أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود ماضي - مدن














المزيد.....

مدن


محمود ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 1902 - 2007 / 5 / 1 - 13:38
المحور: الادب والفن
    


مسقط..،
تلكَ الجنيَّةُ التي تخرجُ من تحت ظلالِها غارقاً بأحلامِكَ الطفوليّة، ومبللاً بذاكرةٍ لن تكونَ بعدها كما كنتَ قبلها.. ها أنت تعرفُ جيداً أنَّ مسقط عتبةٌ أخرى تكشِفُ لكَ نفسَك أمامكْ. تحاولُ الخلاص من سطوةِ هدوئها المختلف، ومن مفرداتها الأنيقة، وكائناتِها النورانيّة، وفيما أنتَ تستعدُّ لانتزاعِ شوكةَ الذاكرة من لحمِ الليلِ، تندفعُ مسقط مرّة أخرى إلى عقلكَ.. تصمتْ!
امرأة، يدثرها المرمر والبهاء، تحملُ كلامَها الليليّ لتشرقَ غامرة المساحة بالحنين، أشتاقها الآن، أشتاقُها بعد قليل، أذوبُ في تفاصيلها قبل قليل، وأتذكّرُ حضورَها الليليّ بصوتٍ تحمله عصافير الليل إلى غرفتي العلويّة.
قلتُ لها:
"استطعتم منذ آلاف السنين ترويض الجبال، وجعلتم الماءَ يسيرُ في الأفلاج داخل الأرضِ وفوقها، استطعتم من خلال فعلكم الهندسيّ نثرَ المياه على جسدِ الصّحراء، وترويضَ الصّمت. فاشتعلَ العطرُ والبخور في الجهات، جميعها.
لكنّكم، وبيدٍ مرهقةٍ قد صنعتم أفلاجاً للمشاعر، فباتت كلماتكم مركزة، ومحددة الاتجاه!"

رفح..،
مدينتي البعيدة، حيث تجلسُ المرأةُ الأكثر بعداً.. قربَ الله، وأبعدُ قليلاً، ترتِّبُ قصائدَها، وكلمات أغنياتها، فتستيقظُ ليلاً، لتبدأ بنحتِ مشاعرها. وكنتُ مرآتها. وكانت تغزلُ قميصاً لطفلٍ سيأتي من أحلامِنا. وسرقتْ ذات ليلةٍ سجائرَ والدها وصنعت ثقوباً في جسد القميص بجمرةِ السيجارة. فاستيقظتُ محموماً.
وبدأتْ بالضّحكْ.
لم أفهم ما الذي يدفعها لذلك. لكنّه العبث ربّها المقدّس. والفوضى أيقونتها الصافية.
واستمرت بالضحك.
فهربتُ إلى نفسي، وتدثرتُ بالعراء.

مطرح..،
الأنيقةُ التي بدأت بالحديث منذ دهرٍ، حملت كلامها إلى راعي السّماء. ورسمت دوائرَ كثيرة في الدروب التي احتضنت قدمها.. وكانت تعرفُ فيما سيأتي من أيّام، أنّ كلمةً خرجت منها ستتشكل كائناً، الكائنُ سيرسمُ بجسدِه دوائرَ إضافيَّة لدوائرها
إلى ذلك الحين، كانت هي تتقدّم مسرعةً إلى قدرها
وكان يتقدَّمُ مسرعا إلى المنعطف الأخير ليمنحها روحه، كي تستمرَّ في رسم دوائرها.
قالت عرّافةٌ كانت تتأمل المشهد من بعيد: إنّه وُلِدَ منها في شهر الصيف، وقدره أن يبقى معلّقاً فيها، قال إنّ بلادها بلادُ سحرٍ، وقد سحرته بصوتها، وحنينها، ورغبتها التي تغوص عميقاً ولا تصعد للسطح.
وقالت أيضاً: أنّه حين رسم دائرته الأولى، كانت يدها تمسك يده لتدله على طريقة الرسم الصحيحة. لكنه حين نظر بدقة إلى يده لم يلحظ إلا هالة نور.
وهكذا كان..
تلصص عليها ذات مرةٍ، رأي شعرها البنيّ، وطرف رقبتها، وحين أخبرها بذلك رأي في عينيها بللاً ورغبةً ما!
لكنّ كتم نظره فيما بعد، لأن العرافة قالت: أنه لن ينجو منها.. أبداً.

القاهرة..،
القلقُ الذي تنثرُه الأنيقَةُ، أصله العلاقة المرتبكة بينها وبين المستقبل. وهي التي تقف الآن وسطَ واحةٍ تمتدُّ.. وتفردُ مساحاتها في كلّ الاتجاهات، واحةٍ تنبعُ من الأحلام وتشتبكُ مع الواقع.
القلقُ يشتدُّ ويغرقها. هي لا تعرف إن كانت ما تزالُ طفلَةً وأن هذا الواقع مجرَّد أحلام طفولةٍ نقيَّة. أم أنَّها ما تزالُ تحلُمُ وأن ما تعيشه هو المستقبل بكلّ ما فيه من تحدِّيات.
إذن، هل هي مقتنعة أنها تعيش الواقع أم أنها تعيش المستقبل. والسؤال الأكثر حدِّة. عندما كانت طفلة ترقصُ الدهشةُ حولَها، هل كانت تتوقَّعُ هذا المستقبل الذي تعيشه الآن!


خان يونس..،
لماذا تهربُ السيّدة مني. كنتُ ومازلتُ أعتقد أنّ التحامَ الجسدين يحتاجُ إلى رشّة عطرٍ خفيفةٍ خلف الأذن. وضحكة وتمنّع لذيذ.
لكنّها غادرت الغرفة وعطرها مازال يشعل الغرفة.
ويهتكُ مفاصلي!

الإسكندريّة..،
دعيني أخبِرُكِ عن البحر الذي نفضَ الموتَ، واستقال بصمْتٍ، وانسحبْ
هذا الغريبُ الذي أطلَّ على البيْتِ قال: "النومُ إدهاشٌ للحواس"
وقيل: أنه بدأ بإحراق الذكرى، وانتصب أمامَ البحْرِ عارياً، مختلطاً به، وبالرملِ حيث الخشونة تقتل ما فيه من انسياب.. بدأ بالقفزِ.. سقطَ وعرف أن اليومَ لن يصافِحه. والبحرَ لن يصافحه. والسماءَ سترقصُ.. وتهرب.
الغيم قال: "إنه ذاهِبٌ إلى الماوراء.."
هو ظلَّ وحيداً.. شاحِباً أمام البحرِ الذي يسحب نفسه، ويبتعد.
وأرسلَ لها زاجِلاً، حامِلاً عطرَه، لكنه سقطَ، وهي انتظرتْ، وأخبرها عن بعْدٍ أنه سقطْ، وعَرِفَ أنها ستفهم!

www.dfater.110mb.com



#محمود_ماضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة تسعى إلى موتها راغبة هانئة


المزيد.....




- تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-، ماذا ...
- تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مس ...
- -فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل ...
- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود ماضي - مدن