نشرنا على موقع الحوار المتمدن امس الاربعاء 27/8 الجزء الاول من مشروع التقرير السياسى الجديد لحزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى المصرى الذى اتهم فية النظام الحاكم فى مصر بالفساد وانة المسئول عن كل الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية فى مصر وفى هذا الجزء الثانى والثالث نعرض موقف الحزب من القضايا الخارجية ::
علاقات مصر بالولايات المتحدة:
- واستمر الحكم فى مصر فى اتباع سياسة العلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا التى بدأت فى السبعينات وتعمقت فى الثمانينات والتسعينات وحتى اليوم رغم تناقض المصالح المصرية ودورها فى المحيط العربى مع هذه العلاقات .
وقد سعت الإدارة المصرية جاهدة فى السنوات الخمس الماضية لتوثيق هذه العلاقات التى قامت على المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر ، والدور المصرى فى تسويق التسوية السياسية للصراع العربى الإسرائيلى ، ومساندة السياسة الأمريكية وتوفير مظلة لها فى بعض المحطات الأساسية لهذه السياسة .
وكما تقول هيئة المعونة الأمريكية فى تقريرها عن نشاطها خلال 25 عاما (1975-2000) .. "بدأت الشراكة مع مصر عام 1975 . وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية عام 1979 ، وافق الكونجرس الأمريكى على زيادة المساعدات الاقتصادية لمصر ، وظلت مصر تتلقى حتى 1999 ( 815 ) مليون دولار سنويا . وهو أكبر برنامج للمساعدات تقدمه الهيئة فى العالم ، ويهدف إلى تدعيم الاستقرار والديمقراطية والرخاء فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط ".
وطبقا لنفس المصدر فقد وصلت المعونات الاقتصادية المصرية خلال ربع قرن إلى 7ر22 مليار دولار ، إتجهت فى السبعينات لتطهير قناة السويس وإعادتها للملاحة البحرية ، والمساعدة فى توفير البنية الأساسية فى مجالات الطاقة والمياه والاتصالات وبناء صوامع الغلال . وخصصت فى الثمانينات لتحسين مستوى حياة المصريين وخاصة فى المناطق الريفية ، وللزراعة والصحة والتعليم ودعم الجهود المصرية للاصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى ، وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر فى كافة المجالات الاقتصادية ، وتحقيق الخصخصة ودخول إقتصاد السوق ، وزيادة العمالة والتوظف عن طريق تقديم القروض للمشروعات الصغيرة . وأعطت فى التسعينات التفاتا أكثر للجهود الحكومية للإسراع بالتنمية الاقتصادية ، وبيع وتصفية القطاع العام وزيادة الصادرات ، وكفاءة استخدام المياه ، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتخفيض التلوث ودعم المنظمات غير الحكومية لتلعب دورا أكثر فعالية فى النشاط التنموى.
وتوزعت هذه المعونات ـ طبقا لهيئة المعونة الأمريكية ـ على النحو التالى .. (3ر5) مليار دولار لدعم البنية الطبيعية ( المياه ـ الطاقة ـ الاتصالات ..) و5ر4 مليار دولار للخدمات الأساسية ( الصحة ـ تنظيم الأسرة ـ التعليم ـ الزراعة .) و2ر6 مليار دولار واردات مستلزمات الانتاج، و8ر2 مليار لتنفيذ سياسات التكيف الهيكلى والاصلاح المالى والاقتصادى ، 9ر3 مليار مساعدات غذائية ( واردات الحبوب حتى عام 1990).
وإلى جانب هذه المعونات الاقتصادية تلقت مصر 3ر1 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية.
ولم تلعب هذه المساعدات أى دورا مؤثرا فى تحقيق التنمية ، وكان هناك حرص على أن لاتتجه هذه المعونة للتصنيع . وأدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية التى فرضتها هذه المساعدات الى تراجع التنمية والعجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات ، وانخفاض قيمة الجنيه المصرى ، والفشل فى سياسة التصدير والرهان على الاستثمارات الأجنبية ، وزيادة الفقر والبطالة ، وانخفاض مستوى معيشة الطبقات الشعبية والفئات الوسطى ، والتراجع المستمر للهامش الديمقراطى الذى كان متاحا فى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات .
ولم تزد المساعدات النقدية المباشرة خلال هذه الفترة عن مليار و815 مليون دولار ، بينما خصصت باقى المساعدات (21 مليار و185 مليون دولار ) للاستيراد من الولايات المتحدة ، مع الأخذ فى الاعتبار إرتفاع أسعار البضائع الأمريكية وكذلك تكاليف النقل والتأمين مقارنة بأوربا واليابان . وتم إستهلاك مابين 25% و40% من القيمة الأساسية للمشروعات المنفذة مكافآت لبيوت خبرة أمريكية فرضتها هيئة المعونة الأمريكية . وتم استخدام جانب مهم من المساعدات لتمويل إستيراد فائض الحبوب الأمريكية . وتقدر مصادر رسمية مصرية أن 70% من هذه المعونات تعود للولايات المتحدة مرة ثانية . وتستهلك الرشاوى وعمليات الافساد نسبة عالية من مخصصات المعونة طبقا لصحيفة الهيرالدتريبيون . ولعبت هذه المعونة ومافرضته من سياسات دورا أساسيا فى توريط مصر فى ديون خارجية وصلت إلى 62 مليار دولار عام 1989 ( قبل حرب الخليج الثانية ) حسب تقدير د.رمزى زكى رحمه الله . كما فتحت الباب أمام تدفق السلع الأمريكية لمصر ، وتحقيق فائضا تجاريا متراكم لصالح الولايات المتحدة وصل الى نحو 8ر44 مليار دولار خلال الفترة من 1974 وحتى 1988.
وكان واضحا أن الإدارة الأمريكية تعمل على وضع الاقتصاد المصرى فى حالة إحتياح دائم لمعونتها وقروضها وتحرص على عدم تخليص الاقتصاد المصرى من أزماته ، لكى تضمن إستجابة القاهرة للسياسات الأمريكية.
ووقعت مصر لاستخدام هذه المساعدات سلسلة من الاتفاقات تنتهك السيادة المصرية ، من أشهرها اتفاقية القرض الأمريكى لبيع القمح(7 يونية 1984) وإتفاقية قرض بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى مع مصر للطيران . ومن شروط هذه الاتفاقيات خفض الدعم الحكومى للذرة واللحوم ورفع الدعم عن الأسمدة والكيماويات (!)، وعرض ميزانية مصر للطيران على البنك الأمريكى ( أى ممارسة البنك حق التفتيش والرقابة ) ، وإخضاع الاتفاقية لولاية القضاء الأمريكى . وفى يونية 1986 صدق مجلس الشعب المصرى على إتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين جمهورية مصر والولايات المتحدة الأمريكية ، ومن أغرب بنودها التزام الحكومة المصرية بدفع تعويضات للولايات المتحدة فى حالة وقوع عدوان على مصر ـ من إسرائيل مثلا ـ يضر بالاستثمارات الأمريكية فى مصر، وإعطاء الولايات المتحدة حق التدخل العسكرى إذا فكرت مصر فى تعديل أى اتفاقات مع شركات أمريكية ، ونزع الولاية القضائية المصرية عن الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
وربطت الحكومة الأمريكية بين استمرار المعونات ، والدور المصرى فى تحقيق تسوية سياسية للصراع العربى الاسرائيلى ، وقدرتها على تشجيع الأطراف العربية ( فلسطين وسوريا ) والضغط عليها للقبول بشروط التسوية الإسرائيلية ، ووجود تعاون مصرى اقوى مع إسرائيل ، والاسراع بخطوات التطبيع العلنى بين القاهرة وتل أبيب.
