أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - وصف مصر.. بالأرقام 5















المزيد.....

وصف مصر.. بالأرقام 5


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لأن »ثقافة الإنكار« لا يمكن أن تكون »فضيلة« أي باحث محترم، فإن الدكتور إبراهيم العيسوي لم »ينكر« وجود إنجازات للسياسات الاقتصادية المطبقة خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
وفي كتابه المهم »الاقتصاد المصري في ثلاثين عاماً« ــ الذي قلنا إنه يستحق لقب »وصف مصر.. بالأرقام« التي لا تكذب ولا تتجمل ــ رصد هذه »الإنجازات« ولم يهملها أو يتجاهلها. بل أكد أنه »لا شك أن تقدما قد حدث في عدد من المجالات خلال العقود الثلاثة الماضية«، وقام بذكر هذه المجالات لكنه وضع هذا التقدم في سياقه العام ليستنتج أنه تقدم »كان في مجمله محدودا كما كانت تكلفته باهظة«.
غير أن الاختبار الحقيقي للنموذج الذي تم انتهاجه لا يمكن أن يتمثل فيما إذا كان قد حدث تقدم من عدمه نتيجة تطبيق سياسات هذا النموذج.. وإنما يتمثل الاختبار الحقيقي لنموذج جاوزت فترة تطبيقه ثلاثين عاما فيما إذا كانت المحصلة النهائية لما أنفق من موارد ضخمة ولما تحمله المجتمع المصري من أعباء باهظة طوال هذه الفترة هي انعتاق مصر من أسر التخلف وتمكنها من الاقلاع والانطلاق في آفاق التقدم الرهيبة مثلما استطاعت دول أخري أن تحقق ذلك في فترة زمنية مقاربة.
وبهذا الصدد حدد إبراهيم تسعة مجالات أساسية لتقييم حصاد هذا النموذج علي ضوء نتائجها هي مجالات النمو الاقتصادي، والتصنيع، والتشغيل، وتوزيع الدخل ومستوي الفقر، والتضخم، والمديونية العمومية، ومركز الجنيه المصري، ومستوي الخدمات العامة، وحرية الإرادة أو التبعية.
وفي مقال الأمس وجدنا أن رصيد المجالات السبعة الأولي كانت محصلته الصافية سلبية.
ويتبقي المجالان الأخيران.
المجال الثامن هو مستوي الخدمات العامة. وبهذا الصدد يري العيسوي أنه بالرغم من التزايد المستمر في الانفاق العام علي التعليم حتي بلغ 1.25 مليار جنيه بنسبة 9.16% من اجمالي الانفاق العام في 2002/،2003 وبالرغم من التوسع الكمي في الخدمات التعليمية، إلا أن الزيادة في الكم لم تزل دون مستوي الوفاء بالاحتياجات. كما أنه لم يرافق هذه الزيادة الكمية تحسن في جودة التعليم. بل إن نوعية التعليم تشهد تدهوراً مستمراً منذ سنوات طويلة، وبالنتيجة تفاقمت مشكلة الدروس الخصوصية ليس فقط في التعليم قبل الجامعي بل كذلك في التعليم الجامعي. حتي تراوحت التقديرات مما ينفق علي هذا النوع من »التعليم الموازي« بين 12 و16 مليار جنيه، أي ما يصل إلي 64% مما تنفقه الحكومة علي التعليم.
وينطبق ذلك علي الخدمات الصحية. فقد تزايد الانفاق عليها حتي بلغ 8.5 مليار جنيه بنسبة 9.3% من اجمالي الانفاق العام في 2002/،2003 والتوسع غالبا ما ينصب علي الكم، الذي يقصر عن اشباع الحاجات العلاجية للسكان، ولا يرافقه تحسن في الكيف. والأرجح أن نوعية الخدمات الصحية العامة في تراجع. وأصبحت إمكانية الحصول علي خدمة تعليمية وصحية معقولة رهناً بتوافر قدرة مالية كبيرة لدي المواطن.
