أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - وجيهة الحويدر - السعوديون بلا وطن.. لا اسثناءات لتلك القاعدة















المزيد.....

السعوديون بلا وطن.. لا اسثناءات لتلك القاعدة


وجيهة الحويدر

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 11:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


في راوية "عربة المجانين" للكاتب الاورغوياني "كارلوس ليسكانو" الذي كان سجيناً سياسياً لثلاثة عشر عاماً إثر محاولة انقلاب فاشلة قام بها مع رفاقه ضد السلطة الدكتاتورية في بلاده آنذاك. ذاق الكاتب في السجن شتى أنواع التعذيب والإذلال، لدرجة شعر أنه لم يعد ثمة فرق في القيمة بينه وبين حذائه الرث.. يقول عن نفسه وعن رفاقه المعتلقين "جئنا من العدم. العدم في بلادي هو عدم امتلاك اسم، وعم، وأصدقاء معروفين من الجميع، وعدم امتلاك أية صلة بالسلطة، جئنا من لا مكان، ونريد أن نكون محترمين. كيف نفرض احترامنا؟ حسناً، من خلال شيء ما، شيء يمكننا القيام به كي نبقى صامدين." تلك العبارات المؤثرة تكاد تمثل حال شعب السعودية في هذه الفترة، كأنهم ركاب أتوا من العدم وجمعوا في مكان ما، لكنهم يريدون أن يثبتوا أنهم محترمون بالرغم أنهم أضاعوا صلتهم بأرضهم، وتبددت أمامهم الجهة الجغرافية الصحيحة لها، حتى صارت هويتهم تتمثل إما في أوهام اختلقوها هم لأنفسهم مثل العروبة والإسلام، أو في مدى التصاقهم بالسلطة أو ابتعادهم عنها، سواء أكانت السلطة سياسية او دينية أو قبلية، لم تترك لهم مساحة حميمية ليحبوا وطنهم، ولا صورة طيبة ليظهر فيها وطنهم حبه لهم.
اليوم في السعودية بالرغم من تصاعد سعر برميل البترول، وبالرغم من كثرة السيولة المالية والمشاريع الاقتصادية، وبالرغم من الدور الريادي الذي يقوم به الملك عبد الله بن عبد العزيز في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن السعوديين يمرون بأزمات أمنية عصيبة. بين حين وآخر تُحاك حولهم مكائد خبيثة وتكاد تكون قاتلة، المحزن أنها ليست من أعداء لهم، بل من أحب ابنائهم وأقرب فلذات أكبادهم. أمر لم تتصور السلطة السعودية أنها ستواجهه يوم ما، أو أنه سيحدث بهذه الدرجة من الخطورة. تلك المحن التي تعيشها المملكة لها أسباب كثيرة لكن أهمها هو ضياع الهوية واضمحلال الانتماء للوطن.
رأينا عبر التاريخ السعودي أن العروبة والإسلام كانتا دواء لمن كان فيه داء الغربة عن الوطن، فقد تجرع ذاك الدواء كل الأصناف المتشددة دينياً وقومياً، فتضخمت في داخلهم العروبة، وتفاقم الإسلام عندهم حتى تحول إلى سلاح فتاك لإثبات الذات وسحق الآخر في داخل البلد وفي البلدان الأخرى.
لكن العروبة والإسلام لم يكونا وحدهما كافيين لشفاء علل جميع الفئات والطوائف في البلد، لذلك فإن الكثيرين من السعوديين توجهوا إلى نواحي أخرى لإسكات أوجاعهم وإرضاء أرواحهم التائهة. على سبيل المثال فقد وجد القبليون وطنهم في القبيلة. التحموا بها بشدة وبطريقة عجيبة. أصبحت القبيلة كوكبهم الذي يدورون في فلكه ويتبعونه في الصواب والخطأ. تحولت بعض المؤسسات الحكومية إلى مضارب بادية لقبائل معينة. حتى "الشركات الحكومية" الضخمة مثل أرامكو السعودية، وسابك، وسكيكو تحولت إلى شبه أوكار للقبليين، فمن لا ينتمي إلى إحداها هُمـّش وأُهمل على السلم الوظيفي حتى يبلغ التقاعد أو تأتيه المنية.
بالطبع فإن المجتمع السعودي يحتوي على شرائح أخرى مختلفة، حيث لم تكن جميع الأصناف لديها النعرات القبيلة مترسخة في الأعماق، لذلك اتجهت بنفسها إلى مفهوم هش آخر وهو المنطقة، فالنجراني لنجرانه، والقطيفي لقطيفه، والحجازي لحجازه، والإحسائي لإحسائه، والعسيري لعسيره، والحائلي لحائله، والنجدي لنجده، وكل يغني على ليلاه. تمحور المناطقيون إن صحت التسمية حول مناطقهم، وتشبثوا بها. عزلوا أنفسهم ذهنياً وعاطفياً عن البلد بدون دراية، وكأن كل منطقة هي دولة بحد ذاتها، وليس لها صلة بالمناطق الأخرى، كل ذلك من أجل أن لا يفقدوا أنفسهم وتضيع هويتهم المأزومة أصلاً. آخرون، وبالأخص الأقليات، تَمثَل لهم الوطن في الطائفة او المذهب الذي اعتنقوه، وتوحدوا به حتى صاروا يشعرون أنه خلاصهم من هَم الغربة ومن أوجاعها، فهو الذي يتجمهرون من أجله ويحتمون بمظلته لدرجة أنهم اتهموا صراحة بعدم ولائهم لوطنهم، وأنهم طابور خامس سيخلخل ثوابت الأمة.
المسعودون ربما تبدو احوالهم على السطح طبيعية، ولكنهم في الحقيقة يعانون من تهميش مُتعَمد ويتعرضون مرات كثيرة لعنصرية مشينة. لذلك يظلون ينتمون لفئتهم ويتزاوجون فيما بينهم، وكثير منهم يشيدون بيوتاً في بلدانهم الأصلية، لأن الوطن المتبنى لا يحتويهم وبالتالي لا يكنون له أية مشاعر وطنية.
الفئة الأكبر المغيبة وغير المرئية هي النساء، فغني عن الذكر أن ما يدركه العالم بأسره هو أن نصف المجتمع السعودي بلا وجود ولا هوية، فالنساء مواطنات بلا درجة، مواطنات مع وقف التنفيذ، فكيف يمكن لمن ليس له وطن أن يربي جيلاً على حب وطن، فهل فاقد الشيء يعطيه؟
إذن، القاعدة التي لا استثناءات لها هي: أن مشاعر اللا وطنية متفشية بشكل واضح بين جميع فئات الشعب السعودي، لأن الوضع الحالي المرتبك والسياسات القاسية المتبعة منذ عقود طويلة في جميع مناحي الحياة، جعلت مفهوم الوطن لدى السعوديين باهتَ الصبغة تماماً، فهو ما زال مجرد اسم ونشيد وطني وشعارات وقصائد بليدة تـُردد في المحافل والمناسبات على الناس، وكأنها ألحان خافتة جدا تُعزف على مسامع حشد من الصم. فهل يا ترى يسمع من به صمم؟؟