وتتراجع قيمة المساعدات المدنية عاما بعد آخر . فإتجاه الولايات المتحدة لتخفيض مساعدتها الخارجية عامة أدى إلى اتفاق الإدارة الأمريكية والحكومة المصرية على تخفيض المعونات المدنية خلال عشر سنوات (من عام 1999 وحتى عام 2008) على ثلاث مراحل . وإمتدت المرحلة الأولى من عام 1999 وحتى عام 2002 حيث تم تخفيض المعونة الاقتصادية من 815 مليون دولار إلى 652 مليون بنسبة 5% سنويا . وقد حاولت مصر تحويل 50% من المبلغ الذى سيتم تخفيضه من المعونة الاقتصادية الى المساعدات العسكرية اسوة بما حدث مع إسرائيل حيث تزيد المعونة العسكرية المخصصة لها من 8ر1 مليار دولار سنويا إلى 4ر2 مليار دولار عام 2010 ، لكن الإدارة الأمريكية رفضت هذا الطلب المصرى .
أما المساعدات العسكرية والتى لعبت دورا فى توفير السلاح لقواتنا المسلحة ، بعد القطيعة مع الاتحاد السوفيتى المصدر الأساسى لتزويد مصر بالسلام منذ عام 1955 وحتى حرب أكتوبر 1973 نتيجة لتغيير السياسة الخارجية لمصر ، فقد أدت إلى تخلى الحكم عن شعار " تنويع مصادر السلاح " وأعلن وليام كوهين وزير الدفاع الأمريكى فى مارس 1999 أن صفقات السلاح الأمريكية " تأتى فى إطار إتفاقيتى كامب ديفيد وإتفاق الصلح بين القاهرة وتل أبيب ، وأنها جزء من الاتفاق مع مصر على استبدال الأسلحة المصنوعة فى روسيا باسلحة أمريكية " . وكان واضحا أن السلاح الأمريكى لمصر مشروط بهدف أمريكى استراتيجى أهم ، وهو إستمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى . فالولايات المتحدة تحرص دائما على تمتع إسرائيل بتفوق مطلق على الدول العربية مجتمعة ، سواء فى مجال نظم الأسلحة التقليدية " أو فى مجال السلاح فوق التقليدى ( الكيماوى والبيولوجى ) ، أو فى مجال استخدام الفضاء الخارجى لتحقيق أهداف عسكرية ( الصواريخ الباليستية) إضافة لاحتكارها للسلاح النووى فى المنطقة ، كما يقول اللواء د.أحمد عبد الحليم . وقد أعلن صمويل بيرجر مستشار الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون " أن حماية أمن إسرائيل مثل حماية أمن الولايات المتحدة" . وترفض الإدارة الأمريكية فى عهودها المختلفة فكرة تحقيق توازن عسكرى بين مصر وإسرائيل . يقول وزير الدفاع الأمريكى " إن توازن القوى ضرورى فى حالة الصراع ، وفى حالة وجود احتمال لنشوب صراع . ولكن مصر فى حالة سلام مع إسرائيل "! الغريب أن هذا الموقف لم يتأثر بالعلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا والتى ترتقى إلى التحالف ، بدءا بمناورات " النجم الساطع " و" رياح الصحراء" وصولا إلى توقيع مذكرة التفاهم بين وزيرى الدفاع المصرى والأمريكى 4 أبريل 1988 ومنح مصر وضع " الدولة الحليفة لأمريكا العضو فى حلف الأطلنطى " وتعهد مصر فى هذه المذكرة بمنح مزيد من التسهيلات والامتيازات العسكرية ، وحظر منح تسهيلات عسكرية تتجاوزها لأطراف عسكرية تتبع دولا أخرى إلا بموافقة مشتركة من الولايات المتحدة ومصر ، وعدم القيام بأى أعمال تناقض إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية أو خرق ملاحقها العسكرية ، وعدم بيع أو إقراض ماتحصل عليه من أسلحة لأى دولة تدخل فى صراع مباشر مع الولايات المتحدة ، أو تتواجد جغرافيا فى مناطق النزاعات خاصة فى الشرق الأوسط .
وقد إستغلت الولايات المتحدة هذه المساعدات والعلاقات الخاصة " الاستراتيجية " بين البلدين للتأثير فى القرار السياسى المصرى .
واثناء مناورات النجم الساطع عام 1999- والتى تجرى كل عامين فى الصحراء المصرية منذ عام 1981 لتدريب القوات الأمريكية على حرب الصحراء والتى طبقت فى الغزو الأمريكى للعراق هذا العام ـ قال نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية أن " المناورات تهدف إلى تعزيز التحالف العسكرى المتميز بين مصر والولايات المتحدة " وقال وزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت " وليام كوهين" .. " إن هذه المناورات تحذير لبغداد وتشكل جزءا من سياسة الاحتواء العسكرى .. وعلى ذلك البلد أن يأخذ مناورات النجم الساطع التى تجرى فى صحراء مصر الغربية بمشاركة 11 دولة فى الاعتبار . إننى أنظر إليها باعتبارها أكثر من مناورة لأن مارأيناه اليوم كان إعلانا قويا من جملة الدول التى تضم الولايات المتحدة ومصر والأردن والكويت والإمارات المتحدة أن تحالفها يزداد قوة .. ولمناورات النجم الساطع 99 هدفا آخر ، وهو احياء سياسة الاحتواء لايران " . وأكد وزير الدفاع البريطانى أن هدف المناورات هو التدريب على تنفيذ استراتيجية حلف الأطلنطى الجديد فى التوسع جنوبا.
وقد ألغت الولايات المتحدة مناورات النجم الساطع والتى كانت مقررة فى شهر سبتمبر الماضى (2003) بمقولة وجود أسباب فنية وانشغال قواتها المسلحة فى أفغانستان والعراق. بينما يرى المراقبون أن إدارة الرئيس بوش لم تعد فى حاجة لهذه المناورات التى استخدمت لتدريب القوات الامريكية على حرب الصحراء وتمهيدا لغزو العراق وهو ما حدث بالفعل . وكذلك للضغط على الادارة المصرية التى شعرت بالقلق من هذا الالغاء!.
وفىمحاولة مصرية لتوثيق هذه العلاقات بدأت ماسمى بالحوار الاستراتيجى بين وزيرى خارجية مصر والولايات المتحدة فى واشنطون (9يوليو 1998) ثم فى القاهرة فى ديسمبر 1998، ثم فى واشنطون فى فبراير 1999 . وخلال الزيارات السنوية للرئيس مبارك للولايات المتحدة (1999 ، 2000،2001، 2002) ، وزيارات متتالية لوفود مصرية اقتصادية وسياسية مثل زيارة د.يوسف بطرس غالى فى 28 سبتمبر 2001 ، وزيارة مدحت حسانين لواشنطون فى نفس التاريخ ، ثم زيارة فايزة أبو النجا ، ووصول الفريق حمدى وهيبه رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى أكتوبر 2002 لحضور اجتماعات لجان التعاون والتنسيق العسكرى المشترك ، واجتماع مجلس الأعمال المصرى الأمريكى فى واشنطون ( أكتوبر 2002) ثم فى القاهرة من 19 إلى 22 يناير 2003 – وصولا إلى زيارة وفد رفيع المستوى من د.يوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وجمال مبارك أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى واسامة الباز مستشار الرئيس للشئون السياسية وجلال الزربا رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ود.عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وآخرون ، والذى استمر لمدة 10 ايام اعتبارا من 27 يناير 2003 ، ثم الوفد رفيع المستوى ايضا وعلى رأسه جمال مبارك واسامة الباز ويوسف بطرس غالى خلال شهر يونيه الماضى .. فقد تركزت المطالب الاقتصادية المصرية فيما يلى :
الحصول على مزايا تفضيلية للسلع المصرية فى السوق الأمريكية.
زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
نقل المعرفة على المستوى التكنولوجى.
اعلان إقامة منطقة التجارة الحرة بين البلدين
وأعاد د.بطرس غالى – عشية زيارة الرئيس للولايات المتحدة فى مارس 2000 _ هذه المطالب ، وقال عن الوجود على خريطة الاستثمارات الأمريكية " فمصر على طرف الخريطة إن لم تكن ليست على الخريطة اصلا ، ولذلك فنحن نريد أن نكون فى وسط هذه الخريطة ، ووجود مصرى فى السوق الأمريكية بمعنى زيادة الصادرات المصرية للسوق الأمريكية ، وبدء مناقشة إقامة منطقة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة ، واستيراد التكنولوجيا من الولايات المتحدة" .
وخلال زيارة الوفد " رفيع المستوى " فى يناير – فبراير 2003 طرحت هذه القضايا جميعا ، وأضيف اليها طبقا لتصريح فايزة ابو النجا وزير الدولة للشئون الخارجية " سبل تحقيق الاستفادة القصوى من برامج المساعدات .. فهناك إمكانية هائلة لتحسين هذه البرامج ، خاصة أن جزءا كبيرا منها لايتم توجيهها بالشكل الكافى لإحداث النتائج المنشودة منها .. " نسبة كبيرة من التمويل الذى تتيحه برامج المساعدات الأمريكية لمصر يذهب إلى الخبراء والمستشارين الأمريكيين المشرفين على تنفيذ هذه البرامج ، وذلك فى الوقت الذى يسعى فيه الجانبان المصرى والأمريكى الى ضرورة أن يشعر المواطن المصرى بأنه يتلقى مساعدات حقيقية من الولايات المتحدة الأمريكية " .. وطلب مساعدات اضافية تعويضا عن خسائر الاقتصاد المصرى الناتجة عن الضربة العسكرية ـ المتوقعة ـ للعراق والتى قدرتها الحكومة المصرية بما يتراوح بين 6 مليار دولار و8 مليار دولار.
ولم تستجب الإدارة الأمريكية طوال هذه السنوات لأى من المطالب المصرية . وكانت تتقدم فى كل مرة بمطالب جديدة من الحكومة المصرية من بينها فتح أسواق الاستثمار فى مصر فى كل المجالات بما فى ذلك مجالات التصنيع العسكرى أمام كل الراغبين فى الاستثمار بما فى ذلك إسرائيل وخصخصت الشركات والمؤسسات العامة المتبقية بما فى ذلك البنوك ، وضرورة وجود تعاون مصرى اسرائيلى أقوى فى جميع المجالات ، واصدار عديد من التشريعات أو تعديل تشريعات قائمة مثل قانون حماية الملكية الفكرية وقانون مكافحة غسيل الأموال وقانون العمل وقانون جديد للاستثمار والتأكد من التزام مصر بقوانين واتفاقات منظمة التجارة العالمية بما يتعلق بالجمارك وإجراء تخفيضات فى الضريبة الجمركية ، وتخفيض فى قيمة الجنيه المصرى امام الدولار وترك تحديد السعر للسوق النقدية الحرة . ورغم استجابت مصر لهذه المطالب وبصورة أضرت بالاقتصاد المصرى ، فمازال موقف الرفض الأمريكى للمطالب المصرية ثابتا لايتغير .
وأخيرا وقعت الحكومة المصرية على اتفاقية مع الحكومة الأمريكية لضمان عدم محاكمة العسكريين أو المدنيين الأمريكيين أمام المحكمة الجنائية الدولية على ارتكابهم لجرائم الحرب أو جرائم ضد الانسانية.
ثالثا :النشاط السياسى للحزب
تناول التقرير التنظيمى عن نشاط وأداء الهيئات المركزية (1998 -2003) حصرا للنشاط السياسى للحزب ، سواء فى القضايا الداخلية أو العربية ( دعم الانتفاضة الفلسطينية والتضامن مع العراق ) أو القضايا المحلية والفئوية ، والنشاط المتميز للهيئة البرلمانية للحزب ، ومعارك انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات التعاونية الزراعية .
وقد برز دور الحزب بصورة واضحة فى عدد من القضايا فى ضوء التوجهات والالويات الصادرة عن المؤتمر العام الرابع.
*فأولى الحزب عناية فائقة لقضية الاصلاح السياسى والدستورى ولعب دور القاطرة فى هذا المجال ,سواء بصورة مباشرة أو من خلال العمل المشترك مع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات حقوق الإنسان المختلفة. وأعاد صياغة مشروع قانون جديد لمباشرة الحقوق الانتخابية (السياسية) ومشروع أخر لانتخابات مجلس الشعب وعقد سلسلة من الحوارات حولها مع الأحزاب وعدد من أعضاء مجلس الشعب ورجال الفقه والقانون. وعمل مع الجمعيات الأهلية ضد قانون الجمعيات الجديد ومن أجل إلغاء القيود على تشكيل ونشاط الجمعيات الأهلية . وتصدى لمد العمل بحالة الطوارىء وشارك القوى الأخرى فى التجمع الاحتجاجى أمام مجلس الشعب ضد هذا المد.. إلى غير ذلك من الأنشطة السياسية والجماهيرية.
ولكن لوحظ ان الهيئة البرلمانية لم تطرح هذه القضية بوضوح فى مجلس الشعب، خاصة عند مناقشة بيان الحكومة، رغم أن الرد على هذا البيان الذى أعده الحزب أعطى اهتماما واضحا بالاصلاح السياسى والدستورى الديمقراطى وكان هو المدخل لكل القضايا الاخرى فى رد الحزب.
• وتبنى الحزب وصيحفته كل الاولويات الاقتصادية التى وردت فى قرار المؤتمر العام الرابع، بما فى ذلك رفض السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ووقف تدهور مستوى معيشة الطبقات الشعبية والوسطى والتصدى لرفع الاسعار الناتج عن هذه السياسات والتركيز على قضية البطالة، والدفاع عن حقوق المرأة والطفل والشباب.
• و لعبت الاهالى وصحيفة التجمع دورا ملحوظا فى التصدى للفساد والشخصيات المتورطة فيه.
• وتابع الحزب بإهتمام قضية الصراع العربى الاسرائيلى وإنطلاق الانتفاضة وتطورات القضية الفلسطينية، وشارك مع الاحزاب والقوى الشعبية فى دعم الانتفاضة ومحاولة تشكيل رأى عام ضاغط على الحكم,ودعم مقاومة التطبيع والنظام الشرق أوسطى , ومقاطعة البضائع الاسرائيلية, والمقاطعة الرمزية لبضائع أمريكية.
• كما لعب دورا فى الحركة الرافضة لاستمرار الحصار على شعب العراق والتهديد الامريكى بالغزو, ورفض الغزو الأمريكى البريطانى للعراق واحتلاله.
• ومن أهم انجازات الحزب الدور الذى لعبته أمانة العمال بمساندة قيادة الحزب فى التصدى لمشروع قانون العمل الجديد .بدءا من نشر مشروع القانون فى الأهالى فى صياغته الأولى وتشكيل لجنة أعادت صياغة كثير من مواده, والمشاركة فى النقاشات العامة التى دارت حول المشروع ,فى جماعة تنمية الديمقراطية بحضور وزير القوى العاملة وطرح وجهة نظر الحزب(أمانة العمال),وفى الندوة التى نظمتها مجلة العمال. وعقدت الأمانة عدة ندوات شاركت فيها أمانات العمال بأحزاب المعارضة وبعض المراكز المهتمة بالعمال وعدد من القادة النقابيين والعماليين, وتبلورت هذه الأنشطة فى شكل رؤية مشتركة عرضت على عدد من أعضاء مجلس الشعب والباحثين والمهتمين ورجال القانون والصحافة وقيادات نقابية من خلال ورشة عمل, وصدرت فى كتيب.