وبلغ سوء الحال حداً خطيراً بالنسبة إلي خدمات أساسية أخري كالأمن والقضاء والمرور وغيرها من الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية، لاسيما أجهزة الإدارة المحلية. فالمواطن يعاني إرهاقا شديدا في الحصول علي كثير من الخدمات، وعادة ما يتطلب الأمر دفع الرشاوي والاتاوات لإنجاز الأعمال. وعجز الحكومة عن إدارة مرافق الحياة اليومية هو عجز فاضح، ويتجلي أكثر ما يتجلي في العجز عن تنفيذ القوانين. فالشارع المصري في حالة فوضي لغياب التطبيق الحاسم لقانون المرور، ومخالفات المباني أصبحت علي درجة من الشيوع يظن معها أنها أصبحت قاعدة عامة.. وأحكام المحاكم لا تجد طريقها إلي التنفيذ حتي عندما تكون احكاما نهائية، بل وعندما تكون صادرة بحق الحكومة ذاتها فإنها تتهرب من التنفيذ أو تماطل فيه.
وتردي أوضاع الخدمات العامة لا يحرم المواطن من الوفاء باحتياجاته الأساسية فحسب بل إنه يؤثر سلبا علي الحياة الاقتصادية لأنه يؤدي إلي تنفير نسبة غير قليلة من رجال الأعمال الجادين سواء كانوا من المصريين أم من الأجانب وعزوفهم عن الاستثمار في مصر، كما يؤدي إلي تراجع قيم العمل المنتج والكسب الشريف لصالح العمل الطفيلي والكسب غير المشروع.
أما فيما يتعلق بالمجال الأخير وهو مجال التبعية، فإن العيسوي يري أن التخلف يرتبط بالتبعية ارتباطا وثيقاً. فالتبعية هي جوهر التخلف. وغياب التقدم يعني استمرار التخلف واستمرار التبعية بالتالي. فمع ضعف وتيرة التصنيع أو غياب جهد حقيقي للنهوض بالصناعة وتعميق التصنيع، ومع غياب قاعدة وطنية للعلم والتكنولوجيا، لابد وأن تستمر الدولة عند وضعها المتدني في نظام تقسيم العمل الدولي. وهو ما ينطبق علي حالتنا حيث تراجعت حركة التصنيع في ظل سياسات الانفتاح والتثبيت والتكيف إلي وضع يوصف بأنه تفكيك للتصنيع.
وفيما يتعلق بالمؤشرات العلمية والتكنولوجية فإن الأمر الواضح هو أن الشوط لم يزل طويلا أمام مصر حتي تظهر فيها قاعدة وطنية قوية للعلم والتكنولوجيا. فلم تزل التبعية العلمية والتكنولوجية عميقة، ونسبة الانفاق علي البحوث والتطور إلي الناتج المحلي الاجمالي في مصر لا تتجاوز 2.0% في سنة 2000 مقابل 1% في الصين عام 2000 و2.1% في الهند عام 1996 و7.2% في كوريا الجنوبية عام 1997.
والخلاصة هي أن مصر لم تزل تعاني أمراض التبعية الاقتصادية والتبعية الغذائية والتبعية العلمية والتكنولوجية والثقافية. ولهذا يظل التخلف قائما وتبقي التنمية هدفا مراوغا.
والعوامل المعوقة المتصلة ببيئة الأعمال التي يمارس فيها القطاع الخاص المصري نشاطه لا تكفي لتقديم تفسير جوهري لتواضع أدائه التنموي.. فالعيب الأساسي كامن في السمات الهيكلية للرأسمالية المصرية التي تعوقها عن المساهمة في إحداث تنمية جادة، ناهيك عن القيام بالدور الرئيسي فيها، كما أنها تعمل في ظروف غير مواتية لاسيما فيما يتعلق بمواصفات السياسات العامة المحفزة علي حدوث تنمية رأسمالية علي غرار النمط الرأسمالي الموجه الذي عرفته بلدان شرق آسيا.
