أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - قصة قصيرة















المزيد.....

قصة قصيرة


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


جينات النحس والحرمان


ثلاثة وسبعون عاماً قضاها عمي جمعة محروماً من المرأة قبل أن يموت في المستشفى أثر مرض غامض. تجمعنا حوله في تلك الليلة متمنين لحياته المغادرة, كي نرث ماله المدفون في مكان نجهله ومتجره الذي عشش فيه معظم حياته الغاصة بفضائح أحرجت عائلتنا أمام القرية.
كنت ارقب أبناء أعمامي وهم يتفننون باستعراض دموعهم الكاذبة لاستجداء عواطف عمي المسجي على فراش الموت كضفدعة بائسة , لحمله على توريث احدهم محل العطارة وما جناه طوال سنين العمل الدءوب والبخل الشديد , فهو لم يكن قد أوصى حينها لمن سيئول أرثه .
بعضهم لجأ إلى وسائل دنيئة لزحزحة مشاعر عمي أملاً في معرفة مكان أمواله,على الأقل . فابن عمي جلال جعل زوجته تمسك بكف عمي , التي تكسوها نتوءات متعرجة مائلة للاخضرار ومتفرعة كشقوق ارض عطشى , وتقبلها بطريقة مغرية وهي تبكي وتنفث أنفاسا أنثوية حارة تلامس وجهه . ونحن نعرف ما لهذه الحركات من تأثير على روح عمي الهائمة بكل ما يتعلق بالنساء , لكن الفشل الذر يع كان نتيجة كل المحاولات , لأن تمسكه بالحياة والمال أقوى من شبقه أحيانا . وهذا البخل هو سر مضاعفة تعاسة عمي , وكأن نبوءة جدتي قد تحققت عندما قالت بعد ولادته انه سيحيى حزينا وتعيسا طوال حياته كونه ظل يصرخ مدة أسبوعاً كاملاً مضرباً عن النوم والرضاعة , إلى أن أوشك على الهلاك فرضخ لواقع ولادته. وكان ذلك بعد عام من زواجها من جدي جواد الذي واكب تنصيب ملكاً من جزيرة العرب على يد الاحتلال البريطاني بدل السلطان التركي الذي حكم البلاد لقرون.

سمى جدي ابنه الأول جمعة تيمماً بيوم الجمعة الذي ولد فيه ليغدو بعد زمن طويل مضرباً للمثل في البخل والشبق , حيث كان أهل القرية يقولون (( أبخل من العم جمعة)) للتعبير عن مدى بخل الرجل , وكان أيضا يدعونه العم لكونه عماً لسبعة وخمسين فرداً فهو الأخ الأكبر لتسعة أبناء, كما انه لم يتزوج ولم يحج حتى يكنى باسم ابنه أو يدعوه بالحاج جمعة كما هو شائع. ويقولون كذلك: (( أكثر شبقاً من العم جمعة)). وبعضهم يعتقد بأنه أيضا تعيس وسيء الطالع بسبب سعيه الحثيث غير المنقطع للجنس والمتوج بالفشل , بل المنتهي أحيانا بمأساة سرعان ما تتحول إلى طرفة تلوكها القرية تضاف إلى كتاب فضائحه. تدفع تلك الشائعات نساء القرية للتخوف والحذر منه , لتزيد من شراهته المثيرة للتقزز للمرأة , فهو لا يفتح فقط عينيه على مصراعيها عند رؤيته لها, بل انه يفرش انفه المفلطح العريض ليغطي كامل وجه موشكاً ملامسة إذنيه , ويفغر فاه ككلب مسعور. حتى انه لم يعد يميز في أعوامه الأخيرة بين بناة إخوته وزوجات أبناء إخوته وبين النساء الغريبات حيث يشتهي أيَّ امرأة تطأ محله مما أضطر نساء القرية لإرسال أزواجهن أو أولادهن لشراء ما تحتاجهن من بهارات وحاجات أخرى ؛ فقل عدد النساء المتبضعات من متجره فأوغل ذاك في حرمانه وولعه.

