تفجير جسر الصرافية جزء من مخطط متكامل لتركيع شعبنا وتوقيته جزء من الخطة الامنية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1885 - 2007 / 4 / 14 - 12:20
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

باشرت قوات الاحتلال منذ اليوم الاول لاحتلالها في تهديم كل معلم حضاري وكل تراث تاريخي يفخر به شعبنا ويعزز ثقته بنفسه وبقدراته ويجسد اصالته وغزارة تجاربه ويعكس انجازاته ومساهماته في صنع الحضارة الانسانية. فاباحت تخريب ونهب المتاحف العراقية واستباحت المواقع الاثرية وهدمت المعاهد والمختبرات العلمية ونظمت قتل واختطاف المئات من العلماء والمربين وتهديد الالاف ودفعهم للهرب، فضلا عن تفجير اشهر معلم حضاري عراقي واكب تطور الطموح الثقافي للشعب العراقي عبر مئات السنين وقاوم كل محاولات نزع هويته الثقافية وسماته المترسخة عبر الاجيال وميزته كملتقى لجميع المثقفين العراقيين بل واصدقائهم من العرب والاجانب ولكل باحث عن مناهل العلم والادب والفن واخيرا وليس الاخير تفجير جسر الصرافية وسحق كل ما ارتبط ويرتبط به من اعتزاز ومشاعرالعراقيين وذكريات كفاحهم بافراحها واتراحها لاحكام هيمنة البؤس واليأس في مواجهة هذا الجبروت العسكري والسياسي والايديولوجي ولكن هيهات!!
فعلى الرغم من مرور اربعة اعوام لم تستطع الامبريالية الامريكية بكل وسائل واساليب تركيع الشعوب التي خبرتها واستعانت بها من ترسانة الاقطاب الامبريالية السابقة وما ابتدعته اجهزتها العسكرية ومعاهدها ومختبراتها لم تستطع قهر مقاومة شعبنا ولا التقليل من ما تتكبده قواتها من خسائر وتضحيات . وفشلت جميع ادواتها المجربة والحديثة من ادارات سياسية تابعة ومنظمات ارهابية مدربة على اعمال قتل وابادة استثارت غضب العالم وادانته، كما فشل سلاح تركيع الشعوب المجرب بزرع اشكال من التفرقة القومية والدينية والطائفية ، حتى اليوم في تمزيق وحدة شعبنا ، بل يتصاعد وعيه بمخططاتها وكشفه لادواتها بما فيها المليشيات الطائفية ومختلف اشكال فرق الموت التي تديرها وتسلحها وتحميها.
وبعد فشل عشرات مشاريع تركيع شعبنا بتنظيم خطط امنية جهنمية، وتصاعد الادانة العالمية لما يعانيه الشعب العراقي من عمليات ابادة منظمة، جندت الادارة الامريكية خيرة خبرائها العسكريين وحلفائها السياسيين فضلا عن كبار القادة العسكريين الاسرائيلين لوضع الخطة الامنية الحالية. للاستفادة من تجاربهم ضد الشعب الفلسطيني. فمنذ بدء تنفيذ الخطة في اواسط شباط الماضي يجري تمزيق بغداد على اسس طائفية حيث يجري تطويق المناطق وفقا لتركيبها الطائفي واقامة عوازل كونكريتية فيما بينها شبيهة بالجدار الاسرائيلي الذي مزق الاراضي الفلسطينية ، تحرسها مفارز مسلحة وحواجز امنية على شكل مجمعات يزيد عددها على 48 مجمع ذات مداخل محروسة لايسمح بتجاوزها الا ببطاقات شخصية جديدة، وقواعد مشتركة مع قوات الامن العراقية ومعززة بتواجد عسكري امريكي ضخم في خمس قواعد عسكرية مجهزة بكل الامكانيات العسكرية يدعمها 40 الف جندي امريكي ، استعدادا لشل كل تحرك شعبي خلال عرض قانون النفط والغازعلى البرلمان العراقي لتشريعه، في مدة لا تتجاوز الشهرين ، كما صرح وزير النفط العراقي، املا في تحقيق نصر استراتيجي يمكن ان يغطي على كل اخفاقات الادارة الامريكية الحالية ، وفي استعادة بعض مواقعها على الصعيد الوطني والعالمي. فجاء توقيت تفجير جسر الصرافية لاستكمال الخطة الامنية في تمزيق بغداد وعزل مناطقها وجماهيرها . ورغم كل محاولات تستير عملها الاجرامي يجري الترويج للعديد من الاحتمالات التي لم تنطلي على الشعب العراقي . فالتفجير الذي ادى الى صهر جميع مكونات الجسر المعدنية وانهياردعائمه لايمكن ان تحدثه عشرات العبوات الناسفة والسيارات المفخخة. انه نتيجة صاروخ يحمل سلاحا يجري تجريبه لاول مرة، بعد ان حولت الادارة الامريكية شعبنا ووطننا الى مختبر لجميع اسلحتها الفتاكة الحديثة. فقد منعت قواتها المرور على الجسر قبل ساعة من تفجيره.
ولاشغال الرأي العام العراقي والعالمي عن هول جريمتها هذه واستكمالا لمخططها في تمزيق وحدة الشعب العراقي من خلال المليشيات الطائفية واطلاق حرية نشاطاتها في القتل والخطف والتفجير لتشمل حتى المنطقة الخضراء ، جرى التفجير في مطعم البرلمان وليقتل اثنين من اعضاء البرلمان سبق ان هددا بالاغتيال من قبل مليشيات معروفة وجرح عشرين اخرين. ولم تنطل على شعبنا هذه الجريمة واهدافها. اذ لايمكن تجاوز جميع مراحل التفتيش في المنطقة الخضراء من أي قوة ارهابية دون موافقة قوات الاحتلال. فالحاجز الاول للجيش العراقي والثاني للقوات الجورجية والثالث للقوات الامريكية حيث يستخدم جهاز السونار للكشف واجراء التفتيش الدقيق في خيمة قبل الوصول الى الحاجز الاخير، يتولاه بيروفيون مسؤولون عن التفتيش الدقيق. وقبل الوصول للبرلمان توجد نقطة للشرطة العراقية مسؤولة عن طلب البطاقة الخاصة بالدخول حيث يتم فحصها بجهاز الكتروني . ومع ذلك سمح لثلاث نواب رفضوا اخضاعهم ومرافقيهم للتفتيش يومها.
لقد تعود شعبنا على تحويل آلامه واحزانه الى طاقات جبارة لمواصلة مقاومته للاحتلال الامريكي وافشال كل اسلحته الفتاكة وادواته السياسية والارهابية والطائفية وحماية وحدته معززا ثقته بقدراته وبدعم وتضامن شعوب العالم التي بدورها صعدت من مقاومتها للهيمنة الامريكية مستفيدة من تضعضع مواقعها وطنيا وعالميا بفضل ضربات مقاومة شعبنا، كما يجري في امريكا اللاتينية. و يتصاعد تحرك الاقطاب الامبريالية الاخرى مستفيدة من تردي اوضاعها الاقتصادية وسمعتها الدولية للنيل من موقعها كقطب اكبر للعولمة الراسمالية وما يترتب عليه من هيمنة على القرارات الدولية والمنظمات العالمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية. ومن خلال كل هذا يغذ شعبنا وعموم البشرية مسيرتهم الموحدة نحو النصر.

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات