|
مقتل( دوعا) هو إنتصار للقبيله وأخلاقها
سامان عبدالکريم
الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:44
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
إنني أري ومنذ مقتل الفتاة اليزيدية(دعاء) أو دوعا کما تسمي بالکردية أصوات کثيرة تطالب بمحاکمة المتسببين في قتلها وصلبها وبهذا الشکل الوحشي،ولقد قامت مجموعات نسوية بتـظاهرات تنديدا بهذه الواقعة المفجعة والتي ربطت اليوم بالماضي العتيق،وقد أصبح وکأن الزمن متوقف عندنا ولسنين طويلة،إستطعنا أن نري الاثنين معا. أن مقتل تلک الفتاة البريئة أثر فينا کثيرا ولأننا وفي غفوة من الزمن رأينا فتاة غارقة في الدم تدافع عن کل ما هو جميل وکل ما هو إنساني ،وتري حولها خفافيش النهار،أصحاب اللحي الطويلة ،وحوش مستلبة الأرادة،عمياء ،يرجمونها تصورا منهم بأنهم ثأروا ممن حاول النيل من أخلاقهم العفيفة.في هذه الحالة أستطيع أن أقول بأن المرتکب الأول لهذه الجريمة والذي يجب أن يحاکم ليسوا هم القتلة بالدرجة الأساس،بل تلک الأفکار والمفاهيم التي حرکتهم والتي جعلتهم کالحيوانات لا تعي ما تفعل ،تلک الأفکار المقتبسة من تفکير ديني هرم ومنحرف،حيث جعل الفتاة قربانا لطقوسها .ولا أريد هنا أن أفرق بين تلک المفاهيم ،بل جميعها تصب في الخانة نفسها.يقال إننا في العراق نعيش فسيفسائا جميلا،أو کباقة من الورود قوتنا في إختلافنا،لکن ثبت بطلان هذا المفهوم،ثبت إن الإختلاف الديني والمذهبي من أکبر المصائب،وما تلک الصور لمقتل دعاء الا برهانا قويا علي إن الأديان وبإختلافاتها هي سبب موتنا وقهرنا وإضطهادنا،فأن دعاء هي واحدة من کثيرات التي أصبحن ضحايا العنف المنهجي بأسم الدين والأخلاق.وما الأخلاق التي يسعون من أجله الا شکل مميز من أشکال الإرهاب المنظم ضد المرأة وإنسانيتها. لقد أصبح الإنسان وبفضل هذه الإختلافات المصطنعة مجموعات عدائية متناحرة،لکنهم وللاسف لا يسألون أنفسهم سؤال في غاية البساطة،هل هناک إحساس مسيحي وإحساس إسلامي،عاطفة يزيدية وأخري مسلمة؟بالطبع لا،لکن مع هذه الأفکار المسمومة تفتت المجتمع والذي هو في الأساس في طور التکوين البدائي.ولو کانت تلک الإختلافات في الأساس إختلافات فکرية وعقلانية،کنا نستطيع القول بأننا في حالة سليمة من العقد الإجتماعي. يجب علي کل منا أن يرجم الفکر الذي رجم دعاء،إن إدانة مقتل هذه الإنسانة ،هي إدانة لکل عمليات الرجم التي تقام ضد النساء في الدول المقامة علي أسس دينية مثل السعودية و إيران الإسلاميتين و أفغانستان الطالبانية ،إن هذه الأفعال هي إنعکاس لتاريخ أسود ومقتبس من نصوص دينية تعتبر المرأة في الأساس عورة وجسد مجرد قابل للخطيئة في کل إلتقاء مع الرجل،وما الرجل الا حاميها ومالکها ورجلها و مراقب لشرفها.هذه النصوص هي التي قتلت دعاء وتقتل الآلاف مثلها سنويا. لهذا أؤکد بأن القاتل الحقيقي هو ذلک الفکر الجامد والغير قابل للنقد والذي يصارع المدنية والتآريخ النضالي للشعوب،ذلک النضال في سبيل تحقيق العدالة الإجتماعية والحرية والتخلص من ظلم محاکم التفتيش والعنصرية ضد المرأة. لکن يبقي السؤال هل في مثل هکذا جرائم يکون التنديد کافيا أم هناک إجراءات يجب علي السلطة القيام بها لوأد هکذا أفعال في المجتمع.وأقصد هنا بالذات الحکومة والبرلمان في إقليم کردستان،لأنني أستغربت من الموقف الهزيل للسلطة في کردستان.إن محاکمة الأفراد الذين شارکوا في الجريمة شئ بديهي،لکن الأهم سن قوانين مدنية تمنع العنصرية ضد المرأة،تحرم العنف والقتل،تمنع إهانة المرأة بکل الأشکال ومنها منع تعدد الزوجات،وخاصة إن الأقليم مقبل علي کتابة دستور يؤمل أن يکون مدنيا غير مقتبس من نصوص تضطهد المرأة وبقساوة کبيرة.ليکن مقتل دعاء هو ناقوس خطر نحس فيه کم نحن علي هاوية الإنزلاق نحو الهمجية.فإذا أراد البرلمان وبصدق أن ينتقم لدعاء فيجب علي البرلمان أن يقدم دستورا عصريا يحرم في بنوده کل أسس العنصرية ويکون نواتا لبناء مجتمع طبيعي يکون فيه المرأة والرجل مکملين لبعضهما لا أن يکون أحدهما ملحقا للآخر وخارجا من بين أضلاعه.يجب عليهم أن يعرفوا بأن الکلام عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان سيکون سفسطة فارغة إذا بقت المرأة علي هذا الحال،تقتل بأسم الشرف،شرف العشيرة،الأخلاق،الدين،التقاليد،يوميا نسمع حرق النساء لأجسادهن ،رمي النساء علي قوارع الطرق،قتلهن،مع کل هذا تضحکني کلمات السلطة البراقة.لا يوجد مجتمع حر ونصفه الحي(الإنسانة ) يذبح يوميا. إنني أري هؤلاء المشرعين من خلال شاشة التلفاز وهم يلبسون البدلات المدنية،يستعملون أرقي أنواع الأصباغ ليبدوا أکثر شبابا وأناقة،لکن أخشي أن لا يکونوا بمستوي مدنية ألبستهم،عليهم أن يعرفوا إن وصية الشهيدة دعاء هو أن يکتبوا لمجتمع متحرر من تراب الماضي،يمنع القتل لأي سبب کان،أن يشرعوا لمجتمع يستطيع أن ينتقد ماضيه وحاضره،أخلاقه في إحترام إنسانية أفراده،قوانين تمنع الکراهية والحقد.يجب أن يکونوا جريئين أمام ملکوت الفتوي والتکفير والتخوين.
کرکوک-هولندا
#سامان_عبدالکريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همجية نظام صدام وهمجية إعدامه
المزيد.....
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|