شقت الممرضة العانس طريقها بين حشد أبناء أعمامي وزوجاتهم المتجمهرين حول عمي, وما أن رآها حتى اعترته رعشة هزت جسده المتهاوي, وهاجت كل حواسه لملامستها. لم نستغرب لما سرى في شرايين عمي البارزة على كفيه ورقبته النحيفة الشاحبة من شحنة كهربائية , لكننا فوجئنا بتصرفه هذا وهو يحتضر , كما أن الممرضة التي ناهزت الأربعين لم تتمكن من إخفاء ارتباكها فسحبت الطرف العلوي من حجابها إلى الإمام وكأنها تريد حجب عيونها, وما أربكها أكثر هو طلب عمي لنا بالخروج من الغرفة وتركه لوحده مع الممرضة . خرجنا نحن الرجال خارج المستشفى لاكتشاف وسيلة تقنع عمي أن لا مفر من عزرائيل هذه المرة , وترغمه على تسليمنا مفتاح المحل ويدلنا على مكان نقوده . بقيت النساء جالسات ومقرفصات ملفوفات بعباءات سود في ممرات المستشفى قرب الغرفة .



كانت لحظات عسيرة جداً فنحن ننتظر موته بفارغ الصبر ولكن ليس قبل أن يدلنا على مكان دنانيره. داولنا أفكارا جادت بها قريحتنا لا تخلو من جنون وحماقة لجعل عمي يخرج من عناده ويؤمن بانفلات زمام الحياة من بين أصابعه ويتنازل عن ثروته لنا , ومما عقد الأمور هو ظهور النوايا الاستحواذية والجشعة لدى البعض بعدم رغبتهم توزيع الإرث على الجميع , وكاد أن يتشابك أبناء الأعمام بالأيادي ويتقاتلوا على أرث عمي وهو حي.
وقفت بعيداً مراقباً غيمة من اللغط المعجون بدخان السجائر فوق رؤوسهم وهي تتوسع وتتكثف إلى أن صدح صوت من بينهم وكأنه الرعد :- ( لو كان عمي جمعة تزوج خديجة لما كان لكم الحق الآن بالنزاع على أرثه وهو على قيد الحياة؟ )
صمت الرجال لوهلة وسرعان ما عاودوا صراخهم ولغطهم ثانية . هم متيقنون من أن خديجة أصبحت ماض لا يعود , رغم أنها لم تغادر بال عمي جمعة لحظة واحدة, ولو ظهرت حينها لأعطاها عمي كل شيء ؛ فهي المرأة الوحيدة التي أوشك عمي أن يتزوجها لولا حرب النكبة عام 1948 التي أخرت مجيئه في إجازته الدورية عندما كان عريف إعاشة في الفوج الثاني مما أحال دون تحقيق هذا الزواج . كانت بمثابة نكبة له أثرت به أيما تأثير, ليس لأنه كان يحب خديجة بل لان ذاك الزواج المزمع كان بلا تكاليف , فخديجة كانت عبارة عن فدية دفعها أهلها لعائلة عمي جمعة في فصل عشائري عن جريمة قتل ارتكبها اخو خديجة بحق عمي جودة.
كان عمي جابر يرسل الرسائل إلى عمي جمعة وهو الذي نقل له خبر زواجه من خديجة حيث بعث له رسالة يشرح له فيها أن هناك امرأة تنتظره في البيت كزوجة وبدون أي التزامات مالية ووصف له أيضا مفاتنها التي رافقت ذاكرة عمي إلى مثواه الأخير , لكن عمي الذي أمضى آنذاك أكثر من عشر سنين في الخدمة العسكرية, أرسل جواباً لعمي جابر كتبه له احد الجنود يسجل فيه سعادته لهذه الأخبار لكنه يأسف لتعذره المجيء في الإجازة القادمة كونه يتوجب عليه الذهاب إلى جبهات القتال لتحرير فلسطين مع الفوج الثاني بقيادة عبد الكريم قاسم .




