|
مسرحية-حذاء ملكي
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 1891 - 2007 / 4 / 20 - 04:56
المحور:
الادب والفن
~ مسرحية من فصلين شخوص المسرحية """""""""""""" صباح ابنتا سفير انتظار
تاجر انتيكات خالد وكيل احد التجار الفصل الاول صالة قديمة الاثاث ،كانت لحياة على اعتاب الغنى ،في بيت سفير سابق ،وانتاه في سبيل تصفية تركته . صباح الكبرى في الثلاثين من العمر .. وانتظار في الخامسة والعشرين . انتظار : (وهي تدخل على صباح المنهمكة في البحث في احد الادراج وهي ترفع حذاءاقديما بمستوى صدرها) ياحبيبتي وان كان حذءا ملكيا ،فانه ،وفي النهاية ،مجرد حذاء لااكثر .. ثم ان .... صباح : ولكن ابي كان يحتفظ به ....؟ انتظار : اعرف، اعرف ؛ولكن لاية مناسبة ؟ ماذا سيفيدك الاحتفاظ به انت شخصيا ؟ صباح : انا ؟ لاشئ على الاطلاق .. ولكن ابي ... انتظار : وابي ميت الان ! صباح : ولكن احترام ذكريات الاموات شئ من قبيل الحب والوفاء لذكراهم .. انتظار : اعرف كل هذا ؛ ولكن ،ومن الناحية العملية ،لن يزيد او ينقص الوفاء لذكرى ميت ما الاحتفاظ باي من اشياءه بعد موته .. هل رأيتي احد الموتى عاد الى الحياة ليلقي نظرة استمتاع او حتى لمجرد الاطمئنان على ذكرى او أي من اشياءه ؟ (وكالمتأملة ) وانت ستوصين احد اولادك الاحتفاظ به ... ثم ؟ صباح : (بتردد) هكذا ! انتظار: كثيرة هي الاشياء غير المبررة في هذه الحياة ياصغيرتي ،اعرف هذا .. ، وكثيرة فقراتها التي تدرج تحت عنوان هكذا ،ولكن ليس ليس مع حذاء بائس بامكاننا ان نكسب ربما ثروة . شصباح :(تبدو على وجهها ظلال اشمئزاز ) انت تمتهنين الحياة بتبسيطاتك هذه .. ،تبسيطاتك مفزعة .. مفزعة فعلا ! انتظار: (بشئ من الحدة) بل قولي اني اقلل من حجم ضجتها ! وهذا هو ما يفزعك . صباح : (مشمئزة) وليكن ...! انتظار: ولكن ليس بحذاء قد يأتي ببعض المال ونحن بحاجة لكل فلس .. صباح: (بنفس اللهجة وهي تتجه الى الداخل) افعلي ما تشائين . انتظار: مهلا .. صباح: (ضجرة) ماذا ايضا ؟ انتظار: صباح انا لم اقتل طفلا ،ولم احرم انسانا سببا من اسباب الحياة .... صباح: (مقاطعة) حسنا! حسنا! انتظار: صباح انا... صباح: تريدني ان اكون راضية لترضي ضميرك ..ها ؟ انتظار: (ساخرة من سذاجتها) يالسذاجتك ! (تنسحب صباح الى الداخل .انتظار لوحدها تزول رقم هاتف) الو... نعم ،هل انت السيد ظافر ؟ جسنا ،معي هنا حذاء ملكي ...نعم ملكي للبيع ...نعم ؟ يعود لاحدى ...لنقل احدى ملكات السويد ...نعم ...انا بانتظارك ..شكرا.(تضع سماعة الهاتف وتتهالك جالسة على المقعد القريب) حقا ان ما ورثناه ورثناه وانتهى الامر!والكثير منا يداري بالنظر من ثقب الابرة خوف ان تصدمه حقيقة وجهه في المرآة !ماذا يعني الاحتفاظ بحذاء لبسته ملكة ؟(تدخل صباح هادئة) وماذا سيقدم لنا حتى ظهور سندرلا جديدة ! صباح: اتصلتي بتاجر الانتيكات ؟ انتظار: نعم . صباح: وكم ستطلبين ثمنا له ؟ انتظار: علينا اولا ان نقنعه بان الحذاء يعود لملكة ... صباح: (ترفع الحذاء وتتملاه) وكيف ستفعلين ذلك ؟ انتظار: ما رأيك انت ؟ صباح: لن يسعفنا سوى جودة خامته وقدمه الواضح . انتظار: ولكن تاجر الانتيكات لايأكل من هذا الكلام .. صباح: واذن ؟ انتظار: علينا التفكير بهذا . صباح: ثم انا لانعرف حتى اسم صاحبته ...؟ انتظار: بكم سنة تقدرين عمره ؟ صباح: اتذكر ان ابي قال ان عمره يزيد على تسعين عاما.. انتظار: وهذا واضح عليه تماما ..ثم ان كل شئ فيه يدلل انه ملكي ،من كعبه الى شريطه . لنقل اذن انه يعود لوالدة الملكة الحالية ..،وانها لبسته يوم دخولها الجامعة ... ما رأيك ؟ صباح: (ضاحكة) انت طباخة ماهرة ! انتظار: مؤامرة صغيرة لن تضر بمقتني حذاء قديم لمجرد ان ملكة لبسته لبضعة ايام . (تضحكان) . صباح: معك حق . لنصر على عشرة ملايين ولنر . انتظار: (مقهقهة) من منا الطباخة الماهرة الان ؟(صباح تشاركها الضحك) . صباح: (تطلق زفرة)التورط نصيبنا العام ...،كما قال ذلك الانكليزي العتيق . انتظار: (متأملة) معك حق . صباح: (تقلب الحذاء) كيف سيكون شكله ... اعني بم سيختلف هذا الحذاء في قدم ملكة عن قدمي ؟ انتظار: سيكون حذاءا ملكيا ! صباح:معك حق .(فترة صمت) كيف تتوقعين ان يكون تاجر الانتيكات ؟ انتظار: كباقي التجار ...وبم سيختلف عن غيره ؟ (وبعد لحظة ،غامزة) ام عنيت ... (تضحكان) . صباح: كل ما في الامر هو اني احاول ان اتخيله بسيطا لتسهل علينا مهمة اقناعه بملكية الحذاء . انتظار: وهل تشكين انت في هذا ؟ صباح: كلا .. ولكن التاجر من هولاء يصعب اقناعه بحقيقة بأدلتها الدامغة ،فما بالك بحذاء بلا هوية اثبات ؟ انتظار: معك حق . صباح: وماذا ستفعلين بالمال ؟ انتظار: (يفاجئها السؤال) الحق ...لاادري ؛ فانا ،وكما تعرفين ، بلا عادات ولست ممن يولعون بالاقتناء . صباح: ولهذا السبب سألتك . انتظار: (تشيح بوجهها .. تخطو بضع خطوات كمن ... كمن يتهرب ) الحقيقة هي اني بلا مشكلة !انا كالبطر الذي يمضي وقته في ترويض اصابعه على الامساك باشعة الشمس ! صباح: (مصدومة من غرابة كلام انتظار) انتظار، ماذا تعنين بحق الله ؟ ايعقل هذا ؟ايوجد شخص على وجه الارض لايعرف فيم ينفق المال ؟ انتظار: (بهدوء حكيم)كلا طبعا ! صباح: واذن ؟(ومتذكرة) ثم كيف تكونين بلا مشكلة ؟ انتظار: (بنفس اللهجة) ما عنيته هو ان اصابعي تدور خارج دائرة اسمي ! صباح: (تجحظ عيناها دهشة) انتظار ! الا يستطيع الفيلسوف ان يتفلسف بكلمات ابسط ليفهم غيره؟ انتظار: (بهدوء) لو كنت فيلسوفة لقلت لك كلا ! صباح: (ساخرة) كان بودي ان افهم الاولى ! (صمت) ولكن ... انتظار: صباح انا اصدع رأسك بتفلسفي العقيم ..،لم لاتخبريني انت عما ستفعلينه بالمال ؟ صباح: انا سأشتري سيارة جديدة ،واساعد خطيبي كي نتزوج في اقرب وقت .. لو تعرفين كم ارغب بطفل ..(صمت) وانت ، الا ترغبين بطفل ؟ انتظار: (يفاجاها السؤال) انا ؟ الحقيقة اني لم افكر في هذا الامر . صباح: (باستغراب) لم تفكري في الامر ؟!احقا ثمة ما يشغل أي كائن عن التفكير باشباع غرائزه ؟ انتظار: (كمن امسك به متلبسا بجرم) انا قلت او عنيت اني لم افكر في الامر مليا .. ثم ليس هذا كل شئ و.... صباح: (ببعض الحدة) ومادمت لاتحتاجين للمال فلم اصرارك على بيع الحذاء اذن ؟ انتظار: انا لم اقل اني لااحتاج المال على الاطلاق .. صباح: وماذا يعني هذا ؟ انتظار: هذا يعني اني احتاج المال لاشباع الحاجات التي لايمكن دفعها فقط .. وهذا يعني ان المال الكثير لن يمنحني او يحقق لي الكثير . صباح: (يبدو عليها انها فهمت جزءا مما عنته انتظار او تجاوزته) والرجل ؟ انتظار: (يبدو لها السؤال كخنجر اشهر في وجهها فجأة) الرجل ؟ بالتأكيد ...ولكن ليس على طريقتك . صباح: ليس على طريقتي ؟!واذن ....؟ انتظار: فقط انه لن يكون كل شئ .... صباح: وانما ؟ انتظار: رفيق فقط . صباح: ومعي كيف سيكون برأيك اذن ؟ انتظار: (محرجة) زوج فقط ! (يسمع جرس الباب الخارجي) صباح: (تصلح هندامها) دعينا الان من جنونك هذا ولنستقبل هذا التاجر بهدوء .(تذهب لفتح الباب بينما تحمل انتظار الحذاء لتضعه في وسط الطاولة التي تتوسط الصالة) . انتظار: ها نحن نخلع عليك الصفة ...عجل او حذاء !لايهم ،المهم صار عندنا ما ندور حوله ! صوت صباح من خارج الصالة: اهلا وسهلا نتفضل ... (تدخل يتبعها التاجر) . التاجر: اهلا بك ياآنستي . صباح: (تشير الى انتظار) انتظار اختي . التاجر: (يصافح انتظار بحرارة) اهلا وسهلا . انتظار: (يربكها خجلها) أهــ ـ ـ لا ... وسـ ـ ـلا (تستدير لتداري ارتباكها) هـ ... هذا هو الحذاء صاحب الشأن سيدي . التاجر: (يضع نظارة طبية على عينيه ويقلب الحذاء) حذاء عادي ! صباح: وماذا كنت تتوقع ؟ التاجر: حذاءا ملكيا كما اخبرتني ؛ملكيا خالصا ! انتظار: وكيف يكون ؟ اعني ما هي مميزات او امتيازات الحذاء الملكي .... الخالص برأيك ؟ التاجر: (يعيد تقليب الحذاء وتفحصه) ليست كل النساء ملكات ياسيدتي .. ، وبالتأكيد لن يكون الحذاء الذي ترتديه ملكة حذاءا عاديا ! ولمن يعود هذا الحذاء ؟ انتظار: اعتقد لوالدة ملكة السويد الحالية ... ويعود لايام دخولها الجامعة . التاجر: (يغمز غمزة شك) هذا يعني ان عمره يقارب القرن .. حسنا ،وكيف تثبتين صحة هذا الادعاء ؟ هذا يعني الكثير ،بالنسبة للزبائن كما تعرفين . صباح: نعم ... نعم .. التاجر: (الى انتظار وهو يكرر غمزة شكه) هل معك ايصالا من مزاد عالمي مثلا.. ، او أي مستند يثبت هويته ؟ انتظار: كلا في الحقيقة لااملك مثل هذا المستند ؛ ولكن ابي اشتراه من مزاد ما من السويد .. صباح: (محاولة دعم حجة انتظار ) ابي كان يعمل سفيرا هناك .. التاجر: نعم ياسيدتي ،ولكن ... اعني ،ومن الناحية العملية ،الحذاء بلا هوية!(يبتسم ابتسامة انتصار ) وهذا يعني ان الحذاء حذاءا عاديا تماما ! انتظار: الحقيقة نحن لانملك غير كلام ابي عن هويته ولك ان تصدقه او لا تصدقه . التاجر: (يعيد تفحص الحذاء) نعم ،نعم افهم ولكن ... (يحدق في وجه انتظار بشهوة فترتبك) هل تسمحين لي بالجلوس ياآنستي ؟ انتظار: (تنظر الى صباح فتومئ لها صباح موافقة) بالتأكيد تفضل . التاجر: (والحذاء ما زال في يده) شكرا . (يجلس) اذن ،نحن ندور حول حذاء بلا هوية . صباح: (بشئ من الحدة) انت الذي تدور .. التاجر: (وهو يحاول قراءة كامات ما في باطن الحذاء) نعم يا آنستي ... (يرفع نظره اليها وهو يكتم دهشة) انا آسف ياسيدتي ،ولكن هل لي بكوب من الشاي ؟ صباح: بالتأكيد . التاجر: شكرا . (تخرج صباح) هلا جلستي ياآنستي ..؟ (تجلس انتظار مترددة) وماذا ايضا ؟ انتظار: (تربكها لهجته) عـ .... عن ماذا ؟ التاجر: عن الحذاء طبعا .. كيف يمكنك مساعدتي على التحقق من هويته ؟ انتظار: الحقيقة ... الحقيقة لا ادري .. ولكن ... التاجر: وكم تطلبين ثمنا له ؟ تذكري انه مجرد حذاء عادي ما دام بلا هوية . انتظار: ولم تشتريه اذن ؟ التاجر: آ ... ربما احتفظت به للذكرى فقط ! المهم كم تطلبين به ؟ انتظار: (ترتاح في جلستها) عشرة ملايين . التاجر: (ينهض ويصلح هندامه) كان بودي مساعدتك الحقيقة ... ولكن ... (تدخل صباح تحمل الشاي) ما تطلبينه يا آنستي ... (تقرب صباح الشاي منه فيعاود الجلوس) وماذا لديكما ايضا ؟ صباح: (بجفاء) لاشئ . التاجر: اعني اشياء ثمينة حقيقية لا ... صباح: (بنفس اللهجة) لاشئ . التاجر: (يضع كوب الشاي على الطاولة) وهل بحثتما جيدا في اوراق المرحوم ... انتظار: (بلهجة قاطعة) نعم ولم نجد شيئا . التاجر: (يعاود شرب الشاي) في هذه الحالة يؤسفني ان اقول لكما ان هذا الحذاء لا يساوي شيئا . انتظار: حسنا . شكرا لك واعتذر عن ازعاجك سيدي . صباح: وفي حالة وجود الايصال او الهوية ،كما تسميها انت ...؟ التاجر: قد يساوي مليونا او .... صباح: حسنا . شكرا لك وآسفون لازعاجك . التاجر: (يضع كوب الشاي على الطاولة وينهض ليقترب من صباح) ولكن ،وكعادتنا نحن تجار الانتيكات في حب المغامرة ،فاني ساجازف وادفع لكما (يرفع الحذاء ليحتضنه) مائة الف ... وهذا نت اجلكما فقط ! انتظار: اوه !شكرا لك . (تسحب الحذاء لتناوله لصباح) . صباح: يالكرمك يا رجل !في هذه الحالة سأحتفظ به للمناسبات ... (ترتديه) ما رأيك انتظار؟ انتظار: اوه !ياللروعة ، بمنتهى الجمال . (تنهض وتمد اليه يدها ) حقيقي نحن آسفتان على ضياع وقتك ... التاجر: (مقاطعا ،متلهفا) ولكن ،وبعد ان رأيت جماله في قدميك ياسيدتي فاني سازيد السعر الى ربع مليون ،وهذا اقصى ما سادفعه . انتظار: ياللكرم! شكرا لك ،ولكنه في قدمي صباح اجمل من المبلغ الذي عرضت وسنحتفظ به من اجل قدمي صباح فقط ! التاجر: (عيناه ستخرجان من محجريهما بعد ان اخذت صباح باداء بعض الحركات الانفعالية بقدميها) هذه الحركات قد تضر بالحذا ... اقصد بقدميك ياسيدتي ... فمثل هذه الاحذية الخشنة ... صباح: خشنة ؟ بالعكس ،فانا بمنتهى الارتياح . يا للاحذية الملكية كم هي مريحة! (والى انتظار) ونطلب فيه مثل هذا الثمن البخس ؟ سنجعلها خمسة عشر مليونا كاملة ! اانتظار: وما قيمة الخمسة عشر مليونا ؟ بل نتركه لقدميك الجميلتين ! التاجر: اهدأي يا آنستي ستؤذين الحذاء ... اقصد قدميك . ومن اجل قدميك الجميلتين فقط سأرفع السعر الى نصف مليون . صباح: يا رجل !ولكنه بلا هوية ،فكيف ستسترد كل هذا المبلغ؟ التاجر: سأعتمد على حظيكما فقط ! صباح: اوه! ياللرجل العطوف !شكرا لك سيدي ، الحذاء ليس للبيع . (تخلع الحذاء وتنظر في داخله) يالبطانته الناعمة ،كانها من الحرير الطبيعي . انتظار: هي كذلك .. لاتنسي انك مع حذاء ملكي ! التاجر: ان يكون الحذاء متقن الصنع فهذا لا يعني انه ملكيا بالضرورة ؛ كما لايجوز لك ان تخلعي صفة الملكية على أي كان من الاحذية ! صباح: ولماذا ايها المبجل ؟ التاجر: هل بامكانك ان تكوني ملكة يا آنستي ؟ صباح: لا . (تخلع الحذاء وتضعه على الطاولة) . التاجر: (بلهجة المنتصر) ارأيت ! وبنفس الطريقة فانه ليس بمقدور أي حذاء ان يكون ملكيا ! انتظار: (تنفجر ضاحكة) اوه ! يا للهول ! (تأخذ الحذاء وتتفحصه) . التاجر: تسخرين مني يا سيدتي ؟ انتظار: بل ارثي لسذاجتك في الاحتيال ! التاجر: انا ؟ هذا اتهام لايمكن ان اسكت عليه .. انتظار: اما زلت تبحث عن هوية الحذاء التي اكتشفتها بنفسك ، وهذا ما دفعك الى رفع سعره ؟ انظري صباح ،ها هي هنا مع اسم الصانع وتاريخ الصنع .. التاجر: (يتلقف الحذاء وينظر في داخله) ارني .. أين؟ اوه !تقصدين هذه السطور الثلاثة هنا ؟ انتظار: نعم . التاجر: (يدقق فيها النظر للحظة ثم يبتيم ابتسامة انتصار) لو دققتي النظر جيدا في بضعة السطور هذه ياسيدتي لوجدتها حديثة الطبع تماما ..، كانها طبعت هذا الاسبوع فقط . (يتقدم من صباح ويقدم لها الحذاء ) انظري يا آنستي من فضلك .. صباح: انها فعلا تبدو كذلك و ... التاجر: (مقاطعا يومئ لانتظار) ارأيت يا آنستي ؟ وهذه شقيقتك تؤكد صحة تقديري .. ومع هذا ،واعجابا مني بادبكما فاني سارفع المبلغ الى ثلاثة ارباع المليون . (يلقي بالحذاء على الطاولة) انه مجرد حذاء على اية حال ! صباح: ادبنا الجم وكرم خلقنا فقط هو ما يدفعك للتضحية بثلاثة ارباع المليون (تقلد طريقته في الكلام) في مجرد حذاء ؟ التاجر: (يتوجه بحديثه الى انتظار) صدقيني يا آنستي ... انتظار: (بجد مصطنع) انا واثقة من صدق نواياك ياسيدي ،ولكن نحن مجنونتان ونطلب في هذا (المجرد) حذاء خمسة عشر مليونا كاملة ! فهل تشاركنا جنوننا ياسيدي وتدفع هذا المبلغ ؟ التاجر: (مغتاظا) اكون مجنوننا فعلا لو فكرت ،مجرد تفكير ،في دفع مثل هذا المبلغ في مجرد حذاء ! صباح: حسن ياسيدي ،نحن آسفتان على هدر وقتك ونعتذر عن كل الازعاج الذي سببناه لك . والان اسمح لنا ... التاجر: (محتدا) ولكن انت تدفعينني الى الجنون بطلب مثل هذا المبلغ في مجرد حذاء .. صباح: وما الذي يجبرك على احتمال جنوني لتصل الى درجة الجنون ياسيدي ؟ التاجر: (ينتبه الى ذراع صباح الممدود باتجاه الباب) معك حق .. (يتحرك خطوة ويتوقف) ولكن ياسيدتي ،اسمحي لي بزيارة ثانية اذا امكنك ،لان المداولات قد تؤدي الى نتائج غير متوقعة . صباح: (بلهجة قاطعة) وما فائدة المداولات ما دام السعر في تصاعد مستمر ؟ التاجر: (يصمت لحظة فتواتيه فكرة ) حسنا يا سيدتي ،انا آسف واستميحكما العذر (يصافح صباح ويستدير باتجاه انتظار) استودعك الله يا آنستي واتمنى لنفسي حظا اوفر معكما في المرة القادمة . صباح: ومن تحدث عن مرة قادمة ؟ التاجر: انا ! صباح: لا اعتقد انه ثمة مرة قادمة ،لان الحذاء معروض لغيرك من التجار .. التاجر: انا مجرد اطمع في كرمكما . صباح: حسنا . وداعا . التاجر: (يسقط في يده من اصرارها) حسنا،وداعا و... الى اللقاء ! (يستدير باتجاه الباب) تذكري ان رقم هاتفي في الدليل . صباح: ليس معنا سوى حذاء ملكي واحد ! التاجر: اعني فيما لو غيرتما ... انتظار: بعد ان صارت له هويته وكيانه ؟ 0تومئ برأسها نافية) . التاجر: (يحاول الاستدارة والرجوع الا ان صباح تحول دون ذلكبوقوفها في طريقه) سأوضح لها الامر فقط .. (تومئ برأسها رافضة) ولكن الهوية ليست كل سئ ... صدقيني ! صباح: الان لم تعد كل شئ ... ها ؟ التاجر: (يائسا من اصرارها) ولكن هل سمعتي عن حذاء بمثل هذا السعر يا سيدتي ؟ صباح: (تضع كفها في وسط ظهره ) سأجعل منه اسطورة في عالم الاحذية ! سأفتح به تاريخا لعالم الاحذية المسكين ! مع السلامة ياسيدي .. مع السلامة .. وتذكر دائما اني انا الاخرى مازلت آنسة وليست انتظار فقط ! التاجر: حقا ! (تومئ له برأسها) في هذه الحالة سيكون لنا كلام آخر يا آنستي ! صباح: (تدفعه باتجاه الخارج) ولكن مع حذاء آخر ياسيدي الشاب . (يخرج وتعود لتجد انتظار تجلس مفكرة) ما رأيك ؟ انتظار: غالينا كثيرا.. بل اسرفنا . (وكمن يحدث نفسه) نطلب كل هذا المبلغ ونحن لا نعرف ما نفعل به . صباح: لا تنسي انها فكرتك .. انتظار: لا انكر هذا ... ولا ادري كيف انسقت خلف هذه الفكرة اللعينة ؟ (وكالمتأملة) الحياة يجب ان تكون اكبر من الانسحاق تحت فكرة واحدة ... عندها ستكون محدودة تماما . صباح: (تنصرف لتفحص الحذاء) ولكن كيف لم ننتبه لهوية الحذاء من قبل ؟ اوه ! انها حقا تبدو وكانها حديثة النقش .. يا للصناعات الملكية ! ويا لخسة ذلك التاجر ! لم يترك طريقة الا وجربها لخداعنا .. يجب ان نبحث عن ... او لنقول يجب ان نبحث عن احد هواة جمع مثل هذه الاشياء دون المرور بحلقة التجار المقيته . ما رأيك لو نعلن عنه في الصحف ؟ انتظار: (دون اهتمام) ممكن ولكن ... سيبدو الامر سخيفا ... ويكبر و .... اعلان عن بيع حذاء قديم .. سيكون الامر فضيعا . صباح: (بفتور) خبراء الاعلان سيجدون لنا صيغة . (تتجه الى الباب الخارجي) . انتظار: الى اين ؟ صباح: سأعود بعد قليل . (تخرج) . انتظار: (تجلس وتمسك الحذاء) بدأت فكرتك كنوع من التشبث بسراب بسبب الحاح الحاجة ... وها انت تتحول الى شاغل ... وربما تحولت الى هم ... بل وصارت لك هوية !لو كنت تفهم معنى ان تكون لك هوية ؟ ها انت تثير ضجة اكبر من قيمة انسان !(تضع الحذاء على الطاولة ويدق جرس الهاتف) نعم . نعم ،نعم تفضل ... نعم . ومن اخبرك ؟ مراسل صحيفة .. حسنا... نعم مثبتة على بطانته الداخلية ... نعم بخط واضح تماما .. مع السلامة . وهذا شخص آخر يقصدك ويسأل عن حقيقة هويتك . (جرس الهاتف ) نعم . اهلا وسهلا ..نعم تفضل .. نعم ،نعم على بطانته الداخلية .. ماذا ؟ كلا ياسيدي ،الحذاء يعود لملكة وليس لمارلين مونرو ! نعم متأكدة .. كنت تظنه !حسنا لايعود لها .. مع السلامة . (تضع السماعة وتنظر الى الحذاء وتقهقه بمرارة) الاف البشر يقتلون يوميا بسبب الحروب والجوع والمرض ولايثيرون نصف الضجة التي اثرتها يا صاحب الجلالة !يالبؤس البشر!(جرس الهاتف من جديد) نعم . نعم تفضل .. من اخبرك ان الحذاء يعود لاميرة ويلز الاميرة ديانا ؟تلقفت الخبر من الشارع ؟ كلا يا سيدي ، الحذاء لايعود للاميرة ديانا .. الحذاء يعود الى احدى ملكات السويد ... نعم متأكدة .. انا اسفة اني خيبت املك .. حسنا مع السلامة . اتعرف ماذا يعني هذا ؟ يعني ببساطة ـ ياصاحب الجلالة ـ اننا من البؤس الى الحد الذي نخلع معه أي معنى ،ومهما كان تافها ، على حياتنا ! وهذا يعني ـ ايها المبجل ـ ان لاشئ حقيقي في مركز الدائرة ! الدائرة فارغة الا من الزوايا التي حفرناها بأيدينا وعمقناها بمرور الايام ـ في دأبنا ـ من ان نجعل في مركزها ولو عجل من ذهب لندور حوله !... لنخفف ـ بواسطته ـ ولو بعض عبء السؤال ! (جرس الهاتف من جديد) نعم . نعم تفضل .. ماذا ؟ اميرة موناكو ؟ ياللعجب ! ومن اخبرك انه يعود لاميرة موناكو ! احد اصدقائك التقطه من الشارع .. حسنا ،كلا ،الحذاء يعود لملكة سويدية .. ماذا ؟ نعم متأكدة .. مع السلامة . (تبتسم باستغراب شديد ) ياللجنون ! حتى خبر حذاء لايمكن ان ينقل دون تحريف ؟ اوه ! ماذا فعلت صباح ؟ انه خطئي على اية حال .. نعم خطئي .. انا من قدم لهم هذا العجل ! (تدخل صباح تسبقها ابتسامة عريضة ) . صباح: ها ! كيف هو الحال ؟ انتظار: تلقيت عدة مكالمات ..، واحدهم في الطريق الى هنا . صباح: خبير الاعلانات نصحني باقامة مزاد علني بعد تحقيق الحملة الاعلانية ... انتظار: كلا صباح ارجوك ؛ الامر لايحتاج لكل هذه الضجة . صباح: بضعة ايام فقط انتظار حبيبتي . انتظار: ولكن ماذا سنفعل بكل هذه الضجة صباح ... كيف سنتعامل معها؟ (ومتأملة) يالبؤسنا ما دام جلبابنا من الضعف ليرتقه حذاء قديم . صباح: انتظار، غيرنا يفعل ما يفوق خيال روائي من اجل الحصول على المال . انتظار: اعرف هذا ولكن ... (جرس الهاتف من جديد) نعم . ومساءك . نعم ... اوه! اهذا انت مرة اخرى ؟ نعم ؟ ثلاثة ملايين ؟ (تنظر الى صباح) كلا... ماذا ؟ اعرف انه رقم كبير بالنسبة لحذاء قديم ليس من دليل مادي يثبت صحة عائديته ! علية حال سيدي ،نحن قررنا اقامة مزاد علني لبيع الحذاء ؛ وعليه فان الحذاء سيكون من نصيب من يدفع اكثر ... ماذا؟ انت لن تسمح بمثل هذه المهزلة ؟ ماذا؟ هي صفقتك وانت ستقاتل من اجلها ! هذا يعني انك متأكد من عائدية الحذاء ... ماذا؟ هل هذا تهديد ؟ حسنا...(تضع سماعة الهاتف) ها هو الامر يبلغ ذروته .. هذا التاجر يهدد بحرقنا اذا ما اصررنا على فكرة المزاد ،لانه يعتبر الحذاء صفقتهما دام هو اول من اتصل بنا وما زالت مداولات الصفقة قائمة بيننا . صباح: (غامزة بانتصار) هذا يعني ان الحذاء يساوي الكثير .. سأرفع السعر الى عشرين مليونا انتظار: اوه صباح ، ما كل هذا ؟ صباح: وسأعلن عنه في صحيفتين اخريين وسأحدد موعد الزاد . انتظار: (بين الدهشة والاشمئزاز ) ولكن صباح... صباح: هي ثلاثة ايام فقط . انتظار: بل ثلاثة اسابيع لن تكفي اسئلتهم التي لا ادري من اين يأتون بها . صباح: سترين ! (تتأهب للخروج) . انتظار: الى اين ؟ صباح: ساعة واحدة فقط . (تخرج) . انتظار: كلا صباح ارجوك .. انا الملومة . انا الملومة . (جرس الهاتف من جديد) نعم . اوه ! اهذا انت مرة اخرى ؟ لاوفر عليك جهد الكلام سيدي ... ماذا؟ اربعة ملايين ! اسمع سيدي ... نعم ... ماذا؟ نعم افهم ولكني نفضت يدي من ضجة الحذاء والامر كله الان بيد شقيقتي الكبرى صباح ... ماذا؟ كان بودك ان تتعامل معي انا ؟ ولماذا ، اذا كان لي ان اسأل ؟ لاني جميلة ورقيقة وسهلة التعامل . اهذا غزل سيدي ام ... مجرد اعجاب ... حسنا ، وما علاقة اعجابك بالحذاء؟ لاتبتعد الامور عن بعضها البعض ... ولكني اخبرتك اني نفضت يدي من موضوع الحذاء... كلا ليست هنا ... ذهبت للاعلان عن مزاد لبيع الحذاء ... نعم قلت هذا من قبل وانه مجرد حذاء ولايستحق كل هذه الضجة . ولكن ياسيدي انت من لحظة واحدة فقط رفعت ثمن الحذاء مليونا كاملة ،فكيف لايستحق ... هكذا اذن . حسنا . (تضع السماعة) هذا يعني ان صباح على حق عندما فكرت في اقامة مزاد لبيع الحذاء حماية لحـ ....قنا وان الحذاء قد ... (تصرخ كمن تفيق من كابوس ) اوه ! كلا ! (جرس الهاتف من جديد) اوه يا الهي ! نعم . ولكن كيف اصفه لك ياسيدي ؟ انه حذاء كباقي الاحذية ... نعم له هوية تثبت ملكيته ! نعم سنقيم ... اقصد ان اختي ستقيم له مزادا علنيا لبيعه بعد ثلاثة ايام . نعم يمكنك معاينته ولكن ليس اليوم .. نعم صباح الغد .. ماذا؟ انت يجب ان تعاينه الان ؟ولماذا هذه الـ (يجب) ؟ لتتأكد من هويته فقط .. حسنا ،انتظرك غدا صباحا ،وارجو الا تزعجني بزيارة مفاجئة . (تضع سماعة الهاتف) يبدو ان هذا الرجل شريك ذلك التاجر الخشن (تجلس . وبعد لحظة تفكير) وكل هذا من اجل حذاء فقط ! (تضحك ساخرة) ويتقول من يتقول عن جدوى وسمو ... (جرس الهاتف من جديد) مرة اخرى ، كلا ارجوك !نعم . صباح ؟ اين انت ؟ ستتأخرين ؟ كلا صباح ارجوك .. ماذا ؟ دعوة للعشاء ؟ ممن ؟ التاجر الذي زارنا اليوم ! أيعقل هذا؟ ولكنه اتصل قبل قليل ورفع السعر الى اربعة ملايين وهدد بنسف ... ولكن ما مناسبة هذه الدعوة ؟ عشاء عمل ! ماذا؟ خطيبك .. ما شأنه ؟ كلا لم يتصل .. ماذا؟ اخبره ان لا يتصل ثانية الا اذا اتصلت انت به ؟ ايعقل هذا صباح ؟ وماذا يعني هذا صباح ؟ صباح ارجوك ، صباح انت تنسفين كل شئ ... ماذا ؟ يجب ان تفرغي من مستجدات الامور قبل ان تقرري الارتباط به من عدمه !ولكن صباح قبل موضوع الحذاء لم ... معك حق ،فلكل حادث حديث ! وماذا ايضا ؟ ستتأخرين قليلا ولاداعي لان انتظرك ؟ ولكني سأنتظرك صباح وارجو ان لا انتظر كثيرا . صباح .. صباح .. اغلقت الخط (تضع السماعة) حسنا ! ها هي الامور تنحى ... (تتوقف لتعيد الهدوء لنفسها) حسن ،دائما ثمة ما ينتصب في وسط الطريق ليجعلك تدور حول نفسك او يغرقك في متاهة الطرق الفرعية التي لم تكن ضمن خططك . (تهز رأسها باستسلام ) حسن . يبدو انها هي كذلك ... هذا الانحراف هو الاساس ! هل هي الانعطافة التي لايمكن تجنبها لينتهي الامر بنا في زاوية المثلث التي لابد من ان يدق كل منا رأسه فيها ؟!(تضحك هازئة) ومن لا يختار الوقت المناسب لدق رأسه فيها فان رأسه لن يألف قانون الصداع !(تقهقه بسخرية مرة) صباح اختارت اول زاوية صادفتها كي لا تهدر وقتها في مكابرة خاسرة! (تقهقه) من قال ان علينا ان نعود الى رؤوسنا في كل الامور ؟ وبين هلالين تكون صباح قد لبت نداء الطبيعة في الوقت المناسب وليس من حقي ان الومها ! اظن ان ذلك العجوز الدافئ ،فرويد ، هو اول من اختار تلك الزاوية بملء ارادته ليريح نفسه ويريحنا من بعده ؛ الا ان البعض يختار ان يتصرف كلاهوتي كبير ليمضي عمره في عقلنة سراو معنى يخلعه على حياته . (تتهالك على المقعد القريب منها) ولكني ، ورغم اني ميزت بعض ملامح نداء ذلك العجوز ،فاني مازلت اتمسك ببعض ظلال شكي حول بعض الاسرار التي تستحق ان اقضي معها بعض الوقت ! هذا ليس ما اومن به ،على اية حال ، وانما هو الزاوية الرابعة التي يجب ان ننحتها في جسد المثلث رغم كل قناعاتنا ! يبدو ان ذلك العجوز كان على حق : التورط نصيبنا العام !(تضحك) تلك اللعبة القديمة ،كل يتورط فيها بالطريقة التي تناسب حجمه وعقده النفسية ! هكذا هي اللعبة دائما : علي ان اعد طعام ما لعشاء هذه الليلة وانام لاعد في الصباح فطور آخر . ، وبنفس الطريقة فاننا سنحتاج لحذاء او ما شابهه من اجل محاولة اخرى لعقلنة ذلك السر !
