|
أبعاد التغيير في اليمن
عبدالحكيم الفقيه
الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 11:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
(1) البعد الثقافي لا جدال بأن الوعي الثقافي هو انعكاس لكافة معطيات الوجود الاجتماعي في أي منطقة أو قطر أو بلد على ظهر هذه البسيطة وتعد الثقافة هي كافة المعطيات المادية والروحية المتواترة والتي تدخل في سياق الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات وتعد الثقافة بكافة تشكيلاتها ومصادرها وينابيعها هي احدى روافع التغيير وتختلف الثقافة وتعاطي الناس معها حسب ظروف كل بلد بل وتدخل ضمن التركيبة التاريخية والجغرافية
بل ولها علاقة بالجينوم. والثقافة اليمنية القائمة على انعكاسات لمجتمع ساكن لا حراك فيه ويقاوم الجديد بكل ما أوتيت الثقافة التقليدية ، فيظل الجديد غريبا ولا يتم القبول به وتعد الثقافة اليمنية مختلفة بحسب تعاطي الناس وشكل الإنتاج القائم وبحسب الانزياحات في التركيبة الديموغرافية وحركتها ضمن البعد الزمني والمكاني وثمة خطوطا عريضة استطاعت الثورة أن تحدثها إلا أن عوامل البيروقراطية والانقضاض الفئوي على عملية التغيير الثوري لم تعط المشاركة الشعبية الإسهام في إحداث عملية التغيير المطلوبة. الوضع الراهن والذي عاد فيه الحراك القائم على الأعراف والعادات ، إنما يدل على أن الصيرورة الطبيعية للتطور في مجتمع ساكن جعلت العوامل الخارجية والإقليمية هي المحرك للركود وليست الأفكار سوى إشارات نظرية بينها وبين معطيات الواقع ملايين السنين الضوئية. الثقافة التاريخية والمجذرة في اعماق الشعب اليمني جعلتها ثقافة شفهية وإن دونت لا بد من الحيطة والحذر والجميع يعرف أن تاريخ المقهورين تم محوه تماما وأن صراع الدويلات أثر حتى التو في التركيبة الهزلية للبنية الثقافية لشعب لم يزل يرى في البلاد سوى منطقته أو قبيلته أو عشيرته .. ما الذي سوف يفعله الذين من مصلحتهم التغيير والذين يعولون على البعد الثقافي؟ المهمة في غاية الصعوبة والخطورة وعلى ضوئها يتحدد نوع المستقبل. 2- البعد التاريخي يعد التاريخ أحد القوى المحركة للصراع في أي مجتمع وهو بمثابة الوقود الذي يدير المسار الحلزوني لقاطرته حيث يتجلى التاريخ في السرد للتفاصيل التي تدخل ضمن لحظات مهمة في حياة شعب أو مجتمع وهو المسار الكرونوكولي الذي تسهم فئة أو طبقة أو شريحة ، بل حتى في اللحظات المهمة فرد في صناعته ويخلق امتدادت رحبة من الظلال التي ترتسم عليها التفاصيل والتي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في الحياة العامة على أي بقعة تحت الشمس. إن اللحظة التاريخية الراهنة لها امتدادات لعقود خلت ضمن الصراع في المنطقة سواء على المستوى الاقليمي أو القاري أو الدولي . وما يهمنا في اليمن هو قراءة البعد التاريخي كمؤشر من مؤشرات التغيير ولعل ثمة نقاطا كثيرة في هذا المسار ، رحيل الإنجليز والاستقلال ، الانتقال من الامامة الى نظام جمهوري ،الصراعات بين الشطرين والصراعات ضمن كل شطر ، التوحد ، الحرب. الوضع الراهن الذي لا يشجع على أي شيء طبعا ثمة عوامل