|
هل يطيح الانتحاريون برأس فؤاد عالي الهمة ؟
انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان
الحوار المتمدن-العدد: 1892 - 2007 / 4 / 21 - 10:59
المحور:
مقابلات و حوارات
في عهد الملك الحسن الثاني، كان إدريس البصري، الرجل الثاني بالمملكة ورجل ثقة الملك والمدبر للملفات الكبرى، فهل يقوم فؤاد عالي الهمة بنفس الدور ويحتل نفس الموقع حاليا؟ من الصعب جدا ان تخلق السياسة المغربية رجل من طينة ادريس البصري ، لأنه كان استثنائيا في قمعه للمعارضة السياسية بنفس قسوته على انصار وأتباع النظام القديم ، الذين يخشى ان يصلوا الى الحسن الثاني بدون واسطته ، لذا راكم ادريس البصري عداوات من الطرفين ، وحكم بالدسيسة والحيلة والقوة طيلة ثلاثين سنة ، وخلق دولة داخل دولة قوامها الفساد والزبونية ، وميع الحياة السياسية واباح جميع المحرمات السياسية من شراء الذمم في الانتخابات وفي الملفات السياسية كما قمع الانتفاضات السلمية بالرصاص وهو صاحب مقولة شهداء الكوميرة ، وكان لايعير للانسان قيمة او منزلة ، كما راكم ثروات كبيرة عن طريق النهب والتسلط بطريق مباشرة او عن طريق عائلته او الولاة الذين كان يعينهم مقابل بالطبع الخضوع واقتسام خيرات الاقاليم والجهات ، ادريس البصري بالنسبة للمرحوم الحسن الثاني كالحجاج بالنسبة لعبد الملك بن مروان أي صاحب المهام الصعبة والآثمة في نفس الوقت. لابد من الاشارة الى أن علاقة ادريس البصري بفؤاد علي الهمة علاقة متوترة ويطبعها نوع من احساس ادريس البصري بأن عالي الهمة نسي جميله وانقلب عليه والح على صديقه الملك محمد السادس بضرورة تنحيته لذلك يمكن تلخيص التوتر بينهما بأنه تنافس على من يكسب رضا الملك محمد السادس ودليل ذلك التصريحات المتكررة للوزير السابق ادريس البصري في عدد من الجرائد الدولية والتي عبر فيها عن خشيته من كون الملكية بالمغرب مهددة ببساطة لأن الملك يعتمد على مستشارين ورجالات دولة بدون خبرة كبيرة ، ولسان حاله يقول اذا اردتم ياصاحب الجلالة ان تقوى الملكية فلا بد من رجل قوي يخشاه المغاربة وهو بالطبع ادريس البصري .: فؤاد عالي الهمة –وزير الداخلية المغربي الحقيقي الآن- لايمكن مقارنته بإدريس البصري لسببين رئيسيين في اعتقادي : السبب الاول : فؤاد عالي الهمة رجل يعمل في اطار مجموعة يمكن تسميتها بالحكومة المصغرة الحقيقية التي تحكم البلاد ، لذلك فهو يتمتع بصلاحيات امنية وسياسية، صحيح انها واسعة لكنها ليست مطلقة كالتي كانت لسلفه ، فتواجد مستشارين مخضرمين ورجال دولة كبار ومقربين من الملك محمد السادس ومؤثرين في القرار الاقتصادي الوطني والدولي ، يجعل مهمة استفراد علي الهمة بالقرارات المصيرية امرا خاضع للتوافق والتراضي ، لاسيما ان الاوضاع الدولية والاقليمية الجديدة في العالم والمثمثلة اساسا في انبعاث دعوات الاصلاح السياسي والانفتاح الاعلامي والسياسي للمغرب المفروض بفعل الفتوحات التكنولوجية والاعلامية ، صعبت من مهام التحكم السياسي المطلق لوزارات الداخلية في العالم كما هو قائم قبل ذلك في العقود الماضية ، اذ ان تطور النضال الحقوقي العالمي وازدياد دور حقوق الانسان صعب من مهام القمع والتنكيل بالمعارضين بطريقة مباشرة سافرة ، لذا نجد فؤاد عالي الهمة ينهج منهجا انفتاحيا وبالطبع من تحت الطاولة مع مجموعة من مدراء الصحف الوطنية والدولية ، وذلك فيما يمكن تسميته بالتحكم الغير معلن في وسائل الاعلام ، عكس ادريس البصري الذي كان لايتوانى لحظة في سجن الصحفيين مباشرة ، كما ان فؤاد عالي الهمة يمارس ما يمكن تسميته بالتحكم في الخريطة السياسية عن طريق الولاة والعمال ، الذين لايختلفون في مجملهم عن ممارسات الولاة السابقين في النهب المالي لخيرات البلاد عبر صفقات لاتحترم المعايير او عبر الضغط على الجماعات المحلية والبلديات للحصول على حصة مالية من المشاريع التنموية والبنيات التحتية عن طريق المقاولين مباشرة او عن طريق سماسرة مكلفين بذلك. كما انه يتحكم في كثير القيادات السياسية الحزبية والجمعوية في بلادنا عبر طرق واساليب مختلفة ، وبطرق لبقة وديبلوماسية كالدعم المالي للأحزاب او تقسيم الدوائر الانتخابية بين الاحزاب ومنع اخرى من الترشح في دوائر اخرى ، والغرض الاساسي هو ان يحصل الجميع على الكعكعة السياسية البرلمانية بدون ان يتمكن أي طرف من الاستحواذ عليها او ان يفكر عن الاستغناء عن الآخرين ، فؤاد عالي الهمة يريد ان تتمثل جميع الاحزاب في البرلمان والجماعات والبلديات لكن دون ان يحكم أي حزب لمفرده لتسهيل عملية التحكم السياسي. السبب الثاني : فؤاد عالي الهمة ورث تجربة ما سمي بالتناوب التوافقي أي ان احزاب الكتلة الديموقراطية وصلت الى دفة التدبير الحكومي ، وحرص الملك محمد السادس على انجاحها وقطع الطريق امام الخيارات السياسية الاخرى وخاصة الخيار الاسلامي ، فرض على مهندس النظام السياسي أي فؤاد عالي الهمة تغيير منهجية التحكم أي الانتقال من التحكم البصروي المباشر والسافر الى التدخل المبرمج والناعم والذي يفرض تنازلات غير استراتيجية لكنها ذات وقع نفسي مهم لفائدة الاحزاب التقليدية . اجمالا يمكن اعتبار سجل فؤاد عالي الهمة افضل من سجل سابقه ادريس البصري .لكن هذا القول لايمنع بإن لفؤاد عالي الهمة خطاياه وتجاوزاته في ميدان حقوق الانسان خصوصا اثناء الاحداث الارهابية التي عرفها المغرب في ماي 2003 والتي عرفت بما يعرف بقانون الارهاب والذي كان مهندسه ومدبره هو فؤاد عالي الهمة وهو قانون كما تعلمون يضيق على الحريات وسمح بتجاوزات خطيرة في ميدان حقوق الانسان.
ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين نهج وأسلوب التعامل والتعاطي مع الملفات الكبرى بين فؤاد عالي الهمة وإدريس البصري؟ وهل الأول كرس استمرار أسلوب سلفه؟ اسلوب عالي الهمة في تدبير الملفات الكبرى بالمغرب لايختلف بشكل جذري عن سلفه ادريس البصري ، اذ كلاهما يعتمد بشكل كبير على المقاربة الامنية القمعية ويستبعد المقاربة البيداغوجية الديبلوماسية التي تبحث في عمق الاشكالات ودواعيها الباطنية ، فلنإخذ على سبيل المثال لا الحصر ثلاث قضايا ولنقارن كيف تعامل معها الاثنان ، سنجد بدون عناء كبير ان هناك تطابق في الاسلوب : القضية الاولى : الانتخابات بحيث يعلم الجميع في المغرب ان جميع الانتخابات التي اشرف عليها ادريس البصري كانت مزورة ومبركة في دهاليز وزارة الداخلية ، كما انه اشرف بنفسه على تأسيس عدة احزاب معروفة سميت انذاك بالاحزاب الادارية ومنها من تأسس قبيل الانتخابات وحصد مقاعد اكثر من تلك الاحزاب التي عملت في المجال السيا سي لمدة عقود ، كما ان تزوير النتائج كان بطرق مباشرة وملموسة وواضحة للعيان ، نفس المقاربة ولو بإختلاف في التفاصيل اعتمدها فؤاد عالي الهمة اذ ان انتخابات 2002 عرفت صنع احزاب جديدة كما عرفت منع احزاب اخرى من تغطية جميع الدوائر الانتخابية ، كما عرفت النتائج تأخيرا في اعلان النتائج غير مسبوق في الحياة السياسية ، وكان هذا التأخير برأي معظم المراقبين مشكوكا في امره ، كما ان نتائج اللائحة الوطنية عرفت تلاعبات خطيرة ، فضلت بعض الاحزاب السكوت عنها درءا لانتقام وزارة الداخلية، اما استعمال الاموال في شراء اصوات الناخبين فكانت ظاهرة لافتة وواقعة لاغبار عليها في انتخابات 2002 . اما انتخابات ثلث مجلس المستشارين لسنة 2006 فكانت الفضيحة التي ندد بها الجميع بما فيهم ملك البلاد ، واثبتت من جديد ان لاجديد في مقاربة وزارة الداخلية بين ادريس البصري وفؤاد عالي الهمة لقضية الانتخابات اذ ان استمرار حرمان الشعب المغربي من حقه في تقرير مصيره السياسي عبر اختيار ممثليه بحرية ونزاهة ثابتة بين الجيلين وبين العهدين ، رغم بعض الحملات التطهيرية التي قامت بها وزارة العدل لملاحقة بعض المستشاريين المتورطين ، لكن تبين للجميع لاجدية وزارة العدل او قل للدقة لاقدرتها على ملاحقة مجال سيادي خاص بوزارة الداخلية وهو التوازنات السياسية ذات الطابع الامني ، هذه المتابعات القضائية والحملات التطهيرية نفسها التي قام بها ادريس البصري عندما اصدر بعض الجهات الدولية تقاريرحول المخدرات بالمغرب اذ عمل على استغلال التقرير للإنتقام من عدد من منافسيه الاقتصاديين وبعض السياسيين . القضية الثانية : الفساد الاداري والمالي والرشوة لاشك ان وزارة الداخلية في عهد البصري كانت مرتعا خصبا للفساد وللإفساد برأي معظم المختصين الحقوقيين في المغرب وخارجه ، اذ يكفي ان نرجع الى تقرير البنك الدولي لسنة 1993 والذي اشار بوضوح الى وجود فساد اداري بالمغرب والى أن الرشوة تنخر المجتمع المغربي وأوصى بعدة توصيات مهدت لتجربة التناوب التوافقي تلافيا لما يصطلح عليه في حينه السكتة القلبية ، ربما قد يعتبر تجنيا تخصيص وزارة بعينها بأنها مرتشية او فاسدة لكن هذا الامر قد يصبح معيبا في البلدان التي فيها الوزارات مستقلة من حيث الاختصاصات والتوجهات بعضها عن بعض لكن في المغرب يمكن الحديث عن ام الوزارات او عن الحزب السري حيث ان وزارة الداخلية تؤثر بشكل كبير في القضاء كما تؤثر في مجمل الحياة العامة لسبب بسيط ان الوزير الاول في المغرب لايملك صلاحية مراقبة ولا تعيين الولاة بل هي حصرا من اختصار الملك وبإشراف وزارة الداخلية فقط فكيف يمكن ان نضمن استقلال القضاء او اصلاح اداري في وقت يعتبر فيه الولاة خارج مراقبة الحكومة وباعتبارهم ملوك صغار يسيرون الاقاليم والجهات بدون رقيب ولاحسيب. هذا الامر الذي الفناه في عهد البصري نفسه الاآن مازال هو هو اذ ان فؤاد عالي الهمة ووزارته احتفظ بأكثر من 50 في المئة من الولاة السابقين كما ان معدلات الرشوة والفساد المالي والاداري متفشية اكثر من الماضي ويكفي ان نرجع الى تقرير منظمة ترانسبارنسي انترناسيونال لهذه