دينا سليم حنحن
الحوار المتمدن-العدد: 1878 - 2007 / 4 / 7 - 11:50
المحور:
الادب والفن
دائما هناك للضرورة أحكام, أو بالأحرى لا نستطيع أن نجزم ونحيا فقط في عالم الضرورة بلا أحكام, أو بالعكس, نعيش في عالم الأحكام بعيدا عن الضرورة, في كل الأحوال, لا نريد أن نبتعد عن الموضوع الأهم , وهو عيد البيض, وموضوعة البيض موضوعة شائكة لأنها دخلت عالم الفلسفة, تحديدا داخل قوسي العبارة التي ما زالت تُسأل, أيهما أوّل, البيضة, أم الدجاجة؟
وفي زمن مثل زماننا المُبتلي, للبيض فلسفة حياتية تدخل صميم يومياتنا القلقة. لا أريد أن أسهب كثيرا في الموضوع, لكن هذا هو الحال عندما أفكّر في أهم المواضيع خطورة والملوثة بها كرتنا البيضوية المسكينة .
- " قف في الطابور, إياك أن تسأل عن البيض, يوجد طحين فقط..."
جميعنا سمع هذا سابقا, من ذوينا, أجدادنا, آخرون, أو ربما عاش بعضنا مأساة الحكاية ! في بلداننا الغنية الفقيرة لبيضة يمكنها أن تطعم بعض جوعاها!
كان الأغنياء أكثر عرضة لأقاويل الناس يوم العيد, فسقطوا في دائرة الحسد عندما امتلأت بيوتهم ببيض العيد الملون والمزخرف أشكالا.
كان لي بعض الأصدقاء القدامى جدا, ملكَ زوجة فاعلة في الحياة الاقتصادية, فنُعتَ المسكين ( بأبي بيضة) , كان سعيدا بهذه الكُنيةِ لأن زوجتهُ كانت تبيض الذهب كل شهر .
وكان لي صديق آخر, غلبتهُ الحياة, ذهب في يوم ما كي يشتري بعض البيض لصغيرته, لم يملك الكفاية من المال, فآثر أن يعود اليها بلا قرار.
خيّره البائع بين خمس أرغفة خبز أو بيضة, فكان الخيار من أكبر المعيقات التي صادفته في الحياة, إرتد به التفكير الى الوراء, هل يقتني خمس أرغفة تقيه خمس أيام من الجوع أم يقتني بيضة واحده فتقي ابنتهُ من الحرمان والتشوق الى طعم البيض ؟ كل ما أعرفه عنه الآن أنه لم يفقد علاقته التكاملية مع أسرته التي أحبها طوال حياتهِ.
خرجت الأرانب من أسرّتها, في يوم العيد, دخلت زّقاقات المدن الجميلة, لفّت الحارات بيتا بيتا, زارت الفقراء أولا, فرمت في حضن كل طفل بيضة!
احتلت الأرانب اليوم واجهات المحال, الأزقة, البيوت وجميع المدن, يحتفل بها في كل فصح, تماما كالإحتفال ببابا نويل, جالب الهدايا في أعياد الميلاد.
الأطفال هنا مسرورون بعيد البيض, يملكون منه حتى بالشوكولاتة, تزف اليهم الأرانب منه الكثير, يمرحون في سكك خضراء, يفرحون لمجيء العيد, ليس بسبب أكل البيض, بل لأن البيض جاء معرما في سلال الأرانب التي لم تصل حتى الآن أطفال الشرق, الذين يتمنون أن يبقوا نائمون, يحلمون بمجيء العيد كي يكسرون البيض أولا, ثم يقشرونه فيلتهمونه, حينها يتذوقون بعض البيض.
[email protected]
#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