سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1905 - 2007 / 5 / 4 - 07:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
((مابين السطور))
من يقرأ هذا العنوان الكبير,قد يسخر من الربط بين حدث قد يعتبره عارض , وشعار زوال الدولة العبرية,ولا ألوم هؤلاء الساخرين,لان المشكلة متجذرة في سيكولوجيتنا العربية,حيث خلق لدينا كأنظمة أكثر من الشعوب,أن إسرائيل أصبحت لازمة أبدية, وثابت لو اجتمع جن الدول العربية وانس الدول الإسلامية قاطبة ,لن يستطيعوا هزيمة الكيان الإسرائيلي,والهزيمة هنا كما بالفقه الإسرائيلي هو النهاية والزوال,حتى ان جذور الوهن العربي وقناعاتهم المتكلسة, لاتتعاطى مع مجرد التفكير بإمكانية إنزال هزيمة ولو جزئية بالكيان الإسرائيلي الغاصب؟!!!!
والحقيقة التي لايريد التعاطي معها الكل العربي الرسمي, والبعض الإسلامي الاسمي, وحتى لا يراد لنا كشعوب مسحوقة ومقموعة أن نتعاطى معها,أن هزيمة إسرائيل وهم كبير,فولجوا لداخل قناعات الوعي العربي بعد تدمير زخم وهم القومية بعقولهم وإراداتهم, فنجد محللا سياسيا هنا , وخبيرا استراتيجيا عسكريا هناك, من محللي وخبراء وعلماء السلطان, يباركون عن عمد ووهن هذا الوهم الكبير, وذلك بإحصائياتهم التضليلية العسكرية, والتفوق النوعي الضخم للآلة الحربية الإسرائيلية بالمقارنة مع الآلة الحربية العربية,وعلى صعيد أخر يباركون هذا الوهم مدعما بشعارات تتساوق مع صنيعة رعبهم,بان الكيان الإسرائيلي واليهود يقودون العالم, وأنهم الأذكى في إدارة اللعبة السياسية والعسكرية, والأكثر امتلاك لرؤوس الأموال, والأمهر في مجال التصنيع الإعلامي, وهذا الزرع الأسود لبذور الهزيمة الاستباقية للعرب والنصر الاستباقي للصهاينة, جريمة يشرف على ترويجها وتسويقها عرابي الصهيونية من بني جلدتنا, خاصة ممن يرثون الحكم من المهد إلى اللحد, فأصبح وجودهم مرتبط بهذا الوهم وبوجود الكيان الصهيوني!!!!
ولم يتطرق خبراء وعلماء ومحللي ومثقفي السلطان,إلى أن إرادة الكيان الصهيوني, اوهن من بيت العنكبوت,لم يتطرقوا إلى أن المكنة الإعلامية الرسمية العربية موظفة لخدمة هذا الوهم الصهيوني الهش,ولكن كيف لنا أن نشخص هذا الوهن والوهم, ونحاول باستماتة عربية وإسلامية أصيلة, وإرادة فولاذية تبديل تلك القناعات المتجذرة والمتكلسة,في الوعي والإرادة العربية بفعل خيانة زارعي السوء, والمكلفين أمريكيا وصهيونيا,بغسيل أدمغة الأجيال القائمة والقادمة؟؟؟!!!
بداية إذا ما بدئنا بمقاربة حقيقية, أو مقارنة إحصائية, نجد أن العرب دون المسلمين في تعدادهم البشري, كغثاء السيل المُشتت, والمشكلة هنا في شتات اتجاهات هذه السيول والمزا ريب تبعا لأيدلوجيات سياسية تابعة لهذا القطب الشرقي المتربص وذاك القطب الغربي المفترس,إذن المشكلة في الشتات وفقدان الإرادة والاحتواء الطوعي الرخيص , وليس في المقارنة مع عدد ضئيل من مرتزقة الدولة العبرية العارضة إلى زوال,والذين لايتجاوزوا عدد سكان حي من أحياء قطر عربي, مقارنة بعدد سكان 22 دولة عربية دون بركة, وحتى هنا يوجد مفهوم خاطئ, أخذناه وتعاملنا معه كمسلمات خطيرة, بان اليهود الصهاينة المتواجدين كغاصبين على ارض فلسطين هم موحدين, وتسود بينهم المحبة, وهذا جهل بل تجهيل مقصود, كي لايفسح المجال لأجهزة المخابرات العربية العفنة والعميلة لتخترق تلك الجبهة الهشة على الأقل بالمال المكدس عربيا, والذي يذهب في معظمة ليستثمر في مشاريع القمار والدعارة وطوفان شركات الكليبات الصهيونية العالمية!!!