ويري العيسوي أن هذا التوصيف العام للرأسمالية المصرية لا ينفي أنها تضم رأسماليين جادين، لكنهم قليلون.
وإذا كان الدكتور العيسوي ينتقد النموذج الذي تم انتهاجه في العقود الثلاثة الماضية ويدلل علي فشله بألف رقم ورقم، فإنه يقترح تنمويا بديلا يسميه »نموذج التنمية الوطنية المستقلة المعتمدة علي الذات« وهو نموذج يقوم علي عدة من الركائز التي هي في حكم المسلمات، مثل إحداث زيادة كبيرة في معدل الإدخار المحلي كشرط لا غني عنه لاستقلالية التنمية واطرادها، والابقاء علي دور حاكم للدولة في نجاح التنمية المستقلة، والمشاركة الديموقراطية والتوزيع العادل للثروة والدخل كشرط لنجاح التنمية بالاعتماد علي الذات، وانضباط علاقات الاقتصاد الوطني بالخارج، والتعاون فيما بين دول الجنوب علي شتي الجبهات.
ويعترف إبراهيم العيسوي بوجود مصاعب وتحديات للنموذج البديل.. لكنه يعتقد أن ما تشهده مصر من »حراك« يبشر بصحوة قادمة تؤذن بنهضة آتية لمصر وللعرب، وذلك باعتبار أن مصر هي القاطرة لشقيقاتها العربيات، وأن نهوضها شرط للنهوض العربي الشامل. فذلك هو قدر مصر بحكم التاريخ والجغرافيا وحقائق الواقع السياسي المعاصر. ومن حق مصر علينا أن نؤمن لها مقومات النهوض، ومن واجبنا نحوها أن نوفر لها شروط قيام النهضة.
ولعل هذا القسم الأخير المتعلق بالنموذج البديل، هو القسم الأضعف في هذا العمل الموسوعي الهائل والمحترم، ولعل الدكتور العيسوي، وغيره، أن يبذل مزيداً من الجهد والإبداع، لتطوير مشروع للنهضة فهذا المشروع المنشود يحتاج إلي ما هو أكثر من الشعارات العامة والعبارات سابقة التجهيز وجمل الستينيات والسبعينيات.. فالعالم قد تغير كثيرا بدخول مصر ثورة المعلومات، وهذه الثورة تحتاج إلي ثورة مماثلة في التفكير للاستفادة بما توفره من »فرص« ومواجهة ما تطرحه من »تحديات« غير مسبوقة خاصة فيما يتعلق بتقسيم العمل في الإطار الدولي والعلاقات البنيوية بين الشمال والجنوب في هذا السياق غير المسبوق، فضلا عن استحقاقات وآليات الدخول إلي اقتصاد المعرفة.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصف مصر.. بالأرقام 3
- الإسرائيليون يحاولون إعادة احتلال سيناء.. بالاستثمار
- لوغاريتمات راجى عنايت!
- وصف مصر .. بالأرقام 2
- وصف مصر .. بالأرقام 1
- الحكومة تفضل وضع نفسها موضع الشبهات!
- أمين »الإنسان« وأباظة »الوزير«
- قتل الإبداع.. القاسم المشترك الوحيد بين العرب!
- كعب داير .. للبروفيسور الذى داس على ذيل الحمار
- هل الإعلامي .. صديق الإرهابي؟
- مداهمة -الدبلوماسية-المصرية فى العراق
- عيش .. وملح !
- الأحزاب والنشاط السياسى داخل الجامعة.. العقدة والحل
- ملاحظات شاهد عيان للاستفتاء الحزين
- رغم كل شئ :مصر مازالت بخير
- هل نستعيد أمجاد النقل البحري لعصر محمد علي؟!
- ميلودراما مصطفى البليدى
- فلتكن نهاية حياتنا بكرامة!
- عرب من أجل إسرائيل!
- كل استفتاء وأنتم بخير!


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - وصف مصر.. بالأرقام 5