خارجية كالبعد القومي في دعم الثورة والبعد التقليدي في دعم الثورة المضادة آنذاك الشرق والغرب كمعسكرين لهما تواجدهما على الساحة اليمنية ، التأسلم السياسي وظهور معسكرات الأفغنة والمغالاة بشقيها السني والشيعي ، حرب الخليج وانعكاساتها على المنطقة برمتها اجتياح الجنوب وفشل الانفصال وخلق سيكولوجية يمنية مفعمة بالتنافر وعدم الاستقرار على الطبيعة المرحلية احداث سبتمبر وانعكاساتها في التدخل الأمريكي السافر في كل شيء معارضة الداخل ومعارضة الخارج عدم الانسجام بين الاحزاب المننضوية تحت يافطة المعارضة الأصلي وكذلك المعارضة التايوان وتزييف الوعي التاريخي تعدد البدائل المطروحة من كونفدرالية و فيدرالية من وحدة إلى الأبد بمعنى ان الافكار تتملل في بيئة صلبة ساكنة تلك بعض الخطوط والمؤشرات والتي لو تم دراستها بكافة التفاصيل البعيدة عن الذاتية والمزايدات ربما ستسهم في اعادة قاطرة التاريخ الحديث للمسار الطبيعي صوب الحداثة والعدالة والتقدم والمساواة 3- البعد القانوني تعد منظومة القوانين هي الأطر التي أختزلت ثقافة الشعب المكتسبة عبر التاريخ والتي تدخل ضمن الاحتكاكات الحضارية ودوره في بناء الذات وتطلعه ضمن التنافس الحضاري للبقاء والاسهام في أداء دوره وتعد القوانين هي المرجعية التي تدير حياة الناس وعلاقتهم ودور النخبة الحاكمة وعلاقة النظام مع الانظمة وفق القوانين والمرجعيات الدولية ولعل القوانين التي تنبثق تلقائيا من طبيعة المجتمع هي لها الديمومة ويرجع لها الناس في علاقتهم ويحتكمون اليها ويقرون بها ومعطيات وطبيعة المجتمع اليمني تدل على ان ثمة تباينات عديدة لاشكال الانتاج وعلاقة الناس ليست قائمة على الانسجام الطبيعي بل تنتابها عملية المزاج فظلت القوانين والدساتير للزينة النظرية وظل المزاج والعرف هو الديدن المبارك والسائد لم تظهر بوادر للمجتمع المدني ومجتمعات الارياف تختلف عن المجتمعات والتكتلات السكانية في المدن والطبيعة السيكولوجية لسكان السواحل تختلف عن السيكولوجية لسكان المناطق الجبلية وهذا يجيب على السؤال الذي يجعل أبنا منطقة بعينها يمتهنون حرفة معينة كالمناطق التي يكثر منها العسكر وهذا يجعل ثمة فرضية مفادها أن ثمة عقليات وسيكولوجيات متباينة في المجتمع اليمني وتتأثر تلك السيكولوجيات وتؤثر في منظومة القوانين بشكل سلبي أو ايجابي ويطهر جليا في الانتخابات حيث لم تمثل الشرائح جميعها في البرلمان وتبقى الدعوة الى القوائم النسبية قفزة نوعية وكذلك لا يتم اجراء تغيير إن لم يحدث تغييرا في المسار النظري للقوانين وتحمل في طياتها القراءة العميقة للواقع بحيث تكون لديها القابلية للبسط والتنفيذ أي أنها تمتلك اجراءاتها العملية 4- البعد الجمالي ويعد الجمال هو ذلك الأثر الذي تحدثه مظاهر الطبيعة وتحويراتها من قبل الأنسان في سياق يستطيع معها الأنسان الأحساس بروعة الأيكولوجيا وتشعباتها بما يخلق للأنسان اللحظات البعيدة كل البعد عن القلق والاظطرابات وتتجلى في انسجام الانسان مع مكونات الطبيعة بما يخلق الانسياب الطبيعي لصيرورة الزمن والمكان ويعد البعد الجمالي احد مظاهر التغيير