|
من صنع الإرهاب؟ من دعم وأسس الحركات السلفية في العالم العربي والاسلامي؟
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1890 - 2007 / 4 / 19 - 12:06
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يعاني الوطن العربي بشكل خاص ، والعالم من ورائه بشكل عام من تأثيرات ومخاوف انتشار الخطر الجديد الذي يهدد الوجود الإنساني ويهدد الفكر المختلف وحرية الفرد كما هي حرية الجماعة، ويصيب المجتمعات بالهلع والشلل، لكن لو بحثنا بدقة عن الأسباب التاريخية لنشأة هذا الإرهاب وممولية وصانعيه، لوجدنا دون عناء ، أن من ينادوا بمحاربته والقضاء عليه، ومن يشنوا الحروب الدولية والأممية ، ويحاولوا تغيير الخارطة الكونية تبعاً لمصالحهم وسياساتهم ، التي قرأت خطأ دول العالم وشخصيات شعوب المنطقة، التي اعتبروها تمثل بؤرة الصراع والأرض المنتجة للإرهاب!...لو عدنا بعمق إلى نشأة الحركات الراديكالية السلفية في المنطقة العربية والإسلامية، لوجدنا أن مبعثها وساعدها الأول والداعم المادي والمعنوي لها كان ( الــــــولايات المتحـــــــــدة الأمريـــــــــكيـــــــــــــة ).
ــ في فترة الحرب الباردة مع الإتحاد السوفييتي سابقاً ، وبعد الحرب العالمية الثانية، وتقسيم أوربا والعالم لحلفين متناقضين سياسياً وأيديولوجياً ( حلف وارسو وحلف شمال الأطلسي). سعت أمريكا بكل طاقاتها العسكرية والمادية والسياسية لمحاربة المد( الشيوعي الأحمر) فهي من مَول وساند ودَرَب حركة طالبان ومعها ابن لادن وقاعدته بالطبع، فقد مدت هذه الحركة بالعتاد والسلاح والمقاتلين ( المجاهدين) ، وسهلت مهمة تطوعهم ودخولهم الأرض الأفغانية لمقاومة النفوذ السوفييتي ، بحجة التحرير وحجة إقامة الديمقراطية!...لكنها استبدلت القوات السوفييتية بأخرى أمريكية وتحالفية تحت مظلة هيئة الأمم ..ناهيك عما سببه ( المجاهدون العائدون ) من تخريب وحوادث تقتيل وإرهاب مورست ضد أبناء الوطن الأم ، وهذا ما حصدته الجزائر ومازالت ومن ورائها المغرب وبعض الدول الغربية التي ساعدت ودعمت هؤلاء المجاهدين يوما وعلى رأسها فرنسا واسبانيا، والولايات المتحدة نفسها في الحادي عشر من سبتمبر..الخ. ـــ وقفت على الحياد دون أن تبذل أي جهد يذكر وهي ترى حليفها السابق وصديقها المخلص ( شاه إيران) ، يسقط تحت ضربات أنصار الخميني وحركة التغيير آنذاك...رغم أنها لم تقف هذه الوقفة من حكومة ( مصدق )، بل تدخلت بشكل مباشر لدعم الشاه علماً أن مصدق كان رئيس وزرائه، لكنها لا تسمح لليسار المتحالف مع عدوها اللدود على حدود دولة بترولية مثل إيران...أما الخميني وملاته، فقد اعتبرتهم حليفاً مناسباً لحربها ضد المد الشيوعي ، ولم تر فيهم مصدراً للإرهاب وتصدير الإرهابيين!. بل تركت صديق الأمس يموت غريباً ويدفن في مصر ، ووضعت يدها على أمواله!..وهذا يعني أن المنطق الأمريكي له أكثر من لسان وأكثر من لغة ، بل أكثر من وجه يحمل اصفرار الموت من أجل المصالح الاقتصادية لأسواقها ورؤوس أموالها..ومستعدة للتضحية بأي صديق معتدلا كان أم وفياً ومواليا لسياستها. ولها حساباتها الاستراتيجية المنحصرة عمقا في مصلحتها أولا ومصلحة إسرائيل صنيعتها في المنطقة. ـــ ساعدت ومدت الأحزاب الراديكالية السلفية القائمة حديثا في مصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية كحركة ( الأخوان المسلمين ) مثلاُ، وذلك من أجل ضرب المد القومي والحركات النهضوية الوحدوية حديثة العهد آنذاك وأهمها على وجه التحديد ضرب مساعي ومطامح ( عبد الناصر )، وثورته ذات البعد الوطني والقومي، ولا يسعنا هنا إلا أن ننوه أيضا بتوافق المضامين والمصالح بين الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك مع المصالح المبطنة وغير المعلنة للاتحاد السوفييتي ودعمه اللوجستي