الخميس 2003-08-14
طيلة عشرات السنين أوصلت السياسة الرسمية بواسطة أحزاب الحكم العديد من ممثليها الدروز الى الكنيست والمجالس المحلية والعديد من المؤسسات الأخرى، وكانت نسبتهم أعلى من أصحاب حق الاقتراع بكثير، والسؤال لماذا؟؟ هل عاد هذا التمثيل بالخير على ابناء الطائفة العربية الدرزية؟؟
هل مصادرة الارض للقرى الدرزية مشروع تطويري!! وماذا كان موقف معظم هؤلاء؟ شاركوا في حملة الضغط والاقناع والتهديد للمواطنين، هذه هي الحقيقة، فماذا تعني درزيتهم؟ وانا أريد ان احصر هذه التساؤلات حول العرب الدروز خاصة، ناهيك عن مصلحة كل الأقلية القومية العربية؟!
كان يكفي ان يصل أحد هؤلاء الى عضوية البرلمان مثلا فترتاح الطائفة على تعبها وتقوم الاحتفالات وقد تحققت الكرامة الموهومة! ونفاخر بها.
وكيف مع هذا العدد الكبير من الممثلين لا زلنا نعيش في بحبوحة من الاضطهاد والتمييز والتأخر في كافة المجالات!! ماذا عملوا وماذا كان دورهم!!
* هل مؤامرة السلطة المسمومة في اختراع القومية الدرزية هو مشروع مبارك!! وكل ذلك بتواطؤ من هؤلاء الخدم الأمناء لسياسة الأحزاب الصهيونية، كيف تتطابق هذه الكرامة المزعومة مع التنكر للأصل والجذور والمصالح الجوهرية؟ وأين هذا التزلف من قبل هؤلاء الى أعلام وطنية وقومية وانسانية امثال سلطان الأطرش وكمال جنبلاط وشكيب ارسلان وعادل ارسلان ووليد جنبلاط؟
وكيف يتلاءم ذلك مع خدمة الاحتلال والاستيطان والفصل عن الأصل؟؟ والسير في طريق الضياع والانغلاق والتعصب واعانة سياسة الظلم والاضطهاد والمصادرة؟؟ واتباع أساليب خسيسة!!
* هل اختراع التراث المزيف بتواطؤ بعض المثقفين الفارغين الإمّعة هو في مصلحة جماهير الدروز؟! أو جزء من مخطط سلطوي مخابراتي لتشويه سمعة ومكانة هذه الطائفة العربية الأصيلة وإعطاء ابنائها دور قوزاق القيصر وفي نفس الوقت ليس فقط ان قرانا لم تسلم من المصادرة بل أن هذا الزحف مستمر اليوم بوتيرة خطيرة بواسطة عدد كبير من السماسرة والشركات والمؤسسات الصهيونية التي تعمل على قلع جذورنا من ارضنا وبالتالي من وطننا!! كيف حال درزية هؤلاء السماسرة؟؟
* هل هذا الفصل بين مجالسنا المحلية وبقية المجالس العربية فيه ذرة من المنطق والأخلاق والمصلحة؟ هل عاد هذا المخطط على قرانا بالخير؟ اذا لماذا هذه المظاهرات والاعتصامات من مجالسنا المحلية ضد الغبن والتمييز والاضطهاد؟؟
* هل توسيع المقابر العسكرية بسبب سياسة الاحتلال والعدوان هو مشروع خيري؟؟ وبالمقابل تضييق الخناق علينا كأحياء!! نكتفي بالقول: هذا أمر الله. وهل نجاح هذا الرئيس وفشل ذاك والطوشات والاجرام التي تؤججها السياسة الرسمية ليسهّل عليها بلع بقية حقوقنا من مختلف الحارات والاحياء والعائلات والأحزاب وقوائم انتخابات المجالس المحلية؟ لماذا لا ينطبق على هذا قول: هذا أمر الله، لماذا هذه الشجاعة في الطوشات دفاعًا عن كرامة بائسة ضد بعضنا، وهذا التقاعس عن مصادمة العدو الوحيد لنا المتمثل بسياسة النهب والسلب والمصادرة؟ كيف التعايش مع هذه الازدواجية والوجهنة والتملق والكذب على الباري وعلى عبيده؟؟
* هل محاولة تغيير عقيدتنا واستعمال شعائرنا الدينية والروحية ومقدساتنا منصات ومنابر لممثلي الحكم باطلاق التهديدات على شعبنا العربي وامتنا العربية والاسلامية هو مشروع حضاري؟ كيف نسمح بتغيير اعيادنا ومصادرتها من قبل سياسة عنصرية مجرمة بتواطؤ أيضًا من بعض رجال الدين؟ هل هذه شجاعة التوحيد والايمان؟ أين مجلدات الوعظ الذي نسمعه في كل مناسبة والذي نعمل نقيضه تمامًا؟
هل المساقة والمداراة والمخادعة والتزوير والكذب والبهتان والفساد والجبن والسمسرة والتلون والضعة والرخص جزء من أخلاقياتنا؟ حاشا وكلا وأعوذ بالله!! لسنا هكذا ولا نريد ان نكون.