ومصادر التغيير كون الجمال الطبيعي وانعكاساته في سياق محاكاة الانسان أو في سياق الترجمة الابداعية والامساك بتلابيب اقتناص اللحظات المدهشة في العملية الابداعية وتتجلى في كافة الفنون والعمليات الابداعية ومن المعروف أن الشعر هو ديوان العرب وتتجلى الابداعات اليمنية القديمة متكأة على الارث الأدبي ولم تجد الفنون الحديثة دورها نتيجة لطبيعة البنى التقليدية وفي الانهماك العميق للانسان اليمني مع الأرض فظلت فنون الشعب تتجلى في طبيعة التعامل مع سياقات التحولات التي تحدث في الدورة السنوية للفصول وفي طبيعة التعامل كون الزراعة هي المنشط الاساسي منذ زمان وفي تعامل الانسان مع القهر والغربة الفنون التي تتعامل مع التعامل الحديث للتقنيات الفنية كالمسرح والفن التشكيلي ودور السينما لم تزل في وسط المجتمع المدني ولها جمهورها الخاص الفلكلور الشعبي والمناسبات ومحاولات التعامل الفني مع معطيات الطبيعة من أزاهير وعصافير ودلالات رومنسية ولوحات طبيعية لم يتم اقتناصها ولم يتم التعاطي معها كون الطبيعة في معطيات الواقع وانعكاساتها في تشكيلات الوعي جعلت الأمية الجمالية متفشية ويصبح الحديث عنها ضرب من ضروب ترف الوقت مع أن اندغام الطبيعة والانسان اليمني وتفاعلاته في كافة المناشط يخلق لحظات في غاية الجمال الذي ينبغي أن ينعكس في الأعمال الابداعية وأي تغيير لا يتوخى الارتقاء في أذواق الناس لا يحمل بعدا جماليا 5- البعد الإعلامي الملاحظ أن وسائل إلاعلام لها دور فعال ومؤثر في عملية التغيير صوب المنشود سواء أكان سلبا أو ايجابا والمعروف أن وسائل الإعلام في اليمن بأنواعها لا تتخطى القوالب والخطوط المرسومة لها وإن خرجت فإنها تكون موبؤة بأمراض وإدران التباينات والاختلافات التي تنم عن فهم ضيق للغاية ويدل على ثمة قصور حتى في رؤية التغيير الملاحظ حاليا أن ثمة تسارع عجيب للغاية وحيث أصبح الكون مجرد بالونة محشوة بكل هذا التراكم والضجيج والتسابق في الأمساك بناصية الأمور وقولبة الناس . تدخلت القيم الاستهلاكية في كل شيء الصحافة الورقية والالكترونية والتلفزة ووسائل الاعلام والاتصالات وحديث الناس وكل وسيلة لنقل وتبادل المعارف والمعلومات إن لم تتمشى وفق ما يدور ستخلق دوائر وتباينات بل ومجتمعات محنطة 6_ البعد الابستمولوجي عندما نفخ الله الروح في الانسان كانت تلك الروح هي المعرفة وتعد المعرفة هي البوابة الرئيسية لعملية التغيير فلا يمكن احداث التغيير دون ادراك معطيات الواقع كواقع مستقل عن الوعي لا ترتبط به الذاتية سوى اسهامها في تقنين المنهجية المعرفية المهمة في غاية الصعوبة وخصوصا عندما يتم الاتكاء على ترامات تراثية يدخل كل طرف فيها باحثا عن شرعيته واحقية التغيير هل ثمة رؤية تدرك كافة المعطيات ثمة تأمل قد يبدو صامتا ربما يتم اقتناص اللحظة 7- البعد الديمقراطي (7) البعد الديمقراطي تعد الديمقراطية تلك المفردة الاغريقية غريبة على واقعنا رغم أنها اكثر المفردات استعمالا في مفردات الريجسترز للغالبية من البشر وتعد اكثر المفردات شيوعا في استخدامها في كافة المناشط السياسية والاعلامية بل دخلت في قواميس