أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - آزاد جان - الانتخابات والسياسة في سورية: انتخابات الدورة التشريعية الماضية نموذجاً















المزيد.....

الانتخابات والسياسة في سورية: انتخابات الدورة التشريعية الماضية نموذجاً


آزاد جان

الحوار المتمدن-العدد: 570 - 2003 / 8 / 21 - 04:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


 

تكفل السيد اللواء علي حمود وزير الداخلية السوري بإسدال الستار على آخر فصول المسرحية الانتخابية. ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده من أجل إعلان أسماء "الفائزين" بعضوية مجلس الشعب في آذار الماضي، بدا معجباً كثيراً بالديمقراطية وحرية الرأي والشفافية في سورية.

لم يكن السوريون بانتظار مؤتمر السيد الوزير. كذلك لم يستنفر الشارع من أجل قدوم تلك الساعة التي تعلن فيها رسمياً نتائج "الانتخابات". كانت الأسماء متداولة في الشارع منذ اليوم الأول لعمليات الاقتراع والتصويت، وبعض الأسماء (الأكثر قرباً من مراكز التعيين) قبل ذلك. فعلى سبيل المثال كانت قائمة ريف حلب منشورة بأكملها في موقع عامودا على الإنترنت صباح اليوم الثاني من بدء التصويت.
قلما يعقد المسئولون السوريون مؤتمرات أو لقاءات صحفية كما في أغلبية الدول (غير العربية طبعاً)، ومع ذلك تجرأ السيد الوزير وتصدى للأسئلة المنمقة والمدققة التي طرحها الصحفيون الحاضرون في المؤتمر والتي كانت تخص جوانب إجرائية واستفسارات عامة.

السؤال الذي كان له دلالة سياسية دون أن يدركها السيد الوزير، جاء من صحفية (أظنها من وكالة الأنباء الفرنسية) وكان مفاده: هل لنتائج الانتخابات علاقة بأجواء الحرب على العراق؟ (حينها كانت نذر حرب العراق تقترب من بدايتها).
ما كان من السيد الوزير إلا أن يعبر عن رفضه ورفض "شعبه" للحرب على العراق، ولكن نتائج الانتخابات ليس لها علاقة بالحرب!
بهذا الجواب الصحيح قال السيد الوزير الكلمة الصحيحة الوحيدة في مؤتمره الغارق في الدجل والكذب والنفاق.
الصحفية طرحت سؤالاً من بدهيات السياسة: فكيف لا يكون لانتخابات مجلس الشعب في أي بلد علاقة بالظروف السياسية وتوجهات الناخبين و"الأحزاب" في ذاك البلد؟!
فالانتخابات في سورية - حقاً - ليس لها علاقة بالسياسة.

اغتيال السياسة:
منذ عقود والانتخابات تجري في سورية في ظل "خصوصية الديمقراطية" فيها، وعلينا أن نفخر بها ونرقص لها ليل نهار. تلك الخصوصية المرتكزة على غياب الأحزاب والقانون وحكم الأجهزة الأمنية وغياب المعارضة والإرهاب المادي والرمزي والفقر والفساد. "خصوصية" معادية للسياسة والمدنية والحضارة بكل المعايير. هذه الخصوصية التي تحتم - بالنسبة لموضوعنا (الانتخابات) - تعيين أكثر من نصف أعضاء مجلس الشعب غير خاضعين للانتخابات (قائمة الجبهة). والهامش المتبقي الذي "يتنافس" عليه المرشحون يبقى له وظيفة أخرى ألا وهي تكريس واقع الولاءات والاستزلام للسلطة من جهة عبر شراء الذمم وتغذية الولاءات والانتماءات التقليدية ما قبل المدنية كالزعامات العشائرية والطائفية والأسرية من جهة أخرى ليلعب النظام فعله التفتيتي والتذريري في المجتمع.
ثمة تحكم فظيع بالعملية الانتخابية من أولها إلى آخرها وضبط للمجلس المنتخب بعدها بحيث يبدو "برلمان دمى" بامتياز على حد وصف أحدهم.
يرتبط واقع الانتخابات ونتائجها في أي بلد بطبيعة النظام السياسي. ففي البلدان الديمقراطية التي تسود فيها تعددية سياسية وحزبية يكون التنافس على مقاعد البرلمان بين الأحزاب بالدرجة الأولى وجماعات الضغط والمنظمات والجمعيات والأفراد من جهة ثانية. في تلك البلدان يكون "الحزب" الوحدة الأساسية التكوينية في النظام السياسي. والحزب السياسي هو أداة ممارسة السياسة في تلك المجتمعات، و"يستحيل أن نقدر على تنظيم انتخابات في مجتمعات سياسية واسعة دون هذا النوع من التنظيم: الأحزاب" حسب ماكس فيبر. حيث أن كل حزب لا بد وأن يعكس مصالح فئات وشرائح اجتماعية معينة مهما ادعى أنه يمثل مصالح الأمة كلها أو الشعب كله.
في أنظمة الديمقراطية السياسية ثمة تداول وصراع للأحزاب بشكل سلمي. فالانتخابات، والحال هذه، ما هي إلا عبارة عن محطة اختبار لمصداقية توجهات الأحزاب وبرامجها السياسية والاقتصادية و .. إلخ، والبرلمان، وفق هذه العملية، يعكس لوحة الصراعات السياسية داخل المجتمع.
من وجهة نظر تاريخية، لا يلحظ المرء تعريفاً لـ "الحزب" سوى الذي يربطه بالانتخاب والاقتراع. والأحزاب ما هي إلا "تشكيلات جديدة هي بنات الديمقراطية وبنات الاقتراع العام"، حسب ماكس فيبر أيضاً.
في بلدان " نظام الحزب الواحد" حيث تغيب السياسة لا يبقى معنى لوجود الأحزاب أو عدم وجودها، وينسحب هذا الأمر على الحزب الواحد نفسه.
في سورية ومنذ أن نصب حزب البعث نفسه قائداً للدولة والمجتمع وأعلن حالة الطوارئ الشاملة، تمت مصادرة السياسة من المجتمع عن طريق سلب حرية الأفراد في التنظيم والنشاط والعمل والتفكير الحر وتوسعت دائرة الحظر والمنع ولينعكس ذلك على صعيد الدولة (المجتمع السياسي) أيضاً. ولم ينجُ حزب البعث نفسه من حالة الترهل والموات والهامشية السياسية في "قيادة الدولة والمجتمع". لا بد أن نصل إلى لب المشكلة هنا، فلا معنى للانتخابات السورية بغياب الأحزاب، وكذلك لا يمكن توقع تغير في الخارطة "الحزبية" السورية دون ممارسة سياسية تكون انتخابات البرلمان إحدى محطاتها الحاسمة.

مع بدايات الانقلاب على التجربة الليبرالية القصيرة التي شهدتها البلاد، حددت جميع السلطات التي استحوذت على كرسي السلطة هدفها الأول والحاسم: القضاء على جميع الأحزاب المتواجدة على الساحة السورية أياً كانت إيديولوجياتها عبر آلة القمع التي خصصت لها الدولة/السلطة جهازاً أخطبوطياً في تزايد مستمر كماً ونوعاً ودقة في التخصص (الجهاز الأمني)، ومن ثم استقالت الدولة من جميع وظائفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتتحول إلى محض "دولة أمنية" ومرتعاً للنهب والفساد. ليس عبثاً أن تعادي هذه النماذج من "أشباه الدول" التعددية الحزبية وحرية الاجتماع والتنظيم. ولأن الديمقراطية في بلادنا تمتلك خصوصية خاصة جداً جداً، فقد استعيض عن حرية تشكيل الأحزاب وممارسة النشاط السياسي بواجهة سُميت "الجبهة الوطنية التقدمية"، هذه الجبهة التي لا تملك من صلاحيات سوى "حرية" التصفيق والتصديق.
والمؤسسة التشريعية العليا في البلاد، البرلمان (أو مجلس الشعب بحسب التسمية المفضلة عند النظام) ما هو إلا إطار شكلي وديكور و"دمية" بيد أولئك الذين اغتالوا السياسة من المجتمع والدولة على السواء. إلا أنه يؤدي وظيفة "تمثيلية" (من التمثيل المسرحي) رائعة أسماها أحدهم "الوظيفة العكسية" أي إضفاء الشرعية على اللاشرعية (د. منصف المرزوقي). يتذكر الجميع في سورية تلك المظاهر المهينة التي جرت "تحت قبة البرلمان" إثر غياب الرئيس حافظ الأسد ومجيء ابنه الدكتور بشار الأسد، عبر عملية تغيير الدستور التي قام بها المجلس وقيامه بكامل وظيفته العكسية. فالمجلس ضروري وليس ديكوراً هنا. بنفس الطريقة الكوميتراجيدية التي عدل بها المجلس السابق الدستور (المادة 83 المتعلقة بعمر رئيس الجمهورية)، و"شرعت" بذلك الانتقال السلمي والهادئ للرئاسة.
وللتأكيد على فكرة مفادها أن حزب البعث أصبح حزب سلطة هامشياً (على حد تعبير د. عبد الرزاق عيد)، نتذكر تماثل طريقة استلام رئاسة الدولة وطريقة تبوؤ الدكتور بشار الأسد الأمانة العامة لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم.
لربما كان السوريون تناسوا أن هناك مجلساً يمثلهم ويشرع القوانين لولا بعض المحطات المشعة في مسيرة المجلس السابق. فمن تاريخ المجلس السابق يتذكر السوريون محطتان أو ثلاث محطات وهي:
المحطة الأولى: كانت تعديل الدستور في جلسة كوميتراجيدية غارقة في النفاق والوضاعة، من أجل تشريع عملية الانقلاب الأبيض على الدستور (والذي يعتبر من "المقدسات" ولا يحق لأي كان انتقاده لأبسط سبب!!).

المحطة الثانية كانت يوم إلقاء خطاب القسم من قبل الرئيس الجديد بشار الأسد. وتفاءل إثره السوريون خيراً لما تضمنه من مفردات كانت من المحرمات سابقاً: الرأي الآخر والشفافية ..

الثالثة كانت حادثة رفع الحصانة عن عضوي البرلمان السوري (مأمون الحمصي ورياض سيف) ومحاكمتهما فيما بعد بأحكام قاسية وجائرة كونهما تخيلا أن عضويتهما في مجلس الشعب سوف تمنحهما حصانة لما سيطالبان به، وكان همّ الرجلين دوماً التذكير والإشادة بمشروع الإصلاح والتطوير والتحديث، إلا أنه لم يشفع لهما كل ذاك فكانا "غير متوجهين بالزمان والمكان".

في تاريخ المجلس الحالي هناك - حتى الآن - حادثة واحدة تذكرنا بوجود المجلس هي الكلمة التي ألقاها الرئيس بشار التي كانت بمثابة إعلان استمرار الحرب التي تقودها السلطة ضد المجتمع، عبر التهديد والوعيد والتخوين، ولتعيد إلى الأذهان الشعار الذي لم ولن ننساه، سورية في "حالة حرب" حقيقية: حرب السلطة على المجتمع.

----------------------------------------------------
* كاتب سوري
 

 



#آزاد_جان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -كان بمقدوري وضع سلاح نووي عليه ولكن اخترت عدم ذلك-.. لسان ح ...
- زيلينسكي يثور غضبا على البرلمان بعد إلغاء اجتماعه إثر ضربة - ...
- قتلى وجرحى في قصف ببيروت وعمليات الإنقاذ مستمرة
- مودي سيستقبل بوتين بغضّ النظر عن امتعاض واشنطن
- كمسومولسكايا برافدا: روسيا حذّرت كييف والغرب.. ماذا يعني تصر ...
- ألمانيا تكشف عن دورها في الخطة العملياتية لحرب -الناتو- مع ر ...
- ترامب يعتزم إقالة مكتب المدعي الخاص جاك سميث بأكمله انتقاما ...
- كوريا الشمالية تتهم واشنطن بمفاقمة الوضع في المنطقة
- إسرائيل تفكر بتزويد أوكرانيا بالسلاح
- هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - آزاد جان - الانتخابات والسياسة في سورية: انتخابات الدورة التشريعية الماضية نموذجاً