قرأ عمي جابر تلك الرسالة لخديجة التي كانت متيبسة من القهر على ما حل بها وفرحت في سرها لتأخر الزوج المفروض عليها قسراً رغم تعاستها التي لا توصف جراء ما آلت إليها حياتها من بؤس وذل , فحتى أبناء المجتمع الذي يؤمن بهذا القانون العشائري ينظر للمرأة
((الفصلية)) على أنها لا تستحق أدنى احترام ؛ فكيف يمكن أن تكون معاملة أهل القتيل لأخت القاتل؟؟
كانت خديجة تتمنى أن يتأخر أكثر وقت ممكن في فلسطين فهي لا تستطيع تخيل نفسها تحت وطأة رجل سيء السمعة وذميم . وبدون أدنى الحقوق الزوجية . طلب عمي جابر من خديجة أن تقول شيئاً لزوج المستقبل وهو الآن في ارض المعركة , فأشرقت في رأسها فكرة وقالت : قل له أني أريد فلسطين منه , وان رجع مهزوماً فسوف لا يجدني. كانت وقع تلك الجملة كالصاعقة على مسامع عمي جمعة فهو لا يريد أي شيء يعيق زواجه المجاني ذاك , مما دفعه للطلب من آمره أن يرسله بمهمة قتالية بدل واجباته المقصورة على توفير الغذاء للجنود . وأخذ يحارب ببطولة لا تخلو من جنون وتهور وإصرار على البقاء في ارض المعركة لتحقيق النصر واسترداد فلسطين , كما طلب من صديقه أن يكتب على خوذته بدمه ((لا للحياة بلا فلسطين)) ولم يكن أحدا يعرف ما سر إصراره على النصر في حرب خاسرة ,إلا صديقه الذي يكتب له رسائله, حتى انه أبى أن ينسحب مع الفوج من" قلعة كيشر " قبل تحقيق النصر الكامل رغم أوامر القادة الكبار بالانسحاب ورغم الجروح في قدمه اليسرى. قرأ عمي جابر على مسامع خديجة رسالة عمي جمعة التي شرح فيها أسباب اندحار الجيوش العربية أمام دويلة صغيرة تأسست للتو, والتي أرفقها بقصاصات كثيرة من الصحف العربية تبرر أسباب النكبة بالتفصيل الممل . ولم تكن هزيمة الجيوش العربية لتهم خديجة بقدر هزيمتها هي أمام ظلم المجتمع الذي أغتصبها و حولها إلى مجرد فدية لدفع ثمن خطيئة ارتكبها أخيها في ساعة غضب , وهزيمتها أمام نفسها التواقة للتحرر والعيش كإنسانة , فلا يغير من الواقع شيئا أن تحررت الأرض وهي نفسها لما تزل محبوسة وذليلة ومقهورة .



لم تفرح للهزيمة لأنها تعي جيدا قسوة الشعور بالهزيمة سيما على أهل فلسطين . كانت تسمع أوجاعهم وتتعاطف معهم , و تتمنى معرفة أن كانوا هم أيضا يسمعون أوجاعها. هم اغتصبت أرضهم وهي سيغتصب جسدها عند عودة الزوج المفروض عليها من الحرب , فلا مفر من قدرها إلا الانتهار أو الهروب.
رجع عمي جمعة معبأً بخليط من شعورٍ بالفشل لنتائج الحرب وآخر بالفرح كونه سيتعرف أخيراً على مفاتن المرأة وستطأ يداه إسرارها وسيمارس ما كان يحلم به طوال أعوامه السبع
والعشرين والتي تعلم فيها أن الحاجة الجنسية أم الاختراع , تلك الحكمة التي دفعته لفعل أي شيء من اجل المرأة لكنه لم يحض بأي شيء , حتى المبيت فوق النخلة لم تسعفه بمنظر كامل لجسد المرأة. فقد كان الشباب المراهقين آنذاك أثناء الصيف يتسلقون نخلة ما تجاور بيت يعرفون سلفاً أن فيه امرأة تنام في باحته , ليتسنى لهم رؤية سيقانها عندما تشرق الشمس. تلك المغامرة الخطرة, أيضا , لم تمنح عمي جمعة أي صورة عن مفاتن المرأة . فما حدث له ذالك الصباح جعله أضحوكة ومثار تندر لرفاقه ؛ فبعد أن تسلق النخلة وأمضى ساعات طوال بانتظار بزوغ أول ضياء للشمس هبت عاصفة ملئت عينيه بالتراب بدل الأفخاذ البضة التي كان يحلم بها طوال الليل , ولكونه عنيد وشبق فقد أصر على أن يتحدى العواصف لحين إشراق الشمس ليحض بمنظر يروي ظمأه ويطفأ جذوة شبقه , يستحضره لاحقاً أبان ممارسة العادة السرية بدل استحضار مشاهد مضاجعات القطط والكلاب. وقاده تحديه لأن يمارس الاستمناء وهو فوق النخلة. فحضن النخلة باليد اليسرى وراح يخض حيوانه المسعور بالأخرى . فاهتزت النخلة واهتزت حتى قذفت نصف ما حملته من التمر على رؤوس الجيران ممزوجاً بسائل حليبي ثخين و ساخن. عندما ترجل من النخلة استقبله صاحب البيت وجيرانه بالعصي والركلات.
كاد عمي أن يودع زمن الحرمان والبحث الدائم عن الحب لو أن خديجة لم تفر قبل عودته من ارض المعركة محملاً بجراحه وجوعه الجنسي. وأحدثت تلك الواقعة الصدع في روحه وأضحى معتكفاً في البيت طوال مدة الإجازة.


