عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:05
المحور:
ملف الاول من آيار -العلاقة المتبادلة مابين الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
العمال – فئات اجتماعية – متداخلة الألوان وأحياناً تكون غير منسجمة , أو متطابقة في كثير من المفاهيم , ولكن الأهم من أن تعي دورها , من أجل انتزاع حقوق المظلومين والأكثر فقراً في المجتمع , ومن هنا يكون دور العمال ليس اقتصادياً فقط, بل هو أيضاً اجتماعي ومعرفي , وكلما كان العمال أكثر فهماً لمصالحهم وقضاياهم الاجتماعية والمطلبية – يكونون أكثر فعالية في الوصول إلى أهدافهم , فالاستغلال موجود منذ تشكل المجتمعات الإنسانية الأولى – أي منذ بداية الوعي البشري , وقد يبدأ بشكل أو بآخر منذ نشوء الخلية الأولى للمجتمع, آلا وهي الأسرة , وهكذا بدأ يتسع الاستغلال بنشوء المجتمعات , بأنماطها المختلفة , ولكنه أخذ يبرز بوضوح بعد انتهاء المرحلة المشاعية 0 يقول ماركس في البيان الشيوعي ( أن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا 00( ثم يضيف أنجلس فيما بعد : ماعدا المشاعية الابتدائية ) لم يكن سوى تاريخ نضال بين الطبقات : فالحر والعبد والنبيل والعامي , والسيد الإقطاعي والقن , والمعلم والصانع , أي باختصار , (المضطهِدون والمضطَهَدون) , كانوا في تعارض دائم , وكانت بينهم حرب مستمرة , تارة ظاهرة وتارة مستترة فالعمال بالمعنى الأوسع , أي بما في ذلك كل الذين يعملون بجهدهم العضلي أو العقلي , ولا يصلون إلى حقوقهم التي تؤمن لهم شروط إنسانيتهم كاملة ,هم دائما ً وقود للاستغلال , وعلى أكتافهم تبنى الثروات وتكدس الأرباح , على الرغم من أنّ هذا المفهوم في زمن – التكنولوجيا – والعلمانية – والمعلوماتية – والإيديولوجيات المُعلْومَة – برأس حربتها الاقتصاد المعولم والجبار الذي هو أشبه بدين جديد كاسح , تخال أنه لا توجد بوجهه ,لاقيم ولا مفاهيم , تتسوق به البضائع وكذلك المثل والقيم , ويُخال أنّ لا فقر في مجتمعات التصدير , لأن الإرسال المركز على قيم الآخر المختلف في عوالم التخلف ومجتمعاته, يكاد أن يكون معمماً للعماء , وبذا ترى الأحزاب – الثورية- أو التقدمية – بدأت تضعف , وتفقد جوهرية النضال , والعمال بفئاتهم , لم تعد تجمعهم حدية المفاهيم في القرن الثامن عشر, ووضوحها , وتحررية بداية القرن العشرين , لذا لابد من إعادة لدراسة المفاهيم البديهية , أو التي كانت بديهية وتعميقها بما يتلاءم مع الظروف الاجتماعية الجديدة , خاصة بعد السقوط المريع والمخجل لما يسمى سابقاً بمنظومة الدول الاشتراكية والشيوعية , والتي خان قادتها الطبقة العاملة , ليس بحرمانهم من أهم مكسب وهو النظام الاشتراكي, الذي يفترض أن يقوم على أسس ديمقراطية ومؤسساتية , بل خيانة قيادات الأحزاب الشيوعية والعمالية , لشعوبها وذلك بالجمود العقائدي والانتهازية وضيق الأفق , وتعميم الفساد , لما يسمى بالدولة الحديدية ,التي حولت العمال إلى آلات في دولها أو برامجها السياسية وفصّلت الجميع على مقاسات – السيد الحاكم المطلق وزبانيته, من مدبجي السياسات الهوجاء – غير المدروسة والقائمة على الاستفادة من المد الهائل للحضارة , والعلمية – في المفاهيم الجديدة , ليس لتحديث البنى التحتية فقط , بل أيضاً للمد الهائل للعلوم الحديثة والاستفادة منها لصالح الناس كل الناس , وخاصة العمال وجماهير الفقراء , الذين كانوا هم وقود هذه الثورات والأحزاب , والأكثر تضرراً في جميع الظروف 0 إن الأحزاب الشيوعية التاريخية لم تخن ( الطبقة العاملة ) وجماهير الفقراء فقط , بل أزاحتها عن طريق النظام الرأسمالي وبالتالي الامبريالي , وذهبت بمفاهيمها وايديولوجياتها ( أي مفاهيم الطبقة العاملة ) إلى الجحيم , وذلك خدمة لنظام ٍشمولي تراكمي فكك جميع أحلامها وقذف بها في البحر , وبذا أدُخلت مفاهيم / النضال العمالي / في حرج شديد , وتحول قسم كبير من قادتها إلى أجراء عند الأنظمة الشمولية , أو إلى انهزاميين يتعثرون بخيباتهم , ويتبجحون- ببرامج أحزابهم الخالية حتى من الشعارات الأدبية الجوفاء , التي تليق بمقاماتهم وفسادهم , والأكثر بؤساً أنهم بدلاً من أن يكونوا إلى جانب / العمال / والفقراء في بلادهم , تراهم يذهبون بهم بعيداً بتخويفهم من الامبريالية والصهيونية والرجعية , دون أن يعمقوا هذه المصطلحات بالدرس والتحليل الممنهج , وذلك خدمة , للسيّد الأمين العام أو لسيِّد السَيّد الأمين العام , وعلى العمال أن يتحملوا, لماذا ؟ لأنهم يريدونهم أن يستمروا , ( كالعير يقتلها الظما – والماء فوق ظهورها محمول ) لأن وعي ( الطبقة العاملة ) يخيف الجميع وعلى الجميع أن يدجنوا هذه الطبقة العاملة , بل وجماهير العمال والفلاحين , وجميع الكسبة , وإلا كيف – ترى حزباً يدعي الثورية والعلمانية , ويتهاوى أو يتعاطف – أو يتضامن مع – الديكتاتوريات – والأنظمة الشمولية – وربما بشكل خفي مع منظمات وتيارات دينية وطائفية – تصل لدرجة الإرهاب , ألم يُعلــِّم الناس جميعاً – ماركس ( أن الاستغلال والاستثمار الطبقي لا دين له وأن جميع المستغلين لديه سواء ) ألن تعلمهم الماركسية أن الوطنية هي فوق جميع الانتماءات وأن المحرومين بكافة درجاتهم هم أشقاء في إرث الاضطهاد ؟ إذن كيف يحاولون استغلالهم ومرة أخرى باسم الدين, أو الطائفة ,أو العرق,أو اللون ؟ ألم تقل الماركسية أن ذلك مناف ٍ لخُلق المناضل الشهم الشريف , الذي يقف ضد كل أشكال الاستغلال , بكافة ألوانه وتلاوينه 0
• إن استقلال النقابات عن الأحزاب السياسية هي مسألة جوهرية , لكي تستفيد النقابات العمالية من الإيديولوجيات التي لصالحها , وأن تستمر بالنضال ضد الجمود الحزبي والبيروقراطية وضيق الأفق , مستفيدة من ما مرَّ بالأحزاب الشيوعية والعمالية , ومن جميع الخيبات التي مرت بها وكذلك الانتكاسات , والهزائم – فكلما كانت المنظمات العمالية – أكثر استقلالية وحرية – تكون أكثر فاعلية وتحقيقاً لمطالبها , ومن ثم على المجتمعات العمالية والنقابات , أن تكون أكثر قرباً من منظمات المجتمع المدني – حيث يمكن للنقابات العمالية أن تعي دورها وحقها – القانوني – وبالتالي تستثمر جميع النظم والقوانين لصالحها ولصالح مطالبها النضالية , وبذلك تكون المنظمات العمالية أكثر تحصيناً وقوة في خلق الظروف التي تحقق شروطها المطلبية, والنضالية , فالعمال والفقراء بشكل عام,تراهم يكونون أكثر خنوعاً أمام الأحداث التي تجري في بلدانهم وفي العالم , إذ أن التخريب الذي مورس ويمارس بحقهم منذ زمن طويل جعلهم أداة بيد الأحزاب والأنظمة , فمن أهم واجباتهم – وعي الحالة التي يعيشون بشكل علمي , استقلالية القرارات , بعيداً عن السياسات الديماغوجية الكاذبة التي تكون على حساب مطالبهم – وخصوصياتهم –على أن تتميز قياداتهم بالوعي الخلاق الذي يستلهم كل مفاهيم العصر وتعقيداته, إن العمال مطلوب منهم في عيدهم عيد الأول من أيار – أن يكونوا على قدر التحدي الذي يواجهون / لأنهم هم شعلة المجتمعات ونارها التي يفترض أن لا تنطفئ , لذا من هنا كان التركيز عليهم من قبل جميع الأنظمة , لتركيعهم وتجهيلهم , أو إرضاءهم بالقليل على حساب مصالحهم وقضاياهم الكبرى بصفتهم الأكثر عدداً , وإفقاراً عبر الأزمان وهم قادرون على فعل الكثير لزعزعت الأنظمة المعادية لمصالحهم 0
• فتحية لعمال العالم بعيدهم المجيد 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