الجدل الديني حيث يفهمها البعض كمرادف للشورى والبعض يفهم الشورى كديمقراطية ناقصة وغير ملزمة وما يهمنا هو الديمقراطية كمنظومة سياسية واجتماعية متكامله مقرة دستوريا ولا يهمنا البتة طبيعة الديمقراطية الناشئة أو الديمقراطية الكهلة وفي اليمن ظلت الديمقراطية مفردة جوفاء يرغي بها الساسة وكأنها تملك العلاج السحري لكافة المناشط والمشاكل وطالما أن الديمقراطية اصبحت نهجا واتفق الناس على حرية الرأي والاقتراع الحر والمباشر فلابد أن تحدث بعض الاخطاء جراء الفهم التعسفي ضمن الصراع على السلطة أقر دستور الجمهورية اليمنية الديمقراطية كخيار لا رجعة عنه وشهدت البلد انتخابات عديدة بغض النظر عن التجاوزات أو الاختلا لات المتعمدة أو النتائج المعدة سلفا وطالما وصلت اليمن الى طريق مسدود وانهار الاقتصاد اليمني وانهارت مع انهيارة منظومة القيم فلابد من الوقوف الجمعي ومعاجة خطورة الوضع قبل أن ننجرف جميعنا حكاما ومحكومين أصبحت قضية الارهاب قضية عالمية واصبح الجميع مستهدفين وأثرت عواقب الحادي عشر من سبتمبر على الجميع وأخذت الادارة الامريكية تكشر عن نابها مستغلة التفكك والشتات في بنى الانظمة القطرية والدكتاتورية في غالبية البلدان وظهر مفهوم الديمقراطية المقننة وحبة حبة بعد كل حرب أو كل اكل. وما يهمنا في اليمن هو هل تفلح الديمقراطية اليمنية في اخراج اليمن من النفق المسدود؟ وتقترن بالنزاهة والتنمية الاجتماعية العادلة؟ المعارضة والسلطة والشعب والتراشق بالاتهامات في ظل منظومة الفساد التي ابتعلت الاخضر واليابس في بلد مفعم بالادارة المقيتة والموارد المشتتة بل والمبلوعة من اسماك القرش والقطط السمان والتطور المشوه لحركة الاقطاع الى البرجوازية الغير طبيعية في مجتعم أشبه بالمحتظر في غرفة انعاش البنك الدولي الذي اذا دخل أي دولة نخرها كالسوسة؟. لماذا لا يوجد تداول سلمي للسلطة؟ لماذا انشغل الجميع في المسار المغلوط وتمادى الاعوجاج والانحراف وتم تدويخ وتحنيط الدستور وقوانينه؟ ولماذا اثرت الاحداث الاقليمية والدولية على الواقع اليمني وجعلته غير قابل لتدشين أي مبادرة في خلق الخصوصية اليمنية المستجيبة لقوانين التطور.؟ أربعون حزبا معترف بها وتعمل تحت مظلة الدستور وهي لا تزاول الديمقراطية وتحلم في التداول السلمي للسلطة مع حزب حاكم لن يسلمها البتة وسيحملها معه الى خزيمة فلديه الجيش والاعلام والقبيلة والثروة وللمعارضة حرية الكلام وفق قانون (لسانك حصانك). التشخيص للمشاكل وفق منظور علمي مجرد من الذاتية قافزا على حيثيات التخلف المريض والشكلي في ظل لحظة تاريخية ان لم يتم الحسم العاجل فستدخل اليمن في أتون طائفية قروية مذهبية مقيتة سترجع اليمن قرونا الى الوراء أشبه بعصور الدويلات المتناقضة والمتتابعة والتي لو استمرت على هكذا شاكلة لما يحدث فسوف تمشي مسيرتنا الى الهلاك والانقراض مجرد رؤوس أقلام لعل المهتمين في السلطة والمعارضة يدركون تفاصيل اللحظة وعواقب الانفجار أو التفكير في الشمولية والانفراد بالقرار ولم تزل جراح الحروب المتتالية غير مندملة (8) البعد الاجتماعي لست هنا معنيا بالتجذير لتطور