتهم المقيتة يتماهون في الدفاع عن القضايا الخارجية ويجعلونها في مصاف القضايا الوطنية خاصة منها القضايا المشرقية رغم أننا لم نجني من هدا الأخير إلا الويلات والإرهاب الوهابي المدعوم من طرف آل سعود. فعندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو ما يجري في العراق، رغم انه قتال إخوة ، يسهل على السياسيين والمثقفين المغاربة تهييج عواطف المواطنين وإخراجهم في مسيرات مليونية ، يلعنون الأخر بشتى أنواع اللعنات وينعتونه بشتى أقبح الصفات. بينما ادا تعلق الأمر بما هو وطني لا يستطيع هؤلاء تجميع أنفسهم فما بالك بالمواطنين حيث أنهم يتعاطون مع القضايا الوطنية بانتهازية كبيرة وفق مصالحهم الذاتية وليس وفق مصالح المجتمع المغربي.
إن هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الشباب المغربي قنبلة موقوتة تنتظر من يفجرها في وجه الإخوة قبل الأعداء إن وجيدو، وهذا ما يستغله مروجي إيديولوجية الموت فيوهمون الشباب المغربي أن تفجير الذات هو جهاد في سبيل الله وتغيير للمنكر وان في انتظارهم كل ما حرموا منه في الدنيا من حور عين...... أمام هذه الظاهرة الخطير، مادا يمكن فعله للقضاء عليها أو على الأقل تطويقها في أفق نسفها إلى غير رجعة؟
أولا وقبل كل شى أصبح لزاما على الدولة أن تقوم بوضع خطة هادفة تطمح إلى إخراج الشباب المغربي من براثين التخلف والبطالة والفقر وإعطاءه فرصة لإظهار مواهبه وتفجير طاقاته بعيدا عن الحسابات الأمنية التي تطغى على كل خطط الدولة في هذا المجال. وعليها أيضا إعادة النظر في سياستها الثقافية المبنية على تمجيد كل ما هو خارجي وتحقير كل ما هو داخلي. وذلك بإعطاء الأهمية للثقافة المغربية من فن وموسيقى...و تنقيتها من الشوائب المشرقية المتعلقة بها، وتحفيز الشباب للاهتمام بهذه الثقافة وينفض عنه ثقافة الإرهاب المشرقية. وهذا سيجعل الشباب يعتزون بثقافتهم ومغربيتهم ويرفضون كل من يحاول المس بها عكس الحاصل الآن.و يجب على الدولة تنقيح البرامج التعليمية ووضع برامج جديد تربي في الشباب حب الاختلاف وحب الوطن والدود عنه في كل المجالات وتنمي فيه روح الإبداع، كما أن هذه البرامج يجب أن يكون هدفها أيضا إشاعة قيم الديمقراطية والحداثة والعلمانية، ويجب على الدولة وضع برنامج وطني متكامل يكون هدفه تحسين ظروف المواطن المغربي في جميع المجالات بعيدا عن السياسات الأمنية المتبع حتى الآن. وكخلاصة إجمالية، إن ما يعيشه المغرب من مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية، وانتشار إيديولوجية الموت، وغياب أي دور فعال للدولة والمجتمع المدني هي الأسباب الرئيسية لظهور ظاهرة تفجير الذات.
#موحى_حدا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمخض الجمل وولد فأرا
المزيد.....
-
بوريل: لا أحد يعرف قدرة الاتحاد الأوروبي على دعم كييف في عهد
...
-
RT ترصد انتشار الجيش اللبناني في الجنوب
-
من شن الهجوم على غرب حلب ولماذا الآن؟
-
قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب: أكثر من 200 قتيل بمعارك شما
...
-
بعد سجن 13 عاما.. ألماني يبرأ من تهمة قتل ويطالب بتعويض
-
رغم الهدنة.. لماذا تخشى إسرائيل حزب الله؟
-
ماسك يرد على مطالبة واشنطن لكييف بخفض سن التجنيد في أوكرانيا
...
-
حزب الله- ينشر إحصائيات عن خسائر إسرائيل البشرية والمادية خل
...
-
موقع أمريكي يزعم تخلي حماس عن استراتيجية السنوار لوقف إطلاق
...
-
اتصالات مصرية بقادة القوى السياسية اللبنانية لبناء -مرحلة جد
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|