|
گوگ الله المنتسر من الجنوب الى الشمال
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 1899 - 2007 / 4 / 28 - 11:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استيقظت من غفوتها ورائحة الهيل تملأ كيانها فلم تسمع سوى طنين الماء الحار في الجدران وليل دامس يبدأ في الحادية عشرة ، هم ثقيل لا يزيله سوى أمل بيوم مضى ، وانبلاج فجر آت والذي لايسمع فيه خفق أجنحة نوارس برية تذكرها بأساطير عمتها عن ( سُكنى الجان في جزر الواق واق ) أوقات طويلة تمضيها تحدق في عمق الغابة ، تُمعن فيها علها تألفها وتتجانس معها ، ولكن هيهات فكثافة الخضرة فقدت بريقها الأول ولحظة الإندهاش حل محله شعور بالغربة والضيم بل انتابها الضجرمنذ اللحظة التي وطأت هذه الأرض فودت الرجوع من حيث أتت .
**** أمور كثيرة دفعتها للهجرة ، حماية أولادها من مصير مجهول ، ضناً منها أن ما فاتهم من الحياة يمكن تعويضه أو تعويض جزءٍ منه . أيامٌ حفرت ندوبا في ذاكرتها ، لايمر يوم دون أن تسقط صواريخ الحرب على مدينتهم حتى سببت شروخا في جدران البيت ، في يوم سقط صاروخ قريبا جدا من دارهم ارتعب أولادها . بعد أن هدأت فوضى الناس الراكضين لمشاهدته ،علا صوت ابنها الصغير متسائلا بنبرة باكية : ـ اماه لماذا خلقنا الله ؟ انبرى أخوه الكبير يجيبه على سؤاله غير عابئ بما تنوي قوله . ـ ليعذبنا . ردعليه الصغير باندهاش : ـ وما الذي فعلناه ليعذبنا ؟ الكبير :ـ لا أدري . الصغير :ـ وهل عند موتنا سنحرق كما تقول جدتي ؟ الكبير :ـ يقولون . الصغير ( بلهجة باكية ) :ـ لماذا نُحرق ألا تكفي هذه الصواريخ لحرقنا ! الكبير :ـ لا تبكي يا حبيبي فنحن دائما مُخطئون . قالها ناظرا اليها بغضب وتحد وخوف فالحروب التي نشأوا تحت ظلالها خلقت عندهم هوة نفسية لايمكن ردمها . **** صمت خيم على حوض السفن الذي يقع تحت العمارة التي سكنتها قبل عام مجتازة خراب الروح والمدن ، بقعة جميلة على البحر ، تطل كل صباح ، تراه يعج بالعمل منذ الساعات الأولى للفجر يهيؤون شباك الصيد في سفنهم الراسية ، يهدأ ويخلو في الظهيرة عند سطوع الشمس التي تحيل لون الرمل باهتا تحتها ، زوارق تنطلق الى عرض البحر واخرى واقفة ترفرأعلامها باتجاه الريح ، سياراتٍ تقطع الشارع المحاذي للبحر تاركة سكونا ينسجم واللهيب المتصاعد من الإسفلت ، صوت مقرئٍ يعيد دعاءه ، هندي مهلهل الأقدام يسحب خطواته سحبا باهةً كهمسة لم تُسمع ، ابنتها الصغرى تنام بهدوء بين الحقيقة والحلم ، سابحون على الشواطئ يظهرون تارة ويختفون . مالذي جاء بها الى هذا المكان غريبة متوحدة لا عمل لها سوى انتظار أولادها وأبيهم .تنتعش ذكرياتها كل لحظة لا تُريد تركها ، أحيانا تكون من الوضوح وكأنها تحياها للتو ، كرنين هاتف ذلك اليوم الذي ظل يرعبها سنوات طوال ، جلست وامها على دكة الحديقة الخلفية تتسامران ، طائرات بعيدات جدا احستا بها لاتُرى بالعين المجردة إلا بصعوبة قصفت مكانا بعيدا عنهم لكنه واضح للعيان قصفت ورحلت مسرعة عرفوه فيما بعد ان المفاعل النووي للبلد اُستهدف ، لم تمض هنيهة على القصف وإذا بامها تنتفض وتقول وكأنها تذكرت شيئا تحاول أن لاتنساه ـ أخوك منذ ليلة أمس لم يعد . كان الوقت عصرا عندما عاد من جبهة القتال ثم خرج ولم يعد وليس من عادته المبيت خارج الدار .
مقطع من رواية( گوگ الله المنتشر من الجنوب الى الشمال )
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سنحرق البترول أم سيحرقنا
-
الخيمة
-
مقطع من حياة امرأة
-
إستعدوا
-
عتاب
-
المرأة وحقوقها
-
لم يبق ما يقتلوه، حتى الحجر
-
يقظة / كلمات ليست للتصويت
-
العراق والإحتلال ودرب الآلام
-
نداء استغاثة الى حكام العراق
-
المستنصرية ، المتنبي ، جسرالصرافية، كافتريا البرلمان
-
عندما يطغي الموت على الحب
-
لن أحتفل
-
أيها القرضاوي قرضك الله وأزال غمتك عن صدر الأمة
-
تعقيب على مقالة العراق والإسلام واللعبة السياسية
-
يا مجيلس العُرب آه
-
العراق والإسلام واللعبة السياسية
-
العراق لن يموت
-
بين عيدين
-
نكسات العرب أم نكسة حزيران
المزيد.....
-
أمريكا: قبل 16 أسبوعًا من انطلاق التصويت.. نظرة على توقعات ا
...
-
أمريكا.. تحذيرات من أعمال عنف انتقامية محتملة بعد محاولة اغت
...
-
-يتعرض لضغوط متزايدة ولا يخشى الموت-.. مصدر مطلع يكشف تقييم
...
-
ترامب جونيور يطرد مراسلا: -لم يكن بوسعك الانتظار بأكاذيبك وه
...
-
-50 طلقة وجهاز تفجير عن بعد-.. تقرير: سلاح مطلق النار على تر
...
-
أفغانستان.. 40 قتيلا جراء الأمطار الغزيرة و17 قتيلا في حادث
...
-
سجن مؤثرة على انستغرام بتهمة الاتجار والعبودية
-
مراسلتنا: الاشتباه بعملية تسلل في مدينة إيلات والشرطة الإسرا
...
-
رغم محاولة اغتيال الضيف.. المفاوضون الإسرائيليون يتجهون لمتا
...
-
العثور على دليل يؤكد وجود الماء في الغلاف الجوي لـ-إله الحرب
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|