وحتى على مستوى العتاد العسكري, فوالذي نفسي بيده,لدى أنظمة الردة والانهزام العربية ترسانة من الأسلحة المتطورة, والتي تحتاج إلى اكتشاف رقمي جديد في قاموس الرياضيات, كي تُحصى أثمان تلك الأسلحة المتكهنة في المتاحف العربية, بالمليارات والبلايين والترليونات و...و...و.... حدث لاحرج !!!!
لكن الحقيقة الموءودة أن إنساننا العربي وأموالنا وعتادنا , مسيرة بإمرة الشيطان الأمريكي والعفريت الصهيوني, فإرادتنا مُسلمة طوعا, واستقلالية قرارنا, بيعت في سوق النخاسة الصهيوني, بل الحقيقة أن تلك الترسانة والعتاد يخضع لعقود بيع وشراء مخزية ومهينة, وأهمها عدم استخدامها ضد الكيان الإسرائيلي, وإلا فسوف يتم تعطيل أنظمتها التكنولوجية, أو حتى يحق للدولة البائعة استخدام القوة العسكرية فيما لو استخدمت في غير المنصوص عليه في متن عقود الخيانة السوداء,والأكثر سُخفا مازالت تلك الأسلحة المتطورة والتي شبعت موتا وذلا وهي جاثمة على الأرض العربية التي أصبحت تنطق بلغة الايدش الصهيونية, مازالت تدار بأيدي خبراء غرب وصهاينة, وتحولت معظم الدول العربية في سباق تسلح محموم, بل أصبحت قواعد عسكرية واستخبارية للغرب والصهاينة, من اجل ضرب أي إرادة ثورية داخلية أو خارجية, تنوي المس بأي من ثلاثية الثوابت والأهداف الإستراتيجية الغربية وهي :
_ الإبقاء على الأنظمة العربية التي تدور في الفلك الغربي الأوروبي الصهيوني. ومن منهم لايدور؟؟؟!!!
_ النفط العربي. ( النعمة الإلهية والنقمة الاستعمارية)
_ امن إسرائيل .
وعودة لروح المقالة والقضية الإستراتيجية,هي معرفة حقيقة سيكولوجية الشعب الإسرائيلي,بل المرتزقة من الصهاينة القابعين على ارض فلسطين, هؤلاء الحفنة من اليهود الصهاينة كانت هجراتهم إلى فلسطين هربا من الاضطهاد الغربي والشرقي الغير عربي, بل هجرات خبيثة بفعل الإجرام الصهيوني وقتلهم وتدمير معابدهم من اجل دفعهم للهجرة تحت مسمى الاضطهاد العربي, هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى لهثا مسعورا خلف إغراءات ارض((العسل واللبن)) وقلما كانت الهجرة لأسباب دينية مثل أكذوبة ((ارض الميعاد)) رغم أن الحركة الصهيونية لبست ثوبا دينيا وعلمانيا وإجراميا, لكي يجد كل منحرف يهودي ضالته ويكون مسخا مسيرا لخدمة الأهداف الصهيونية الخبيثة,وإذا كانت فلسطين ارض ميعاد وأكذوبة أباء وأجداد, فهل ارض الجولان والأردن ومصر ولبنان ارض ميعاد كذلك؟؟؟!!!
المهم أن هذا التجمع الصهيوني العارض في فلسطين, والذي يفتقر إلى مسمى الأمة على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وأوطانهم مسقط رؤوس أبائهم وأجدادهم, بل لايرقى وصفهم كشعب لأنهم تجمع عدواني شغب, بل تجمع حيواني يتنصل من كل الاتفاقيات والقوانين والشرائع الإنسانية والدولية,تجمع قائم على القتل وهدر الدماء شرعية وجوده وضمانة بقائه, والسلام خنجر في خاصرة امتداده وأطماعه, لأنه بخضوعه لأي من تلك المعادلات ,قوانين دولية أو شائع إنسانية أو سلام حقوق ينتفي بل ينتهي وجوده!!!