* هل التجنيد الاجباري المخابراتي وبتواطؤ من بعض الزعامات والممثلين المفروضين علينا فرضًا هو مشروع لصالحنا؟ اجتماعيًا وسياسيًا واخلاقيًا واقتصاديًا وضميريًا وانسانيًا؟؟ أي خدمة للوطن هذه؟ كيف يفرض على ابنائنا الدفاع عن الاحتلال والمستوطنين العنصريين ولا نستطيع الدفاع عن أرضنا وأطفالنا ومدارسنا وحقوقنا؟ أي منطق مشقلب هذا؟؟ لقد قام هؤلاء الممثلون بالدور الذي خطط لهم خير قيام منذ تأييد الحكم العسكري ولغاية اليوم؟ الأمل ليس في هؤلاء بل في الجموع والناس. أية مواقف وتفوهات بذيئة عفنة يطلقها بعض هؤلاء الممثلين اليوم بمنتهى الحقارة والرخص واللقمطة والدناءة؟ هل هذا جزء من كرامة الطائفة الدرزية ومكانتها؟
* هل رُسل السلطة الدروز الى لبنان والجولان وأقطار عديدة في العالم لمحاولة تجنيدهم لخدمة الحركة الصهيونية هي ميزات رجولة وشهامة؟؟ أقمط بهيك مشاوير ومحاولات دسّاسة نخّاسة دنسة تدوسها أقدام الشرفاء في كل مكان.
أية مصداقية لهؤلاء الخدم والخوَل للحركة الصهيونية؟ وكاتب هذه السطور يعرف تمامًا ان بعض هؤلاء المبعوثين الرخيصين طردوا وبصق في وجوههم واكثر من ذلك بكثير، هكذا حدث في لبنان والجولان والاردن وأقطار اخرى والله على ما أقوله شهيد.
* هل تأدية الواجبات الدينية والاجتماعية - وهي قيم انسانية سامية باسقة يجب المحافظة عليها هي كل ما يطلب منا لنقوم بدورنا الانساني والقومي والطائفي ونصم آذاننا عن هذا البحش والحفر المستمر على أصلنا وجذورنا ووجودنا؟
* هل التعصب الأعمى لكل ما هو ومن هو درزي حتى لو كان خطأ وغلطًا وجرمًا وجاسوسًا هو من شيمنا؟؟ العوذ بالله من هذه المعايير التي هي اكبر عار ومعيار لشرفنا وشهامتنا.
غدًا سيكون اكثر خطورة من اليوم إذا لم نقف في وجه هذه المهانات وهذا الإذلال لنا جميعًا. يجب ان ترجح كفة الصدق والشجاعة والاستقامة والاخلاقيات المجيدة والمجاهرة بقول الحق بعيدًا عن المجاملات الفارغة القشورية المائعة الشكلية. نعتز بانتمائنا الى عشيرتنا ذات التاريخ المجيد الغني، نعتز بانتمائنا الى شعبنا وامتنا ولغتنا وثقافتنا وايماننا وعقيدتنا التي تنبذ هذا الرخص، وهذا التواطؤ الواطي. نعتز بانتمائنا الى انسانيتنا الرحبة الواسعة والقوية والشهمة الشامخة، وان نتمسك بقيم السلام العادل والمساواة وأصالة الانتماء والدمقراطية والخروج من بوتقة هذا الانغلاق العكر الرّنق، هذا هو مستقبلنا في وطننا وأرضنا، هذا هو مستقبل أطفالنا.
كيف نحاصر حرية المرأة وأحيانًا بتزمت ومبالغة تتنافى مع الحياة باسم المحافظة على العرض والشرف - وكلنا من اجل العرض والشرف - وفي نفس الوقت نرهي ونرخص بشرف وعرض وكرامة طائفتنا المعروفية جمعاء!! هذا دورنا في البيت والمدرسة والديوان والمناسبة الاجتماعية والروحية وفي هذا الأمر المصيري يستحيل الوقوف على الحياد موقف المتفرج واللامبالاة.
والامل منوط بالجيل الشاب الذي يجب ان يخرق حواجز الظلم ووالانقسامات الفئوية والتقوقع ورد هوة الانحدار الى الآفات الاجتماعية والمخدرات المحفورة لنا، وأن يتربى هذا الجيل على القيم الناصعة الوضاءة والأهداف النبيلة في الحياة في العلم والعمل الشريف وكلما كان ذلك أسرع وأشل كلما كان أسلم وأفضل، هذه هي الثقافة التي نصبو اليها ونعمل من اجلها.
نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/