|
وجادلهم ..... بالمتفجرات
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 10:53
المحور:
القضية الفلسطينية
من استبدل المبدأ الديني القرآني السمح ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) بشعار المحو والمسح ( قاتلهم بالتي هي أبشع ) ؟ من غيَّـر مفهوم الدين من (السلام) إلى (الحرب) ؟ أهو الدين ، أم هم مَن يدَّعونَ بأنهم رجال الدين ؟ إن الحقيقة المرة جد خطيرة ، فبتحليل كلمة ( الإسلام) نجد السلام والأمن والدعة ، وليس القتل والدمار والخراب . إنها المؤامرة على كل شيء في الوطن ... حتى يفرُغ الوطن من [الوطن] ولا يبقى منه سوى الاسم فقط بالأمس فقط يوم 14/4/2007م أقدمتْ مجموعةٌ مجهولةٌ (كالعادة) على تفجير مكتبة الكتاب المقدس في غزة . والمكتبة شعار ثقافي ، وشعارٌ على التسامح الديني بين المسلمين والمسيحيين ، وهي ركيزة من ركائز بنائنا الحضاري الفلسطيني التاريخي ، وهي من أهم أسس النضال الفلسطيني الذي ظللنا نفاخر به العالم أجمع . لم يلتفت كثيرون إلى خطورة ما حدث ، لأن تلك المكتبة يملكها المسيحيون الفلسطينيون ، فهي مكتبة متواضعةٌ تبيع الكتب الدينية المسيحية ، ولم يثر الأمر سوى المتابعين لما يحدث في غزة على وجه الخصوص. منذ سنوات والمخطط يستمر ، مخطط إفراغ الوطن من الوطن ! نعم منذ سنوات بدأ مخطط التفريغ على أيدي العصابات المشبوهة في فلسطين ، فقد تمكنت العصابات من تدمير البنية التحتية لأية دولة وهي [ البنية الأمنية ] والبنية الأمنية هي اللبنة الأولى والأساس لأي كيانٍ فقد شرع المستثمرون الفلسطينيون في مغادرة الوطن ، وانتقلت رؤوس الأموال الفلسطينية إلى الخارج ، فذهبت معظم شركات المقاولات لتغني ميزانيات الدول الأخرى ، فكثير من شركاتنا الفلسطينية تعمل الآن في كثير من الدول الأجنبية ، كما أن الشركات الفلسطينية الكبرى انتقلت من الوطن إلى بعض الدول العربية لتخدم الاقتصاد الإسرائيلي أيضا ! إن خطة تدمير البنية الاقتصادية الفلسطينية بدأت حين قامت العصابات الفلسطينية المسلحة بتفجير بعض البنوك ، ومطاردة وابتزاز أصحاب الشركات الكبرى ، وتدمير مشاريعهم وسرقتها علانية ، بلا حسيب أو رقيب ! فبعد إخلاء المستوطنات قامت العصابات بسرقة البنية التحتية الفلسلطينية الزراعية ، وهي أهم البُنى ، فسرقت الدفيئات والأراضي ، وكل محتويات الدفيئات وكانت تباع في الأسواق علانية على مرأى ومسمع جميع الفلسطينيين بدون أن نتمكن من التعامل مع هذا الملف الخطير ، وعلى العكس من ذلك فقد تواطأت جهاتٌ رسمية أيضا مع المخربين ودفعت لهم [إتاوات] نظير تقديم الحماية للدفيئات ، فدفعنا لهم ولأنصارهم مرتبات شهرية ، مكافأة لهم على سرقاتهم ! وتم تدمير المشاريع الصناعية والمدينة الصناعية في غزة ، وكان مصنع العصير الفلسطيني شاهدا على التخريب المنظم والمدروس والمخطط له لكي نظل [ وطنا ، بلا وطن] ودولة بلا دولة إلى أبد الآبدين ! ولإكمال حلقات تفريغ الوطن من الوطن ، بعد نجاح المخطط الأول قامت أخطر العصابات في التاريخ بتطبيق المرحلة الثالثة من الخطة ، وهي تصفيةُ [ الصحافة الحرة] وترويع المراسلين الأجانب ، تارة بالاختطاف وطورا بالابتزاز [ المشروع] فقد أصبحت صيغة الابتزاز صيغة مشروعة ، ومصدرا مهما في ثروات لتلك العصابات . وحينما فرغ القطاعُ من الصحافة الحرة ، ولم يبق سوى آخر جيوب الصحافة ، أقدمت العصابات على اختطاف الصحفي البريطاني ، مراسل الببي بي سي ألان جونستون ، وكان هذا الصحفي بما يرسله من تقارير عن معاناتنا ومأساتنا ليس معتدلا فقط ، بل كان منحازا لحقوقنا الفلسطينية المشروعة ، انحياز عدل وإنصاف . وواصلتْ العصابات عملياتها في المرحلة الرابعة ، وهي [ طرد] الشباب المتفوقين والمبدعين من الوطن وذلك بتخريب المدارس وسرقتها ، وإحراق الجامعات وتدمير محتوياتها العلمية ، والتدخل في شؤون الجامعات وتسييرها بقوة السلاح ، ومطاردة الأساتذة الواعين المخلصين وتقليص عددهم ، ليبقى الفاسدون ممن سيؤسسون لنا جيلا من الفاسدين والمفسدين . لذلك فقد أصبح التهجير من الوطن هو الطبق الشعبي الرئيس في فلسطين . أما الخطة الخامسة التي يجري تنفيذها فهي [ تصفية البناء الثقاقي] والمعرفي، فقد كنا نظن بأن [ إحراق المكتبات العامة] كان مطلبا احتلاليا ومؤامرة على ثقافتنا الفلسطينية في زمن الاحتلال المباشر لوطننا ، فقد أحرقت مكتبة الهلال الأحمر الفلسطيني لأنها كانت إحدى بذور التنوير في الوطن قبل قيام السلطة الوطنية ، واعتبرنا هذا الأمر فاجعة كبيرة ، وحملنا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الإحراق المتعمد . وقبل عشرة أعوام أحرقت مكتبة الثقافة والنور في عهد السلطة الوطنية ، واعتبرنا الإحراق جريمة في حق الثقافة الفلسطينية . وهاهي العصابات تواصل المخطط المدروس في إحراق البنية الثقافية الفلسطينية ، ففي كل ليلة تقوم العصابات نفسها بتدمير وإحراق محلات ومراكز ثقافية تنويرية ، فمنذ أيام أحرق مركز ثقافي في جباليا ، وقبل ساعات أحرق مركز ثقافي في بيت حانون ، أسست بنيته السيدة ابتسام الزعانين ليكون مركز إشعاع في هذه المدينة المنكوبة ، وكانت مديرته تستعد لافتتاحة يوم الحريق كحدث ثقافي فريد في هذه المدينة ! ومن الغرائب أن معظم عمليات التدمير تتم في الهواء الطلق ، بالقرب من سيارات الشرطة ومن الحراسات الليلية ! والأغرب من ذلك أنني لم أسمع عن أي ملف قضائي لمتابعة شبكات التدمير المنظم التي تسير في شوارعنا عارية مكشوفة تتحدانا جميعا ، ولم أقرأ في أية صحيفة عن متابعة قضايا الإحراق !! أليس ما سبق دليلا قاطعا على أننا جميعنا نساهم بصمتنا وإهمالنا ، في الجرائم المتوالية التي ترتكبها العصابات في حق الوطن ، وأننا نستحقُّ أن يثقال عنا : قضيتهم العادلة ...خسارة فيهم ! .... فهم لا يستحقون الوطن ولا أي وطن !
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
-
هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
-
هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
-
المرأة بين الحقيقة والخيال
-
المبدعون قرون استشعار
-
إحراق الكتب في فلسطين
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|