للأنظمة العسكرية في الوطن العربي والإسلامي، وكيف نغفل صمت الدولة الشيوعية الأكبر في العالم حينها وغضها الطرف عن التقتيل والقمع الذي تم ويتم على أيدي مثل هذه الأنظمة للأحزاب اليسارية والشيوعية وما قدمه أعضاءها من تضحيات جسام ، وهذا يعني أن النظامين المتصارعين في العالم شرقا وغربا كانا على اتفاق مبطن لتمرير المصالح وتشاركها وإحساسها بأن الخطر لا يأتي من الحركات الإسلامية لكنه يأتي بشكل أدق من اليسار العربي ــ ربما مع اختلاف في قراءة المصالح ــ وهذا ما يفسر الحريات التي قدمها فيما بعد أنور السادات لحركة الأخوان المسلمين وما فعله حافظ الأسد أيضا، محاولة منهما اللعب على حبال الدين لكسب ولاء حَمَلته ، لكن السحر انقلب على الساحر عندما انتفضت هذه الحركات وشعرت بقوة أظافرها وإمكانيتها على البطش وسعيها لتسلم السلطة وسحب البساط من تحت حُمَاتها..سواء في مصر أم في سورية الثمانينات. ما أرمي إليه هنا ..هو قبول ورضا وموافقة الولايات المتحدة على ( تســـــــييـــس الــــــــــــــديـــــــــــــــــن !!). واستخدامه في اللعبة السياسية وتقرير مصير المنطقة، وهذا ما ترفضه معظم الحركات اليسارية ، وتحاول بنضالاتها فصل الدين عن الدولة كعامل أساس في إقامة الديمقراطية وسيادة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية، لأن الشرق العربي بتكويناته الاجتماعية غير قابل لإقامة دولة ذات طابع ديني على نمط الثورة الإسلامية الإيرانية، أو الوهابية في السعودية، وذلك كي لا تطغى مصالح الأكثرية على الأقليات ولا تغفل حقوقها ومساواتها أمام قانون مدني يمثل الجميع ويعتمد الانتماء الوطني كأساس وليس الانتماء المذهبي أو الطائفي.وهذا ما يجب علينا محاربته فكراً والسعي لتطويره وتحديثه وذلك كي لا تستخدم النصوص السلفية والتشريعية وأدلجتها من أجل خدمة أهداف سياسية بحتة، وهذا ما يتم حاليا في مناطقنا مع الأسف وبتشجيع من الأنظمة القائمة، وهذا بحد ذاته يقدم خدمات جلى للحركات السلفية بتوظيفها النصوص في القتل والإرهاب ، بل وإلغاء المختلف ، فتسييس الدين واستغلاله كهوية، لا يخدم ولا يصب في المصلحة الوطنية، ولو ألقينا نظرة على ما يجري في العراق ولبنان وأفغانستان...الخ، لوجدنا أن الحروب القائمة والتي تتخذ من المذهب والدين سمتها الأساسية، هي في العمق ذات بعد ودوافع سياسية، وتشكل صراعاً على السلطة السياسية، وهذا ما قرأته دوائر السياسة الأمريكية في المنطقة بشكل معاكس ارتد عليها وعلى مصالحها بصورة إرهابية تقوم على محاربتها اليوم!، لكنه أيضا تسبب وسيتسبب للمنطقة بخراب ومستقبل ــ أقل ما يمكننا القول فيه ــ لا يبشر بصورة مشرقة ويدخلنا في نفق مظلم لا نخرج منه بالسهولة التي أُدخِلنا إليه...تحت مختلف الحجج والشعارات .
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة
-
بغداد مدينة الأشباح
-
تعال اتفرج يا سلام على الانتخابات السورية...يا حرام !
-
كنت مسلماً ذات يوم!
-
مؤتمرات، انتخابات = مساومات، رهانات، إحباط، ثم فشل!
-
الطاعون العراقي!
-
نعوة بوفاة الفنان التشكيلي السوري - صخر فرزات-
-
حجاب المرأة العربية والمسلمة..هو حجاب سياسي
-
يا أنور البني...سوريتك مشكوك بأمرها!!!
-
إساءة لسمعة البلاد!
-
كل الشكر والامتنان لكم من:
-
حوار مع أبي رشا قبل الرحيل
-
لماذا لا يوجد بين مشايخنا من يشبه ال(Abbé Pièrre
-
قصة زواج الفساد ابن بطة من السيدة سلطة
-
مقامرة بوش الجديدة في العراق
-
أخبار طازجة من إعداد وبرمجة المطبخ العربي الحديث!
-
عدالة نموذجية!
-
خطورة الدور الإيراني في المنطقة على اوضاع العربية
-
نحن والتغيير
-
بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاقة الحوار المتمدن
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|