مفردة المجتمع ومتى تم التطور لمفردة الوطن والبيت والفرد وتشكيل المجتمعات بقدر ما يهمني هو تطور المجتمعات وفقا لشكل الإنتاج وتشكل نوعية العلاقة الاجتماعية. فالمجتمع اليمني يتسم حاليا بالسكون وغياب الإنتاج الذي يجعله يستند على مقومات وجوده بل انطبق علية المقولة الشهيرة (لا حرية لشعب يأكل من خلف البحار) المجتمع اليمني يستجر برتابة قميئة روتينه المستنسخ مع سرعة تفوق سرعة الضوء تفشي القيم الاستهلاكية والتي تؤدي إلى تحنط المجتمع وعضلاته المترهلة والانكفاء على الذهول المعرفي والتواتر الدرامي لسرد الأحداث بعدسة عاطفية تتضخم فيها الوقائع ويصعب من خلالها إدراك خيوط التغيير وانسجامها ضمن قوانين التغيير والتحوير والتطور ثمة عوامل تفصيلية مهمة للقائمين على الأمور وخصوصا الذين يملكون المصلحة الحقيقية في التغيير وهم السواد الأعظم وأدلتهم ويواصلهم وقناديلهم التي يجب ألا تراوغ ومن هذه العوامل هو إدراك أثر القبيلة في مجتمع لا يتسم بالانسجام كون اختلاف العادات وظهور بقع ممثلة لكل أشكال الإنتاج جعلت المجتمع اليمني أشبه بفسيفسا عصية على التفسير أو بمثابة لوحة تشكيلية ذات ظلال وألوان متنوعة ونمطية وتعدد المهن والألقاب والمناطق وأفول الدولة وظهورها بشكل مرعب في بعض المناطق. غياب التمثل للروح اليمنية القديمة والتي أنجزت تلك الحضارات السامقة مسألة التأثر اليمني واصطدام اليمن بأمم سالفة أثرت في طبيعة التنافر الطبيعي والتجاذب القسري في بعض الأحيان المؤثرات الراهنة من الأحداث الإقليمية والدولية وتطور التقنية والتعليم والحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتشتت الديموعرافي وطبيعة الاغتراب والغربة في الخارج والداخل وعدم وضوح الرؤية الغائية لماّل المقاصد والتمويه والغموض في كل شيء ثمة رؤيتان للتغيير مفاد الأولى (من يمتلك الريف يسقط لا محالة المدينة ويشكلها وعيا ووجودا) وثمة رؤية مدنية مغايرة مفادهه (المدينة الواعية تشكل ريفها كما تريد) أين موقعنا من الرؤيتين وأين مفاصل التغيير في بنى المجتمع اليمني؟ 9_ البعد الاخلاقي تتحكم عدة عوامل في تركيبة منظومة القيم والتي اكتسبت عبر تراكمات تاريخية ولسنا بصدد تأصيل لمنظومة القيم التي وصلت إلى الواقع الراهن كنتيجة حتمية للعديد من المتغيرات وأثرت سلبا أو إيجابا وما يهم هو البعد الأخلاقي الذي يتم نشدانه من قبل دعاة التغيير وإخراج اليمن من رحاب الظلمات الراهنة إلى رحاب العدالة ودولة الشعب كله حيث (التطور الحر لكل فرد يخلق المجتمع الحر) ومن الأخلاق معرفة القاعدة المجتمعية التي تتشكل عليها دعائم البنى الأخلاقية والتي يطلق عليها عادة طبيعة المجتمع فالمجتمع اليمني شهد هزات عنيفة بسبب تردي الأوضاع وانزياحات واختلالات حتمية وفق صيرورة المسار الكرونولوجي وتداخلاته. إن معطيات المعطى الراهن تحتم على التواقين للتغيير خلق منظومة قيم جديدة تعمل على تلافي هذه الانهيارات والتي تعد نكوصا عن قيم الثورة والوحدة حيث نشدان المواطنة المتساوية والعدالة وكل قيم الخير والحب والعدل وكل تلك الأحلام التي ينشدها التواقون للمصاف