|
هل تريدونه وطناً ، أم مَسلخاً ؟
فارس الطويل
الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 07:50
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إنَّ مايحدث من جرائم وأعمال إرهابية مروِّعة ، بحق الأبرياء في العراق ، ينبغي أن لايجري الحديث عنها وكأنـّها من فعل طائفة معينة ، كالسنة ، أو الشيعة ، لأنـّها أساساً ، لايمكن أن تعتبر سلوكاً إسلامياً ، أو أخلاقياً ، أو إنسانياً ، فضلاً عن أنـّه لاتوجد طائفة دينية ، أو مكوّن إجتماعي ، يتشرّف ، أو يتباهى بنسبة أفعال القتل ، والغدر ، المُخزية إليه ، لأنّها ستشـوِّه سمعتـَه ، وتلوِّث كيانـَه ، وتخدشَ قيـََمَه وفضائله . فهذا الذي يجري في العراق ، الآن ، من تفخيخ ، وذبح ، وترويع ، وتدمير ، وتهجير ، للعراقيين ، إنما هو جرائم وحشية قذرة ، يقوم بها قتلة مسعورون ، ومجرمون محترفون ، لاينطلقون ، بالتأكيد ، من كونهم سُنّة أو شيعـة ، أو مسلمين ، أو عراقيين ، حتى وإن زعموا أنـّهم كذلك ، ورفعوا رايات الجهاد والتحرير ، وتشدَّقوا بشعارات إسلامية ، وتلثـَّموا بعناوين وطنية .
ولذلك فمن الحمق والعار ، أن يحاول البعض ، ومنهم رجال دين كبار ، تبرير تلك الأفعال الشيطانية ، أو الدفاع عنها ، أو التغطية عليها ، تحت أية ذريعة ، ومن ذلك ، مايقوم به بعض صغار العقول ، من وصف تلك الفظائع ، بحق أبناء وطنهم ، بالمقاومة ، والجهاد ، والبطولة !!. ومن النذالة والجبن ، أن يرفض البعض ، الوقوف ، بوضوح ، ضدّها ، وإدانتها ، بقوة ، وبصوت ٍ عال ٍ ، بحجة أنّ الإحتلال هو المسؤول عن ذلك ، حتى وإن إعترف الإرهابيون ، علانية ، وعلى رؤوس الأشهاد ، وبفخر وقح ، بأنـّهم من إرتكب هذه المجازر !!. ويندهش المرء ، وهو يقرأ ، أو يسمع ، كل هذا الكم من الكذب ، والتسويف ، والتلفيق ، وتشويه الحقائق ، للدفاع عن القتلة والذبّاحين ، من شيوخ ومثقفين ، ومحاولة تبرئتهم من سفك دماء الأبرياء ، مع أنـّهم يعلمون ، يقيناً ، بأنَّ هؤلاء الإرهابيين ، يمتلكون حقداً ، وشراسة ، وتعصباً ، يجعلهم لايتورّعون عن فعل أي شيء ، ولايفرقون بين حلال ، أو حرام ، وجرائمهم الهمجية في العراق وغيره ، أوضح دليل على ذلك .وهل هناك بشاعة أكثر ، من هذه التي ترتكبها بهائمهم ، وسياراتهم المفخخة ، وسط الأبرياء ، في العراق ، يومياً ؟.
ومن التعصب والغباء ، أن يتهم َ البعض ، طائفة بأكملها ، بقتل وإرهاب أبناءَ طائفته ، بينما هو يرى الإرهاب الأعمى ، يحصدُ أرواح أبناء الطائفة الأخرى ، بطرق بشعة ، لامثيل لها في التاريخ .