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــتار
الفصل الثاني
نفس المكان . جرس الباب الخارجي يرن. تدخل صباح وهي في ملابس انيقة .. تتوقف امام المرآة لتتأكد من تسريحة شعرها قبل ان تذهب لفتح الباب .. صوت صباح: (تطلق قهقهة ساخرة) نعم تفضل انه بيت الحذاء الملكي !(تطلق قهقهة اخرى وهي تدخل ساحبة خالد من يده . خالد في الخامسة والثلاثين ،هزيل ويضع نظارة طبية على عينيه) وهل حضرتك تاجر ام هاوي تحف؟ خالد: كلا ، انا اعمل في مكتب تجاري متخصص في تجارة التحف . صباح: (تطلق ضحكة) وهل انت مخول بالشراء ام انت تريد القاء نظرة فقط ؟ خالد: لألقي نظرة اولا وبعد ذلك .... صباح: (مقاطعة) انت مجرد وسيط صغير اذن ؟ ... وستضيع وقتي ... وانه مجرد حذاء ... ومن يثبت لي انه يعود لملكة فعلا ...وهل معك ما يثبت عائديته ....و....و.... خالد: (محرجا) كلا ياسيدتي ، كلا ، بل انا مفوض في البت في سعر الحذاء بعد معاينته . صباح: (بنزق وصبر نافد) اسمع ! بلغ سعر الحذاء عشرين مليونا كاملة ،فهل انت على استعداد لزيادة السعر مليونا آخر ؟ خالد: لألقي نظرة اولا ...(يقولها بهدوء يثير حنق صباح ) . صباح: (مغتاضة) قلت لك ... خالد: (مقاطعا) يا آنستي الجميلة ... صباح: (تدقق النظر في هيئة خالد وتقول ساخرة) ايكون هذا غزلا ايها الرجل الطيب ؟ خالد: كلا يا آنستي . انا لا ... صباح: (بحنق) وانما ...؟ خالد: اسلوب مهذب للحديث الهادئ . ارجوك اسمحي لي ان القي نظرة على بضاعتك المعروضة للبيع . صباح: (يسقط في يدها) انا آسفة يا سيدي الفيلسوف !الحذاء بيع بعشرين مليونا وانتهى الامر . خالد : انا آسف ،ولكن الاعلان يقول ... صباح: يارب السموات ! يا رب السموات ! اسمع ! اسمع ! ليس ... بل اسمع ، اجبني على هذا السؤال : هل بمقدورك رفع سعر الحذاء الى واحد وعشرين مليونا ام لا ؟ حدد اجابتك بنعم او لا وفورا ! خالد: (بهدوء) يا آنستي انا لا امانع .... صباح: ياربي ! يا ربي ! ما هذا الصباح البائس ! (تدخل انتظار) . انتظار: لم كل هذا الصراخ صباح ؟ صباح: (تواتيها فكرة) نعم ! (وساخرة) ها هي فيلسوفة تشابهك ... (تسحبه من يده لتضعها في يد انتظار ) امسكي يا آنستي الجميلة ! والان اترككما لتحيلاه الى حافر كلب اعرج ! انتظار: صباح لم كل هذا ؟ صباح: هذا الرجل يريد ان يحفر نفقا في ماء البحر ! (تتقدم من المرآة لتصلح تسريحتها وتستدير للخروج) . انتظار: هل انت خارجة ؟ صباح: الى خطيبي لنشتري فستان الزفاف . انتظار: ايهما ؟ ارجو ان لايكون التاجر الذي حثتني عنه ليلة امس ؟ صباح: انتظار،طيش الشباب ولى . انتظار: ذلك المسكين صار طيش شباب صباح ؟ صباح: سمه ماتشائين ان لم تعجبك تسميتي .. والان علي ان الحق بموعد خطيبي . انتظالا: (حائرة) حسنا . صباح: حسنا ماذا؟ انتظار: (يحرجها السؤال) لا...لاشئ . صباح: وانت ياسيدي ؟ (وتشير الى خالد بهزء) خالد: انا ... انا سالقي نظرة على الحذاء وانصرف .. صباح: انت مصر اذن ؟ خالد : كلا !اعني اني جئت لهذا الغرض . انتظار: اذهبي صباح وسأهتم انا بأمره . صباح: (ترمق خالد بنظرة ازدراء) حسنا ، الى اللقاء . انتظار: (وبعد خروج صباح) ولكن لا تتأخري . (والى خالد) تفضل بالجلوس وسأحضر الحذاء حالا .(تخرج) خالد: اذا سمحت . (يجلس وبعد قليل تعود انتظار يبدو الاحراج على وجهها) انتظار: انا آسفة.. حقيقي انا آسفة ،لان صباح تحتفظ بالحذاء في خزانتها الخاصة ويبدو انها قد اخذت مفتاح الخزانة معها ....انا آسفة . خالد: لاعليك ،لا عليك ..فعلى كل حال انا جئت لالقي نظرة على الحذاء،وانقل صورة تقيمية لصاحب المكتب الذي اعمل فيه فقط . انتظار: ولكن عودتك من دون تلك الصورة ربما سببت لك بعض المشاكل مع صاحب المكتب ... او تسببت بطردك من العمل ...؟ خالد: وهذه هي الحقيقة فعلا .. لان صاحب المكتب مهتم بصفقة الحذاء ويتطلع ان تكون صفقة العمر،فيما لو ثبتت صحة هويته وكنتما تملكان وثائق الاثبات . انتظار: من هذه الناحية استطيع ان اطمئنك ،لان تاريخ وغرض صناعة الحذاء مثبتان على صفحة بطانته الداخلية . خالد: نعم .ولكن يجب ان اتحقق من هذا بنفسي لان مثل هذه الصفقات الضخمة لاتحتمل المجازفة او أي اهمال . انتظار: (تجلس) نعم ،نعم افهم ... خالد: (محرجا) هل ستتأخر صباح ؟ انتظار: ربما لما بعد موعد الغداء.. خالد: وهل يمكنني ان اعود بعد الغداء ؟ (ينهض) الامر مهم بالنسبة لي ... انت تقدرين مثل هذه الامور .. صاحب عمل واجير و... انتظار: نعم .نعم . ولكن يمكنك انتظارها هنا ... فربما عادت قبل ذلك .. خالد: ولكني سأزعجك بوجودي وابدد وقتك .. انتظار: لا ابدا.. خالد: (يجلس مترددا) انا اسف ... حقا انا في غاية الاسف ..ولكن مصيري ،ربما ارتهن بهذا الحذاء ! انتظار: اتعرف اني انا المسؤولة عن ضجة هذا الحذاء !ولكن صدقني ان الامر كان بالنسبة لي مجرد مزحة او لعبة صغيرة . خالد: (يرتاح في جلسته) هكذا هي الامور دائما ، تبدأ بحلم غائم وتنتهي بضجة مفزعة ... بعد ان تتضخم في مسارب عصية على التوقع . انتظار: توقعت للحظة فعل سئ بمبلغ ضخم .. انا لم اتوقع مبلغا بمثل هذه الضخامة طبعا ، ولكنه انتهى الى رقم مفزع ...بالنسبة لي على الاقل . خالد: هل تفزعك الارقام الكبيرة ؟ انتظار: ليس بذاتها . خالد : وانما ؟ انتظار: انها لاتقلقني بنفس الطريقة التي تقلق بها غيري ،ولكني اتسائل عما يفعله الاخرون بمثل هذه المبالغ . (بهدوء) هل تعرف انت ؟ خالد : الاخرون يشترون بها افعالا لحيواتهم ... (ومستدركا) انت تفهمين : جاه وسلطان وفخامة .الم تفكري انت بهذا ؟ انتظار: فكرت طبعا ،ولكنني متأكدة من اني لن احتمل ضجة كهذه رغم الحاح الوانها ، لان نفسي قصير. (ومتأملة ) احن الى غار صغير اريح رأسي على صخرته ! خالد : وهل انت متأكدة من اصالة ختم البطانة ذاك .... اذا لم يزعجك السؤال ؟ انتظار: نعم . خالد : وهل هو محفور فيها ام مطبوع عليها ؟ انتظار: صدقني لم انتبه لهذا الامر .. وهل يختلف الامر ؟ خالد : (محرجا) انا آسف .. ليس بالنسبة لك ، اعني اني لااقصدك ،ولكن ربما كان الختم مزورا ... اعني ان احدهم ... ولكن كيف حصلتم على هذا الحذاء ؟ انتظار: ورثناه عن ابي . خالد : وكيف حصل عليه ؟ اذا لم يزعجك السؤال ؟ انتظار: قبل ربع قرن من اليوم عمل سفيرا في السويد واشتراه من احد مزاداتها . خالد : انا آسف لكثرة اسثلتي . انتظار: لا عليك . (فترة صمت) وكيف انتهيت الى هذا العمل ؟ خالد : صدقيني لا ادري !(يبتسمان) ولكن صاحب العمل خلعه علي بصفتي سكرتيرا لمكتبه . وانت ماذا تعملين ؟ انتظار: ادرس اللغة الانكليزية لطالبات المرحلة المتوسطة . خالد : وشقيقتك ؟ انتظار: محاسبة في بنك . خالد : (يبتسم) يفترض ان نلتقي انا وهي ... على الاقل تخرجنا في نفس الكلية . انتظار: صباح ! لحد يوم أمس كانت بيضة ساكنة في صدفة المحاسبة ... ولكنها تفجرت فجأة عن ... ماذا اقول ... خالد : اذا سمحت لي ، وارجو ان لا اكون متجاوزا في استخدام الوصف : تنين صغير وبعزيمة نملة ! انتظار: (تضحك بشئ من المرارة ) بل قل بعزيمة نحلة عاملة ! خالد : وماذا ستفعلين بكل هذا المبلغ ؟ انتظار: صدقني لا اعرف . .، فانا بلا خطط ... بل بلا مشاكل ! اعني اني بلا عادات ... انت تفهم ؟ خالد : (يومئ برأسه موافقا) نعم . ولكن وجود المال افضل من عدمه في كل الاحوال . (يبتسم) ياسيدتي ،كوني كذاك الذي اراد حريته ولو ان يذهب بها الى البحر ! انتظار: (تبتسم) أهذا رأيك ؟ خالد : صدقيني لست متأكدا ان كان هذا رايا ام لا ! انتظار: (تومئ برأسها موافقه) وكم ساعة تعمل يوميا ؟ خالد : انه يستهلكني تماما ! (وكمن يحدث نفسه) فانا نسيت الجهة التي يطلع منها القمر ! انتظار: (تومئ برأسها متفهمة) المال عامل مساعد على الانعماس في لعبة الحياة اليومية . ماذا يمكنك ان تفعل بثروة مفاجئة ... سوى اقتناء الحاجيات والتمتع بزهو الحصول على حذاء ملكي ؟ خالد : صدقيني لا اعرف . فانا لم افكر بمبالغ كبيرة او ثروة .. ولكن ربما اشبعت بعض حاجاتي الضرورية بقسم منها .. انتظار: ها انت تقول بقسم منها .. وما يتبقى ؟ خالد : ربما تركته تحت يدي كي لا تدقني الحاجة بمداهماتها المفاجئة . انتظار: وهذا معروف ايضا ..، ولكن ماذا ستفعل بالجزء الاعظم من الثروة ؟ مثلا ،شقيقتي فكرت ـ وقبل ان يرتفع سعر الحذاء الى هذا الرقم المفزع ـ في مساعدة خطيبها من اجل اتمام زواجهما وشراء سيارة ... خالد : (يبتسم) ها نحن ندور في حلقة المقتنيات من جديد .. ومع ذلك ،فربما بنيت مسرحا صغيرا انتظار: وماذا ستفعل بهذا المسرح .... اعني اهو من اجل الاستثمار المادي ام من اجل تحقيق رؤيا محددة وايصال رسالة محددة ؟ خالد : يا آنستي ،سواء كان الغرض ماديا ام من اجل تحقيق رؤيا خاصة فاننا ،وفي النهاية ،سنعود الى حلقة الحذاء الملكي شئنا ام ابينا . انتظار: (مفكرة للحظة) معك حق . ولكن ... خالد : (يطلق حسرة .وكمن يحدث نفسه) يبدو لي ان حياتنا تقوم على اساس لعبة الحذاء الملكي !فمهما بذلنا من جهد في عقلنة السر الغامض او خلع المعاني عليه فانه ،وفي النهاية، لن يكون اكثر من حذاء ملكي في كل الاحوال ! انتظار: (بنفس اللهجة) وهو حذاء مارلين مونرو او أي قطعة من ملابسها او وعقد الاميرة ديانا ...وغدا حذاء ملكة اخرى او نجمة سينمائية او... (فترة صمت) هل انت متزوج ؟ خالد : لا . انتظار: (بنوع من المداعبة) ألست معي في انك متأخر على سن الزواج ؟ خالد : لا ادري في الحقيقة ،ولكن غيري يتزوج قبل هذا العمر. انتظار: ولم لم تتزوج لحد الان ؟ خالد : (مترددا خوفا من سوء الفهم) ربما بسبب الخوف ... اعني الخوف من عدم نجاح عملية الزواج ! انتظار: عملية الزواج ؟! خالد : الناس اعتادت الزواج فصار الزواج مرحلة في عملية الحياة .. ومن خلال مراقبتي لعمليات ...(يقولها بتردد فيضحكان) الزواج التي تمت في محيط عائلتي وصداقاتي تبين لي ان اغلبها قد تحول الى عملية ميكانيكية مفروضة ،كما تفرض عمليات الانتاج على المكائن ؛ ان لم تفشل . . وبرأيي فان ميكانيكية الزواج هي نوع من الفشل غير المسمى او المألوف ؛ وهذا ينسحب على اغلب حالات الزواج التي تفرضها العادة ! انتظار: هذا صحيح .. ولكن عندما يكون الانسان واعيا للمسألة بهذا القدر ،فبرأيي سيكون قادرا على تلافي الفشل او السيطرة عليه . خالد : ولكن هذه السيطرة ستكون من طرف واحد ... ومن الطرف الذي يسبح ضد التيار . (يضحكان . تدخل صباح يتبعها التاجر) صباح : (متفاجأة بوجود خالد) اهذا انت ؟ امازلت هنا ؟ خالد : نعم يا ... صباح : (مقاطعة) ولكن ماذا تنتظر ؟ انتظار: صباح الرجل يود معاينة الحذاء من اجل شراءه . صباح: (موجه كلامها الى خالد) ولكني اخبرتك ان الحذاء قد بيع وانتهى الامر . انتظار: الحذاء بيع ...؟ ولكن متى و لمن ؟ صباح : (تشير الى التاجر الذي ينحني لانتظار متصنعا ) لخطيبي . انتظار: (باستغراب شديد) خطيبك ! هذا الرجل ؟! التاجر: نعم سيدتي ،ماذا ، الا اصلح ؟ انتظار: ولكن ،ماذا عن المزاد و... التاجر: استبدلناه بحفلة خطوبتنا .. أليس هذا مناسبا اكثر ؟ انتظار: (موجهة كلامها الى صباح) وماذا عن الحذاء ؟ صباح: (مرتبكة قليلا) كما اخبرتك ، الحذاء بيع بعشرين مليونا. التاجر: وان رغبت بأكثر فلن امانع ياسيدتي ؛فلم يعد الحذاء يشكل لي هما ! انتظار: لم يعد يشكل لك هما ؟!لماذا ،اذا كان لي ان اسأل ؟ التاجر: ببساطة لانه اوصلني الى انسب امرأة كنت اطمع في الحصول عليها . انتظار: (باصرار) والحذاء ؟ التاجر: (محرج) كما اخبرتك .... انتظار: اخبرتني انه اوصلك الى المرأة التي كنت تطمع فيها فقط ، ولكن لم تذكر لي شيئا عنه كسلعة ؟ صباح: انتظار انا اخبرتك انه اشتراه بعشرين مليونا ،واعتقد انه ثمن لم يدخل حلقة خيالاتنا من قبل . انتظار: حسنا ،واين ثمنه اذن ؟ صباح: ستكون في يدك في اللحظة التي تشائين . انتظار: في اللحظة التي اشاء ؟ هذا يعني انك لم تقبضيها ... فاين هي اذن ؟ صباح: (محرجة) انا اخبرتك ... (تنظر الى خطيبها مستنجدة) التاجر: انها ... انها في المصرف الان ...نعم في المصرف .وكما تعرفين ، فان مبلغا بمثل هذه الضخامة لن يكون في مأمن الا في مصرف ... (ينظر الى خالد) الا توافقني يا سيدي ؟ خالد : اوافقك تماما ياسيدي ولكن ... التاجر: ارأيت ؟ ها هو خطيبك يوافقني . (والى خالد) رجائي ياسيدي ان تعطيها فكرة عن مخاطر الاحتفاظ بالمبالغ الكبيرة في البيت لاني مشغول بترتيبات زواجي . (يلتفت الى صباح ) اين وصلنا يا صباحي المشرق ؟! خالد : نعم ولكن الانسة ليست خطيبتي . التاجر: ليست خطيبتك ؟ لماذا انت هنا اذن ؟ انتظار: الرجل هنا من اجل معاينة الحذاء . التاجر: والحذاء بيع وانتهى امره ،فما الذي يبقيك هنا ؟ انتظار: الرجل ضيفي ولا يحق لك طرده اولا ،وثانيا ،كيف ينتهي امر الحذاء ونحن لم نقبض ثمنه ؟ التاجر: قلت لك المال في المصرف لاني لا احتفظ باموالي في البيت ..(والى خالد) اشرح لها انت مخاطر الاحتفاظ بالمال في البيت من جديد !(والى صباح) هيا يا حبيبتي لنحجز قاعة الحفلات ليوم عرسنا ! صباح: الان ؟ التاجر: ولم التأخير ما دمنا جاهزين له ؟!(يقودها من يدها باتجاه الباب . والى انتظار) وجهي الدعوة لصديقك لحضور حفلة خطوبتنا وزفافنا .(يخرجان) . انتظار: (تصرخ خلفهما) ولكن صباح ... صباح ... (تتهالك على المقعد القريب منها) . خالد : (ينهض محرجا) اعتذر ياسيدتي ،فالحذاء صار الان تحت ضرس هذا التاجر ولم يعد ثمة سبب لبقائي هنا . (يهم بالانصراف) . انتظار: نعم معك حق ،وصباح هي الاخرى صارت الان تحت ضرسه ! خالد : كلا !فصباح مازالت على طرف لسانه وسيلفضها حال ابتلاعه للحذاء ! انتظار: احقا ما تقول ؟ (يومئ لها برأسه مؤكدا) وماذا افعل من فضلك ؟ ساعدني ارجوك . خالد : لا خيار لك ! انتظار: لماذا ؟ خالد : هذا الرجل ممن ولدوا لابتلاع السلحفاة بدرعها ! انتظار: (تفكرلحظة) وصباح ليست درعا .. (تصمت شاردة) . خالد : ولهذا سيلفضها . (ينهض) ارجو ان لا ترهقي نفسك ،ففي النهاية هو مجرد حذاء ! انتظار: ولكن صباح راحت ضحية له ..ثم يأتي هذا الوحش النهم ليبتلع كل شئ . خالد : ها انت تسمحين لحذاء ان يثير ضجة تعادل ضجة مصنع لصناعة الطائرات القاذفة للقنابل التي يمكن ان تدمر بلدا بكامله ،ثم يتركه صاحبه ليموت . انتظار: ولكن ... خالد : اعرف ياسيدتي ،اعرف ؛فأنت موجودة وصباح مازالت موجودة هي الاخرى . (وكالساخر) ربما هو برنامج تلوين طبيعي . ولكن صباح لم تكن هكذا قبل اثارتي لضجة الحذاء ؟ خالد : بل كانت ،ولكن لم يكن قد تهيأ لها المرآة المناسبة لترى وجهها كاملا بعد ... وهذه هي حقيقة الامر ببساطة . استأذنك . (يخرج بخطى هادئة) . انتظار: احقا ما يقول هذا الرجل ... صباح لم تكن تفرق بين وجهها وقناع اللعبة الاجتماعية ؟ وعندما اصطدمت باول شماعة علقت عليها قناعها وانطلقت خلف وجهها الحقيقي ؟ (تنهض وتصرخ خلف خالد) هي انت ،انتظر ارجوك ... والان ،هل ستعود صباح لتقرأ خارطة وجهها الجديدة ام تراها ليست بحاجة لمثل هذه الوقفة ؟ (تتهالك جالسة) مهلا ! هل يمكن ان اخلي مسؤوليتي مما حدث لصباح ؟ بالتأكيد انا المسؤولة عما حدث لها من تصدع !فلولاي لظلت متمسكة بقناعها الى .... الى متى ياترى ؟ الى ان تصادفها هزة حذاء ! (تقهقه ساخرة) وربما لن يكون ملكيا حتى !(تنهض) اذن ،انتهت الحفلة التنكرية وحان وقت العودة الى البيت .. وقبل العودة ،على كل واحد منا ان ينزع عن وجهه قناع التنكر كي يستقبله بيته ليستقر فيه !(ومفكة للحظة قبل ان تقهقه ساخرة) ويبدأ بحياكة حذاء جديد وربما قناع يناسب وضعه !(تدخل صباح تحمل فستان زفاف جديد ) صباح: اما زلتي مستيقظة ؟ انظري هذا فستان آخر،اليس اجمل من سابقه؟ انتظار: نعم انه جميل ...ولكن صباح .... صباح: بعد يومين فقط سيكون زفافنا . انتظار: ولكن صباح ،مالذي جذبك الى هذا الرجل ،وبكل هذه السرعة ؟ انك حتى لا تعرفينه .. يبدو انه سحرك او لحس عقلك . صباح: بل اني وجدته يوافقني في كل شئ ! انتظار: يوافقك ؟ بماذا صباح ؟ صباح انت لا تعرفينه الا من يوم واحد فقط . صباح: وما الذي يمنع ؟ ام هي ... انتظار: ام هي ماذا صباح ؟ قوليها ... الغيرة ... !انا اغار منك صباح ؟ صباح : واذن ؟ انتظار: صباح انت مأخوذة فقط . صباح : مأخوذة ؟ بماذا ؟ انتظار: بغبش فحولة هذا الرجل ! صباح : وهل انا تلك الغرة الصغيرة التي تؤخذ بغبش انتظار ؟ انتظار: واذن ؟ صباح : قلت لك نحن متوافقان تماما ،وهذا كل شئ . انتظار: حستا ! وماذا عن الحذاء ؟ صباح : الحذاء بعته لخطيبي . انتظار : وثمنه ؟ صباح: سيوظفه لنا في مشاريعه . انتظار: اعتقد هذا فيما يخص نصيبك ...؟ صباح : ونصيبك ايضا . انتظار: ولكني لم اطلب منك او منه توظيف نصيبي ...؟ صباح : وماذا كنت ستفعلين به ؟ انتظار: هذا شأني . صباح : ولكنك سبق وان قلتي انك لست بحاجة لمثل هذا المبلغ ،وانك بلا عادات او مشاكل ،وانك غير مولعة بترف الاقتناء ، وانك وانك ... فما الذي تغير الان ؟ انتظار: لم يتغير شئ ،ولكني لا احب ان اخدع . صباح : ومن الذي يخدعك ،انا ام خطيبي ؟ انتظار: انا آسفة ،هكذا احسه . صباح : ودون دليل ملموس ؟ انتظار : صباح ،ارجو ان لا تسيئي فهمي ، كل ما في الامر .... صباح : على اية حال فهذا حقك ..(ترفع سماعة الهاتف وتزول رقما ) مساء الخير ...نعم صباح ... فيما بعد، فيما بعد ،المهم الان ... انتظار: (بأسف تضع يدها على الهاتف لتقطع الاتصال) كلا صباح لا داعي لهذا . صباح : ما هذا انتظار؟ انتظار: انا آسفة صباح ،انا آسفة .انا تسرعت وارجوك انسي الامر . صباح : أي امر انتظار ؟ ان تلعبي ام ماذا ؟ انتظار: (تفكر لحظة) صدقيني لا ادري !الامر..... الامر كله يبدو كاللعبة فعلا ! حذاء ملكي ! حذاء ملكي من طراز خاص فعلا ! (تفكر لحظة) هل يملك خطيبك اموالا كثيرة ؟ صباح : الى الدرجة التي تمكنه من شراء حذاء ملكي بعشرين مليونا ! انتظار: وماذا يفعل بها ؟ صباح : يعيش بها عيشة مرفهة .. يستطيع ان يقتني بها أي شئ ويحل بها اكبر اشكال قد يصادفه ،وهي كثيرة ،كما تعلمين . انتظار: واذا انتفت تلك الاسباب ؟ صباح : كيف ؟ انتظار: (مرتبكة) لا ادري ، ولكن لنفرض ... صباح : كأن تسود الحياة نماذج حياة من مثل حياة الرهبان البوذيين او المسيحيين ؟ انتظار ياحبيبتي ،هذه الافكار الطوباوية كلها عوارض هامشية لن تسود او تقعد ابدا ؛ لانها،ورغم اهليتها ومنطقيتها ،الا انها تناقض طبيعة الحياة وجبلة الانسان !وعليه ،ستبقى السيادة للحذاء على قانون حياتنا ! انتظار: نعم صباح ،اعرف هذا ،ولكن ... صباح : ولكن ماذا ؟ تريدين ان تجربي ؟ حسنا ،جربي واحرقي نفسك كما يحلو لك !اما انا فسأذهب لانام واستريح ،لان امامي يوم جديد غدا . (تخرج) . انتظار : (تضحك ساخرة) امامك يوم جديد للبحث عن حذاء جديد كي تستمر الحياة ! (يرن جرس الباب فتنظر في الساعة) ترى من يكون ؟ الوقت متأخر جدا . (تذهب لتفتح الباب وتعود بمعية خالد) اهلا وسهلا .. خالد : انا آسف . اعرف ان الوقت متأخر ولكن ... انتظار: (تنتصب في وسط المسرح) لا داعي للاعتذار ؛ انت هنا من اجل الحذاء اليس كذلك ؟ خالد : نعم و... انتظار : اذن يؤسفني ان اخبرك ان اختي قد طوحت به قبل قليل من سطح الدار الى قطعة الارض المتروكة في الخلف ! خالد : (لحظة ذهول ثم يبدو عليه عدم التصديق) لو كنت انت من طوح به فربما ،ولكن صباح فهذا هو المستحيل بعينه ! انتظار: (تتصنع الجد) انت تكذبني ؟ خالد : (مرتبكا) كلا طبعا ... انتظار: واذن ؟ خالد : الامر فقط ... انا اخبرتك بالحقيقة ،ويمكنك ان تبحث عنه خلف الدار ،وربما حالفك الحظ .(خالد يقف واجما وغير مصدق) انت لم تصدقني اذن ؟ خالد : يؤسفني ان اقول نعم . انتظار: حسنا ! اعترف لك اني كنت اكذب ،ولكني الان سأفعل ما ستعجز عن فعله صباح .لنتظرني هنا وسترى . (تستدير داخلة) . خالد : ماذا ستفعل هذه الغرة ؟ ارجو ان لا تجن وتقذف بالحذاء الى ذلك المكان . ولكن اذا ما رمته ،في مثل هذا الوقت المتأخر فلن يكون هناك احد غيري ....وبالتأكيد سيكون الحذاء من نصيبي ... ارجو هذا ! انتظار: (تدخل وهي تحمل كيسا غامق اللون) تفضل اجلس واسترح . خالد : ولكن ماذا في الكيس ؟ انتظار : (ترفع الكيس امام عينيه) حذاء ملكي ! هل ستجلس ام ستستمتع معي برؤية الحذاء وهو يطير الى اكوام النفايات خلف الدار؟ خالد : بل سأستمتع . انتظار : (مفكرو للحظة) ولكن كلا واجلس هناك . خالد : ولكن لماذا ؟ انتظار: لانك ستتبعه بنظرك اثناء هبوطه وستتعرف على مكانه وتأخذه ! خالد : وما الذي يضيرك في هذا ، ما دمتي قد استغنيتي عنه ؟ انتظار: لاشئ في الحقيقة سوى غريزة اللؤم البشري العصية على التفسير ! خالد : فقط ؟ انتظار: فقط !! خالد : (يجلس) حسنا ، هيا . انتظار: (تقذف بالكيس من النافذة وتعود) ها قد انتهينا من قصة الحذاء الملكي . خالد : ولكن مؤقتا !حسنا ،كيف تشعرين ؟ انتظار: نوع من الاندحار ! خالد : اندحار؟ واذن فانت لست مرتاحة ؟ انتظار: لما فعلت تقصد ؟ خالد : انت تخلصت من سبب قلقك ،فلم لم ترتاحي ؟ انتظار: بسبب غريزة اللؤم ،كما اخبرتك . وانت كيف تشعر ؟ انا فرطت بما كان من الممكن ان ينتشلك من كل متاعبك ،اليس كذلك ؟ وهذا كان منتهى اللؤم مني !تلك الاشياء الطارئة (تشير ناحية النافذة باشمئزاز) تفسد الحس الانساني ... الاتتفق معي ؟ خالد : (بعد لحظة تفكير) اتفق معك ،ولكن ثمة زاوية اخرى ... انتظار : (مقاطعة) دائما ثمة زاوية اخرى .. وهي في حقيقة الامر مجرد تبرير لشهوة التملك التي لا تقف عند حد . خالد : (ينهض) حسنا ، هل يمكنني الانصراف الان ؟ انتظار: ولن تذهب للبحث عن الحذاء ؟ خالد : كلا طبعا . انتظار : هل انت جاد ؟ خالد : نعم ،لانك لم تقذفي بالحذاء ! انتظار: انا فعلا لم اقذف بالحذاء ...ولكن اتعرف لماذا ؟ خالد : (يستدير باتجاه الباب) نعم اعرف ،ولكني لا اريد ان اكون فظا ! (يخرج) . انتظار: (تتهالك على المقعد القريب) كان بودي ان تكون فعلا !
ستــــــــــــــــــــــــــــــار
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية ومهمة بناء المجتمع الحديث
-
انجاز جديد مضاف لحكومة المالكي
-
مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية
-
منظمة مجاهدي خلق في معادلة التوازن الامريكي – الايراني
-
هل نحن على اعتاب حرب باردة جديدة؟
-
في سبيل بناء مجتمع مدني
-
على حافة الراس
-
لبنان في ميزان الهيمنة الاقليمي
-
ايران و استراتيجية بوش الجديدة
-
ايران وحلم الضيعة العراقية
-
مكافآت الصبيان
-
لعبة حظ على طاولة الطعام
-
حرب العراق الاهلية .. الوجه والقفا
-
حصيلة العراق من النظام الجمهوري
-
عبث في قطار آخر الليل
-
عواصمنا العربية وبعبع الثقافة
-
كفانا نمارس السياسة حربا
-
غباء اليمين المزمن
-
احزابنا السياسية ومسؤولية بناء المجتمع
-
اشكاليات الرواية العراقية
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|