الحضاري التي تستحقه يمن التاريخ والحضارة. هذه الفوضى العارمة وامتداد صراعات الدويلات وحضور التاريخ من الأجداث للعبور في ظل عبث مذهبي وطائفي مقيت يجعل كواهل دعاة التغيير والأجيال بأثقال مرهقة من تراكمات أقل ما يقال عنها أنها ركام للعفن مع أن التاريخ يبقى وفق سياقه الطبيعي كمقود وصمام أمان لمسيرة الطريق صوب الأيام الخضر ودولة الأمنيات إذا كان رحيل المستعمر والمستبد ونجحت مسيرة الثورة السبتمبرية والأكتوبرية في عمل نقطة مضيئة في مسار التاريخ اليمني وظهور القيم الجديدة فان الانتكاسات والانحرافات والصراعات المسلحة ومعارك الصحافة والمتاريس الفكرية والحزبية قد جعل منظومة القيم داخلة أيضا في دوامة العنف المعيق وليس العنف المكتنف على الجديد القرارات الجريئة في لحظة الحسم هي لمسات ايجابية وعامل ضروري لازالة القيم المزدوجة والغشاوة من أعين الجميع. صحيح أن اليمن قد قطع شوطا مهما مقارنة بماضية ألا أن اللحظة الحرجة تتطلب ضرورة التغيير الجذري لأن البلاد والعباد في خطر ورد الاعتبار لأهداف الثورة حيث المجتمع اللاطبقي والعدل والمستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي الجدير بكرامة الانسان اليمني حيث القلوب الرقيقة والأفئدة اللينة في وطن الصبر الذي لا تتحمله حتى الصخور 10_ البعد الاستراتيجي (10)البعد الاستراتيجي ثمة علاقة ارتباطيه بين اليمني وانكسار الحلم وتنتابني لحظات مخيفة وأنا أقرأ الآية الكريمة في نهاية سبأ التي تخصنا نحن سكان جنوب الجزيرة حيث يقول جل من قائل (وحيل بينهم وما يشتهون) ولست أدري ما سر انكسارنا وتشتتنا وتشرذمنا نحن اليمنيون وتظل علاقة بيننا والأمنيات قابلة لتمدد الحلم نظريا والانكسار الواقعي العملي ودلائل بمشاهد متباينة ومتشابهة تؤكد ذلك لقد مثلت الثورة اليمنية منعطف كبير حيث قضت على أوهام سلالة تزعم أنها لها الأحقية بالحكم وإنها ظل الله في الأرض ولها حق التصرف بثروات وموارد البلد ووحدها المعصومة وما عدا ذلك فهم غوغا. ولكن مسيرة الثورة عبرت على سكة مفعمة بسكة المناورات والتامرات والميكافيلية وكان لانشطار اليمن وتباين النظامين أثر في العنف والاصطدامات المسلحة والتي جعلت جنوب الجزيرة من اسخن المناطق الإقليمية وبعد الوحدة ظهر كل شيء للسطح فعملت الديمقراطية والتعددية على تخيف حدة العنف ومع نهاية 1994 وجد نظام ج. ع. ي أنه( حنش زارد) حيث ابتلع دولة مسبعة مربعة. وفقد اليمنيون استراتيجتهم وحكمتهم ووصلوا إلى طريق مسدود ونفق لا يمكن الخروج منه إلا بإستراتيجية جديدة تقرأ الواقع على كافة الأصعدة و(التصحيح بالملوثين خطأ) مركب. قد يقول قائل أين الإستراتيجية اليمنية التي تسعى اليمن لتحقيق أهداف الثورة كونها ثابتة الثوابت؟ وأين الإستراتيجية التي تقرها اليمن حيث وقد عادت لوضعها الطبيعي كقطر عربي موحد؟ ماذا يفعل الحزب الحاكم وأين الإستراتيجية الشاملة لدى القوى المعارضة. الجميع يقر بواقع الفساد ولكن أين الحلول العلاجية من قبل الحزب الحاكم وهل اتفقت المعارضة والسلطة على تشخيص الفساد وأشكاله؟ أين المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات وما هي الخطط المرسومة وفق خطط زمنية ووسائل تقييمها؟ هل لدى أحزاب المعارضة النية في الاندماج في جبهة وطنية عريضة والاتكاء على القواسم المشتركة كون المعطى الراهن يكاد يكون موحدا في رؤى الجميع؟ وماذا عن الشأن القومي والدولي في الرؤى لدى السلطة والمعارضة وأين يكمن التباين والتشابه والاختلاف؟ أعتقد أن غياب الأرقام الحقيقية والإحصاءات وعدم وجود مصدر معلوماتي محايد حول المعطى الراهن الذي يمس الحياة اليومية للناس يؤدى إلى تغييب الموضوعية وحضور مكثف للذاتية والانفعالية عند رسم استراتيجيات تفشل منذ الصياغة لذا لا بد من مؤسسات بحثية لا تهادن ولا تناور ملزمة توصياتها أثناء اتخاذ القرارات سواء على مستوى القرارات المصيرية أو الشأن الداخلي للأحزاب؟ من السخف أن يفكر اليمنيون في إستراتيجية لإدارة الدولة وهي أداة التسلط في المجتمعات الطبقية ونحن بعد اثنين وأربعين عاما على الثورة التي تهدف إلى إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات. (11) البعد الايدلوجي تعتبر الايدلوجية من أهم وسائل وروافع التغيير وعنصر مهم من عناصر التغيير حيث يعد الأفق الفكري ونشدان الاطار النظري لعملية التغيير مهمة مقصودة وقاصدة ومهمة معقدة وغالبا ما تكون وسيلة من وسائل الاصطدام والعنف ولعل مقومات البناء الفكري في وطن مثل شعبه حقلا للتجارب الفكرية التي تزعم أنها الحل والعصا السحرية وسفينة النجاة وصمام أمان المسيرة والمعروف أن ماذكرنا من العوامل المؤثرة على غاية التغيير تدخل في نطاق الصراع الايدلوجي لنظريات لم يتم اكتمالها أو تم حشوها عمدا في السياق اليمني حيث غابت خاصية الوطن وضاع الوطن في دهاليز الشتات والتشرذم والتمترس. (12)البعد الثوري التغيير ناموس من نواميس الحياة وقوانينها بل قانون القوانين فكل شيء يتبدل ويتحور ويتغير منذ البدء وما تمثل الاستاتيكية والسكون سوى حالة مؤقتة وحتى في طياتها فانها تكتنف التغيير والسكون والتغيير لا يجتمعان ويعد التغيير بمثابة عملية راديكالية ثورية تتخذ طرائقها ووسائلها حسب الامكانات المتاحة للمغير وطبيعة المغير (بفتح الياء) وإذا كان الجميع يقرون بضرورة التغيير بل يطرح البعض أن اليمن بحاجة إلى تغيير جذري بل ثورة بغض النظر عن لونها فإن الأمراض الاجتماعية المتفشية كالنفاق والكذب والدجل وتعدد الولاءات والمواقف والتناقض اليومي المتكرر والفاقة والجهل والمرض وانهيار الاقتصاد وانهيار منظومة القيم وطغيان الزيف وتزييف الوعي والحقائق بحاجة ماسة إلى نقطة نظام قوية تعمل على ايقاف هذا المد الكسيح ورد الاعتبار لمسيرة الثورة وللديمقراطية والوحدة والوطن المنشود ولن تتم هذه النقطة الراديكالية التصحيحية دون اقرارها بهكذا مسلمات * الوطن وطن الجميع * أهداف الثورة هي البوصلة * الديمقراطية غاية ووسيلة * مرجعية الدستور والقوانين * الوحدة بدون درجات للمواطنة * الحضور الكامل للسيادة عند اتخاذ القرارات المصيرية * العدل أساس الحكم نحن بحاجة إلى نقض المفاهيم السائدة وتمثل مفاهيم جديدة ونحس بأن الوطن وحبه جزء من الايمان واليقين بأن الوطن