وعند بدء مناقشة المشروع فى مجلس الشعب عقد لقاء موسع فى التجمع مع عدد من القوى تم مؤتمر عمالى بمقر الحزب,أسفر عن وثيقة عمالية وتنظيم مسيرة إلى مجلس الشعب يتقدمها رئيس الحزب وتسليم الوثيقة إلى رئيس مجلس الشعب.
ورغم تعدد هذه الأنشطة فهناك عدد من الملاحظات لابد من التوقف أمامها..
1- تركز أغلب النشاط السياسى للحزب فى إصدار البيانات وعقد المؤتمرات والندوات داخل مقرات الحزب أو الأحزاب الأخرى . بينما غابت أساليب العمل الجماهيرى الأخرى بصورة كاملة أو جزئية ، وخاصة تنظيم الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتوزيع البيانات وجمع التوقيعات ، وكافة أساليب الاحتجاج السلمى ، وهى الأساليب التى دعت قرارات المؤتمر العام الرابع لأهمية استخدامها و" استخدام أقصى امكانات الحركة الجماهيرية المتاحة ". ولم يستفد الحزب من الهامش الديمقراطى المتاح بصورة كاملة ، ولم يتصرف بإعتباره قوة المعارضة الجذرية للحكم.
وقد شهدت السنوات الخمس الماضية ، خاصة فى العامين الأخيرين مشاركة الحزب فى التجمعات الجماهيرية التى دعت اليها التشكيلات السياسية والجماهيرية المختلفة أمام الجامعة العربية وفى ميدان التحرير وأمام جامع السيدة زينب وأمام جامعة القاهرة وأمام سفارة قطر ومن الجامع الأزهر(21 مارس) . كما حاول الحزب تنظيم مسيرات سلمية مثل مسيرة رؤساء الأحزاب حول العدوان الأمريكى على العراق والتى كان مقررا لها 23 ديسمبر 1998 ، ومسيرة الحزب فى 15 مايو 2002 ( ذكرى نكبة فلسطين) ومسيرات الاتحاد النسائى التقدمى.
وكان استخدام أسلوب المظاهرات فى المحافظات,خاصة محافظات شمال سيناء والدقهلية والشرقية,وفى شرق القاهرة, من العلامات البارزة خلال السنوات الماضية.
كما تم تنظيم عدد من الاعتصامات ، والمساهمة فى قوافل الدعم للانتفاضة.
ولكن عاب هذا النشاط جزئيته وتباعد محاولات انتزاع حق التظاهر السلمى ( ديسمبر 1998 ثم مايو 2002) واقتصار الاعتصامات سواء التى نظمها اتحاد الشباب التقدمى أو اتحاد النساء التقدمى على الاعتصام فى مقر الحزب ، وعدم استخدام أسلوب توزيع البيانات أو جمع التوقيعات.
2- مازالت هناك وجهتان نظر داخل الحزب حول الأداء السياسى والجماهيرى والتنظيمى . التيار الأول يرى أن وجود ملاحظات نقدية للأداء السياسى والجماهيرى للحزب لاينال من نجاح الحزب فى تأكيد طبيعته كحزب معارض لسياسات الحكم من خلال رفضه بصورة دائمة للبيانات السنوية للحكومة وللموازنة العامة ولكافة القوانين التى تتعارض مع مصالح الوطن أو طبقاته الشعبية والوسطى أو مع الديمقراطية أو تمس الاستقلال الوطنى ، ومن خلال إعلامه القومى والمحلى وصحيفته الرئيسية ( الأهالى ) وبياناته ، ومواقفه الوطنية والقومية.
وهناك تيار يرى أن الحزب لم يحقق تقدما يذكر فى تنفيذ قرارات المؤتمر العام الرابع الخاصة بمضاعفة العضوية والتحول إلى قوة جماهيرية مؤثرة فى الساحة السياسية ، وتراجع دور ونفوذ الحزب فى النقابات المهنية والعمالية وداخل الجامعات ( سواء بين الأساتذة أو الطلاب ) وبين المثقفين ووجود فارق كبير بين البرنامج العام للحزب والخط السياسى الصادر عن المؤتمر وبين ممارسات القيادة الحزبية، والاتجاه الى مزيد من المرونة فى التعامل مع الحكم والاقتراب منه. وأدى الخلاف حول موقف الحزب من ترشيح الرئيس مبارك لفترة رئاسة رابعة وامتناع الحزب لأول مرة عن التصويت قى مجلس الشعب بعد أن صوت بلا فى المرات الثلاثة السابقة وعدم تغطية الأهالى لاتجاهات الرأى الأساسية داخل الأمانة العامة وفى الحزب حول هذه القضية وقضايا أخرى ، وأسلوب التصويت فى الأمانة العامة فى هذا الأمر،الى بروز هذا الخلاف بصورة واضحة .ولم يحقق الحوار الذى دار فى الحزب خلال هذا العام حول هذه القضية أى تقدم فى توضيح مساحة هذا الخلاف ومدى مايتمتع به كل تيار من تأييد داخل الحزب.
3- يحتاج دور الحزب فى النقابات المهنية الى مراجعة نقدية ، خاصة فى نقابتى المحامين والصحفيين . وقد كشفت انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة (30 يوليه 2003) عن غياب صحفى التجمع عن كونهم قوة مؤثرة بين الصحفيين . فقد تجمدت عضوية التجمع فى المؤسسات القومية بما يعنى تراجعها ، ولم نكسب عضوية جديدة إلا من بين العاملين فى الأهالى . ولأول مرة لايوجد أى عضو من التجمع فى مجلس النقابة بعد أن كان لنا خمسة أعضاء عند تأسيس الحزب وتولى صحفيين من الحزب موقع السكرتير العام وأمين الصندوق واللجنة الثقافية.
4- ورغم أن المؤتمر العام الرابع قد إنتهى إلى قرار حول الموقف من جماعات الاسلام السياسى ، فقد برزت خلال الفترة الماضية خلافات من جديد حول هذا الأمر . ورأى البعض أن هناك تناقض فى القرار بين النص على " التسليم بحق كل القوى والتيارات السياسية فى إقامة أحزابها طبقا لأى أيديولوجية أو مرجعية تختارها" وبين رفض قيام أحزاب على أساس مرجعية دينية ، وأن هناك تيارات أساسية فى المجتمع المصرى فى مقدمتها التيار الليبرالى والتيار الاشتراكى والتيار القومى والتيار الاسلامى ومن ثم فلابد من الاقرار بحق هذه التيارات جميعا ، بما فيها التيار الاسلامى فى إقامة حزبه ( أو أحزابه),طالما التزم الحزب بالأسس المستقر عليها لقيام الأحزاب السياسية
5-لم يحقق الحزب تقدما فى تنفيذ قرار المؤتمر العام الرابع الخاص بـ " بناء قطب أو بديل ثان يضم كل قوى الديمقراطية والتقدم " وإقامة " التحالف اليسارى الديمقراطى" النواة الصلبة لبناء القطب الثانى . بل على العكس ماتت" لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية " بعد 5 سنوات من العمل الجبهوى الناجح . ويتحمل الحزب جزءا من المسئولية مع القوى الأخرى فى توقف أعمال هذه اللجنة . وتعرضت محاولة تعويضها باجتماعات غير دورية لرؤساء أحزاب التجمع والوفد والناصرى والعمل ، وإعلان عقد مؤتمر موسع يمهد لصياغة برنامج للانقاذ الوطنى وطرح سياسات بديلة للسياسات القائمة والتى أدت إلى الأزمة الحالية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية والقومية ، واعلان جبهة على أساس هذا البرنامج بين الأحزاب الأربعة . تعرضت لأزمة أدت إلى توقفها حتى اعداد هذا التقرير .