عندما بدأ يمتص وجع هروب خديجة من مخالبه , أخذه رفاقه لماخور بمومس وحيدة كان قد فتح لتوه في بلدة تبعد ما يقارب الثلاثين ميلاً , وقد وافق على الذهاب عندما وعدوه بأنهم سيدفعون أجر مضاجعته. تضاعفت سعادة عمي لأنه سيفض بكارته أخيراً وبلا تكاليف. فالبخل الذي يعانيه عمي كان اشد تحكماً في شخصيته من أي شيء آخر, وهذا ما فا قم التعاسة والحرمان عنده , رغم ما يملكه , فهو الوحيد الذي يملك متجراً بين أخوته فتحه بما ادخره من رواتبه أثناء خدمته في الجيش لثلاثة وعشرين عاماً أنهاها عند مقتل بطله عبد الكريم قاسم على يدي البعثيين في بناية التلفزيون العراقي عام1963 .
رافق عمي أصحابه الذين هيئوا له ما يشبه الزفاف إلى تلك المومس الجميلة الصغيرة والتي أقبلت لتوها على حياة العهر وهو ما جعل سعر نكاحها مرتفعاً . دخل لغرفة المومس المبنية
من الطين ومسقوفة بسعف النخيل , وجدها ملفوفة بشرشف ضاع لونه ومستلقية على فراش أسفنجي متآكل الإطراف فوق بساط صوف , بجنبها إبريق ماء كالذي يستخدم للشطف في المرحاض يلاصق طشت نحاسي . وهناك سلة خوص تحوي ملابس الفتاة وتغطيها منشفة متهرئة ومتيبسة من كثرة الاستخدام. بدت عليه علامات الشراهة والجوع الجنسي لكنه تردد وبانت عليه بوادر الارتباك والخجل , فهي المرة الأولى التي يرى فيها امرأة تنتظره في الفراش . ظل واقفاً يرمقها بطريقة أثارت ريبتها , فأحكمت لفلفة الشرشف على مفاتنها وحاولت أن تهدأ من روعه بطلبها منه الجلوس أولاً. لم تصدر منه ما يوحي بإصغائه لها فهو غارق بتخيلاته ومنشغل بكيفية إعادة الحياة لذكره الذي فش جراء الصدمة . أعاد في ذهنه شريط مضاجعات الكلاب والقطط التي أدمن مشاهداتها ليستجمع فحولته ويضاعف شبقه .
رمى ثوبه ولباسه بحركة خاطفة وجلس على ركبتيه فاغراً فيه على مصراعيه ولاهثاً ككلب لم يأكل منذ سنين. فزعت هي من ثورته وهياجه وتمسكت بالشرشف أكثر محدقة بلحمه الغليظ الأسود الظمآن الحار و المتقرح , بسبب كفخه المتواصل بأيادٍ خشنة متشققة .