السنة لنتأكد من خطورة هذه الظاهرة على الادارة المغربية بصفة عامة ، وفي الوقت الذي حاكم فيه وعذب وشرد ادريس البصري المعارضة السياسية والحقوقية بسبب ادانتها واستنكارها للفساد والرشوة والمحسوبية فإن عهد فؤاد عالي الهمة هو الاخر قام بفصل مجموعة من المناضلين الحقوقيين الذين اعلنوا استنكارهم للفساد والمحسوبية داخل القضاء : كما وقع مع اصحاب رسالة الى التاريخ الذين ادوا ثمن رأيهم في التنديد بما يقع في دهاليز المحاكم عندنا في المغرب. القضية الثالثة هي قضية المخدرات والهجرة السرية: كان من بين القضايا الخلافية الخطيرة دائما التي تعكر صفو العلاقات المغربية مع جيرانه الاوروبيين وخاصة مع اسبانيا قضيتا المخدرات والهجرة السرية اذ ان في عهد ادريس البصري كان الدول الاوروبية تشكو دائما من استمرار انتاج المغرب للمخدرات وبغطاء رسمي مباشر من طرف وزارة الداخلية في عهد البصري الى حدود ان هناك تقارير دولية اشارت الى تورط مسؤولين كبار في الدولة في الاتجار بالمخدرات ، كما ان الهجرة السرية هي كذلك كانت ورقة استعملتها وزارة الداخلية في عهد ادريس البصري من اجل ابتزاز اوروبا وكسب مال بدعوى تقوية جهود محاربة الهجرة السرية لكن الواقع ان شبكات تهريب البشر تعرف تورط بصرويا واضحا كما يعرف بشكل جيد ذلك سكان المناطق الحدودية الشمالية ، فهل تغير الامر في عهد فؤاد عالي الهمة ؟ يمكن ان نقول بدون أي تردد بأن المغرب مازال اكبر مصدر للمخدرات الى اوروبا ودليلنا على ذلك التقرير الذي اعدته جمعية الريف لحقوق الانسان خلال الاشهر الماضية ، كما ان الخبر الذي اوردته بعض الصحف المغربية والمتعلق بسقوط مروحية المانية في مدينة بن سليمان محملة بالمخدرات يؤكد بأن وزارة الداخلية المغربية في عهد فؤاد عالي الهمة لم تستطع ان ان تحارب المخدرات ربما بسبب وجود شبكات نافذة تسيرها او لحسابات اخرى لانعرفها المهم ان المخدرات والحشيش اساس مايزال المغرب هو من كبار مصدريه. اما الهجرة السرية فماتزال مقاربة وزارة الداخلية في عهد فؤاد عالي الهمة مرتكزة على المقاربة القمعية التي تنحو في بعض الاحيان منحى التمييز العنصري ضد هجرة الافارقة الذين يتخذون من المغرب معيرا لهم اذ ان تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية سبق ان اثارت موضوع سوء المعاملة التي يتعرض لها الافارقة المهاجرون من طرف قوى الامن المغربية ، كما ان عهد فؤاد عالي الهمة مليء بمؤتمرات حول الهجرة الاورو متوسطية و هجرة الافارقة وكلها مؤتمرات لم تغير في واقع الهجرة شيئا رغم الدعم الاوروبي المتواصل لتنمية المناطق المصدرة للهجرة . هذه القضايا الثلاث وغيرها تثبت ان مقاربة الملفات الكبرى بالمغرب لم يختلف كثيرا من عهد البصري الى عهد فؤاد عالي الهمة ، اذ ما تزال المغرب تبحث عن بدائل حقيقية لمعالجة القضايا المصيرية والحساسة . نفس الشئ يمكن ان نقوله عن تعامل وزارة الداخلية مع الصحافة الحرة المستقلة وغيرها من القضايا التي بقي التعامل معها مستقرا ولم تتأثر بتغيير الوجوه والتسميات. اعتبارا للتطورات التي عرفها المغرب، هل يمكن اعتبار فؤاد عالي الهمة رجل المرحلة، وإلى أي حد يمكن اعتباره "إدريس البصري" العهد الجديد؟ كان من المأمول ان يستفيد العهد الجديد من اخطاء سلفه في طريقة تعاطيه مع قضايا الشعب المغربي الا ان استمرار تهميش الاحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني وتفضيل المقاربة الامنية في حل القضايا الشائكة ، فوت فرصة حقيقية امام العهد الجديد برموزه كافة وخاصة مهندسه وقائد قاطرته فؤاد عالي الهمة ، لكن تراكم الاخطاء السياسية من قبيل قمع الصحافة المستقلة ومحاكمة المبلغين بالفساد وترقية المتهمين ، ومنع مسيرات مناهضة غلاء فاتورة المعيشة واستمرار خروقات حقوق الانسان في السجون وفي مخافر الشرطة من تعذيب وغيره من ضروب المعاملات اللإنسانية يجعل فؤاد عالي الهمة حافظا للوصية القمعية لسلفه وعربونا على ان المغرب الجديد ، مغرب الحقوق والحريات لايزال بعيدا ، فكثير من المغاربة فاقوا من صدمة التناوب واصبحوا بالفعل مقتنعين بأن مغرب ادريس البصري مازال ساري المفعول.