ولم يهتم الحزب بقضية التحالف اليسارى الديمقراطى إلا منذ أشهر قليلة عندما شكل بعد المؤتمر العام الطارئ لجنة للحوار مع اليسار والتى ماتزال تجرى إتصالاتها مع القوى اليسارية التى حددتها الأمانة العامة.
إلا أن هذا لا ينال من الدور الذى لعبه الحزب مع القوى اليسارية التى تعمل فى الشارع بصورة ما,من خلال اللجنة المصرية الشعبية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطينى, ولجان مقاومة التطبيع, واللجنة المصرية لمناهضة التعذيب ولجنة العمال للدفاع عن القطاع العام ولجان أخرى عديدة ورغم مصاعب العمل مع بعض قوى اليسار حتى على المستوى العملى,فالعمل المشترك أدى إلى درجة من الفهم المتبادل واسقاط كثير من الأفكار الخاطئة التى تم اطلاقها دون احتكاك حقيقى بالواقع.
6-بالمقابل حقق العمل المشترك حول قضايا معينة نجاحا ملحوظا . فوقع رؤساء الأحزاب ومايقرب من 150 من الشخصيات العامة فى سبتمبر 1999 " نداء من أجل الاصلاح السياسى والدستورى فى مصر".
وفى نوفمبر 2002 قامت لجنة الدفاع عن الديمقراطية التى تكونت من أحزاب التجمع والوفد والناصرى والعمل والمنظمة المصرية لحقوق الانسان ومركز هشام مبارك ومركز النديم ودار الخدمات النقابية ومركز مساعدة السجناء وجمعية النداء الجديد . ولعبت اللجنة دورا هاما فى قضايا الديمقراطية والاصلاح السياسى والدستور ، خاصة حملتها ضد مد العمل بحالة الطوارئ ، وضد مبادرة كولين باول ، ومنع الأمن لحق التظاهر السلمى وانتهاكه لأحكام القضاء والقاء القبض على عدد من المشاركين فى هذه المظاهرات ، وحملة التوقيعات على النداء من أجل اصلاح سياسى ودستورى ديمقراطى.
كما بادر الحزب من خلال لجنة الحريات بتشكيل اللجنة المصرية لمناهضة التعذيب من " حزب التجمع ومركز هشام مبارك للقانون وجمعية المساعدة القانونية والجمعية الوطنية لحقوق الانسان والتنمية والمنظمة المصرية لحقوق الانسان ومركز النديم لضحايا العنف ومركز مساعدة السجناء والجمعية المصرية لمناهضة التعذيب ( تحت التأسيس) ومركز الأرض ومركز الدراسات الاشتراكية والتى أعلنت يوم 26 يولية 2002.
7-رغم الدور الرائد للحزب فى مقاومة التطبيع منذ إتفاقيات كامب ديفيد (1978) ومعاهدة الصلح بين السادات وبيجن (1979) ورفض السوق الشرق أوسطية ، فإن اللجنة التى شكلها الحزب فى النصف الأول من هذا العام لم تجتمع حتى الآن ولم تقم بدورها فى استعادة ريادة الحزب فى هذا المجال الجماهيرى الهام .
رابعا : دور الحزب بعد المؤتمر العام الخامس
يدخل الحزب بعد مؤتمره العام الخامس مرحلة جديدة فى حياته ، تستند إلى الخط السياسى الجديد الذى سيصدره المؤتمر على ضوء التطورات المحلية والعربية والدولية التى واجهتنا خلال السنوات الخمس الماضية وماتطرحه من تحديات على المجتمع والحياة السياسية والحزب ، وإلى التجديد الواسع فى القيادة المركزية وقيادات الحزب فى المحافظات ، والدور الهام الذى ستلعبه القيادة التاريخية فى الحزب بقيادة خالد محيى الدين ـ والتى تمسكت بتنفيذ المادة 8 من اللائحة أو إختارت عدم الترشيح فى الهيئات القيادية للحزب ـ من خلال المجلس الاستشارى للحزب.
ونقطة البداية فى عملنا الحزبى هو التأكيد على المبادئ والأسس التى صدرت عن المؤتمر العام الرابع ، وبصفة خاصة :
• الالتزام الدقيق بهوية الحزب كحزب اشتراكى منحاز للطبقات والفئات الشعبية المنتجة من عمال وفلاحين ورأسمالية وطنية منتجة، وكحزب التنمية الوطنية المستقلة المدافع عن الاستقلال الوطنى السياسى والاقتصادى ، حزب الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الانسان، حزب المشاركة الشعبية المدافع دائما عن حرية المواطن وحرية الوطن . حزب الدفاع عن العقل والتفكير العلمى ، المتصدى لكل الدعوات الظلامية التى حاولت تغييب العقل المصرى والقضاء على الدولة المدنية ومنجزات الإنسانية فى عصر العلم والتكنولوجيا . حزب الوطنية المناضل دائما من أجل الاستقلال الوطنى وتخليص مصر من التبعية والتخلف . حزب القومية والوحدة العربية وهو أيضا حزب المعارضة الجذرية.
• إن التغيير كان ومازال هو الهدف والبوصلة المحركة للحزب . وسعينا للتغيير يستند فقط للأساليب الديمقراطية السلمية ، ومدخلنا إليه هو الإصلاح السياسى الديمقراطى ، وهدفه هو تحقيق التنمية الوطنية المستقلة المعتمدة على الذات وتحقيق العدل الاجتماعى ، ووقف تدهور مستوى معيشة الطبقات الشعبية والوسطى ، ومحاربة سياسة الافقار والاخلال بالتوازن الاجتماعى ، وسياسة رفع أسعار المواد الغذائية الأساسية وخدمات التعليم والصحة والسكن ، والتصدى للبطالة وشيوع الفساد ورفض مواصلة بيع وتصفية القطاع العام ، والدفاع عن دور الدولة فى التنمية والخدمات الأساسية ، وحماية حقوق المرأة والطفل والشباب.
• التأكيد على عدم وجود أى تناقض بين النضال من أجل الديمقراطية وتحقيق التنمية فالديمقراطية تفتح الباب أمام التداول السلمى للسلطة ، وتطلق الحريات العامة وتلتزم بحقوق الانسان كما وردت فى المواثيق الدولية ، خاصة الميثاق العالمى لحقوق الإنسان الذى احتفل العالم فى ديسمبر 1998 بمرور 50 عاما على صدوره ، والاتفاقات والعهود الدولية التالية له، وتؤكد حرية تأسيس الأحزاب والجمعيات والمراكز والمنظمات الأهلية ، واستقلال النقابات العمالية والمهنية وديمقراطية واختيارية عضويتها ، والتعددية الفكرية والسياسية , وتنهى كافة مظاهر الدولة البوليسية.
• إن جوهر النضال الديمقراطى ومركز الثقل فيه هو العمل البرلمانى الذى يمكن من خلاله وصول الحزب أو التحالف الحزبى للسلطة لتنفيذ برنامجه إذا مااختاره الشعب ، أو التأثير فى القرار من خلال تواجد فعال فى البرلمان . وتحتل المحليات دورا محوريا فى هذا الأمر .
ولكن الديمراطية لاتعنى العمل البرلمانى فقط . فهناك أساليب ديمقراطية عديدة لاتقل أهمية وحيوية عن العمل البرلمانى ، من أهمها العمل النقابى والعمل فى المنظمات الديمقراطية عامة ، وتنظيم الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات السلمية ، وتوزيع البيانات وجمع التوقيعات ، وكافة اساليب الاحتجاج السلمى .
وتؤكد دروس السنوات الماضية أن الحزب والأحزاب السياسية عامة ، تقاعست عن الاستخدام الأمثل للهامش الديمقراطى الضيق المتاح . ونحتاج فى الفترة القادمة إلى استخدام أقصى امكانات الحركة الجماهيرية المتاحة ، والعمل على توسيع هذا الهامش الديمقراطى مهما كانت العقبات والتضحيات .