صرخت المومس الصغيرة من هول ما رأت وأقسمت بكل المقدسات أن لا يطأها هذا الثور الوحشي مهما كلفها الأمر. طرد القواد عمي من الماخور بعد أن أشبعه ركلاً على مؤخرته المشعرة.
اشتد الخلاف بين أبناء أعمامي خارج بناية المستشفى وزادت تخطيطا تهم جنونية , فقاسم ابن عمي جبار مثلاً أراد أن يهدد عمي بقطع عضوه أن هو لم يدله على مكان ثروته , أما حميد ابن عمي جبر فأراد خداع عمي بأن يدفع لامرأة توهمه بأنها خديجة وهي تنوي معاشرته. كان الجميع يشعر بالسعادة لكون عمي لم يتزوج وينجب من يرثه , وكنت أكثرهم سعادة لذلك ليس لكوني أريد حصة من ارثه بل لأني لا أتمنى وجود من يحمل جيناته, كما أني أريد محو تاريخ عمي المثقل بالفضائح والحرمان والبخل والنحس.

بعد عشرة أيام من تلك الليلة تزوجت الممرضة التي ورثت ما ترك عمي , ولم أكترث بما حصل في الغرفة مع عمي الملقي على فراش الموت, ولم آبه لكبر سنها الذي يفوقني بخمسة عشرة عاماً ؛ فجل ما كان يعنيني هو الاستيلاء على متجر عمي وأمواله دون بقية أبناء أعمامي الذين
تقاتلوا لكسب ود الممرضة , حيث أنها اختارتني لأكون زوجهاً ظناً منها بأني نزيه وأمين كوني كنت هادئاً ولا أبوح بنواياي. تركت زوجتي التمريض وتفرغت لتربية ابننا الوحيد جمعة , وتدهورت أحوال المحل وتبخرت دنانير عمي وسرعان ما عادت أيام القحط والحرمان. جاوز ابني عامه العاشر عندما فارقتنا أمه اثر تفجير انتحاري لرجل تنكر بزي امرأة منقبة دس جسده بين النساء في سوق شعبي. صارعت الموت ثلاث أيام إلى أن استسلمت لوحش الموت وقبل أن تغفوا غفوتها الأخيرة حررت سر ما حصل مع عمي في الليلة الأخيرة في المستشفى , السر الذي لما يزل يؤرقني. قالت :
(( عندما خرج الجميع من غرفة المستشفى , طلب عمك أن أحقق له حلماً طالما راوده , حلم التعرف على مفاتن المرأة ومداعبتها, الذي صار عنده أمنية يدفع كل ما يملك لتحقيقها ,

رفضت ذلك طبعاً وقلت له : انك على فراش الموت وقريباً ستطأ حور العين في الجنة , فأصبر. لكنه سحب يدي وقبلها بتوسل قائلاً: حورية في اليد خير من ....... وقلت له : لكن الله يراقبنا الآن! أن الله أعظم من أن يراقب الناس , قال لي.
زادت شفقتي عليه ورأفت لحاله ومنحته جسدي الذي لم يمسه ذكراً لطوال أربعين عاماً. مع كل قطعة ملابس أزيحها من جسدي تبث في جسده الواهن دفعة من الحياة . قفز كالمراهق عندما تجردت من كل أغلفتي وجرني أليه بقوة عشرة رجال ووطأني بعنف لذيذ , مما اضطرني لدس الحجاب بين أسناني لكتم تأوهاتي. كان يطرق على جسدي وكأنه يتسابق مع شبح الموت الذي يزحف نحوه . عندما مارس حلمه معي تمدد على الفراش خانعاً مستسلماً لقدره وكأنه قربة فرغت لتوها فروحه قد أنسابت في داخلي كنهر سريع الجريان . فوجئت بانتفاخ بطني بأقل من أسبوع فعجلت بالزواج منك , ولكون عمك جمعة هو الأب الحقيقي لابني جمعة فهو يشبهه ولا يشبهك))
ما استطعت ابتلاع تلك الحقيقة المدججة بالأمواس . فلم يترك عمي أثراً يذكرني بحرمانه وفضائحه حسب بل عليّ تربيته أيضا, كأب وليس ابن عم . وكأن النحس والحرمان جينات نتوارثها !!


ميثم سلمان
كندا



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جداً
- ارق ازلي
- انحياز الفضائية العراقية
- حلول تنتج مشاكل
- نحو حوارً متمدن
- الاربعاء الاسود
- فيصل القاسم وحكايات جدته العجوز
- امطار العراق
- قائمة الأ ئتلاف تسيء للمرجعية


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - قصة قصيرة