إنّ الإنسان ، ليشعر بالقرف ، والخجل ، في نفس الوقت ، من هذا الإصطفاف الطائفي البغيض ، لدى البعض ، والذي هو نتاج ثقافة طائفية مهترئة، وفكر إقصائي متزمت ، الذي يريد أن يفرض رؤيته الشاذة ، وتفكيره العدواني ، على عموم أبناء طائفته ، فيجعل من نفسه وصيّاً على الطائفة ، وناطقاً باسمها ، وقرصاناً يذودُ عن حياضها . أو يريد ، أن يختصر عذاب العراقيين ، جميعاً ، بمنطق موبوء ، ومتخلّف ، ومفخـّخ ، وشرير ، لايرى من كل هذا النزيف ، والرعب ، والخراب ، الذي ينهش وجه العراق ، ويفترسُ كلَّ أبنائه ، سوى عذاب أبناء طائفته ، فقط ، على أيدي أبناء الطائفة الأخرى !! ، التي لايتردّد في وضعها ، في قفص التجريم ، والتشهير ، والتخوين ، والتلفيق ، والتسقيط ، بلا تمييز ، وكأنّ الإجرام ، والخيانة ، والنفاق ، والجبن ، صفات ترتبط بطائفة معينة ، وليس بجميع البشر ، ومنهم أبناء طائفته ، أيضاً ، أو أنَّ دماء أبناء طائفته ، أغلى ، وأزكى ، وأطهر ، من دماء الآخرين ، ودموعهم أكثر صدقاً وحرارة ، من دموع أبناء الطوائف الأخرى ، الذين يتشاركون معاً ، في الإنتماء لوطن واحد ، ودين واحد ، وأمة واحدة ، وإنسانية واحدة ، ويكابدون معاً ، وبنفس الدرجة ، أهوالَ القهر ، والحرمان ، والخوف ، والإرهاب .
هذا البعض الطائفي ، البائس ، الذي ينظر إلى كل شيء في هذا الكون ، بعينين طائفتين بليدتين ، وقلب يعتوره الحقد ، لايستطيع ، بالتأكيد ، أن يرى الجوانب الأخرى ، الفظيعة ، من صور المأساة ، التي يتلظـّى بنارها ، العراقيون جميعاً ، سنّتهم وشيعتهم ، ولن يقدر ، أيضاً ، أن يفهم معنى لماذا يجب أن يكون السنّي عـدوّاً لشقيقه الشيعي في العراق ، الذي عاش معه ، دائماً ، بمحبة ووفاق ، ولماذا ينبغي أن ينتقم ، أحدهما من الآخر ، وهما يركبان معاً ، سفينة واحدة ، تسير بهم في بحرٍ كبير هائج ، يعجُّ بالقراصنة .
إنَّ مايحتاجه العراقيون ، الآن ، هو الصوت العاقل ، والحكيم ، والوطني ، والنزيه ، والشجاع ، الذي يستطيع أن يتكلّم ، بوضوح ، وبعبارات مباشرة ، وصريحة ، لاتحتمل التأويل ، أو التزوير ، فيُدين ، و يُعـّري ، و يفضح كلَّ أعمال الإرهاب ، و الإجرام ، التي يتعرض لها الإنسان العراقي ، شيعياً كان أم سنياً ، من قبل أية جهة كانت ، و أيّاً كان إنتماؤها السياسي ، أو الطائفي ، فالذي يقتل الإنسان العراقي البريْ ، أو يحرِّض على قتله ، أو يتستـّر على قاتله ، إنما هو مجرم وقاتل ، ينبغي أن يُحاكم ويـُدان ، دون إعتبار لهويته الطائفية أو الحزبية ، أو مكانته الدينية ، والإجتماعية ، والسياسية .
وإلاّ سيتحوّل الوطن ، إلى مسالخ باردة ومعتمـة ، ليس لذبح البشر ، وتقطيع أوصالهم ، فقط ، بل لذبح العقول ، والنفوس ، والضمائر ، والقضاء على إنسانية الإنسان ، ودوره ككائن إجتماعي وأخلاقي ، في صنع الحضارة والنهضة ، وبناء المستقبل . فهل ينتبه لذلك السياسيون ، والمثقفون ، وعلماء الدين في العــراق ؟
#فارس_الطويل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقلامٌ ملوَّ ثة
-
لماذا يحب الأبناء وطناً ، يقتلُ فرحهم ؟
-
الغربة بين الوطن والمنفى
-
الشيعة يقتلون أهل السنة في العراق
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|