فتجمعهم كمستوطنين وغاصبين وأشباه بشر قائم على الرفاهية الدائمة والإغراءات المستديمة, وحتى الجيش الصهيوني الذي زرع بوعينا عمدا انه لايقهر, هو اكبر جيش مرفه , ولا يحتمل خوض حربا طويلة ولا يحتمل الهزيمة.
فكانت الإستراتيجية الصهيونية, والتي هي جزء من الإستراتيجية الاستعمارية الامبريالية الغربية الحاضنة بشكل عام, والأمريكية بوجه خاص,تقوم على ضربات قاسمة للدول العربية المحيطة , واحتلال أحزمة أمان من أراضيها, لتكون ميدانا لحرب قادمة وورقة للمساومة على سلام ضعيف, وذلك لتامين المستقبل من هزيمة الإرادات, وليس هزيمة الجيوش, فدارت خمسة حروب, كان تجمع المرتزقة الصهاينة في قلب الدولة العبرية العابرة لايشعرون بأي خطر أو خوف, ولم يحرموا من أهم مايبقيهم كمغتصبين, اللهو والموسيقى والنساء والمال والاستجمام والأمان, حيث كانت الحروب خاطفة وتدور على أراضي عربية كي لاتتحول أصوات القنابل إلى نشاز يعكر صفو عشاق الموسيقى, وكي لايعلوا صراخ أطفالنا الذين يقطعوا ارب بفعل النازية الصهيونية ليشوش على صوت صداح الغناء العبري!!!!
وعندما تبدلت هذه الإستراتيجية, وسقطت بفعل المقاومة الفلسطينية واللبنانية,من خارطة التحكم الغربي, والانعتاق من قبضة منظومة الأنظمة العربية الحاكمة, بحيث أن فعل المقاومة اسقط ورقة التوت عن عورة بيت الوهن الصهيوني, ومن ثوابت مقالاتي الحديث الدائم عن نقاط ضعف بل نقاط مقتل الكيان الإسرائيلي:
_ حرب العصابات أو الاستنزاف.
_ إصابة العمق الإسرائيلي.
_ الحرب في عقر الكيان الإسرائيلي الغاصب.
فلا طاقة للصهاينة مهما ملكوا من ترسانة أسلحة متطورة ,على حرب استنزاف طويلة المدى, وما ساعدهم للصمود على مدار نصف قرن,هي تلك الحرب العربية ضد المقاومة وملاحقة وإعدام قادتها, ولا طاقة للكيان الإسرائيلي بضربات في العمق, لان الكيان الإسرائيلي ببساطة ليس له عمق استراتيجي لمساحة فلسطين المحتلة الصغير, ناهيك عن تجمع الصهاينة بنسبة 80% في ذلك العمق الصغير والباقين يستوطنون المناطق النائية الحدودية!!!
الهجرة وإرهاصات الزوال:
كل هذه الأسباب والتي أبرزتها المقاومة الباسلة في فلسطين ولبنان, جعلت من الراصد الصهيوني للهجرة الصهيونية المضادة يرتعب لو استمر الخط البياني لتلك الهجرة بالصعود, وهذا هو بيت القصيد,فبمجرد أن تزول العوامل التي استقطبت ملايين المرتزقة من اليهود من أوطانهم إلى فلسطين,فتكون أسبابا وعوامل حقيقية للطرد أمام حقيقة الرعب الداهم, والافتقار إلى أدنى درجات الإيمان الكاذب بالحقوق الدينية والتاريخية لهم في فلسطين.
