أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جورج كتن - حوار حول الإرهاب















المزيد.....

حوار حول الإرهاب


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1903 - 2007 / 5 / 2 - 12:39
المحور: مقابلات و حوارات
    


أجرت سمية درويش من غزة الحوار التالي مع الكاتب جورج كتن:

* كيف تقرا التفجيرات الأخيرة التي طالت بعض العواصم العربية؟
- التفجيرات غير مبررة كأعمال إجرامية لمدعين بتطبيق نصوص دينية بوسائل همجية. وهي ليست التفجيرات الأولى ولن تكون الأخيرة, طالما أن أوضاع المنطقة على حالها من التخلف المجتمعي وهيمنة سلطات مستبدة وفاسدة. وإذا كانت محاولة القيام بتفجيرات في المغرب قد فشلت واضطر الانتحاريون لتفجير أنفسهم قبل الوصول لأهدافهم, فإن نجاح العملية الوحشية في الجزائر في قتل وجرح العشرات من المواطنين, لا يضيف الكثير إلى سجل المنظمات الجزائرية الإرهابية التي أهرقت دماء مئات آلاف الضحايا على يد "الجماعة الإسلامية المسلحة" و"الجماعة السلفية للدعوة والجهاد" المنشقة عنها والمنضمة للقاعدة.

* برأيك هل نجحت القاعدة بالتسلل لعقول الشباب العربي واستقطابهم لصفوفها؟
- نجاح القاعدة بتجنيد أعداد من الشباب ودفعهم للانتحار بتفجير أنفسهم بين المواطنين, هو نتيجة لأسباب متعددة أهمها التخلف الاقتصادي والتعليمي والثقافي في العالم الإسلامي, لدول تخفي تحت قشرة مؤسساتها وقوانينها الحديثة مجتمعاً محكوماً بمفاهيم دينية متوارثة, يرفض التغيير ويتمسك بأساليب الحياة السائدة منذ قرون, يوجه بفتاوى صادرة عن رجال دين لم يقتنعوا بعد بضرورة إصلاح ديني يفتح الباب للاجتهاد في تفسير النصوص لتلائم العصر, يتبنون مفهوما للجهاد تجاوزه الزمن يمكن من تجنيد انتحاريين لتدمير الحضارة الحديثة المتناقضة مع تصوراتهم الذهنية.
التخلف والأمية والفقر والجهل والتطرف الديني والاستبداد.. عوامل متداخلة توفر لإسلام سياسي المناخ الملائم لاستثمار البنية الاجتماعية المتخلفة للتحكم بمصائر الناس وطرح برنامج يتلخص في: المرجعية في كل أمور الحياة للنصوص القديمة الصالحة لكل زمان ومكان, والوقائع الجديدة انحراف وخروج عن الحياة الموصوفة في النصوص منذ قرون, وإن ما صلح لعهد الخلفاء الراشدين يصلح لعصر الذرة والفضاء والعولمة والديمقراطية والانترنت والمرأة المتعلمة.. أما العقل فمهمته حفظ النصوص وتطبيق حلولها المتخلفة قسراً.
إذا كانت هناك فروق بين إسلام سياسي معتدل ومتطرف فإن بدايات الطرفين مشتركة, عملية غسل دماغ داخل مؤسسات وتنظيمات دينية, إلى أن تأتي مراحل تخرج الإرهابيين من صفوف المعتدلين كانشقاقات لجماعات نافذة الصبر, مستعجلة على أسلمة المجتمعات المحلية والعالمية في ظل "خلافة إسلامية" متوهمة.
سيبقى الخطاب الديني المتشدد والفتاوى المتطرفة ناجحة في تجنيد الانتحاريين, إلى أن يبدأ الناس نتيجة تقدم تفكيرهم بالشك فيها وتدويرها في عقولهم ومقارنتها بمنطق العصر, عندها ستتقلص مجالات التجنيد وتتغلب الحياة على الدعوة لتعميم الموت الهمجي, وإلا فإن دعوة أفراد للانتحار ستتحول مع الزمن إلى دعوة لانتحار جماعي لشعوب بكاملها رفضت الحداثة وتمسكت بأسلوب الحياة القديمة وفشلت في فرضه على البشرية.