في نظركم، هل أحداث سنة 2007، لاسيما "تفجير 11 مارس وتفجيرات 10 مايو"، أظهرت محدودية جدوى نمط تدبير فؤاد عالي الهمة للملفات الكبرى؟
التفجيرات الارهابية الاخيرة التي ضربت المغرب وضعت من جديد المقاربة الامنية موضع التساؤل ، ففي الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون على ان الوضع الامني تحت السيطرة وان السلطات الامنية المغربية تم التنويه بها عالميا نظرا لخبرتها في تجفيف منابع الارهاب .الا أن هذه الاحداث اكدت من جديد ان التعاطي الامني القمعي وسياسة المداهمات والاعتقالات والمحاكمات السريعة لا تكفي لوقف زحف الارهاب المحلي فما بالنا بالعالمي ، انما يجب اعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنشر العنف والجوع والكراهية ، اذ ان الارهاب ينبت بشكل منطقي انطلاقا من تربة الاقصاء الاجتماعي وغياب العدالة الاجتماعية ومن الاستبداد السياسي وانحصار الافاق المستقبلية، لذا فمن اراد محاربة الارهاب عليه بالبحث عن الجذور السوسيولوجيو والثقافية وعدم الاقتصار على السطحيات وعلى النتائج.
من الملفات الكبرى التي يساهم في تدبيرها فؤاد عالي الهمة، ملف الصحراء، حيث هناك من يعتبر أنه تعثر في تدبيره، فما هو تقييمكم بهذا الخصوص؟ قضية الصحراء من القضايا الكبرى التي ورثها فؤاد عالي الهمة من الحقبة البصروية ، واظن ان الاخطاء الكبرى التي ارتكبها البصري في تدبيره لهذا الملف مايزال فؤاد عالي الهمة يكررها وهي في نظري ثلاث اخطاء اوردها موجزة : *استمرار التضييق على حرية التعبير على النشطاء الصحراويين ، بشكل غير مبرر ولايخدم الحق المغربي في تحقيق سيادته الكاملة اذ سجن مثلا الناشط السياسي والحقوقي علي سالم التامك وهو يتأهب للمشاركة في انتخابات 2002 ويمكن ان تعتبر قبوله المشاركة في تلك الانتخابات مؤشرا حقيقيا على امكانية فتح حوار جدي وصريح مع شباب صحراوي قد نتخلف لامعه في مواقفه لكن يجب ان نقنعه او على الاقل نحاول ذلك .عكس الحوار هو ماوقع تماما اذ تم سجن علي سالم التامك وتم ايقاد نار الفتنة من جديد ، في السنين الاخيرة كذلك استمر اعتقال ومطاردة وسجن العديد من النشطاء الصحراويين واظن ان هذه المقاربة القمعية الموروثة عن العهد البصروي ستزيد التعاطف الدولي والمحلي مع الانفصاليين اكثر مما ستفيد في الاستئصال والاجتثات. *استمرار اعتماد وزارة الداخلية على مافيات من الاعيان لا تملك رصيدا شعبيا بل تفرض فرضا مما يحرم الشباب الصحراوي من التعبير عبر المشاركة السياسية الحرة ويفوت على الدولة المغربية فرصة اعطاء الامل للشباب واعطائهم الكلمة والاخذ بيدهم لبناء المستقبل المشترك ، اذ ان اطروحة الانفصال المنتشرة لدى شرائح واسعة من الشباب لايمكن التعاطي معها الا بالمقاربة الديموقراطية الحوارية البناءة لا بفرض مافيات واشخاص لا تمثيلية شعبية لهم ولا قدرة لهم على تحقيق بعض من طموحات الشباب في التعليم