أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - جبرا ابراهيم جبرا والرواية العراقية















المزيد.....

جبرا ابراهيم جبرا والرواية العراقية


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 1894 - 2007 / 4 / 23 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


نحى الروائي جبرا ابراهيم جبرا منحى متفردا في دراسة البنية الثقافية والثقافة الاجتماعية للمجتمع العراقي من خلال تشريح ودراسة طبقته الارستقراطية .. وكان هذا المنحى بمثابة (اقتراح)على المثقف العراقي لدراسة البنية الاجتماعية والثقافية لمجتمعه من خلال دراسة أحوال وثقافة وطرق تفكير الطبقة المتنفذة في المجتمع ،وهذا على الضد مما درج عليه ـ ومازال ـ المثقف العراقي (شاعرا وناثرا) في دراسة المجتمع وبنيته الثقافية وتشخيص علله من خلال عرض اوجاع طبقات المجتمع المسحوقة او الطبقة المتوسطة . في البداية ،لابد من الاشارة الى ان الادب العراقي عام 1948 (عام وصول جبرا الاديب الفلسطيني الى العراق) لم تكن حصيلته الروائية والقصصية تستحق الذكر،في المعيار النوعي والكمي على حد سواء. فقد كانت الرواية العراقية ماتزال في اولى خطواتها الخجلة والقائمة على فكرة التسلية ومخاطبة المشاعر ؛من دون الالتفات الى زاوية (مسؤولية) الفن القصصي في عملية التأثير الثقافي ،واقتراح واعادة النظر في البنية الثقافية والفكرية للمجتمع ؛وبالتالي الاسهام في اعادة تشكيل البنية الاجتماعية والثقافية لعموم المجتمع والتنظير (فكريا) لمستقبله ككل . دخل جبرا المسلح بالثقافة الحديثة ـ خريج الجامعات البريطانية ـ الى المجتمع العراقي (غازيا) طبقته الارستقراطية لعدة اسباب ،لعل اولها رؤيته الخاصة القائمة على تفضيل دراسة المجتمع من خلال مادته (الغنية) و(الدسمة) ،الطبقة الارستقراطية ،لما تنطوي عليه حياة هذه الطبقة من غزارة في (البنية التحتية) ماديا وثقافيا وسلوكيا ،وكمرآة عاكسة لبنية المجتمع ككل . ،ولحفاوة هذه الطبقة بجبرا وما جاء به من ثقافة واجواء الجضارة الحديثة من حياة المجتمع البريطاني وجامعتي اكسفورد وكامبرج اللتين درس فيهما ثانيا .،وبسبب نرجسية او التركيبة السايكيولوجية لجبرا الانسان والاديب ثالثا . بدءا، لابد من لفت نظر القارئ الى ذوبان جبرا في الحياة والثقافة العراقيتين ،قبل الاشارة الى سعيه للتأسيس لرواية عراقية تستوفي شروط العمل الروائي ـ الابداعي ،شكلا ومضمونا . ورغم ان جبرا طرح ابطاله ـ كانوا نسخا كاربونية لشخصه في اغلب الاحيان ـ على نمط البطل الاعجوبة الذي حظي باعجاب وتدليل الطبقة الارستقراطية العراقية ككل ،وحب وتدله نسائها بشخص الاعجوبة الحضارية (المثقفة) في قاعات واروقة وحدائق واجواء لندن وجامعاتها . الا انه ،وبالمقابل ،وضع يده على الكثير من اشكالات ومشاكل المجتمع العراقي ، وشخص معوقات نهضته الثقافية ،من خلال تشريح ما اطلق عليه العلامة علي الوردي : (الثقافة الاجتماعية) . لم يهضم طرح المرحوم جبرا من مجايليه العراقيين ،بدراسة المجتمع العراقي من خلال دراسة او تشريح طبقته الارستقراطية التي كانت