* هناك نشاط مكثف لأجهزة المخابرات العربية للحيلولة دون وقوع تفجيرات للقاعدة، ورغم ذلك يخترق هذا التنظيم أجهزة الأمن ويضرب في قلب المناطق الحساسة، إلى من تردون الفشل؟
- لا يمكن لأي جهاز أمن عربي مهما كان متقدماً وقف العمليات الإرهابية نهائياً, فالإرهاب لا يمكن القضاء عليه بالوسائل الأمنية وحدها إذ لا بد من تجفيف منابعه الفكرية, وهي مسألة لا تقدم عليها الأنظمة الشمولية التي لن تسعى لمواجهة أسباب الإرهاب التي يقف الاستبداد على رأسها, وهي تتشابه مع الإسلام السياسي في استخدام النصوص الدينية لتسويغ سياساتها, وتقمع المتطرفين الإسلاميين الذين يهددون هيمنتها, وتعتمد على تيارات إسلامية أخرى لصالح استمرار سلطتها, فتستخدم المفاهيم الدينية كوسيلة مثل "الوطنية" و"القومية" أو "الاشتراكية" و"الثورية", للدفاع عن احتكارها للسلطة والثروة.
النجاح في مواجهة الإرهاب عملية طويلة تحتاج لتغييرات تأتي بأنظمة ديمقراطية تمنع صدور أية فتوى أو برامج تعليم ديني قبل تحديد مدى توافقها مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية, التي يجب أن تدرس كبديل لثقافة الجهاد والاستشهاد, بعكس ما يسعى إليه الإسلام السياسي بملائمة القوانين للشرع حسب تفسيره له. المعركة الأساسية ضد الإرهاب في التعليم والإعلام في المدارس والجامعات والبيوت والفضائيات والصحف وكل وسائل إيصال مفاهيم العصر الإنسانية كبديل عما هو سائد من أفكار بالية.
إن الانفتاح على العالم وعلاقاته الاجتماعية المتطورة وثقافته وعلومه واستثماراته ليس تفريطاً بالهوية, بل الطريق نحو التمدن والتنمية البشرية والمادية وتحسين الأحوال المعيشية للناس, والانتقال من ثقافة الموت والتكفير والتفجير والكراهية, إلى ثقافة التمتع بالحياة والإبداع والتطوير والتسامح والفكر النقدي وحوار الثقافات والديانات وإعلاء العقل بدل النقل وجهاد النفس بدل الجهاد ضد الآخر المختلف.. إلى رفع قيمة الإنسان فوق أية أيديولوجيا حتى الدينية منها التي هي في خدمة الإنسان وليس العكس.. إلى نبذ أحقاد الماضي التي تغنيها نصوص غيبية.. إلى رفض العداء لغير المسلم والمرأة والعقل والحداثة.. إلى فصل الدين عن الدولة, حسب علمانية توفر حريات لكافة الأديان والمذاهب وتمنع التمييز الطائفي واضطهاد الأقليات واستغلال الدين لصالح السلطة القائمة.
وإذا كان جوهر المساهمة المطلوبة لمجتمعات وأنظمة المنطقة التي تصدر الإرهاب, مواجهة شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية بل تشمل تجفيف مصادر الإرهاب الفكرية والثقافية, فإن "الحرب على الإرهاب" تشارك فيها دول ومجتمعات العالم ضد من يمارسه أو يموله أو يقدم له ملاذات آمنة أو يبرره.., بعكس الادعاء بأن الحرب هي غطاء "لمخططات للقضاء على الإسلام والمسلمين!".

* المنطقة الفلسطينية رغم خصوصيتها بسبب الاحتلال، إلا أنها تشهد حاليا بزوغ مجموعات تتبع فكريا للقاعدة، برأيك هل هذا يشكل خطرا على المجتمع الفلسطيني، وتبرير ضربات إسرائيل؟
- إن تشكيل مجموعات إرهابية تتبع "القاعدة" في فلسطين المحتلة نتيجة مؤكدة لانتشار الأعمال الانتحارية التي مارستها منظمات حماس والجهاد التي أطلقت الانفلات الأمني ورعته, وروجت لحلول تعتمد لإنهاء الاحتلال على العنف الذي ينزلق بسهولة إلى إرهاب مسلح, والذي ثبتت عدم نجاعته بعد حروب متعددة عربية وفلسطينية, بدل التوجه لحلول سلمية تفاوضية تصل لنتائج بتأييد دولي وعربي وقوى إسرائيلية راغبة في السلام.
من مصلحة القاعدة التواجد في فلسطين لتبرير أعمالها وشرعنتها على أساس أنها عمليات مقاومة ضد المحتل, فيما هي في حقيقتها حرب ضد الجميع لإقامة دولة دينية من نموذج إمارة طالبان المنقرضة, وحرب ضد العالم لنشر الدين في "دار الكفر" كما أعلن قادتها, لا تنتهي بتحرير فلسطين أو العراق..
جميع أشكال الأعمال الانتحارية الإرهابية ضد المدنيين شكلت خطراً على المجتمع الفلسطيني الذي تدهورت أوضاعه دون أية نتائج في إنهاء الاحتلال, ولن تزيد القاعدة على ذلك إذا تواجدت, ولن تحتاج إسرائيل لمبررات جديدة لاعتداءاتها, إذ أن منظمات فلسطينية لا زالت تمارس هذه الأعمال, مثل "الجهاد" التي لم تقبل وقف إطلاق النار الساري المفعول. وربما يكون للقاعدة تأثيراً فيما لو أصبح قبول حماس الأخير للحلول التفاوضية الواقعية أمراً لا لبس فيه ولا عودة عنه.