• لقد حسم حزبنا منذ فترة طولة على المستوى الفكرى وفى الحوار الذى دار عقب انتخابات مجلس الشعب وعرضت نتائجه فى دورة اللجنة المركزية ( نوفمبر 1987) وفى أدبياته المختلفة ثم فى البرنامج العام الجديد " بناء مجتمع المشاركة الشعبية " الموقف من الحكم القائم فى مصر منذ 13 مايو 1971 وحتى اليوم ، باعتباره النقيض لما ندعو إليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
ومن ثم فالحكم القائم وحزبه هو الخصم وهدف التغيير الذى يدعو إليه الحزب سعيا لقيام حكم ديمقراطى منحاز للطبقات الشعبية والوسطى . وعلى هذا الطريق يخوض حزبنا معارضة جذرية لاهوادة فيها ضد سياسات الحكم والمؤسسات والأشخاص المسئولين عن هذه السياسات.
ولايعنى ذلك بأى حال من الأحوال مقاطعة مؤسسات الدولة والحكم التى يسيطر عليها هذا الحزب بل على العكس لابد من السعى الدؤوب للنفاذ إلى هذه المؤسسات والتعامل معها وصولا إلى تحريرها ديمقراطيا من احتكار الحزب الحاكم وتحويلها فى النهاية إلى مؤسسات قومية وديمقراطية .
• إن إنقاذ البلاد من أزمتها الراهنة يتطلب إنهاء هذا الخيار المستحيل المفروض علينا منذ سنوات، بين الحكم وحزبه وأحزاب أخرى تمثل إجتماعيا نفس الاتجاه ، وبين قوى الاسلام السياسى وحلفائهم والتى تطرح نفسها كبديل للحكم ، وكلاهما عاجز عن إخراج البلاد من هذه الأزمة.
والخروج من هذه الدائرة المغلقة يتطلب بناء قطب أو بديل ثان ( أو ثالث ) يضم كل قوى الديمقراطية والتقدم والعقلانية وهى مهمة يجب أن يضعها الحزب فى رأس مهامه العاجلة.
وتمثل وحدة اليسار وإقامة " التحالف اليسارى الديمقراطى " .. النواة الصلبة لبناء القطب الثانى ويتطلب عملا دؤوبا متصلا لتحقيقه مهما كانت المصاعب والعقبات.
أولويات سياسية واقتصادية واجتماعية
ويضاف إلى هذه المبادئ والأسس والمهام ، مهام أخرى فى مجالات العمل المختلفة.
أ?- إعطاء أولوية قصوى فى نضالنا السياسى الديمقراطى خلال المرحلة القادمة لتسعة قضايا أساسية:
1- انتخاب رئيس الجمهورية ( ونوابه ) بالاقتراح الحر المباشر بين أكثر من مرشح وتخلى رئيس الجمهورية ( ونوابه ) عن انتمائهم الحزبى طوال فترة توليهم لمناصبهم ، وتحديد وتقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية فى الدستور ، وإلغاء المادة 74 من الدستور ، درءا لإساءة استخدام السلطات المطلقة الخطيرة الواردة فيها .. وأن تتم هذه التعديلات الدستورية قبل انتهاء فترة الرئاسة الحالية فى عام 2005 بفترة كافية .
2- الغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين ، والعفو عن المسجونين السياسيين فى غير قضايا العنف ، وإعادة محاكمة المحكوم عليهم من المحاكم العسكرية.
3- توفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة وبصفة خاصة تشكيل لجنة قضائية دائمة ومستقلة تنفرد بإدارة الانتخابات والاستفتاءات العامة، والغاء جداول القيد الحالية وانشاء جداول جديدة تتطابق مع السجل المدنى .
4- اطلاق حرية تشكيل الأحزاب تحت رقابة القضاء الطبيعى وحده ، وأحكام الدستور ورفع الحصار القانونى والسياسى المفروض عليها ، ورفع القيود على النشاط الجماهيرى السلمى بما فى ذلك حق التظاهر والإضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات وتوزيع البيانات.
5- الفصل الكامل بين الحزب الوطنى الديمقراطى وبين الدولة وأجهزتها.
6- كفالة استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى سعيا إلى مجتمع أهلى قادر على المساهمة فى بناء الديمقراطية والتقدم .
7- إطلاق حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الاعلام للمصريين وتحرير أجهزة الاعلام والصحافة القومية من سيطرة السلطة التنفيذية ، وإتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوى السياسية وكافة الاتجاهات والتيارات الفكرية الديمقراطية فى طرح أرائها وأفكارها فى كل أجهزة الاعلام المملوكة للشعب ، لحين تعديل قانون الاذاعة والتليفزيون .
8- العمل على تأسيس جبهة وطنية تقوم على أساس برنامج للانقاذ الوطنى.
9- اقرار آلية للعمل مع أحزاب وقوى اليسار فى اتجاه إقامة " التحالف اليسارى الديمقراطى " الذى قرره المؤتمر العام الرابع ، وإقامة جبهة كل القوى الديمقراطية والتقدمية والعقلانية .
ب?- أولويات للعمل فى المجال الاقتصادى والاجتماعى والثقافى يصب فى النهاية للعدول عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية التى أدت إلى الركود وتوقف التصنيع وتكريس التخلف وشيوع ثقافة استهلاكية تجارية سطحية ومايمكن تسميته بثقافة الطوارئ ثقافة الخوف والكراهية والعداء للمرأة وسيادة الروح القدرية والنزعات الخرافية وتجريد المواطن من روح النقد . " فإقتصاد السوق لن يحقق التنمية التى ينشدها شعبنا ، والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى من موضع الضعف والتبعية وتدنى القدرة التنافسية أمر مهلك . والبديل الذى نطرحه على شعبنا هو نموذج التنمية المستقلة المعتمدة أساسا على القدرات الذاتية للوطن والمواطنين ، والمرتكزة على التخطيط الفعال وعلى دور نشط للدولة فى الاستثمار الانتاجى ، والتى تفتح المجال أمام مشاركة فاعلة للشعب فى صنع الحياة على أرض مصر ، وفى تقرير مصيره ، فضلا عن المشاركة العادلة فى ناتج عمله " . ويمكن تحديد اثنى عشر أولوية خلال السنوات الأربعة القادمة هى:
1- الضغط من أجل خطة جادة للقضاء على الفقر أو تخفيض حدته ، وللحد من الفوارق بين الطبقات فى توزيع الدخل والثروات.
2- محاربة البطالة التى تتراوح مابين 5ر3 مليون و4 مليون ( مابين 17% و20% من قوة العمل) وتوليد فرص عمل جديدة من خلال قيام الدولة بتنشيط النمو الاقتصادى وبتكثيف الجهد فى مجال الاستثمار الانتاجى من جهة ، وبالتوسع فى برامج الأشغال العامة وبرامج إصلاح مشروعات القطاع العام غير المبيع ، فضلا عن مد يد العون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة كفاءتها وتوسيع طاقاتها بما يزيد من قدرتها على تشغيل عمالة إضافية . والأهم وجود استراتيجية شاملة للتنمية وفى القلب منها استراتيجية نشطة للتصنيع وصرف تأمين كاف ضد البطالة .