يمنحنا أكسجين الحرية ويطعمنا من جوع ويؤمننا من خوف لا أن يكون مرتعا للبلاطجة وقطاع الطرق وحفاري القبور ومصاصي الدماء والقتلة إن نقطة الانطلاق هي إقرار الشرفاء بغض النظر عن مواقعهم بأهمية التغيير فالنماذج الخيرة والشريفة مازالت متواجدة ولن تصاب اليمن بالعقم البتة نحن بحاجة إلى الثورة المعرفية والعلمية والتعليمية وتحرير المرأة من براثن الدونية وتشجيع العمل والانتاج في كافة المناشط واحترام الصحافة وحرية الرأي وتشجيع الحوار والاقتناع بنسبية الحقيقة والتحرر من الخطاب الديماغوجي ورد الاعتبار للأحياء قبل الأموات (13)البعد الوطني إن حقيقة المفاهيم حقيقة نسبية وهي عبارة عن تصورات ذهنية وللزمن والمكان علاقة حميمة بها وتطورها ولقد تطور مفهوم الوطن منذ الكهف مرورا بالخيمة والبيت وصولا إلى التعريف الإجرائي وهو المكان الذي له سيادة وهلم جرا من مظاهر السيادة ومن الصعب تجريد الناس أو إلباسهم بردة وقمصان الوطنية لأن معيار الوطن الفضفاض والواسع ليس حكرا على فئة أو طائفة أو أي تقسيم فئوي ضيق وطالما نحن بصدد علاقة التغيير بالسياق الوطني حيث يشمل كافة مؤثرات الديمغرافيا بل والجغرافيا والتاريخ والايكولوجية بتشعبها. إن اليمن الطبيعية كوطن بحجم الحلم عند اليمنيين فلن يأتي التغيير إلا وفق هذا الحلم الكبير حيث تتلاشى كافة مظاهر الغبن والقهر لكي يكون وطن الجميع حيث تتحقق كافة الطموحات الفردية والجمعية ويتحقق معيار المواطنة المتساوية ومبدأ تكافؤ الفرص وكل بحسب قدرته وحاجته ويتحرر الناس من الحاجة وكافة أمراض المجتمعات الطبقية. ما يدور حاليا من دعوات للفيدرالية والكونفدرالية واللامركزية فهي دعوات يجب الاستماع لها لأنها تسعى لتخفيف غبن البيروقراطية الإدارية التي شوهت الوطن من وجهة نظر أصحابها فعلى الجميع النقاش بكل حرية لأن الناس لم تعد قابلة للقطرنة ولن يمكث إلا ما ينفع الناس 14- البعد الاقتصادي ويعد البعد الاقتصادي هو أهم الأبعاد ولعل النظريات التي تحاول ايجاد علاقات اجتماعية قائمة بين بني البشر كلها تتوخى البعد الاقتصادي الذي يعد محرك الصراع وكل البنى تنعكس في طبيعة الشكل الانتاجي الذي يحدد طبيعة المجتمع ويمكن التنبؤ بماّله ثمة نظريتان تحاولان اختزال كافة مجمل علاقات الوعي والوجود واللتان تدخلان في سياق الوعي والمادة وما بينهما مجرد تخدير مؤقت لن يفضي سوى إلى الشتات والتشرذم المساواة والعدل أو الطبقية والقهر ولا خيار ثالث !!
#عبدالحكيم_الفقيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقطة الوعي وغلافه الكوني
-
رشوا دمي في مدخل النايات
-
أي جمر ستقبض عليها أناملنا في هذا الوطن الجحيم؟
-
وأدخل قهوتك سكرا وأذوب
-
والغيم يهطل صيفا هنا
-
وشبابة الحزن تنفخ فيها الرياحُ
-
عن الشعر
-
هل سيجد آخر الأحياء من يدفنه؟
-
لتعز أسنان مسوسة وعقل سائس خذلته أوهام القرى
-
الحب دين الكل
-
الديمقراطية بين مدفع الحكومة وصميل القبيلة في اليمن
-
ماركس يعتنق الحب
-
حملوا على أكتافهم نعش الطيور
-
تحليل جذور اللحظة الراهنة
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|