* عمليات الانتقام التي يشنها الاحتلال الأميركي بالعراق وكذلك الإسرائيلي بفلسطين، في ظل الصمت العربي المريب، برأيك ما مدى تأثيرها على الشباب العربي، وانضمامهم للحركات المتطرفة؟
- لا أرى أن هناك "صمت عربي مريب", فالأنظمة العربية تفضل إرجاع انتشار العمليات الإرهابية لعدم حل المشكلات السياسية في المنطقة مثل الاحتلال الإسرائيلي والوجود الأجنبي في العراق, لكي تبعد عنها المحاسبة كأنظمة استبدادية فاسدة أوصلت دولها ومجتمعاتها إلى حافة الانهيار الذي مكن من انتشار الإرهاب, ويفضل بعضها تشجيع العمل الإرهابي في العراق تحت ذريعة "المقاومة", لأن استقرار الأمن فيه سيؤدي لعراق ديمقراطي يفضح أنظمة حكمها المطلقة, فهي تعمل لإبقاء الصراع المسلح فيه كضمانة لعدم استبدالها, إلا أنها في دعمها للمنظمات الإرهابية العراقية أو غضها النظر عن نشاطاتها, تعرض المنطقة بمجملها لمخاطر شاملة.
إن انضمام شباب إلى الحركات الإرهابية المتطرفة لا يغير من النتيجة النهائية, فالدولة الطالبانية الأفغانية الظلامية انهارت رغم مئات آلاف مسلحيها, والجماعة الإسلامية في الجزائر ومصر اندحرت, ونظام المحاكم الإسلامية القريب من "القاعدة" في الصومال سقط خلال أيام, وقيادات وكوادر الإرهاب تقتل كل يوم في الاشتباكات المسلحة في المغرب وتونس والسعودية... وتنتشر الصراعات المسلحة بين منظمات القاعدة وأنصار السنة والجيش الإسلامي في العراق, بعد أن كفرت بعضها بعضاً..

* هل من مخرج من هذه الأزمة الشاملة؟
- لا نظن أن حالة مجتمعات المنطقة نهائية فهي قابلة للتغيير مثل غيرها من مجتمعات العالم, إذ ستتعلم من تجاربها وضع ثقتها فيمن يخرجها من عباءة القرون الوسطى, ويعمل لصالح حياتها الراهنة ويوفر عليها أكلافاً جسيمة في حالة استمرار الإرهاب وتحقير الحياة ونشر الخراب والعزلة عن الحضارة البشرية..
سيظل الأمل حياً في النفوس طالما أن هناك مقتنعون بالانفتاح على العالم المتحضر واللحاق بالعصر وتفضيل العولمة الإنسانية على النرجسية القومية والدينية, والتخلي عن المفاهيم القديمة والأحقاد التاريخية, والتمسك بالدولة الحديثة الديمقراطية العلمانية, واحترام الإنسان كأسمى قيمة, وتحرير العقل من النص, ومساواة المرأة بالرجل, وانتصار حب الحياة والتمتع بها على تمجيد الموت, ونبذ العنف وحل الخلافات بالحوار...
هذه الأفكار والمفاهيم تكتسب يومياً دعاة وأنصاراً جدد "ليسوا وحدهم في العالم". المواجهة طويلة مع الإرهاب المرافق للتخلف والاستبداد والأثمان التي ستدفع كبيرة, لكن التغيير ممكن طالما أنه ضمن مسيرة التاريخ الإنساني وليس في مواجهتها.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزيد من الحوار حول المسألة الأمازيغية
- بناء دول طالبانية يلقى مقاومة
- ما الجديد بعد ثلاث سنوات على أحداث القامشلي؟
- ذنوب محيي الدين شيخ آلي
- الهوية المتعددة للمغرب الكبير
- منجزات المحاكم الإسلامية الصومالية؟!
- -الاتجاه المعاكس- للمنطق: الدكتاتورية هي الحل!
- ما بعد الاستبداد شبه العلماني
- هل تهجير المسيحيين هو الحل؟!
- مشروع -الراديكالية الإسلاموية- للانتحار الجماعي
- حراس الثوابت والعدمية الفلسطينية المتجددة
- مقتل طفلة من بيت الأمارة
- وقفة مراجعة بعد خمس سنين على هجمات 11 / 9
- الهمجية في تاريخ المنطقة والعالم
- انتصار سياسي للبنان وحكومته
- التورط والتوريط أم السياسة الواقعية
- حوار مع الكاتب والسياسي جورج كتن*
- عندما يخلط الإخوان الدين بالسياسة الوطنية
- ما هو مشترك بين الإسلاميين المعتدلين والمتطرفين
- طريقة مبتكرة لعقاب السفاحين


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جورج كتن - حوار حول الإرهاب