الحالة التي يعيشها الشعب السعودي صعبة جداً، ولا بد من حلول لها وبعض هذه الحلول يجب أن تكون جريئة وجذرية، من أجل أن يخرج المجتمع من هذا النفق شديد القتامة. الحل هو الإصلاح الحقيقي والترميم من الداخل على حسب ما طرح الملك عبد الله عبد العزيز حين اعتلى سدنة الحكم. الوطن اليوم يشبه سفينة تمخر ضد التيارات وسط أعاصير هوجاء، وأمواج عاتية، فإما أن ينجو الجميع معاً أو يغرقوا معاً، ولن ينجو أحد سوى بالإصلاح، فهو الخلاص والبوصلة الصحيحة التي ستوصلهم إلى بر الأمان. الإصلاح الحقيقي بنوده معروفة وطالبَ بها الكثير من الشرفاء الوطنيين، أهمها المشاركة السياسية، وتوزيع الثروات بين الناس، وتحقيق سيادة القانون، والعدالة واحترام الحريات الشخصية. من أجل أن يصبح الوطن للجميع يجب أن تذوب تلك المصالح والمحسوبيات وتصب جميعها في مجرى الصالح العام، فلا يكون ثمة فرق بين فقير وأمير، وبين امرأة ورجل، وبين صغير وكبير، وبين خضري وقبلي، وبين أقلية وأكثرية.. لا فرق بينهم أبداً لا في الحقوق ولا في الواجبات. الجميع سواسية كأسنأن المشط. فتحت مظلة العدالة يتم القضاء على الفساد الإداري والمالي وإيقاف كل التجاوزات والاختراقات، ويُرفع القهر والظلم الواقعان اليوم على كثير من فئات المجتمع. فلا سلام ولا أمن ولا وطن بلا عدالة. فحين يشعر المواطن بآدميته ووجوده وكيأنه وقيمته لا محالة ستنغرس في داخله بذور الوطنية وحب الأرض التي ترعرع فيها، ومن ثم ينمو الولاء لبلده ويكبر وينجب ثمار الخير والمحبة.
القرار في نهاية المطاف للسعوديين وحدهم، فهل يريدون أن يكونوا شعباً بوطن، وينعموا بخيراته الكثيرة، أو أن يظلوا تائهين في بقاع الدنيا، يعملون مرتزقة لأمراء الحروب والنزاعات، وملاحقة وهمٍ يؤويهم ويشعرهم بالانتماء، معتلين بمرض (عشم إبليس في الجنة)؟؟



#وجيهة_الحويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعوديون أرض بلا وطن 2
- السعوديون بأرض.. ولكن بلا وطن - 1
- رجل العام اللامع في فضاء نسائنا المعتم
- دنيا مريم!
- عريضة للسعوديين النبلاء فقط
- كيف عصي الدمع علينا؟
- رجل اختزل نفسه في عضوه!
- لنبدأ عامنا الجديد بتعيين سفيرة سعودية في واشنطن
- انا اخشى...
- إلى متى ستنتظرن يا سعوديات؟؟
- لا سلام دائم بدون عدالة حقيقية
- حذاء حُسين
- وماذا عن سجينات -غوانتانامو العرب-؟؟
- اكتبي نصا مستخدمة لغتك الخاصة...
- حكايتي مع -عراقي في باريس-
- قمقمي أحلى بدونك
- بغايا العرب
- لو قُدِرَ لمَن أحببت!
- أريد
- عجائب سبع من بلدان العرب


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - وجيهة الحويدر - السعوديون بلا وطن.. لا اسثناءات لتلك القاعدة