أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رداد السلامي - جسر التواصل-الحب-















المزيد.....

جسر التواصل-الحب-


رداد السلامي

الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


الوقوع في الحب مثل الغوص في سحابة سحرية ، حيث يشعر الانسان بالهواء أكثر انعاشا ، ومن خلاله تصبح روائح الزهور أعطر ومناظرها أجمل ، يصبح للطعام مذاق خاص ، بالتأكيد أفضل ، تتلألأ النجوم في السماء أكثر مما هي عليه في حقيقتها الواقعية ، ويشعر الانسان انه خفيف وسهل الحركه وكأنه يسبح في فضاء الحياة ، الرحب ، الواسع ، الجميل ومعه لا أهمية للمشكلات ، ولا التحديات في حياة الانسان ، بل يمكن تجاوزها ، أو التعايش معها بكل يسر وسهولة ، ومعه يشعر الانسان بأن الحياة تدب في جسده ، وعندما يستيقظ في الصباح ترتسم على وجهه ابتسامة أخاذة معبرة عن الرضا والفرح والسرور ، ويجد الانسان نفسه متلبسا بحالة من النشوة الحقيقية والسعادة الغامرة
ان الحب شعور وأفعال تخرج من أكثر الأماكن حساسية كالقلب ، ومع ذلك فان اقامة علاقة حب مشروعة عملية يمكن تعلمها ، بحيث تسمح للمشاعر المصاحبة بأن يتم تجربتها وتغذيتها وتعديلها والتواصل بين البشر يفتح أمامهم آفاقا لا حصر لها ، ويساعدهم على انشاء صداقات داخل عالمهم الداخلي الخاص وفي عقولهم وفكرهم مما يجعلهم يقظي الفكر والوجدان وهو يحدث النمو على مستوى الفرد والتطور على مستوى المجتمع بشكل عام ، وكلما حسن تواصل الانسان مع الآخرين كانت نوعية الحياة التي يحياها أفضل
والناس مدفوعون الى التعاون والتضامن مع بعضهم البعض لتكوين جماعات لا يمكن ممارسة الأنشطة الحياتية الا بها ولقد توصلت بعض الدراسات الغربية الى أن الناس الذين يفتقرون الى الروابط الاجتماعية يكونون أكثر عرضة للاصابة بالأمراض ثلاث مرات أكثر من اولئك الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية واسعة
يحتاج الانسان الى الحصول على المساندة العاطفية فهو ليس نظاما آليا مغلقا لا يتفاعل الا مع نفسه ، وانما هو مفطور على التأثر بمن حوله ، بملاحظاتهم عنه ، تشجيعهم أو توبيخهم له ، ردود أفعالهم نحوه ، صدقهم وصراحتهم معه
في بعض الأحيان يقابل الانسان أشخاص يؤثرون فيه تأثيرا ايجابيا عميقا على مشاعره وأحاسيسه وعواطفه فينشأ بينهم ما درجنا على تسميته " الحب " فتزدهر الحياة وتزداد الرغبة في العطاء والابداع والفعل الايجابي الخلاق
الناس هم الذين يسهلون علينا مصاعب الحياة ويزيدون من حلاوة الأوقات الجميلة التي نمضيها عن طريق لغة الجسد أو الايماءة أو تعبيرات الأطراف ، من خلال نبرة الصوت ، ومن خلال وقع الكلمة المقروءة والمكتوبة والمسموعة
وكسب حبهم يتوقف في نهاية المطاف على المشاعر التي نثريها فيهم ، وهو يدل على رغبة الانسان في ان يكون جزءا من فسيفساء المجتمع الجميلة والمحبة بلا شك شئ فطري وشعور مصاحب للانسان منذ خلقه الله تعالى ، لكني أعتقد أيضا أن لبيئة الانسان تأثير كبير في صقل هذه المهارات وجعلها جزء من الممارسة اليومية العفوية عنده
بيوتات كثيرة تهدمت على رؤوس أصحابها ليس لأن قلوبهم خلو من هذا النور ، وانما لأنهم لم يعرفوا الطرق الصحيحة للتعبير عنها وايصالها بكل زخمها الشفيف الى الطرف الآخر ، وقلوب كثيرة انكسرت وعذبتها اللهفة لاصطياد هذا المخلوق ، فراحت تتخبط وتنتهج وسائل غير مشروعة أحيانا للحصول عليه ليفضي بها الأمر الى وهم وسراب
باعتقادي أن للانسان دور فاعل فيما يحصل عليه نتيجة لتعامله مع الآخرين ، اذ لو مشى كل منا الخطوة اللازمة نحو شريكه وأدى ما عليه في هذا الجانب لأثمرت حياتنا ولتعلقت قلوبنا بقلوب شركائنا
يحتاج بالفعل كل منا الى ممارسة هذه المشاعر والتعبير عنها على شكل أفعال ، بسيطة لكنها قوية التأثير .. وهذا يتطلب أن يتلمس الانسان جوانب نقص الآخر ويتفهم احتياجاته ليسبر بأفعاله الشفيفة عميق أغوارها يذكي مفعول الحب في شغاف القلب تلك الجلسات التي قد يوفق المرء لتمضيتها أبا كان أو اما مع أولاده وفلذات كبده ، يتم خلالها المشاركة في اللعب وفي الحديث بشكل عفوي وفي الاهتمامات والهوايات ، تفاعل نابع من القلب واهتمام بالنجاحات والآلام والطموحات والأحلام والمشكلات
يذكيه أيضا تلك النزهات التي قد تخرج اليها الأسرة بكامل أو بعض أفرادها الى البر أو الى شاطئ البحر أو الى الحدائق الغناء والروضات التي تكسوها الخضرة وتزينها الأعشاب والحيوانات والطيور والحشرات .. ينعمون بالدفء الأسري ، وتقر أعينهم بمشاهدة الكون ، كتاب الله المفتوح ، والتعلم مما فيه من مخلوقات تزخر ببديع خلق الله وعظيم صنعه
تذكيه الكلمات النابعة من القلب ، المعبرة عن الحب والتقدير والثناء والاعتراف بالجميل التي قد يتبادلها قولاً أو كتابة الزوج مع زوجته ، والأخ مع أخته ، أو أخيه ، والزميل مع زميله ، والزميلة مع زميلتها ، والصديق مع صديقه ، والكبير مع الصغير ، والرئيس مع المرؤوس ، وذو الجاه والمنصب مع العائل الفقير ... الخ تلك الكلمات التي تقال في لحظات صدق وود وصفاء نادرين ، خالية من الزيف والخداع والتجديف والكذب والمجاملة الصفيقة والنفاق المميت للقلب
يذكي مفعوله في النفوس الهدية مهما قل ثمنها أو تواضع مستواها ، المهم أن تكون رمزا للذكرى وتعبيرا عن الاهتمام والمشاركة الوجدانية التي تثبت للآخر أنه ليس وحده ، يهديها الوالد لولده ، ولزوجته ، والعكس ، تهديها الطالبة لمعلمتها ، والطالب لمعلمه ، والمرؤوس لرئيسه ، والعكس ، يهديها الأخ لأخته ، وأخيه ، والأخت لأختها وأخيها ، يهديها الصديق لصديقه ، والزميل لزميله ، في مناسبات الأفراح كالتفوق الأخلاقي ، أو الدراسي ، أو العملي ، أو عندما يرزق الانسان بمولود ، أو عند زواجه ، أو غير ذلك من المناسبات التي لا تعد ولا تحصى ، وتكون على شكل كتاب مفيد ، أو شريط نافع ، أو شئ ذو قيمة أدبية ، أو مادية معينة اقامة حفلة تكريمية يتخللها القاء كلمات التقريض والتبجيل والاحترام وفاء لانسان متقاعد قدم زهرة عمره وزهوة شبابه لوظيفة تقلدها ، أو مركز عام ، أو خاص قدم من خلاله بعض ما عليه من حقوق لدينه وبلده ومجتمعه ، ثم آن الأوان لأن يستريح ويعطي الراية لمن يمكنه مواصلة الجهد ومن يقدر على بذل العطاء ، هي أسلوب آخر شفيف من الأساليب التي يمكن من خلالها استقطاب بؤر اهتمام الآخرين والتعبير لهم عما تعتمل به دواخل القلوب من حب لهم
كلمة تشجيعية يقولها أب لولده ، أو أم لولدها ، أو زوج لزوجته ، أو زوجة لزوجها ، أو معلم لطالبه ، أو طالب لمعلمه ، أو ولي أمر لمعلم ولده ، أو رئيس لمرؤوسه ، يستحث من خلالها كوامن الرغبة لدى الآخر في العطاء المتميز الثر والابداع الراقي ، كلمة قد لا يأبه لقولها ، لكنها تجد عند الآخر أذنا صاغية وقلب واع مفتوح ويذكي هذه المشاعر الطيبة والعواطف النبيلة في الأنفس أقوال وأفعال نستمطر من خلالها حب أشخاص صرخنا في وجوههم في لحظة انفعال ، أو أغضبناهم جراء تذمرنا من بعض فعالهم كعدم قيامهم بتنفيذ ما نتوقع أنهم قادرون على أدائه ، أو نتيجة لاخفاقهم في الالتزام ببعض المثل والمبادئ السامية النبيلة التي نريد غرسها في أنفسهم ، أو لاخفاقهم في التحصيل الدراسي ، أو العطاء الوظيفي ، أو التواصل الأسري ، أو غير ذلك من الاهتمامات التي تعج بها عادة حياة الانسان ، كل انسان نشبع دواخلنا بمثل هذه المشاعر النورانية ، من خلال باقة ورود ، أو زهور ، أو طاقة ياسمين ، أو فل نحملها الى من نحب فيسري أريجها في نخاع عظمه ، أو من خلال شمعة نضيئها احتفاء بحضوره فتنير الاشعاعات المنبعثة منها ظلامات دواخله وروحه
ابتسامة رضا وسرور تعبر بها أوجهنا في وجه من نحب ، فتمتص كل أتعاب الدنيا التي مني بها قبل أن يلقانا ، رسالة فاكسية ، أو عبر الايميل ، أو الماسينجر ، أو بواسطة البريد العادي ، أو الممتاز ، أو حتى مشبوكة ( مربوطة ) في أقدام حمام زاجل ! ، أو عبر برنامج اذاعي ، أو تلفازي ، نبعث خلالها كلمة واحدة نقول فيها لمن نحب أننا نحبه ، نهتم به ، وأن أمره يعنينا ، وأن شؤونه تهمنا وتخصنا ، وتؤثر في مجريات حياتنا
مكالمة بالهاتف الثاب ، أو الجوال ، أو بأي أسلوب آخر تعارف عليه بني البشر يتم تضمينها كلمة واحدة من أربعة أحرف نعلن من خلالها " الحب " على محبوبنا
يذكي مفعوله في الدواخل مبلغ من المال قل أو كثر ، طعام أو شراب أو ملبس نعطيه لمستحق سحقت آماله قلة ذات اليد ، أو لجائع فت كبده الجوع، أو لضام استبد به العطش وجرح شفاهه ، أو عار فتت كبرياؤه الفقر والعوز
مبلغ مالي نتفقد من خلاله أرملة فقدت عشيرها ، أو كبيرة في السن ، أو كبير في السن لم يمن الله عليهما برزق يساعدهما على استقامة حياتهما في شيخوختهما ، مبلغ نمسح من خلاله دمعة يتيم ، أو نرفع به هم مهموم ، أو نفرج من خلاله كربة مكروب ، ونواسي به حزن محزون ، أو نضمد به كلم مكلوم
يذكي مفعوله في الدواخل كلمة حق تقال في حق انسان مظلوم ، نزيل من خلالها ما لحق به من حيف وجور وبطش وظلم ، ونشعره من خلالها بأن العدل ما يزال متداولاً بين بني البشر ، وان الدنيا ما تزال مكان يطيب فيه العيش وتحسن به الاقامة
اجتماع عفوي في ليلة شتائية حول النار يتم خلاله الحصول على الدفء والاحساس به سواء كان ماديا او معنويا وتناول الطعام ، وتغذية الروح بمناقشة أمور الحياة وما يشد اليها من اهتمامات ، وما يكتنفها من أتعاب
المشاركة في مادبة ، أو وليمة ، أو من خلال أداء واجب تقديم العزاء وحضور دفن الميت ، أو للتهنئة بقدوم غائب أو اطلالة مولود ، أو بسلامة مريض ، أو بخروج سجين أو سلامة مصاب
فعل يتم من خلاله صياغة عمل ابداعي أو فني مكتوب ، أو مسموع ، أو مرسوم أو مصور ، شعرا كان ، او نثرا ، لوحة فنية كانت ، أو مقالة ، قصة ، او رواية ، محكية في قالب كوميدي ضاحك ، أو تراجيدي جاد وربما حزين
أشياء وافعال من هذا القبيل ، مثل هذه الأشياء البسيطة في قيمتها المادية لكن الكبيرة فيما تدل عليه من مضامين ، وهذا ليس كثير
أليس كذلك..



#رداد_السلامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موتى بلا خناجر
- طميم -الطامة الكبرى في جامعة صنعاء
- هؤلاء هم نخبة جامعة صنعاء؟
- نوازع الرئيس اليمني المؤجلة حتى إشعال آخر؟
- جار الله عمر -الشهيد الانسان
- أحب هؤلاء
- وعكة في الروح
- أزمة فكرية
- قلق الروح
- سيادة الرئيس -كفى ارجوك
- التغيير ليس حلم والوطن ليس بخير
- المثقف والوقوع في فخ السلطة
- سلخانة زعيم ووكر عصابة
- واجب لم يؤدى بعد
- الاتصال بالآخر شفاء للنفس
- *اليمن ارتفاع مخيف للأسعار وتحتل موقعا متميزا في الفساد الدو ...
- إن كنت عاقلاً فلن أحتاج لحماية أحد
- إن فقد القلب نبضه
- ابتسام هاديء
- فقيد الكلمة الحرة حميد شحرة-رجل عاش من أجل الناس


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رداد السلامي - جسر التواصل-الحب-