والصحة والعمل وغيره ، انه الخطأ الكبير الذي ارتكبه فؤاد علي الهمة في تركيبة المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية والذي لايعترف به اغلب الشباب الصحراوي ولا نخبه المؤثرة. *انتهجه فؤاد عالي الهمة وفريقه المفاوض نفس طريقة سلفه ادريس البصري اذ احتكر الملف واستبعدت الاحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني من ابداء رأيها في الامر كأن الصحراء شأن خاص وليس بقضية وطنية جامعة ، ولايمكن في نظري للمقاربة التي لاتحتمي بالشعب ولا تنبثق عنه ان تكتب لها النجاح ، اذا ملف الصحراء تم تهريبه الى الخارج ، بدون استشارة ولا مشاورات لمن يهمهم الامر في المغرب.
عموما، هل تعتبرون أن فؤاد عالي الهمة نجح في مهامه؟ في تقديري المتواضع فإن فواد عالي الهمة فشل في ارساء ارساء معالم سياسة امنية فعالة تحترم الترابط الجدلي بين الحزم في التعاطي مع الظاهرة الارهابية ومع احترام حقوق الانسان خصوصا وان الاحداث الماضية سجلت انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان نددت بها منظمات حقوقية وطنية ودولية كما استنكرها الملك محمد السادس نفسه ، وخصوصا ما وقع في سجن تمارة وغيره. اما في ملف الصحراء ففؤاد عالي الهمة لم يتبع المنهجية الديموقراطية القائمة على التشاور مع ابناء الصحراء ومع نخبه ومتنوريه بل اكتفى بتتميم سياسة سلفه والاعتماد على القديم المتجدد الذي لن يورث بلادنا سوى الازمات المتجددة.
#انغير_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الكامل سعيد : عضو مكتب حركة الشبيبة الديموقراطية الت
...
-
استجواب جريدة المشعل المغربية مع الاستاد انغير بوبكر
-
الامازيغ وقضية الصحراء - افكار اولية
-
الحقوق اللغوية والثقافية الامازيغية : الواقع والمعوقات
-
استجواب الاستاذ انغير بوبكر مع اسبوعية المشعل المغربية
-
الامازيغ من النضال الثقافي الى النضال السياسي : بحث في الممك
...
-
الامازيغ من النضال الثقافي الى النضال السياسي : بحث في الممك
...
-
الحركة الامازيغية كإامتداد نضالي نقدي للحركة الديموقراطية
-
الى روح الشاعر الكبير عبدالكبير شوهاد
-
العمل السياسي والمدني في الفعل الامازيغي : تكامل ام انقسام
-
مادا يحدث في بلدية بويزكارن ؟
-
الامم المتحدة تحاكم الحكومة المغربية بسبب احتقارها للأمازيغ
-
ماذا تريد السفارة الامريكية بالمغرب من الامازيغيين ؟
-
تجربة الانصاف والمصالحة بالمغرب :انصاف من والمصالحة مع من ؟
-
الامازيغ وقضية الصحراء : التاريخ والجغرافيا
-
الحركة الامازيغية و العلمانية
-
دراسة تأثير المنظمات الغير الحكومية على تنمية العالم القروي
-
الامازيغ خوارج والتجديديون من الفرقة الناجية
-
حسن نصر الله ضد الخصخصة وجنبلاط مع العولمة ؟
-
الكونغريس العالمي الامازيغي في ليبيا : السياقات والدلالات
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|