متنفذة في اغلب مناحي حياة المجتمع ،وهذا ربما بسبب محدودية عدد من تصدوا لكتابة هذا الفن الجديد ،او ربما بسبب عدم امتلاكهم لجرأة جبرا ،الذي حمته جنسيته الفلسطينية من انتقام من رجالات تلك الطبقة ،المتنفذين سياسيا واقتصاديا ،جراء فضحه لحقيقة نماذجهم وسلوكياتها الملتوية وتهتك حياتهم داخل قصورهم الفخمة ،وربما بسبب جهل كتاب الرواية والقصة ،ذوي الاصول الطبقية العمالية والمتوسطة ،بحياة تلك الطبقة المنعزلة نسبيا عن حياة ووا قع باقي شرائح المجتمع ،بحكم الغنى المادي والجاه الاجتماعي والسطوة السياسية، وربما ،ولاسباب سياسية ورقابية ،لم يقترب الاديب العراقي من تناول الاخذ بالطرح (الجبروي) ذاك ،حتى في عقدي السبعينيات والثمانينيات ،باعتبارهما مثلا ـ من الناحية التكنيكية ـ مرحلة نضج نسبية لفن الرواية العراقية ،مثلما مثلا مرحلة ازاحة وتذويب هيمنة تلك الطبقة ،لاسباب سياسية صرف ،باعتبارها كانت ترمز لعهد الاقطاع والاحتكار والتسلط والتحكم الجائر بمصير عموم ابناء الشعب من الفقراء ،وخاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ،الاصول البرولتارية والفلاحية لعموم ضباط الانقلابات العسكرية التي اطاحت بالحكم الملكي والطبقة الارستقراطية ،نتاج نظام وظروف فترة حكمه . اميل في ارجاع سبب رفض الطرح الجبروي من قبل الادباء العراقيين ،واستنادا الى نتائج بحوث العلامة علي الوردي في حقل علم الاجتماع ،والتي اتخذت من تشريح ودراسة طبيعة المجتمع والفرد العراقي مادة لها ،الى كره الاديب العراقي ،وهو من اصول عمالية ومتوسطة في اغلب المراحل ، للطبقة الارستقراطية ،باعتبارها مثلت وجه حالة القهر والحرمان لعموم المجتمع ،في المراحل التي سبقت انقلاب 14 تموز 1958 . ولذا فان الاديب راى في الكتابة عن الطبقات المسحوقة واستعراض معاناتها ،جزءا من واجب الوفاء الوطني وتعجيلا بنهاية تلك الطبقة التي قهرت وتنفذت واستمتعت لعقود طويلة .. وبالتالي ،تحميلها مسؤولية تخلف وحرمان الشريحة الاعظم من ابناء المجتمع . ورغم تحجيم دور ونفوذ وثروة تلك الطبقة بعد انقلاب 1958 من خلال قانون الاصلاح الزراعي وعملية تأميم بعض ثروات تلك الطبقة ،تحت شعار ،من اين لك هذا ، الذي رفعه قادة ذلك الانقلاب ،فان تجاوز واهمال الاديب العراقي لـ (تراث) و(ثقافة) ودور تلك الطبقة لايعني القضاء على ودورها ونفوذها الاجتماعي والاقتصادي واثرها في الحياة العامة ومفاعيلها ،وانما هو كان اهمالا سلبيا ،لم يكن له الا الاثر النفسي على دهاقنة تلك الطبقة . وفي ظني ،فان التجاوز الاعتباطي لتراث وارث تلك الطبقة (الثقافي) لم يحد من اثرها ـ ان لم يكن قد دعمه ـ حتى في سنوات تجربة التطبيق الاشتراكي في سبعينيات القرن الماضي ،التي سرعان ما افرزت (ارستقراطية)بديلة من خاصة النظام الجديد ومن اصول قروية ،هذه المرة ،ومن عناصر لم تتوفر على وعي وثقافة ـ العلمية على الاقل ـ الارستقراطية القديمة .. ،وبالتالي خسارة المجتمع (لارث) الارستقراطية (الاصيلة) كاحد طرق ـ ان لم تكن اهمها ـ دراسة المجتمع وبنيته الاجتماعية ،كوسيلة للنهوض به من خلال اصوله الثقافية التي شكلتها عملية حراكه التاريخي وتراثها الحديث التي بدأت بتأسيس دولته الحديثة عام 1921 .. ، باعتبار ان اعادة بناء المجتمع والارتقاء بنوع ومستوى حياته وثقافته ،تقوم على اساس تغيير وتحسين ظروف المجتمع ،لا بالتجاوز والاهمال الجائر لاحدى طبقاته او مكوناته . وبالنسبة للادب القصصي والروائي ،فان هذا الفن يحتاج الى غنى وتنوع في الحدث وتعقيد او تركيب في بنى شخوصه ليستوفي عناصر الشد والجذب والتشويق ،وليوفر بالتالي عنصري (الدسامة) والعمق التي تكفل نجاح العمل الروائي واقناع المتلقي بطروحاته . وفي ظني فان حياة شريحة الفقراء لم تكن تتوفر على جميع عناصر الجذب ،لفقرها على مستوى عناصر التشويق ودسامة الحدث ،لبساطة مفردات حياة هذه الطبقة ومعهوديتها اولا ،ولما تمثله عملية تجاوز دور الطبقة الارستقراطية ،مع بقاء اثره الفعلي في الحياة العامة ونسقها الاجتماعي ، من اجتزاء وابتسار لواقع وحياة المجتمع . لابد من الاشارة هنا الى ان التجربة المماثلة الوحيدة للروائي عبد الرحمن منيف التي اقتربت من الاقتراح (الجبروي) هذا لايمكن الاخذ بها او حسابها ـ وهي رواية عالم بلا خرائط ـ لانها كانت تجربة مشتركة مع جبرا ابراهيم جبرا من ناحية ،ولانها كانت بطرح ونفس ـ ان لم نقل بهوية ـ (جبروي) خالص ،ويتضح هذا من خلال جو وطريقة بناء وثيمة وحبكة وهويات شخوص الرواية ،وسيطرة نوع معالجة وذائقة وطروحات جبرا (التي الفناها في جميع رواياته وصارت سمة لها) على هوية و مسيرة الرواية من الفها الى يائها . هذا اضافة الى ان تلك التجربة كانت كالنزوة العابرة في مسيرة المبدع منيف وخارج حدود خطه الروائي ،لانه لم يكرر طرح طريقتها او نفسها او معالجاتها في رواياته اللاحقة . لقد اضاء اقتراح جبرا هذا الكثير من زوايا العتمة التي اكتنفت ـ بسبب الاهمال الجائر ـ في حياة المجتمع العراقي ،الا ان مساهمته لم تنل استحقاقها في البحث والدراسة والاستيعاب من قبل علماء الاجتماع والنفس العراقيين ،بل ولا حتى مجرد التنويه من قبل الادباء ونقادهم ، رغم انها كانت مساهمة ذكية ومتميزة لمدخل جديد الى حياة وطبيعة تطور المجتمع العراقي وعناصر تكوينه وبناءه .



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازمة المالكي الجوية
- مسرحية-حذاء ملكي
- العلمانية ومهمة بناء المجتمع الحديث
- انجاز جديد مضاف لحكومة المالكي
- مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية
- منظمة مجاهدي خلق في معادلة التوازن الامريكي – الايراني
- هل نحن على اعتاب حرب باردة جديدة؟
- في سبيل بناء مجتمع مدني
- على حافة الراس
- لبنان في ميزان الهيمنة الاقليمي
- ايران و استراتيجية بوش الجديدة
- ايران وحلم الضيعة العراقية
- مكافآت الصبيان
- لعبة حظ على طاولة الطعام
- حرب العراق الاهلية .. الوجه والقفا
- حصيلة العراق من النظام الجمهوري
- عبث في قطار آخر الليل
- عواصمنا العربية وبعبع الثقافة
- كفانا نمارس السياسة حربا
- غباء اليمين المزمن


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - جبرا ابراهيم جبرا والرواية العراقية