وربما كانت حرب تموز المباركة والوعد الصادق, بموازاة تطوير الهجوم الفلسطيني بالاستشهاديين تارة, والقصف الصاروخي المركز تارة أخرى,لتبدد وهم استقرارهم وتطالهم في عقر دار مغتصباتهم, وتنزل أبشع الهزائم في أسطورتهم العسكرية, وتحرمهم من اللهو والرقص والتسوق الترفيهي, وقد طالت الصواريخ المباركة لحزب الله حيفا وما بعد بعد حيفا, وتحولت ارض الدولة العبرية العارضة إلى صحراء دون بشر على سطحها, والى مقابر للأحياء بباطنها, مما دفع عشرات الآلاف من الإسرائيليون للهروب بشكل مؤقت ودائم من جحيم رجم الأبابيل,ونتيجة الفهم الخاطئ لهذه السيكولوجية وحرمان العدو من التحكم في إدارة الحرب على الأرض العربية, دون نقل جحيم الحرب إلى حيفا وتل ابيب وكل شبر محتل من فلسطين ولبنان,اتضحت كل نقاط الوهن الضعف الصهيوني وانكشفت عوراتهم العسكرية والسياسية وحدث شبه انهيار سياسي عسكري استيطاني, وعادت الأمور إلى نصابها صوب التحرير.
ولولا هبة الحلفاء من الغرب الصهيوني والعُرب الخياني, لكانت الهجرة بالملايين وهنا تكون المراهنة المستقبلية لترجمة مفهوم الزوال,وهذا ما قصدته بالزوال وليس الإبادة مثل صرخة حالم من شعراء أنظمة الردة والسلطان, لا أقول هنيئا لك باسمك البحر, بل تقول المقاومة بصوت لايعرف المساومة ولا المهادنة المجانية الرخيصة, هنيئا لمن فهم سيكولوجية بيت العنكبوت الصهيوني, وركز ضرباته واهتماماته على زرع الرعب في أوساط مرتزقة الكيان الصهيوني, سواء بحرب نفسية وضربات فعلية ملازمة كمصداقية الوعد والتهديد,وضربات الصواريخ والاستشهاديين التي تبدد وهم أمانهم واستقرارهم وتقلب موسيقاهم إلى دراما حقيقية تجعلهم يحزمون أمتعتهم بعشرات الآلاف لينجوا من ضربات وهجمة الحق,عندها سترون العجب العجاب, وستحققوا في أوقات قياسية نتائج مباركة عجزت كل جحافل الجيوش العربية المبرمجة على الهزيمة الطوعية من تحقيقه بفعل الخيانة العسكرية المتأصلة وليس بحكم زعزعة إيمان الجندي العربي الأصيل بالنصر!!!
وفي النهاية أقول هزائم جزئية للكيان الإسرائيلي أصبحت حقيقة فعلية, لا يستطيع أقزام العرب, وخبراء غسل العقول من طمسها, وعليه فزوال جزئي لإسرائيل هو حقيقة ملموسة يجب البناء عليها, ومجرم من يساعد في إعادة الأمن والهدوء الرخيص المجاني للجبهة الداخلية الصهيونية, كي يهدموا مابنيناه بإرادة الأحرار الصلبة التي لا تلين, ودماء الشهداء الزكية التي ترفد عزائم وهمم الثوار بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.
زوال إسرائيل الكامل هو حتمية دينية, كما وان زوال إسرائيل الجزئي واجب ديني ووطني وذلك بزعزعة الاستقرار والإصرار على نقل المعركة لداخل الجبهة الصهيونية حتى عندما يقدم الاحتلال على اجتياحا ته الهجومية لابد من السقوط في الخطوط الخلفية حتى يحدث الإرباك الذي يؤثر على معنوية الجيش النازي عندما تربك معنوية المرتزقة في العمق على المستوى السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي, وذلك لإعادة صياغة معادلة الحق والباطل التي طالتها معاول الهدم والتدمير العربية الرسمية.
فأصبح عبثا محاولة البعض تسويق الوهم وإعادة ورقة التوت للتستر على العورة الصهيونية, لان انكشاف تلك العورة يعني انكشاف عورات المستعربين, وشبح الزوال يعني زوال أنظمتهم وسطوتهم وارثهم المسلوب من قوت ملايين أبناء امتنا.
والخلاصة: هزيمة جزئية تعني زوال جزئي وهزيمة اكبر تعني زوال اكبر, واعني الهزيمة العسكرية والتخبط السياسي, يوازيه ذُعر في أوساط جمهور المرتزقة, وزوال الأمان يؤدي إلى هجرة حقيقية بالصوت والصورة.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