عرب الأهوار الضيف والشاهد 13

سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كما يعيش بين العشائر العربية* هذه أعداد لا يستهان بها من أصحاب الحرف عيشة أمن وسلام ، وهؤلاء هم : صيادو السمك ، والحاكة ، وصناع الزوارق وحصران القصب " البواري "، وملاحو السفن ، والباعة ، وأصحاب الصناعات البدائية. وهؤلاء منحدرون من بعض تلك العشائر ، أو من أصول تضرب بجذورها الى الماضي السحيق ، ومنهم كذلك لاجئون أجانب قدموا من مدن عراقية بعد أن عاشوا بها لسنوات ، ومن بلدان مجاورة للعراق مباشرة ، 
وفي أعوام الستينيات من هذا القرن وما تلاها عرفت الأهوار الأكراد الذين نزلوها مرغمين بعد نفيهم من ديارهم في كردستان عقب الانكسارات الكثيرة التي لحقت ثورتهم المتواصلة ، 
وقد كانوا محطّ ترحاب بين عرب الأهوار ، ولهذا كان الكثير منهم يفضل النفي الى المحافظات الجنوبية إن منحتهم السلطات الجائرة اختيارا بذلك ، فهم يعلمون أن أهل الجنوب والشعب العراقي بعامة كان يشجب هذه الحرب بشدة ، ويعتبرها عارا على مشعليها ، وأنا لازلت أذكر أنّني كنت من بين المتظاهرين في موكب العباسية الذي كان للحزب الشيوعي نفوذ فيه ، وكان الموكب هذا قد خرج متظاهرا في ذكرى استشهاد الحسين بن علي عليه السلام في مدينة كربلاء ، وقد انضمت إليه وقتها جموع غفيرة قدمت من محافظات عراقية أخرى رغم ما كان يشيعه الحكم في العراق ، ومدير أمنه العام ، ناظم كزار ، من إرهاب وعسف.
خرجت هذه الجموع مستنكرة معاودة الحرب ضد الشعب الكردي ، مرددة فيما يعرف بلهجة أهل العراق بـ ( الردّات ) :

جا ليش** ابكردستان.....هذي الدماء اتروح
ليش الدماء الطاهره ؟

نستنكر ابشـــــده.........وبعزم نشــجب
كل الاعمال الغادره

والاعمال العدوانيه......خططتها الرجعيه

يا حسين باسمك.........راية شعــــبنا

راية أحرار..............ما ترضى العار
 !
ما ترضى العار! ***
لكن وللحقيقة يجب القول إن كلا الطرفين من متعصبي العرب والكرد كان يؤمن بقولة : التعاون مع الشيطان ، مع علمهما بأن الشيطان هو الذي أخرج أدم من الجنة ، وألقاه في جحيم هذه الأرض.****

وعلى الصورة التي أتيت عليها قبل قليل ، وصور مغايرة أخرى تواصل تصدر الشيوعيين لنضال الشعب العراقي ، ومع هذا أمل ألاّ يتبادر الى ذهن القارئ الكريم أنّ الحزب الشيوعي العراقي كان قد شجع فلاحي عرب أهوار العمارة على الهجرة وترك الأرض ، والحقيقة هي أن تحريض الحزب كان ينصب على وحدة الفلاحين في نضالهم من أجل إحداث إصلاح زراعي جذري ، يقوم على توزيع الأرض على أصحابها ، العاملين فيها ، بعيدا عن جشع وظلم الإقطاعيين الذين قلبوا ظهر المجن لأبناء عشائرهم ، وارتضوا أن يكون خدما لحكومة عميلة لمستعمر بغيض ، وذلك لقاء تأجيرهم هذه الأرض.

لقد تكلل نضال الفلاحين هذا بالنجاح حين قامت ثورة 14تموز عام 1958م، حيث بادرت الى إصدار قانون الإصلاح الزراعي ، وشكلت وزارة لهذا الغرض ، ورغم ما اعترى هذا القانون من ثغرات ، حاول الإقطاعيون الإفادة منها، إلا أنّ الحقيقة الجلية هي أنّ الأرض التي بكاها الشيخ مجيد الخليفة ، ووضع مصلحته فيها فوق مصلحة أبناء عشيرته ، هذه الأرض قد عادت بعد قيام الثورة الى أصحابها الحقيقيين ، وقد أشار جيفين يونغ الى ذلك بقوله:( ولم تطح ثورة 1958م بالعائلة المالكة والمقربين منها حسب، وإنما أطاحت بكبار التجار والساسة والإقطاعيين، وقد دفعت ثورة 1958م شيوخ العشائر الى النزوح من أراضيهم الى بغداد ليعيشوا برغد ، ولكن من غير اية سلطة او نفوذ .) (1)
--------------------------------
* خرج صدام العربي..!على تقاليد القبيلة العربية ، وأخذ ينصب هو روؤساء للعشائر العربية القاطنة في الأهوار بعد انتفاضة آذار عام1992م .
** جا ليش : لماذا
*** كاتب هذه ( الردّات ) الشرطي الممتاز عبد الزهرة السعدي المطرود من الخدمة في عهد عارف ، والمعدوم في عهد صدام على ما قيل لي.
****صار المتدينون في العراق اليوم ، بالإضافة الى متعصبي العرب والكورد ، يتعلقون هم كذلك بأذيال الشيطان ، والى الحد الذي أخذ الواحد منهم يتباهى بجلوسه لدقائق مع ممثل من ممثلي هذا الشيطان الرجيم !
1ـ العودة الى الأهوار ص87.

#سهر_العامري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات