يحيى السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1885 - 2007 / 4 / 14 - 11:58
المحور:
الادب والفن
بقال الحارة استغنى عن السِلال...
أضحى يبيع القماش الأبيضَ والأسودَ ...
منذ شهرينِ
والنجّارُ لم يُنجِزْ سرير َ طفلتي
إنه منشغِل ٌ بصنع التوابيت الخشبية ...
وبائع الزهور يفترش الان الأرصفة َ
أمام بضاعته من ثيابٍ مستعملة ٍ
ملطخة ٍ بدموع الذكريات ...
آه
إنّ للأسواق ِ رائحة ً لم أألفها من قبل ُ
كرائحة الخوذات الفولاذية
التي تركها الجنرالات " الأشاوس "
حين استبدلوا بجلودهم" الخاكيّة والزيتونية َ "
فانيلات ٍ بيضاءَ
متجهين الى الضفة الأخرى من نهر الدم
لاستلام " أنواط الشجاعة "...
أشعر ُ بالإختناق ـ مع أني في مدينتي
وليس في سفينة للقراصنة ..
**
دماملي لا تحتاج مِبضعا ً
دعوها تنفجر ُ من تلقاء قيحها
فما جدوى شفاء جرح الجسد
إذا كانت جراح الروح عصيّة ً على الشفاء ؟
مَنْ يُنقِذني مني ؟
في الوطن أفكر بالمنفى
وفي المنفى أفكر بالوطن !
قد أكون جالسا ً الآن على بقايا غابة ٍ أفريقية
أو داخل خميلة ٍ استوائية ٍ
مع أني في " السماوة " !
آه ٍ لو أعرف أية َ شجرة ٍ كانت بالأمس هذه الأريكة ؟
حتى وأنا مستلق ٍ على سريري في بيتي
أشعر أنني مستلق ٍ خارج الوطن ..
فالأشجار في وطني لا تستخدم لصنع الأسِرّة ِ
أو أراجيح الأطفال...
إنما لصنع المشانق والهراوات
والمنابر ِ التي يُباعُ من عليها الوطن ُ
في صالات بَيْعَة ِ " المهيب " المدجج ِ بالضغينة ...
أما الأرائك فإنها تأتي من غابات بعيدة ٍ بعيدة
بعد الحرية عن وطني المعتقل !
**
لماذا يستميت الطغاة
من أجل الجلوس على كرسي السلطة ؟
أمس ِ رأيت ُ شحاذا ً يجلس على الرصيف
فذهِلت ُ ...
لقد اكتشفت أنّ كلا ً منهما يجلس على " عجيزته "...
كلاهما يجلس على مؤخرته ...
ربما لهذا السبب
غدت ْ سيماء الأباطرة في " مؤخراتهم "
من أثر التشبث بالكراسي..
بينما سيماء الصعاليك في عيونهم
من أثر التحديق بالأفق .
**
من " جرح باتساع الوطن " الصادر عام 1992
#يحيى_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