3- تحقيق اصلاح ضريبى ومالى وتخفيض الدين . والأساس فى الاصلاح يجب أن يكون تحقيق العدل الاجتماعى عن طريق إعادة توزيع الدخل القومى لصالح الفقراء ومحدودى الدخل ، وتخفيض الضرائب عن ذوى الدخول المنخفضة لاسيما الضرائب غير المباشرة ، ورفع حد الاعفاء للأعباء العائلية إلى تسعة آلاف جنيه سنويا ، ومراجعة شاملة للإعفاءات الضرائبية والجمركية بما يؤدى إلى التخلص من الكثير منها والذى ثبت أن مساهمته ضئيلة أو معدومة فى حفز الاستثمار، وتوجيه جهد خاص لاصلاح الإدارة الضريبية والجمركية ورفع مستوى كفاءتها ومكافحة الفساد منها ، وخفض سعر الضريبة المرتفع حاليا والذى يشجع على التهرب من دفع الضرائب .
4- وقف التدهور المتواصل فى سعر صرف الجنيه المصرى والذى أدى وسيؤدى إلى ارتفاع كبير فى المستوى العام للأسعار أى إلى التضخم وتآكل الدخول الحقيقية للمواطنين وبخاصة الكتلة الكبيرة من ذوى الدخول المحدودة والمتوسطة ويعيد توزيع الدخل الوطنى لصالح الأغنياء ، وزيادة النفقات العامة فى ميزانية الدولة من جراء الارتفاع فى قمة الدين العام الخارجى وفوائده وأقساطه .
ومع التأكيد أن علاج الخلل فى سوق الصرف الأجنبى يكمن فى معالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد المصرى وتحفيز النمو الاقتصادى .. إلا أن الحل على المدى القصير يتمثل فى السيطرة على الطلب على النقد الأجنبى بالحد من الواردات غير الضرورية والحد من المدفوعات عن الخدمات لاسيما بند السفر للخارج ، ووضع قيود وضوابط على خروج النقد الأجنبى.
5- مواجهة التدنى فى معدلات الادخار والاستثمار ومأزق التصنيع والنمو الاقتصادى.
6- وضع برامج عاجلة لعلاج التدهور فى خدمات التعليم والصحة ومشاكل السكن فى المدن والريف. ووضع برنامج لاصلاح التعليم ومنع التسرب أو تخريج تلاميذ أميين ، وخطة قومية لمحو الأمية خلال عام تشارك فيها أجهزة الاعلام والحكومة والمدارس والجامعات والنقابات والأحزاب ، يضع حزبنا مشروعا لها . والدفاع عن مجانية التعليم .
وتطوير التأمين الصحى لتوفير علاج حقيقى للمواطنين .
وإقامة مساكن لمحدودى الدخل .
7- اعطاء اهتمام متزايد لقضية التعاون والحركة التعاونية وبنك التعاون .
8- مواجهة الفساد والشخصيات المتورطة والسياسات التى أدت إلى تحوله إلى ظاهرة عامة وإتساعه ليشمل سرقة أموال الدولة والقطاع العام وعائد الخصخصة ، واستغلال النفوذ والمناصب والصفة النيابية للتربح وقبول الرشاوى والعمولات ، والتدخل فى سير القضايا والتأثير على القضاء . والتصدى للفساد يتطلب رفع الحماية المتوفرة له قانونا ، بالغاء القيود المفروضة على الأجهزة الرقابية والتى تشل أيديها عن ملاحقة الفساد ، وإصدار قانون لمحاكمة الوزراء أثناء وجودهم فى الوزارة تنفيذا للمادة 159 من الدستور ، وعدم خضوع قرار إحالة أجهزة الرقابة للقضايا التى لديها للنيابة العامة لموافقة السلطات السياسية ، والفصل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة ، ورفع القيود المفروضة على الصحافة والتى تحد من تصديها للفساد.
9-الدفاع عن حرية الثقافة والابداع الأدبى والفنى والبحث العلمى ، ورفع الرقابة المفروضة على الاعلام المملوك للدولة وتخليصه من الخطوط الحمراء المعروفة للكافة ومن ترويجه للفكر الخرافى الذى يشوه وعى الجمهور، وثقافة الموت حول الآخرة وعذاب القبر.التى روجت لها فحسب مطبوعات الرصيف الرخيصة شكلا ومضمونا ، وإنما روجت لها أيضا أجهزة الاتصال الجماهيرى الواسعة الانتشار من إذاعة وتليفزيون ، حتى أن هذه الثقافة أصبحت مكونا رئيسيا فى بناء عقلية ورؤى ووجدان قطاع متزايد من الطبقات الشعبية والطبقة الوسطى ، تملأ الفراغ الذى نتج عن ضيق مساحة الحرية للعمل السياسى ، وتصبح ملاذا من اليأس وضبابية المستقبل وتدهور الأحوال . وهى الوجه الآخر لإنشغال بعض القوى السياسية بالماضى والعمل على استعادته.
وتحتاج مقاومة ثقافة الموت هذه إلى خطة شاملة . لنقد ماهو قائم وتحليله وفضح آلياته خاصة فى وسائل الاتصال الجماهيرى ، وتصميم برامج ونشر مطبوعات تنهض على الفكر العقلانى النقدى تشارك فى إنتاجها أوسع قاعدة من المثقفين الديمقراطيين . ويمكن لمكتبة الأسرة القيام بهذا الدور على صعيد النشر.
10- هناك حاجة لإطلاق حملة واسعة منظمة عن طريق المنابر المتاحة خاصة المسموعة والمرئية للتفرقة بين العلمانية والالحاد بعد أن نجحت بعض القوى التى تسعى لإقامة دولة دينية فى تشويه ومحاصرة الفكرة العلمانية وربطها بالالحاد ، ورغم أن ميدان الالحاد هو الفلسفة وميدان العلمانية هو السياسة والمجتمع.
والعلمانية تعنى فصل الدين عن السياسة ، إذ تخضع السياسة للمعايير العلمية الموضوعية وتتأسس على المواطنة ، ولاعلاقة لها بالايمان الدينى ، حيث هذا الايمان هو علاقة شخصية بين الانسان وربه لاعلاقة للدولة به ، لأنه ليس شأنا سياسيا ولاعاما . إن العلمانية باختصار يمكن أن تكون علمانية " مؤمنة " كما هو الحال فى الديمقراطيات الغربية كافة.
11- الاهتمام البالغ بقضية المياه والأخطار المحيطة بالزراعة المصرية.
12- مواصلة المعركة ضد الخصخصة والتعهد ببيع البنوك وشركات التأمين والنقل الجوى وقناة السويس والمجمعات الصناعية الكبرى.
13- الدفاع عن حقوق المرأة والطفل والشباب فقد أنتجت مجموعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية تراجعا فى أوضاع المرأة ومكانتها وصورتها ، حيث زادت البطالة فى أوساط النساء بنسبة أكبر كثيرا من المعدل العام ، وأصبح تمثيلها السياسى هو الأكثر تدنيا فى العالم ، رغم زيادة الأعباء الملقاة على عاتقها حيث أصبحت تعول وحدها ثلث الأسر المصرية . ومايزال قانون الأحوال الشخصية رغم التعديلات الجزئية التى أجريت عليه ، يميز ضد المرأة وينتقص من مواطنيتها ، فى حاجة إلى تعديل شامل بدءا بفلسفة التشريع ذاتها لتنهض هذه الفلسفة على مبدئى العدل والمساواة.
العلاقات الخارجية والعربية :
أ- فى ساحة العلاقات المصرية الأمريكية ، لم يعد مقبولا تجميد هذه العلاقات عندما يسميه الحكم بالعلاقات الاستراتيجية ، والاستسلام لمقولة أن الولايات المتحدة أقوى دولة فى العالم وقطبا وحيدا لايمكن تجاوز الحدود التى يرسمها . فهناك دائما مساحة بين الاستسلام الكامل من ناحية والصدام من ناحية أخرى ، مساحة تقوم على استقلال الارادة والتنمية الوطنية المستقلة المعتمدة على الذات أولا دون إنعزال عن العالم وحماية الأمن القومى والوطنى الحقيقى.
ان استمرار الرهان على المساعدات الأمريكية والسعى لإنشاء منطقة للتجارة الحرة لايحقق مصلحة مصرية حقيقية . لقد أثبتت تجربة تزيد على ثلاثة عقود خطأ الرهان إقتصاديا وسياسيا واقليميا على الولايات المتحدة . فالتناقض بين المصالح المصرية الحقيقية والمصالح الأمريكية بالغ العمق فى ضوء السياسات الأمريكية ، وسيزداد هذا التناقض بعد غزو العراق والاندفاع لفرض حل أمريكى إسرائيلى للقضية الفلسطينية والعلاقات العربية الاسرائيلية ، والاقدام على مزيد من التدخل الأمريكى فى السياسة الداخلية المصرية ، واستمرار الادارة الأمريكية فى تجاهل الاحتياجات الاقتصادية والتجارية والمالية للحكم ورجال أعماله.
ولابد من إعادة النظر فى منهج وطبيعة العلاقات المصرية الأمريكية ، والتركيز على وسائل الضغط وأوراق القوة التى مازالت فى أيدينا والتى تمكننا من التأثير فى السياسة الأمريكية ، والاستناد إلى امكانيات مصر الذاتية وأهميتها فى المنطقة ودورها العربى وعلاقاتها الأفريقية والأسيوية وامكانية الاستفادة من الدور الأوربى ، فى ظل سياسة جديدة يكون أساسها حسم الخيار فى إتجاه دعم وتقوية النظام الاقليمى العربى والسوق العربية المشتركة والدفاع العربى المشترك ، والتوجه الى أفريقيا ودول الجنوب ، ورفض " تدخل الولايات المتحدة فى الشئون الداخلية المصرية بحجة الديمقراطية وتحديث التعليم وحماية الأقباط ، وربط المعونة الأمريكية بطلبات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
ومن الضرورى أن يسعى الحزب لعقد مؤتمر حول العلاقات المصرية الأمريكية تشارك فيه الحكومة والأحزاب السياسية ومراكز البحوث بهدف رسم خريطة جديدة لهذه العلاقات.
ب- فى السياسة العربية والاقليمية ، هناك قضايا أربعة تحتل الأولية ، هى الصراع العربى الاسرائيلى والقضية الفلسطينية ، والاحتلال الأمريكى للعراق ، والصراع الداخلى والحرب الأهلية فى السودان ، والحاجة الى تطوير الجامعة العربية والنظام الاقليمى العربى . وهو مايتطلب من الحزب تحركا نشطا مصريا وعربيا على مجموعة من الأسس.
- المساعدة على تحقيق أكبر قدر من الوحدة بين كافة قوى وفصائل حركة التحرر الوطنى الفلسطينية على أساس برنامج موحد للعمل ومشاركة فى إتخاذ القرار.
- دعم المقاومة الوطنية فى فلسطين ولبنان وسوريا ضد الاحتلال الإسرائيلى ، والتأييد العملى للانتفاضة ، ووقف الضغوط العربية على السلطة الفلسطينية لقبول الحلول والمطالب الأمريكية الاسرائيلية.
- منح حركة مقاومة التطبيع روحا جديدة تعيد إليها قوتها وفعاليتها . فالحكومات التى وقعت إتفاقيات مع إسرائيل ، وحكومات عربية أخرى ، مازالت ملتزمة بكافة أشكال التطبيع السياسى والاقتصادى والتجارى . وهناك 114 شركة عربية تتعامل مع إسرائيل وترتبط معها بعلاقات وصفقات اقتصادية من بينها 21 شركة مصرية تعمل فى مجال الزراعة وتجارة الغلال والفاكهة والتصدير والاستيراد . ويشارك عدد من المثقفين ورجال الأعمال فى أشكال مختلفة من التطبيع مع إسرائيل .
- قيام الأحزاب المصرية والعربية والحكومات العربية بدورها لمساندة الأحزاب والقوى الوطنية العراقية لانهاء الاحتلال وإقامة نظام ديمقراطى فى العراق وإفشال جهود الولايات المتحدة لعزل العراق عن محيطه العربى واستخدام الوجود العسكرى الأمريكى لتهديد الدول المحيطة به.
- الدعوة لصياغة استراتيجية عربية جديدة لمواجهة السياسة الأمريكية الاسرائيلية فى المنطقة تستند لامكانيات القوة العربية الاقتصادية والسياسية والحضارية والعسكرية والتى تم تجاهلها فى الفترة الماضية ، والى تحالفات إقليمية ودولية صحيحة ، وتفعيل دور مؤسسات العمل العربى المشترك الاقتصادى والاجتماعى ، وتطوير الجامعة العربية لتكون إطار صحيحا للنظام الاقليمى العربى، وإعادة الحياة للاستراتيجية الخاصة بالتنمية العربية التى ووفق عليها فى قمة عمان ، وتحويل قضية التكامل العربى الى قضية شعبية.
- التركيز على قضية إعلان الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا وأفريقا منطقة خالية من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل.
- العمل مع القوى الوحدوية والديمقراطية فى شمال السودان وجنوبه لتوفير الظروف الداخلية والاقليمية والدولية التى تدفع فى إتجاه وحدة طوعية ودولة ديمقراطية لكل مواطنيها.
بناء حزبى قوى:
إن تحمل الحزب لهذه المهام يتطلب بناءا حزبيا قويا وقدرة على الحركة الجماهيرية ، عن طريق ..
1- مضاعفة العضوية وانتشار الحزب فى كل أنحاء الوطن وفى النقابات والمنظمات الجماهيرية والجامعات ومؤسسات المجتمع المدنى.
2- تجديد القيادة وتدريب وتنمية القيادات الشابة والجديدة.
3- مزيد من الديمقراطية الداخلية وجماعية إتخاذ القرار وتأكيد دور الهيئات على حساب الأفراد.
4- التزام الممارسة السياسية اليومية بالتوجهات الأساسية للبرنامج العام والخط السياسى للحزب الصادر عن المؤتمر العام وقرارات ومواقف هيئات الحزب القيادية.
5- أن يهتم العمل الجماهيرى للحزب بقضايا ومشاكل الجماهير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وإشاعة الديمقراطية فى المجتمع وابتكار أشكال جماهيرية لتنظيم القوى الاجتماعية التى تدافع عن مصالحها ولاتوجد لها منظمات جماهيرية.
6- رؤية جديدة للتثقيف الحزبى يواكب التطورات الفكرية والعلمية الواسعة التى تسود العالم ، ويشمل برنامج الحزب والخط السياسى الصادر من المؤتمر العام ومواقفه السياسية والقضايا الفكرية والسياسية المطروحة علينا وعلى الجتمع .
7- إعادة طرح الفكر الاشتراكى بين الجماهير كهدف مستقبلى وطريق لعلاج مشاكل وأزمات الوطن.
8- أهمية زيادة مالية الحزب بدءا بالتشدد فى تحصيل الاشتراكات والتوسع فى جمع التبرعات من أعضاء الحزب وأصدقائه.
9- اعتبار النشاط الحزبى اليومى فى المحافظات ومتابعته ودعمه مركزيا حلقة أساسية فى عملنا الحزبى.
10-إقامة علاقة مستمرة وفعالة بين الهيئة البرلمانية للحزب وهيئات الحزب القيادية ( الأمانة العامة والمكتب السياسى والأمانة المركزية)
11- أوسع استغلال للهامش الديمقراطى المتاح ، والجرأة _ مع حسابات صحيحة _ على الدعوة لممارسة حق الاضراب ، وممارسة حقوق التظاهر وتوزيع البيانات وعقد المؤتمرات والاعتصام خارج مقرات الحزب.
12- الدعوة لتنشيط دور الحزب فى مؤسسات المجتمع المدنى واللجان الشعبية وحركة مناهضة العولمة.
عبدالوهاب خضر